الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المزاح ذو العيار الثقيل !! قصة قصيرة

عيبان محمد السامعي

2010 / 9 / 29
الادب والفن


ليلٌ مُدْلِّهم .. أضواءُ المدينةِ باهتة تُستوقد بنفثات أعمدةٍ كهربائيةٍ مثخنةٍ بغبار الأيام , وأضواء واهنة المخترقةُ نوافذَ المنازل .. منازل متخمةً بداء الانطواء .. تزوجت المدينة بالقحط .. قسراً .. زواجٌ شاذ في يومٍ مشئوم ؛ لتجهضَ كلاباً مسعورة .. لاشيء سواها .. تسامرُ الطرقات .. تخيفُ الناس ؛ وهكذا .. دواليك .. الريحُ يقبِّل المدينةَ عنوة .. الحالُ يرتدي عباءةَ القَحْط؛ ليتقيأ أناساً على بساط التابوت .. عقاربُ الساعة واصبةً عند الثانية عشرة مساءً/وتتسربلُ بين ثنايا الليل جنود الظلام .. حينها لم يزل (...............) يعانق النهار .. حاول ـ بجَهْدٍ ـ أن ينام/أن يغفو ؛ لكنه لم يستطع ربما لأصوات الكلاب المسعورة التي تَمْرقُ الوسائد حتى صميم العقول .. رغم أنها زائفة .. مفترية .. إلا أنها سطت على العقول والأفواه .. أما الأفئدة .. فالأفئدة .. هناك .. قابعة .. قابعةٌ في أوطان البؤس والشتات .. تلك توجسات تسللت إلى نفسه.. كان همه الأكبر أن ينام .. ينام فقط .. ولو الدهر ؛ فهذا أفضل .. هكذا كان الهذيان يداهمه .. يختلقُ أعذاراً واهية ..
كأن يقول:
أريدُ أنْ أنامَ مثلَ كلِّ الناس !
بيد أن رشده سرعان ما أردم أفكاره الحمقاء .. الحمقاء جداً .. , وأردف قائلاً :
" هذا عذرٌ أقبح من ذنب " .. يجب أن أرقب الفجر ..
ما انفكت أفكاره المتناقضة تشده من طرف لآخر .. لزق ببساط هذا الحال .. دقائق .. تأرَّجت أفكاره المتضاربة , واختلط الليل بالتراب .. فأخذ رأسه بين راحتيه محاولاً أن يُوقف ذلك الدوران المجنون .. ويتأوَّه :
أُواهٍ من عُباب التيه المترع بأمزجة الضجر , وضجيج العمر..
إلهي .. اخرجني من هذا التيه ..
أدرك استحالة الأمر ؛ فهذه سنة الله في خلقه ـ الشر والخير في صراعٍ أزلي ـ ..
شرع لفتح التلفاز ليغلقه ..
أخذ مجلةً ليقذفها عَرْضْ الحائط ..
أخذ قلماً ..
أوراقاً ..
بعثرها في الأرجاء ..أهى أزمة نفسية ؟!
أخذ مِرآةً .. تحملق مندهشاً..
أهذا أنا ؟!..
قسمات وجهه مغمورة بين الخوف والأمل .. بين القلق والرجاء ..
أيُّ تناقضٍ هذا ؟! ..
أيجتمع الليل والنهار في آن ؟! ..
علَّها معجزة ..
ثوانٍ.. قذف المرآة ؛ ليحضنها الحائط ويبصقها أشلاءً على بلاط الغرفة ..
الريح يكاد يقلع المدينة من جذورها .. القحط احتدم .. حدَّ اللامطاق .. همَّ الخروج .. ارتدى عباءته بتثاقل ..
ادلف ..
استطرق الباب ..برهتئذٍ .. أدرك أن الكلاب جمّة , ولن يقدر على مجاراتها..
ما الحيلة إذن ؟..
هنا سجنٌ وفي الخارج ينتظرني الفناء !..
شرع الظهورَ على الشرفة .. من تجانف الشارع المكتظ بالكلاب المسعورة .. علّه يجد ما يفرج به عن كربته .. وقف.. ينظر يمنياً .. شمالاً .. برهات .. هوى صريعاً على شراك الملل/الضجر .. وضع إحدى يديه على خده , والأخرى تداعب كرابيج الأحلام .. لكن ما بدد ملله/ضجره أنْ لاحظ الكلاب المسعورة لا تجرؤ الدنو من السيارات الفارهة .. حِيلَ ضجره إلى غيظ ..
تمتم:
الثراءُ معافـًى حتى من أضواء المدينة .. ونحن لا نسلم حتى من مزاح الكلاب ..
المزاح ذو العيار الثقيل !! ..
مِصداقاً لقول الشاعر :
(حتى الكلابُ إذا رأتْ ذا ثروةٍ _ _ _ خضعت لديه وحركتْ أذنابها
وإذا رأتْ يوماً فقيراً عابراً _ _ _ نبحتْ عليه وكشّرتْ أنيابها )
دخل الغرفة ..
لملم الأوراق ..
أخذ اليَرَاع ..
وامتشق يكتب الكلمات السابقة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى