الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ما ملكت أيمانكم- وجامعات إسرائيل

محمد الحاج صالح

2010 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


مصادفة بحتة قادتني إلى قراءة نصين في الانترنيت. الأول عن تصنيف جامعة "جياو تونغ" الصينية لأربع من الجامعات الإسرثيلية ضمن قائمة الـ"150" الأفضل في العالم. ووفقاً للتصنيف وقعت ثمان جامعات أمريكية ضمن أفضل عشر جامعات، بينما لم تدخل في قائمة العشر سوى جامعتين أوربيتين. واحتلت "هارفارد" الأمريكية رأس القائمة تليها الأمريكيات أيضاً "بيركلي" و"ستانفورد" ومعهد "ماساشوستس" للتكنولوجيا.
النص الثاني نداءٌ من العالم محمد سعيد رمضان البوطي. أستدرك هنا لأنقل إنه ذات يوم وفي مقر من مقرات نقابة الأطباء السورية ظهر "البوطي" على شاشة التلفزيون في يوم من أيام رمضان، فما كان من أحد الزملاء إلا وأن بادر بالقول انظروا إلى النور في وجهه (يقصد البوطي) كثيرون أيّدوه وزادوا في مدح البوطي أكيالاً. بالنسبة لي لم أر في وجه الرجل نوراً، وإنما رأيت شيخاً ناشف الريق جاف العروق أكاد أشمّ نفسه عبر التلفزيون.
في ندائه المنشور في مواقع عدة يناشد العالمُ "البوطي" بحرقة قلب "إنني لست متنبئاً بغيب، ولست من المتكهّنين بأحداث المستقبل. ولكنّي أحمل إليكم النذير الذي رأتْهُ عيني، إنها غضبةٌ إلهية عارمة، تسدّ بسوادها الأفقَ، هابطة من السماء وليست من تصرفات الخلائق ... إنها زمجرةٌ رباّنية عاتية...". يا لطيف! يبدو أن كلّ صخب غامض في سورية الأسد يُرَدّ إلى الفعل "زمجر"، حتّى ليَذهل المرءُ، ولوكان عالماً من وزن "البوطي" عن الأفعال اللائقة بالذات الإلهية المتعالية.
ما السبب الكامن وراء هذه "الزمجرة" الإلهية يا تُرى؟ إنه مسلسل تلفزيوني "مسلسلُ السخرية بالله وبدين الله، الفيّاض(المسلسل) بالهزء من المتدينين (بيت القصيد) من عباد الله... إنه مسلسل ما ملكت أيمانكم..."
المسلسل المعني هو مسلسل "ما ملكت أيمانكم" كتبته "هالة دياب" وأخرجه "نجدت أنزور". وبسببه رأى الشيخ العالم الهول الآتي "إن الغضبة الربّانية التي رأتْها عيني، معلّقة الآن بالأفق، فاصرفوها جهد استطاعتكم عن محيطنا، ولا تكونوا سبباً في إطباقها علينا".
غضبة الشيخ العالم و"الزمجرة" الإلهية وهول العذاب القادم الذي يذكر بأنواع العذاب العشر التي أرسلها ربّ موسى إلى المصريين، كلها دفعت مخرج المسلسل لأن يقول بلهجة اعتذارية "أمي محجبة وقريباتي محجبات .. وهذا أمر طبيعي وفطري .. لكن الغير طبيعي أن يتم استثمار هذا الأمر لتحقيق مشاريع سياسية".
والأهم في قصة المسلسل هو حسب المخرج "أود أن أذيع سراً صغيراً هذا الخطّ في المسلسل هو مذكرات شخصيّة لأحد الجهاديين وهي موثّقة 100 % " ربما كان هنا مربط الفرس. هنا تكمن النقطة التي لم يهضمها الشيخ أو من دفعوه إلى ندائه.
يختتم الشيخ العالم البوطي كما هي العادة بالدعاء، دعاء غريب عجيب "أللهم اشهدْ أني قد بلّغت، أللهم لا تحرقني (أنا البوطي) ولا من يلوذون بي (أتباعي)، ولا بلدتنا المباركة هذه (دمشق) ولا القائمين عليها (السلطة السورية) في ضرام مقتك هذا". من المؤسف أن يكون الإله عند البوطي يزمجر ويحرق ويضرم، بل ويكره (يمقتُ) لسبب هين هو مسلسل تلفزيوني، والأشد أسفاً هو هذه العصا الدينية التي يضرب بها الأصوليون التقليديون فضلاً عن الجهاديين كلّ مبدع.
في حاضر الحضارة البشرية مبدأ لا جدل فيه يتلخّص في أن الابداع والاختراع والإتيان بالجديد هي أسس الحضارة الحالية، وهي لن تكون إلا في جو من الحرّية والتنافس والخروج عن المألوف، والخروج بالأحرى عن الصفّ والمغامرة.
ليس من الغريب إذن أن تكون أربع من جامعات إسرائيلية بين الـ 150 الأفضل، وأن لا تكون ولا جامعة عربية أو إسلامية من بينها. فأي بلاء نحن فيه!
محمد الحاج صالح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام مفيد
حمزة رستناوي ( 2010 / 8 / 22 - 21:52 )
مقال نقدي هام
الطيبون يرون الله طيب
و المجرمون يرون الله على شاكلتهم
الكرة في ملعب الانسان..!!
مودّتي
حمزة


2 - البوطي اصبح خرفان
فواز محمد ( 2010 / 8 / 23 - 12:56 )
عزيزي الكاتب شكرا لهذا المقال اليس من حق كل ذي عقل ان يسأل البوطي لماذا يتوقع كل هذا العذاب والانتقام الالهي من المسلمين بسبب مسلسل ولا يتكلم عن عقاب اليهود الذين يدنسون المسجد الاقصى علما ان ملايين المسلمين طوال صلواتهم يدعون عليهم منذ 60 عاما بما فيها اشهر رمضان والله لم يستجب لمسلم واحد عجيب


3 - كويس يا محمد
منذر علوش ( 2010 / 8 / 23 - 16:04 )
كويس يا محمد رغم انك سني ومن الرقة فمقالك افضل من مقال ميشيل فوكو عفوا كيلو المسيحي المطالب بدفع الجزية


4 - رائحة قبر
محمد الحاج صالح ( 2010 / 8 / 23 - 19:03 )
إلى السيد منذر علوش.ميشيل كيلو مواطن سوري بامتياز وكونه كتب عن نعوات تعطي فكرة عما يحدث في البلد لا تخرجه من كونه مثقف وسياسي يرى ما يرى، وليس رضاك عنه بشهادة حسن سلوك. ربما وبناء على رائحة كلماتك يكون العكس صحيح. أرأيت لو أنه شتم رموزاً لطائفة أخرى؛ أكانت تحمى عباءتك وتستوفز همتك؟. سأعرض صفحاً على سخريتك مني ومن بلدي الرقة، فتلك حصة الصغير

اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير