الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة العواطف ..حلقتنا الأولية

ريم الربيعي

2010 / 9 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


انسان مع انسان ... هنا تنشأ لعبة العاطفة ، تلك اللعبة التي يحذرنا منذ كنا صغاراً كل آباؤنا و حتى أجدادنا ، يحذروننا من مغبة ان نكون ضحايا لأحد مفترس يحل الكره بسببه محل الحب بقلوبنا ، او ان نكون لعبة بيد الحبيب فلا نعد نستجيب للقدر بحضوره ! و تشاء الاقدار ان يكون نصفنا او اغلبنا يتقن بالصدفة او عن سابق اصرار و ترصد لهذه اللعبة رغم كل النصائح التي تلقاها في الصغر ، ماحياً بذلك المثل العربي الشهير " التعلم في الصغر كالنقش على الحجر " ...

اذاً ، لابد ان المثل خاطيء ربما لان الانسان قد ينسى الكثير مما تعلمه او يعمد الى تغييره ، او ان المثل صحيحاً في الافتراض الثاني لكن المشكلة اننا لم نتعلم شيئاً في الصغر ! فالقضية هنا هل تعلمنا جميعاً الا نخدع بعضنا ؟ و ان نتصارح ؟ و ان نكف عن الكذب و لو لدقائق ؟ لا يهم كم دقيقة ستمر و نحن صادقين ، الزمن لا يقيس المدة فقط بل تأثيرها فينا ...

كلمة صدق واحدة حقيقية و من القلب قد تحل مشكلات بأكملها لكننا صامتين ، نخشى التكلم ، او بالأحرى لا نريد التكلم . حتى الكاذب منا يمر بلحظة صدق في حياته و قد يضيعها بسمته المزعجة تلك. ناسياً ان هناك لحظات نادرة لا تعوّض مطلقاً ... نحن لم نتعلم سياسة استثمار العاطفة في حياتنا فنجدُ انفسنا مشتتين و ننتقل من حبيب لآخر ، و نطلق الغرام على هذا و نكيل لذاك لأنه لم يخبرنا بقصة حبه القديمة ! اشار العالمان ثيبوت و كيلي في نظرتهما للعواطف الى انها عملية استفادة لا تتم الا اذا انتفع الانسان منها ، يا ترى ما مدى صحة هذا الاعتقاد ؟ هل نحن فعلاً لا نقيم صلات الا لصالحنا ؟ و اذا وجدنا شخصاً على حافة الموت لا ننقذه فقد عادانا سابقاً ؟

المشكلة الاولى ترجع الى نقطة الطفولة من جديد ، حيث مرحلة امتصاص الانسان لكل شيء بدون وعي و بدون تهذيب ، كإمتصاص الاسفنجة للماء مهما كانت نوعيته ( تشبيه لتوضيح الصورة ) ، و بعصرنا لها ، سنبقي على الكمية التي نرغب بها او نعيد غسلها من جديد ، هذا الوصف شبيه لما يحصل لعقل الطفل بعد تقدمه بالعمر ، لا يمكن لاحد منا رأى سوءاً او سمع فاحشاً من القول ان يدّعي عدم رؤياه او سماعه ، لكن " غسل " الذكرى او محوها و عزلها كفيلان بجعل الفكرة بعيدة المنال يومياً . كما ان تهذيبنا هو بمثابة " عصرنا " عن الشوائب مما التقطناه ، فنعدو سليمين ظاهرياً ، و لا نعرف كم " طفيلي " نحمل في الداخل الا اذا وضعنا تحت مجهر حياتي حقيقي حيث هناك ستظهر نقطة الصفاء بحق .

نحن لا نقيم للعاطفة وزناً ، هذه هي الحقيقة ، و لم نتعلم من الروايات و القصص و الاغاني الطربية شيئاً يُذكر ، فهي مجرد استماع و تسلية و ليست وسيلة مهمة و بطريقة فنية لنقدّر اواصر الحب و كيف نتغنى بها ، و الأجدر من كل هذا ما توارثناه عن الحب و الهوى ، موروثنا القديم اصبح ملغياً في قواميسنا اليومية ، و هو القاموس الأهم لنتذكر من نحن فعلاً ...و لن اذكر دور الدين هنا لأن هناك من يقول ان شعوباً بلا قيم تنتهج مبدأ الانسانية ، و اقول بدل من هذا : أين هي انسانيتنا ؟

يستهجن الكثيرون فكرة المادية في العالم الغربي لكن المدهش لهذا العالم انه يتسم بصفة المصارحة في المشاعر بغض النظر عن بعض سلبيات هذا العالم ، و هي الزاوية المهمة التي نتناساها من زوايا قلاعنا الدنيوية و لا نتجرأ للبوح بها بحجة الخجل و الخوف من الفشل ! كما و بالقدرة على الاعتذار و هي صفة اجمل ، و الاقرار بالذنب من قبل رجل او إمرأة لا فرق ، فهناك حيث الانسان يُقبل كما هو بكل مشاعره ، و بيننا من يملك معادن نفيسة بداخله و يخشى عليها من الطفو للخارج و الاستمتاع بالنظر اليها خشية استغلالها ..

شعوب مكبوتة ، و شعوب تخشى الحقيقة ، و شعوب لا تملك الا الهرب وسيلةً لحل الاشكالات ، و رمي التهم على الآخر و التخلي عن أنفسنا لحظة الحرج . علاجنا يتم بترقينا بعواطفنا ، بحبنا للحب و احترامنا للآخر ، و بُرقي النظرة اليه و ليس اعتباره و سيلة للتفريغ ، تفريغ الهموم و المصاعب . فمن يصغي اليك يملك مثلك ايضاً الهواجس و الاحلام و الامنيات ، و اذا اشتهى احد منا اللعب فليشتري دمية و ليتخذها رفيقة خيالية له و ليكف بفكره المغلوط عمن سواه ، فكرة ان الرجولة مقياسها كم ثقباً الحقه بجدار الانثى و عبق الانوثة بمقدار الاغواء الكاذب للذكر ، فضرر المشاعر لا حدّ له و هذا الانسان الذي كان ضحية بين يديك سيجعلك ضحية انت ايضاً ، فمبدأ اللعنة يطالنا بهذه الحياة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف