الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودةُ الفارسِ المُنْكَسِر

أكاديوس

2010 / 9 / 28
الادب والفن


نمشي حفاة الرأس

يا أمُّ

وما تدرين

ماذا ينزف الطريق

فوقنا من أقنعة

وما تزبِّلُ السماء فوقنا

من كتبٍ

ومن نبوءة

سالكةٌ فينا سيوف الرب

مستَهْلَكَةٌ كلُّ الصباحات

التي بَلْغَمها الألم

يا أمنا الثكلى

بهذا اللحم إذ تجزه المجنزرة

فينزف الحلم

يا أمنا والكل يخفي عاره

فوق جباه القبعة

الحديد أمسى أسوداً

مثل النهار

والإطارات أكلناها لكي نعبر هذا النهر

الذي إسفلته عاندنا

عاندنا التاريخ

والبيانات التي افترت علينا

وحدود النفط

والإمارات التي زنت بأمة العرب

ياويلكم من غضبة الثور إذا مد جناحيه

وأرخى للغضب

مت حالما أعود

أيها القائد

فالزوجات قد رحلن منذ ليلة القصف

الأخيرة

وماتت الفراخ من صوت الصواريخ

وعداد الهزيمة

يا أمُّ هل ثمة بعض الخبز

للعائد من وهم البطولة

هل ثمَّ ما أسكبه الليلة في كأس

الرجولة

هل ثم شي تقرأينه

من وريقات لقرآن بخيل

يا أمُّ إن الطعم مرٌ

والمرارات تلوك الشمس في أعيننا

وتبصق الكلام

يا أمُّ إني قد رأيت اثنى وعشرين رفيقاً

في متاهات الزحام

أفحم الطيار ألوان جلود قد خلت فيهم

وما عاد لديهم من عظام

كلهم صاروا تماثيل ركام

كلهم صاروا مع السيارة الميتة الأولى

حطام

لقد بحثت في النهار اللاحق الآخر

في جيوب لم تعد بعدُ جيوباً

عن تصاوير حبيبات

وأطفال يتامى

لم أجد يا أمُّ في جيوبهم

غير الدموع

ومن وراء النافذة

في الليلة الحالكة الحضور

أبصرت على ربيئة الخوف

حصاناً حاملاً فوق جناحيه رؤوساً

مثل أصحاب الحسين

ورأيت من وراء الخشبة التي انزوى ظل الإله خلفها

كفَّيْنِ كانا للمسيح

يا ذبيح الصلب

يا أبي الذي هناك

من علقك اليوم على مدفع بنتاغونه

من صلَّب الحقيقة التنطق فيك

كل يوم قصة من ولهِ الآس

ومن ملمس طين

حينما مددت للتابوت

حيث كنت تستلقي على تراثه

يدي المضرجة

شعرت بالحنين

والشوك على صدرك المشقوق

والأنين

يا أمُّ ماذا تفعلين

حينما يلفني الدخان

يكتم عيني على رؤيتكِ

ويعتصر كل سماواتي من الحرمان

الله لم يعدنا أن نموت هكذا

أن نعود هكذا

أن لا نعود

في خندقي القديم

تركت في خوذتي المتربة الفم

صورة أنثى لم أضاجعها

سوى في حلمي المغموس

باللزوجة الحيرى

وبالسخام

لطالما كانت تواسيني عن الرصاصة

التَنْبُت في رأسي خيالات

خطاها

خطها الأحمر ذاك

الذي مازال يحجب

عن طريقي الهامد المزكوم

رائحةَ العَوْدِ إلى الوطن

ياالقدر الذي تناسل تحت سرتي

نجوم

يا ممسكاً بالنار والخطيئة

وسلَّم الهموم

يازخرف الحلم إذا هوى من شرفتي البريئة

إني غريب قادني مصيري المشئوم

يوما لهنا

ومن هنا مر قطار العمر منفياً

ولم يشعر بكرسي جلوسي

الينتظر

مقعد إعدامي البطيء

كنا صغاراً يافعين حينما طار غراب الحرب

في شوارع المدينة

بعدها صرنا نقيس دربنا للمدرسة

بالجثث التلفها الأعلام

بحفنة الرمل على مقصلة النعام

فيَّ رأت عرّافة القرية

نهراً من دماء

يقتفي قارب عمري الهارب

الحزين

ومسامير تدق في رأس فتاة الليل

تلكم الحزينة

وألف ألف نيرون مازال يحرِّقنا

ويحرقها المدينة

وأن ذاك الرب مقلوب عليه عرشه

الممزوج بالصرير

وأنني في وسط تلك القافلة

يوماً مع الفقدان

نمشي حفاة الرأس

يا أمُّ

وما تدرين

ماذا ينزف الطريق

فوقنا من أقنعة

وما تزبِّلُ السماء فوقنا

من كتبٍ

ومن نبوءة

سالكةٌ فينا سيوف الرب

مستَهْلَكَةٌ كلُّ الصباحات

التي بَلْغَمها الألم

و عطرها الدخان

*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با