الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيمفونية الحب و الكذب ...أ

ريم الربيعي

2010 / 8 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الحب من النغمات النادرة التي تدق قلب الانسان في حياته ، قد يتفاجأ البعض من صحة هذا القول ، لكن الا نجد جميعنا ان الحب نفيس و ثمين ؟ لم يكتسب الحب هذه القيمة الكبيرة بسبب ما يثيره في النفس من سعادة و بهجة و ما يترك فيها من اثر حتى على الحياة فحسب ، لكن لأن الشعور به نادر و قلما يستطيع الانسان ان يبدّله بشعور اخر مشابه له و هذا يحدث عندما تبدأ بالنفور من احد ما بعد حبك له ، لا يمكننا ان نحب شخصاً في يوم ما ثم ننتقل الى شعور آخر ايجابي بديلاً عنه ، اما ان يحب الانسان او يكره فالحب اذا وُجد لا ينتقل لمرحلة اقل منه بل دائما يُصاغ للرُقي و الرفعة ، لكنك لا تجد صعوبة في ان تحب احد كنت تحترمه يوماً فهذا لا يخالف رنة الحب مطلقاً ، اما ان تكتفي بإحترام من كنت تعشقه يوماً فهذا محض خيال ...

لو تدقّق في مفهوم الحب عندك ستجد انك صادقا في الحب عندما لا توجد مصلحة او فائدة تعود اليك ممن تحب ، تستغرب مثلاً كراهية انسان لوالديه او احدهما ، او كراهيته لاحد ابنائه لأنك تعلم مسبقا ان هؤلاء منحوا لك اموراً ايجابية في حياتك ، لكن الحب لا يخضغ لهذا المبدأ دائما ، من الممكن ان تحب انسانا لم يقدّم لك شيئا او لا يعرفك حتى و من الممكن ان تظن ما هو فائدة لك يضر أسرتك و هنا يبدأ نشوء الخلاف و ضعف اواصر الحب لأنك ببساطة تربط الحب بالفائدة و ليس بما تشعر به فعلاً . قد يعترض البعض على هذا الكلام مؤكدين ان الانسان بنزعته يبحث عن راحته و سعادته في الحياة لذا فإن اي اعتراض سيواجهه ينقلب الى عدائي و يتملكه شعور البغض ، قد يكون هذا صحيحاً في حالة انك لم تشعر – كإنسان طبيعي – برأفة من حولك لحظة تقديم النصح لك او في اعتراضهم على فعل ما تقوم به ، نحن نختلف مع بعضنا كثيرا في ايامنا لكننا نبقى على حالة الحب لأننا ندرك سلفا اننا محبوبون اولا و لأننا شعرنا بهذا الحب ثانيا ، و عدم امتلاكنا لأحد السببين – عادة ما يكونان مترافقين الا في بعض الاضطرابات التوهمية حيث يتوقع المصاب انه محبوب و لا مثيل له او العكس كالبرانويا في غياب ادلة واقعية – سيجعلنا نفقد كل ذخائرنا من الحب .

و قد يسأل احد منا : من الذي يحب فعلاً ؟ فكلنا تعودنا ان نحب من ينفعنا على الاقل ، و لكي نقدم اجابة على هذا التساؤل نرجع الى ابناء المجتمع و نجد من منا لا يهتم كثيراً للمنافع الدنيوية او من منا لم يستفد كثيراً منها ؟ قد يكون الاعمى – الضرير - فالاعمى لا يملك القدرة للوقوع في اغراء الشكل و الجسد و هما امران يعودان بالمنفعة لمن يراه و بهذا يكون حبه صادقا لانه لا يرى ما نراه ، و قد يكون الطفل لأنه لا يدرك قيمة و ثمن الاشياء تحت يديه و لا يعلم بأصول التعامل البالغ ، رغم ان الطفل يتعامل في سنواته الأولى على أساس منفعي بحت ، و قد يكون المثقف لأنه يفهم الحياة و يدركها جيداً و بالتالي لا تغرّه كثيرا الوجوه الجميلة او الثروات لأنه وصل الى قناعة بمن يحب ، لكن المثقف ايضاً يبحث عن مصلحته في ايجاد شريك يوازيه او يقاربه ثقافة لكي يفهمه و تستمر العشرة بينهما .
من الذي يحب اذاً ؟
لا يهم من الذي يحب بصدق لكن الأهم لماذا نحب بصدق هذا الشخص بالذات ؟ من الافضل لكل واحد منا ان يحب منقذه ، و لا اقصد هنا من ينقذك من حريق او من دَين أو يساعدك في مصيبة رغم ان لهذا فضل عليك لا يمكن تجاوزه ، لكن جدْ شخصاً قادراً على انقاذك روحياً و بوجوده بقربك تدرك معنى اللحظة و سمو روحك و بقدرتك على التقدّم ، لشخص لا يناديك لحاجة ، و يسعى لأن يراك تزدهر امام عينيه ، لشخص قادر على انقاذك نفسياً من اهواء ذاتك و على جعلك انسان أفضل مما كنتَ عليه قبل رؤياه ... فهذا من يستحق الحب ، فلا فائدة من حب تشعر به بالحزن و لا من شخص يجعلك تشعر بالاشمئزاز من نفسك و قصر أملك ، ويحثّك بكل لحظة من حياتك على اقناعك بأنك الاسوء ، لأنك ستسوء تدريجيا ً بين يديه .. فتحركْ لأنقاذ روحك لأنها أغلى ما لديك.. برأيي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 8 / 21 - 08:22 )
أختي الكاتبة المحترمة ، تحية لك وشكراً على رسالة المحبة هذه التي نحن في أحوج الناس اليها . حب الأخرين والتعاطف معهم ومساعدتهم . أختي الكاتبة أحسنت وشكراً


2 - الحب ضعف
كريم الشريف ( 2010 / 8 / 22 - 00:59 )
رغم من متعة الحب ولكن الحقيقة الوحيدة ان الحب ضعف فى اكثر الاوقات فهل نخاف من ضعفنا ولا نحب ام نغامر.احييكى جدا على اسلوبك وعلى عرض موضوعك


3 - توضيح
ريم الربيعي ( 2010 / 8 / 22 - 04:15 )
تحية طيبة
الى الاخ سيمون خوري و الاخ كريم الشريف ... شكرا لمروركما
و لتوضيح المسألة فالحب لا اعتبره ضعفاً فالانسان القوي هو من يعطي و اساس الحب المنح و يصبح الحب ضعفاً اذا وقفنا بين يدي أنفس ضعيفة في دواخلنا تجعلنا نستسلم للحبيب على حساب حقوقنا ، و بدافع الحب ، هذا الحب الضعيف الذي لا يبني حياة انسانية حقيقية للمحب بل تجعله يخسر كل شيء مهم و أولها شعوره بحبه

اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو