الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماية الدين بفصله عن الدولة

ابتسام يوسف الطاهر

2010 / 10 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تسعدني بعض الايميلات التي تصلني بمقالات المفكر الإسلامي فهمي هويدي وهو ينتقد بموضوعية الفساد وتردي الأمور السياسية والتلاعب بالمفاهيم الدينية، ومنها مقاله (حج مبرور واخر مضروب)عن فساد بعض الموظفين وأخذهم الرشاوى من المساكين ويجمعون ذلك المال الحرام ليذهبوا للحج أو العمرة!..
لست خبيرة بشؤون الدين ولكن من الأمور البديهية التي تعلمناها، ان الحج هو (لمن استطاع اليه سبيلا) . وأن الشخص إذا كان عليه دَيْن لا يحق له الحج حتى يوفي كل ديونه، والا فان حجه غير (مبرور) . فكيف سيقبل منه الله زيارته لبيت الله الحرام من مال حرام!؟ (والله ليس بغافل عما تفعلون). بل الله سبحانه وتعالى قيم عمل الخير والإخلاص بالعمل وجعلها بمنزلة العبادة ، فهو يذكر المؤمنون خمس مرات باليوم من خلال الآذان للصلاة (حي على خير العمل) إذن العقل يقول ان العمل الصالح ومراعاة الناس وحقوقهم هي بمثابة الحج. دون عناء السفر او اللجوء للمال الحرام وسرقة الناس بفرض الرشاوى عليهم أو قبولها منهم! لأداء فريضة إيمانية وأخلاقية .
ما لفت انتباهي بمقال الأستاذ هويدي هو غرابة تفسيره لظاهرة الفساد الإداري والأخلاقي أيضا، المنتشرة اليوم في مجتمعاتنا، حيث يعزوها لتلك الدعاوي التي تدعو لفصل الدين عن الحياة الاجتماعية فيقول "بعض الناقدين والغامزين كثيرا ما يتحدثون عن مفارقة زيادة مظاهر التدين مع زيادة مظاهر التفلت والفساد والتحرش، ناسين أن ذلك من نتائج التدين المغشوش وإلحاحهم على الفصل بين التدين وبين الأخلاق والمعاملات.". لا اعتقد أن هناك دعوة لفصل الدين عن الأخلاق .. بل الدين هو الأخلاق، واذا لم تكن للمرء أخلاق فلا دين له مهما أكثر من الصلاة أو الصوم أو أداء فريضة الحج..
و يؤكد في المقال ذاته مرة اخرى "في محاولة التفسير تبرز أمور عدة، منها مثلا أننا نعاني مشكلة فصل الدين عن الأخلاق والمعاملات. وقد حدث ذلك جراء الأجواء التي دأبت على إقناع الناس بأن الدين مكانه دور العبادة فحسب. وأن من أراد أن يتدين فعليه أن يذهب إلى المسجد أو الكنيسة. وإذا ما خرج من أي منهما ينبغي أن ينفصل عن هويته الدينية."
هذا تبسيط لفكرة فصل الدين عن السياسة التي يدعو لها اليوم غالبية المفكرون والسياسيون والمثقفون، وحتى بعض رجال الدين المتنورون، وبالحاح بعد ان أُسْتغل الدين وشُوِه ومورست جرائم عديدة بأسمه! وبرزت دعاوي وفتاوى للتفرقة والكره والبغضاء بين طوائف الشعوب العربية بل بين فصائل المسلمين أنفسهم. لذا دعا المفكرون سياسيون واجتماعيون لفصل الدين عن السياسة حماية للدين ومن ثم حماية للمجتمع الذي تدهور اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وأخلاقيا بسبب المدتدينين (المغشوشين ) كما سماهم الاستاذ هويدي أي المزيفين او من لبسوا الدين قناعا لخداع البسطاء وتحقيق مصالح دنيوية ودنيئة باسم الدين.
قد يلجأ الإنسان العادي لتبرير التردي وحالة الفساد المستشرية في جسد الأمة الإسلامية والعربية بشكل خاص . ويعزوها لبعد الناس عن الدين! ولتلك الدعاوي التي تدعو لفصل الدين عن الدولة والسياسة. لكن ان يؤكدها مفكر بمقام فهمي هويدي، يصبح الأمر مخيفا وقد يتمادى مزيفي الدين من أعداء أو رافضي فكرة فصل الدين عن السياسة او الدولة، فيواصلوا ارتكاب كل ما هو قبيح ومشوه للحياة والأخلاق ، بأسم الدين .. الم يبرر البعض أنهم يتمادون بالفساد والتردي لتسهيل أمر الإمام المنتظر للظهور!؟ حيث لا يظهر الا بعد أن يكثر الفساد والجور في الأرض.
وهل هناك فساد وجور اكثر مما يحصل ضد شعب فلسطين.. لنزيد الفساد والجور بين أبناء الشعب المظلوم المجار عليه؟ وهل هناك فساد أكثر مما يمارسه مجاهدي اليوم من تفجيرات واعتداء على الناس البسطاء! أو ممارسات بعض قيادات الأحزاب الدينية في العراق ومماطلتهم بتعطيل الدولة لمواصلة التلاعب والفساد الإداري؟ الا يعتبر تعطيل شؤون الناس وتمديد العطل باسم الدين نوع من الفساد الإداري..عطلة عيد الفطر ثلاث أيام لماذا تصبح خمسة أيام!!؟ وكم ستكون عطلة عيد الأضحى يا ترى على اعتبار انه العيد الكبير؟ وغيرها من العطل المخْتلَقَة التي عطلت البلد بالوقت الذي هو بأمس الحاجة لجهود مضاعفة لبنائه وعمرانه، بل هو بحاجة لكل الجهود ولشجاعة المسئولين للتقليل من تلك العطل وإلغاء التي لا مبرر لها، لان البلد يمر بحرب وظروف استثنائية تدعو للتكاتف والعمل ليل نهار من اجل النهوض بالمجتمع من اجل التصدي لفلول المتآمرين والمجرمين والارهابيين الذي يتربصون لأي فرصة لارتكاب الجرائم بحق الشعب. الا يحق للبعض بعد هذا ان يربط بين التردي الاجتماعي والاقتصادي وبين التهافت على الدين (المزيف)؟. ِ
الا يستدعي ذلك كله لمواصلة الدعوة لفصل الدين عن الدولة وعن السياسة؟ لا عن الأخلاق.. لكي نقطع دابر المفسدين ومستغليه لأغراضهم الدنيئة . بل ذلك الفصل هو لحماية الأخلاق وحماية الدين وحماية الدولة والشعب من المتدينين (المغشوشين).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اختي من قصيره
بشارة خليل ق ( 2010 / 10 / 6 - 21:52 )
تعتقدين انهم يخافون على الدين من السياسة؟ هل يخاف على دينه من باسم هذا الدين يرتكب اعمال تعف عنها حيوانات البراري من حز الرقاب وقتل الابرياء والسرقة واستباحة اموال الناس كغنائم والتعدي على الَقَصّر ونكاح الاطفال وزواج المتعة والمسيار والكراهية لكل من خالفه حتى من اتباع دينه؟ هل يغار على سمعة نبيه من يؤمن انه كان مجرما قتل الناس وسمل اعين واستباح اعراض وحلل الكذب وامتهن الغزو والنهب (غنائم) والرق (سبايا) وملكات اليمين واليسار ورضاعة الكبير والاتيان من الدبر؟ هل هذه ناس تحترم دينها ومؤسسه بان تؤمن انه قال -نصرت بالرعب مسافة شهر- او انه قال -جعل رزقي تحت ظل رمحي- او انه قال -امرت ان اقاتل الناس حتي يشهدوا له انه رسول؟ اليس من المنطقي اكثر انهم سيشهدوا له انه حربجي؟
اتـرك الجــواب لحـضـرتـك

اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #