الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نشأة الديمقراطية الثورة الحديثة لمارسيل غوشيه

نجاح العلي

2010 / 8 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


نجاح العلي/ ضمن سلسلة الكتب والاصدارات التي يقوم بنشرها معهد الدراسات الستراتيجية ومقره بيروت صدر مؤخرا ضمن اصدارات عام 2010 كتاب حمل عنوان (نشأة الديمقراطية الثورة الحديثة) لمؤلفه مارسيل غوشيه.. ترجمة جهيدة لاوند.
مؤلف الكتاب مارسيل غوشيه هو مؤرخ وفيلسوف فرنسي. مدير الدراسات بمعهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، باريس، ورئيس تحرير مجلة (لي ديبات)، يتحدث في هذا الكتاب عن الديمقراطية الليبرالية كنظام مختلط، فيوضح ان هذا العمل هو تتمة لكتاب "نزع السحر عن العالم" الذي يسلط الضوء على سلطة الدين التنظيمية في تاريخ المجتمعات الإنسانية، وكيف حاول الغرب بعدة طرق الخروج من هذه السلطة من خلال تتبع تبلور اللاوعي في الاجتماعي وتحوله في السياسي.
ويسلط الكتاب الضوء على الآليات التي تحكم الديمقراطية والعناصر التي تكونــــــها، ليعيـــد فتـــــح الجدل الفلســـفي بأن تاريــــــــخ الديمقراطيــــــة أصبح مســــتقلاً عن الديـــــــن، ويرى أن الدين يعمل بطريقة لا مرئيــــــــــــة وأن مســـــــــيرة الديمقراطيـــة تحكمهــــــــــــــا علاقة سرية بين الديـــــن والسياسة،
ويؤكــــــــد المؤلـــف على حقيقـة اننا لا نستطيع أن نبحث في نشأة الديمقراطية، دون أن ندخل في فهم التاريــــــخ، فالأفــــــــراد يصنعــــــــون تاريخهـــــــــم وهم جــزء منه، لكنهم معرضـــــون لسوء فهمه وتفسيره، فالتجربة التاريخية للديمقراطية تفرض علينا متابعة مسيرتها في خلال المرحلة الأخيرة، لأن النجاح والتقدم الذي أحرزته انعكس سلباً عليها، مما فرض إعادة طرح الأسباب والأسئلة واللجوء الى أدوات جديدة، تفكك الحاضر وتعيد قراءة الماضي، اذ ان طبيعة الديمقراطية، تعمل على الإجابة عن مشكلة التاريخ السياسية، فنجد صعوبة بتصور التاريخ ومعالجته، فهو محور أفكارنا وسلوكنا، ونعجز عن فهمه واستيعابه، فنحن بعيدون عن التحرر من الصيرورة لأننا في خضمها، التي تقدم كما الليبرالية قوة تشكيل ذاتي وتتحرر وتسيطر على ذاتها، ستبحث عن نفسها متلمسة طريقها وستجدها تتسع بقوة.
ويرى غوشيه إن مفهوم السيادة هو أن يضع الإنسان قانونه الخاص، وهذا يفرض الانتقال الى التاريخ، إنه انبثاق الدولة السيدة حيث القانون لا يكون إلا بالأفراد وإن الثورة الحديثة التي تمثل الثورة الانكليزية والثورة الفرنسية والثورة الصناعية، والتي انطلقت جميعها من ثورة أساسية هي الثورة الدينية التي اندلعت في القرن السادس عشر، وتمظهرت هذه الثورات إما من خلال الأحداث الكبيرة، وإما من خلال المفكرين الذين جهدوا في شرحها مثل، ماكيافيلي، بودان، هوبس لوك، روسو، هيغل وماركس.
وميز المؤلف بين طورين في مرحلة الإصلاح في أوروبا، الطور الأول طور المحافظة الليبرالية 1815 ـ 1830 والطور الثاني الليبرالية المحافظة 1830 ـ 1848، حيث ظهر العلم بقوة في فترة ما بعد الليبرالية وأصبح مصدر إيمان جديد.
ويشير الى مستوى وسطي يربط المظاهر الظرفية وترتيب العقول، فيطلق الكاتب على هذا المستوى اسم البنية الدينية للمؤسسة الانسانية الاجتماعية، وانقلابها في بنية سيدة اساسها روح تنظيم المؤسسة البشرية والاجتماعية في الوحدة، ويكون هذا التنظيم هو البديل للديني منذ نشوء السياسي.
ويعتبر أن هذا التشكّل والتآلف بين الشكل الديني القديم والشكل الديني الجديد، عقد التسوية بين المتناقضات، لم يفقد طبقة النبلاء رفعة صفوفها بالرغم من خضوعها، فقد أصبح للتسوية مسرحها الرمزي في البلاط الملكي، وامتزجت وحدة الإرادة بطرق سيئة وجيدة، مع تعددية الأجسام والجماعات. وسنشهد خطين للحداثة: من جهة الإنكليز، تحرير السلطة السيدة بفضل الفصل ـ الجمع بين البرلمان والملك، ومن جهة الفرنسيين الهدم الثوري لسلطة السيد المتمثلة بالملك وإعطائها للكل.
اذ تشكل الثورة الفرنسية أول أزمة تكوينية في نظامنا المختلط. وتشهد إرهاباً واحتضاراً لخمس سنوات، والحل يكمن في شخص نابليون بونابرت، إذ لابد من عودة مجسد للأمة يختلف عنها، ويجسد خارجية الدولة. في الوقت نفسه، وفي الطرف الآخر من الأطلسي، تحدث ثورة أخرى لحقوق الإنسان تتكلل بالنجاح، فقد نجح الأميركيون بتطوير فلسفة عملية تقضي برفع السلطات من درجة الى أخرى، على قاعدة الحقوق الفردية، وإن المظهر الأكثر تأثيراً في انتقال التاريخ هو المظهر الفكري الذي ولد الوعي التاريخي مع فكرة خروجنا من الماضي، وذهابنا نحو المستقبل، إنه الزمن البرجوازي الليبرالي لمجتمع التاريخ، حيث يتغلب تقدم الصيرورة المادي على استعادة ماضي التاريخ القائم ومجيء العقل الى ذاته.
الجدير ذكره ان مؤلف الكتاب مارسيل غوشيه اكد في اغلب اصداراته ومنها (دين المعنى وجذور الدولة) و(خيبة العالم) على العلمانية وضرورة فصل الدين عن الدولة من منطلقات فكرية وفلسفية.
الكتاب جدير بالاطلاع والقراءة خاصة من قبل النخب السياسية العراقية لانه يسلط الضوء على تحول المجتمع الى العلمانية بشكل يتساوق مع ما يمر به العراق من تحولات ديمقراطية مستمرة وغير واضحة المعالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا