الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البديل الاتصالي الناعم لقوى الاحتلال الأمريكي في العراق

كامل القيّم

2010 / 9 / 13
الصحافة والاعلام


البديل الاتصالي الناعم لقوى الاحتلال الأمريكي في العراق
استراتيجية الحراك الدعائي للاحتلال الأمريكي بعد الانسحاب
د.كامل القيّم
لاشك ان الاتفاقية المبرمة مع الولايات المتحدة تحمل بُعداً استراتيجياً مهماً ليس فقط على مستقبل العراق السياسي والثقافي، إنما يمتد التأثير على المستوى الإقليمي باعتبار إنها ( اي الاتفاقية ) ستشكل مسارات جديدة تُشرعن وتُغطي وتُحقن المنطقة بسلوكيات مستقبلية جديدة ( ستكون على الأغلب مغلفة بتحريك ثقافي وإعلامي تراكمي يُعيد خارطة الدمار الأمريكي الى صورة جمالية وتبريرية لدى الرأي العام العراقي )، وهذا ما جعل الطرف الأمريكي يحولها في البداية من المعاهدة الاستراتيجية الى الاتفاقية الأمنية ،وبعدها ولأسباب إعلامية ولفظية الوقع أصبحت( اتفاقية الانسحاب) وهذا دليل على مدى تعويل الجانب الأمريكي على حِراكها المستقبلي، وهذه التسميات بالطبع هي إحدى الاستمالات العاطفية لتسريع تقبلها وهضمها من قبل البرلمان والرأي العام العراقي ، فعلى الرغم مما تحمله تلك الاتفاقية من إعادة هيكلة وشرعنة وعدم وضوح ميداني لبعض الفقرات والمتطلبات كحتمية خروج العراق من البند السابع وحماية الأموال العراقية في البنوك الدولية ومراقبة الحكومة العراقية للوارد والصادر الأمريكي من معطيات القوات العسكرية، الا ان التاريخ الأمريكي بكل نزاعاته يشير الى لا نظافة في ما بعد الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمت وبالأخص بعد الحرب العالمية الثانية .
ان (مشكلة تداعيات الاتفاقية) قد سبقها تفاقم عدم الإجماع البرلماني والحكومي وبالتالي القت بظلالها على الراي العام ،وهي تحاول اعادة تشكيله باتجاهات تائهة ومتهرئة . ففي الوقت الذي كان على الحكومة العراقية ان تعد لها خطة بديلة او مخرج اممي لتصميم الوجود الأمريكي في العراق ،فإنها قد نظرت الى الاتفاقية كحل امثل للوصول الى سقف زمني واضح المعالم والآليات لخروج قوى الاحتلال حتى نهاية 2011، بالإضافة الى جملة من الجرعات المنشطة للاقتصاد والبنى التحتية التي تحتاج الى اشراف واعادة تخطيط لدولة عظمى (بحسب راي الحكومة).
يرى الباحث ان توقيع الاتفاقية وما رافقها من سرعة وعجالة قد يفاقم الوضع ما بعد السير ببعض البنود ( ومنها البند الثقافي )(*)، وعمليا لا يمكن بأية حال ارجاع الاتفاقية الى الاستفتاء الشعبي بعدما غدت امراً واقعاً ومعمولا به. فالإرباك الذي حمله مجلس النواب حولها جعل الراي العام يبتعد الى حد كبير عن ابداء الراي باعتبارها قضية فيها شكوك وغوامض ، والتي تأتي عن طريق الآراء الفردية والاعتقادات التي صرح بها الاعضاء كلاً بحسب كتلته .واعتقد كان على الحكومة ان تهيء النواب والمجتمع العراقي لإبداء الراي قبل توقيت الموعد وكانت المفاوضات تجري بشكل غير شفاف على الرغم من وصول المفاوض العراقي الى نقاط جيدة مع الطرف الاخر، الطرف المحتل الذي بالضرورة ملأ بعض اجندته اتساقاً بالوضع اللوجستي على الارض
واذا اسلمنا بالرفض القاطع ...فما البديل وكيف سنحصل على جدولة تنعم بمصداقية حكومة اوباما على الأقل تلويحا بتلقيها ضربات عسكرية وثقافية من قوى وقادة راي وتيارات عراقية شريفة ...وما مقدار الحزم الذي ستلزمه غير الاتفاقية للجانب الامريكي بالخروج من العراق .واذا اسلمنا بالقبول فباي كفة سيقطف العراقيون سلتها ...الامن ...الاقتصاد ..الحماية الخارجية ..في الوقت الذي لا يمكن للولايات المتحدة ان تعمل على تقوية الجيش العراقي بالشكل الذي يمكن له ان يهددها،كما ولا يمكن التقاط معطيات ميدانية مدعومة للترابط الخفي بين منظومات سرية تصنع وتؤجج العنف والتحريض في العراق تحت علم وربما ادارة البنتاغون .
فمعادلة الاتفاقية معادلة صعبة وربما كانت الحكومة تريد انهاء موضوعات وملفات متعلقة بالاتفاقية حتى يمكن لها التفرغ الى التنمية والاعمار الفعلي ومتطلبات اخرى .من جانب اخر الافتراق الذي حمل اتجاهات الكتل الاخرى نحو الاتفاقية اخشى انه توقع تحت طاولة المكافئات الحزبية وخروقات الدستور أي العمل على الاجماع بطريقة المحاصصة والمكافاة ...وبالتالي وقت ذاك ستكون وبالاً على مستقبل العراق .ومن خلال المراقبة والتحري والقراءة حول تبعات وبدائل استراتيجية الاحتلال الأمريكي المقبلة في العراق يمكن ان تتساءل الدراسة بالاتي : ( ما البدائل الاستراتيجية التي ستعمل الولايات المتحدة على تنشيطها في العراق ؟ وما آليات الدفاع والهجوم الناعمة التي ستطلقها أمريكا للدفاع عن صورتها القاتمة بعد الدمار والخراب الذي خلفته جراء الاحتلال ؟ وباي رموز جمالية وقنوات علاقات عامة ستدخل الراي العراقي والإسلامي لتجميل الصورة ؟ ما أساليب التغلغل والاستمالات الدعائية التي ستحل محل المظلة العسكرية في جسد المؤسسة السياسية والعسكرية ومنظومة بغداد...وهل سطوة الإعلام ومناشط الاتصال الأخرى ستكمل ، المرحلة الثانية للاحتلال ...وستعمل على غسيل الدماغ المرحلي لبعض العراقيين ؟ ) فالدراسة تسعى للإجابة على تلك الأسئلة ومقترباتها اعتمادا على التصريحات والأدبيات والدراسات التي يمكننا ان نتنبأ من خلالها بقوى التأثير البديل، باستخدام الطريقة الوصفية ، من خلال مسح تلك الآراء والأدبيات التي تناولت الموضوع ، فضلا عن الاعتماد على تحليل مضمون التصريحات والمعطيات والجداول المنشورة ، اما حدود الدراسة فإنها ستركز على معطيات النشاط الاتصالي الأمريكي في العراق بعد 11 سبتمبر ، تلك الفترة التي بدأت الولايات المتحدة برسم استراتيجيتها لدفع الصراعات الى أماكن مصنعة ومحددة ( لصناعة العدو المستقبلي الدائم) وكان منها العراق.
اما صعوبات الدراسة فان الباحث يعالج موضوعا يتعلق في الغالب ، بملفات خافتة وغير معلن عنها وربما غير منظورة للكثيرين باعتبارها سياسات وحُزم من جرعات التأثير ، هذا الامر يتساوق بحسب القدرات والسطوة والتجربة التي تربعت عليها امريكا في الاحتلالات والتدخلات العسكرية في ربوع العالم ( فالدولة الاولى كونيا على المستوى التسويق الاعلام والمصدرة الأولى في العالم للمنتوجات السمعبصرية والأفلام والبرامج وتمتلك اعتى شركات العالم على مستوى الاخبار والاعلان والعلاقات العامة ) فماذا ننتظر من تلك السطوة غير الدور الذي ستضطلع به وسيبدأ ناعما مع بدء حراك السفارة الجديد باعتبارها ستكون البؤرة المركزية للتسويق الاتصالي والاجتماعي في سنوات العراق المقبلة .
د. كامل القيم/ جامعة بابل / مركز حمورابي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أخي الكريم
محمد علي محيي الدين ( 2010 / 9 / 14 - 18:52 )
أن ألتفاقية الأمريكية لا تختلف بأي شكل من الأشكال عن الأفاقيات المعقودة بين الحكم الملكي وبريطانيا وبنودها السرية تشكل الوجه الأخطر لها وكان المفروض أن تعرض للتصويت على الشعب العراقي لأقرارها ولكن الحيل الشرعية والأستعمارية لجأت الى أفتعال صراعات جانبية لألهاء الناس الذين يفتقرون الى الوعي أصلا عن المطالبة بأجراء ألأستفتاء عليها وأن أفتقار العراق للحزب السياسي الوطني القادر على التأثير في مسار الأحداث وراء ما يحدث من خلل لقد كان الحزب الشيوعي العراقي راس الرمح في رفض المعاهدات والأتفاقيات في العهد الملكي يعاضده في ذلك أحزاب أخرى واستطاع بفضل قياداته الحكيمة قلب موازين القوى وأسقاط معاهدة بورتسموث وصالح جبر فيما نفتقر الآن الى قوة وطنية قادرة على لعب الدور السليم لتحريك الشارع فالقوى العراقية تحصد الغنائم والمغانم وتنهب المال العام ولا يهمها مصير العراق والشعب يلهث خلف المتشحين بالسواد والبياض ويلهث خلف الطائفية التي أوصلتنا الى هذا الواقع المخزي

اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية