الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتشاعرين الجدد

محمد عبد الفتاح السرورى

2010 / 10 / 17
الادب والفن



نعلمها جميعا تلك المقولة الذائعة بأن الشعر هو ديوان العرب والمقصود بهذه العبارة هو أن الشعر ظل ردحا من الزمن بمثابة رصد الحال وتوثيق وضع الأحوال وذلك فيما يخص حياة العرب من أمور صغرت أم كبر شأنها .. وظل الشعر دوما هو المجال الأرحب والأصدق لتوثيق يوميات الأحداث بل ونحسب هنا – ولا ندعى لأنفسنا التخصص _ بأن الشعر لعب دورا لا بأس به فى توثيق بعض الأحداث التاريخية ذات الشأن خاصة فى مرحلة ما قبل ظهور الإسلام
وبعد أن ظهر الإسلام وكما هو معروف كانت حجة النبى –صلى الله عليه وسلم- على بنى قومه من العرب هى تلك البلاغة الغير مسبوقة التى نطق بها القرآن وهذه الفصاحة التى شافهها الرسول والتى لايباريها شعر ولا شاعر من أساطين ذياك الزمان فلقد كانت البلاغة هى دوما السلاح الذى يتبارى فى مضمارها الجميع
...وكما خرج الأسلام من شبه الجزيرة العربية بفتوحاته الهائلة ..خرجت أيضا اللغة العربية كلغة أم للدين الإسلامى الذى ينطق بها نبيها المرسل خطت بها بعض الآيات أنذاك...... وكما نجح الفاتحون فى نقل الدين الإسلامىالى بلاد أخرى نجحوا أيضا والى حد بعيد فى ترسيخ دعائم اللغة العربية فى هذه البلاد المفتوحة ومن ثم نطقت بها الاجيال المتعاقبة جيلا بعد جيل ومع دخول الإسلام أيضا الى هذه البلاد إنتقل التراث الشعرى إليها و أستطاعت الأجيال –المسلمين منهم وغير المسلمين – إستطاعوا أن يستوعبوا هذا التراث الضخم من الشعر العربى الجزل وإستطاع أحفاد غير الناطقين بالعربية أصلا أن يهضموا وببراعة هذا الموروث العظيم من ذلك التراث الشعرى العربى بصفة خاصة والإنسانى بصفة عامة
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد – مرحلة الإستيعاب وحسب – بل إن الأمر تعداه أيضا إلى مرحلة الأبداع .. وتفوه الجميع بالشعر تبعا لقواعده العربية وقرضوه بأوزانه وقوافيه كما ينبغى له أن يقرض ثم أصبحت لهذه الاجيال تراثها الشعرى الخاص بها والذى يعد وبحق ديوان حالها كما كان الشعر القديم ديوان حال زمانه
ولأن الشعر العربى يعد فنا حقيقيا لا إفتعال و إدعاء وتصنع فيه توارثت الأجيال أبياته جيلا بعد جيل تلك الابيات التى عبرت عن مكنون نفوس قائليها و أتخذ من بعض الأبيات الشعريه أمثالا يتقولها الناس فى حد ذاتها دون حتى معرفتهم بقائلها أو إلمامهم بوضعها فى القصيدة الأصليه مما يدل أن هذه الأبيات لها من صدق المعنى و تبيان مقتضى الحال ومن البلاغة الكثير والذى جعل منها فى حد ذاتها كما ذكرنا مثلا يقال
ورغم توقف حركة الفتوحات الإسلامية التى كانت صاحبة فضل لا ينكر على إنتشار اللغة العربية إلا أن حركة إنتقال الشعر العربى من قطر الى قطر لم تتوقف نظرا لتشابه الحال وتوحد الهموم المشتركة بين أبناء الاقطار العربية .. إنتقل الشعر المصرى إلى تونس وإنتقلت أشعار أبى القاسم الشابى إلى مصر ..عرف اللبنانيون أمير الشعراء أحمد شوقى وأحب المصريون شعراء لبنان ودرسوا أشعارهم فى المناهج التعليمية
ومع تقدم الزمان جرى على الشعر ما يجرى على سائر الفنون والآداب من عوامل التغيير ومن الرغبة فى التمرد على القديم المتوارث وحب الاجيال اللاحقة لإثبات وجودها الأدبى ولكن للأسف كان تمرد الشعراء الجدد (وقتها ) على الموروث الشعرى لم يكن فقط تمردا على تكرار المعانى وإجترار نفس الأغراض بل كان تمردا على القواعد والاسس التى قام عليها هذا الفن الجليل والذى يعد حتى الآن –رغم كل المستجدات – من اهم ما أنتجته القريحة العربية على مدى عمرها ..لقد كان التمرد على البنيان الشعرى ذاته وياليتهم تمردوا أيضا على المسمى – شعر- أو على الصفة – شاعر – لكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا لأنهم إن فعلوا لفقدو تلك الوجاهه التى يضفيها عليهم هذا اللقب الجليل (شاعر)
دمروا القافية وأستباحوا الاوزان وكسروا التفعيلة ولم يراعوا وحدة الموضوع فيما يكتبون ..هذا غير الغموض والإبهام تحت دعاوى الحداثة وحركة الحداثة من كل هذا براء ..... تسلقوا كالنمل على بنيان القصيدة الوقور ونخروا مثل السوس فى ملامحه الخارجية وأساسه الداخلى حتى إنهار تماما ولكن ليس على رؤسهم بل على رؤوي أهل الغيرة على هذا الفن المهدور
كما ذكرت آنفا لقد توارثت الاجيال الشعر العربى القديم وحفظت منه أبياتا وأبيات على الرغم من قدم النظم وعلى الرغم أيضا من جزالة ألفاظه ..فهل إستطاع الشعراء الجدد ممن يرفعون ما يسمى بقصيدة النثر أن يحفروا بأبياتهم مجرات فى أذهان المتلقين كما فعل الأقدمون من ذوى الحرفة والمهارة الحق؟
كم بيتا من أبيات أشعارهم المفتعلة رسخت فى وجدان الضمير العربى من نشأة هذا الفن المشوه وحتى الآن؟هل إستطاعت ما يسمى بقصيدة النثر بكل ما أوتيت من وسائل الحضور أن تؤثر على المشهد الشعرى العربى وأن تأخذ مكانتها التى كانت تحلم بها ويحلم بها شعراؤها المفتونون أم أنها لازلت فى مكانها الذى يليق بها لم تبارحه منذ نشأتها وحتى الآن ؟
ألم يسأل رافعوا رايات هذا اللون من الفن والذين يسمونه بهتانا وحسدا من عندهم يسمونه شعرا ألم يسألوا أنفسهم أين هم الآن من المتلقى وأين المتلقى منهم ؟ أم هل أكتفى كل واحد منهم أن يقرأ لنفسه بل إنى أحسب أيضا أنهم حتى لا يقرأون لبعضهم ...
إن ناظمى هذا اللون من الفن لا يحدثون المتلقى ولكن يحدثون أنفسهم إنهم حتى لا يتحدثون عن ذواتهم لأنهم لو فعلوا لتواصل القارىء معهم ولكنهم يتحدثون إلى أنفسهم عما فى نفوسهم فحديثم من وإلى الذات
لا أدعى أن الموروث الشعرى القديم كله جيد وعلى درجة واحدة من الإتقان بل إن فيه الغث والسمين ولا شك ولكن الأساس فيه هى الجودة وبراعم النظم وإتقانه وذلك بسبب طبيعة الشعر القديم وما تفرضه على قائله من قواعد صارمة لا تجعل للمتطفلين علية محلا
أحد كتاب هذا النوع من النظم النثرى لا يستحى أن يقول فى إحدى نثرياته (وشربت شايا فى الطريق ) وهذا الكاتب يرفعه نقاد ومحبى هذا اللون من الكتابة إلى مصاف الرواد والمبدعين
إن ما يسمى بقصيدة النثر شىء يبعث على الرثاء بالفعل حتى مسمى هذا اللون من الكتابة يبدو متناقضا مع ذاته (قصيدة النثر ) هل تنثر القصائد؟
لا يحسب أحد اننا نطالب فى هذا المقام بالحجر على احد أو أننا نصادر حق الآخرين فى أن يبدعوا وأن يخرجوا ما فى مكنون نفوسهم بأى طريقة يشاؤون ..إننا فقط نطالب أن يحفظ لكل صاحب حق حقه والحق الذى نعنيه هنا هو الشهر وأصحاب الحق هم الشعراء الحقيقيين الذين يحق لهم هذا الحق عن إستحقاق

إن لقب شاعر لا يستحقه من يشتغل بما يسمى قصيدة النثر لأن القصيدة لا تكتب نثرا والنثر لايصاغ فى صورة أبيات فلكل مجاله

والسؤال ... لماذا يصر هؤلاء الأشخاص الذين يسمون انفسهم بشعراء قصيدة النثر لماذا يصرون أن يلحقوا بأنفسهم لقب شعراء إنه لشىء مبهم وغير مفهوم ولا مقبول ..إذا كانوا من الأساس قد تعالو على قواعد الشعر وتمردوا على اوزانه وقوافيه فلماذا إذن تمسكوا بالصفه –شاعر – ولم يستبدلوها بغيرها فى سياق التحديث والتجديد والتمرد لماذا لا يبحثون لانفسهم ولفنهم هذا على مسمى آخر ينضوون تحت لوائه ويجلسون فى ظلاله ويتركوا الشعر و أوزانه وقوافيه ووحدة قصائده الى أصحابه الحقيقيين الذين لا يزالون يرون فى الشعر بشكله القديم وبقواعده الموروثة ملجأ وملاذا آمنا من هذا القبح الذى إستباح كل شىء فى طريقه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أول القصيده كفر
Sir. Galahad ( 2010 / 10 / 18 - 20:13 )
السيد الكاتب تقول
دمروا القافية وأستباحوا الاوزان وكسروا التفعيلة ولم يراعوا وحدة الموضوع فيما يكتبون

وماذا فعلت أنت؟
أول القصيده أو بالأحري عنوانها كفر
المتشاعرين الجدد؟
أم ينبغي أن يكون
المتشاعرون الجدد


2 - الرد على sir Galahad
محمد عبد الفتاح السرورى ( 2010 / 10 / 19 - 09:08 )
أنا آسف وهو خط أشنيع أعتذر عنه ولقد إنتبهت إليه بعد كتابة الموضوع وإرساله
مرة أخرى أكرر أسفى
رغم أننى لا أحب الإعتذار لمن يكتبون بأسماء مبهمة وأتساءل لماذا يريدون أن يحظوا بشرف الكتابة وهم يخفون شخصياتهم ؟
الغريب أن المعلق على المقال كتب إسمة باللغة الإنجليزية
ترى ألا يعرف كيف يكتبه باللغة العربية؟
فلماذا إذن تشنج لخطأى اللغوى
مجرد سؤال


3 - ليس تشنجا يا أخي
Sir. Galahad ( 2010 / 10 / 19 - 21:46 )
السبب الوحيد لتعليقي علي مقالك هو محتواه وأقصد بذلك أن من يعيب علي غيره من الكتاب عدم اتباعهم للقديم المتعارف عليه من قواعد وأوزان الي آخره في جهودهم نحو الجديد أقل ما ينبغي عليه هو عدم الوقوع فيما يعيبه عليهم أي أن لا يري القذي بعين أخيه قبل أن يري الخشبة في عينه

عموما لا يعنيني في قليل أو كثير الأخطاء اللغويه الا عندما يرتكبها من يعيبها علي غيره لعلك فهمت

أما عن أسمي فلا شأن بك به
أن كنت لا ترد علي من يستخدم اسم القلم فلا ترد
لقد أوضح ردك هذا كيف كان اعتذارك عن مضض


4 - الرد الثانى على Galahad
محمد عبد الفتاح السرورى ( 2010 / 10 / 20 - 09:25 )
المتشاعرون الجدد لايسعون للجديد ولكنهم مجموعة من المتطفلين على الشعر
أنا متأكد من أن الأخطاء اللغوية لا تعنيك أطلاقا ومن السهل إستنتاج ان اللغة العربية ككل لا تدخل ضمن إنتماءاتك
ذكرت فى مداخلتك هذه الجملة ( أن كنت لا ترد علي من يستخدم اسم القلم فلا ترد
والحقيقة لم أفهم مامعنى اسم القلم؟
إطلاقا لم أعتذر على مضض بل العكس لقد أسعدنى هذا الإعتذار لسببين
أولهما إنه عن خطأ حقيقى وقع منى وأحمد الله ان هناك من إلتفت اليه
وثانيهما أنه يسعدنى الإعتذار بصفة عامة لكل خطأ يقع على اللغة العربية
لغتى الأم


5 - هي لغتي الام ايضا
Sir. Galahad ( 2010 / 10 / 20 - 17:53 )
أولا اسم القلم هو اسم مستعار أو كنيه قد يكني الكاتب بها نفسه لسبب ما سواء كان هذا من باب التواضع وانكار الذات أو الخوف من بطش أو ظلم أو غير ذلك
فمثلا الدكتوره عائشه عبد الرحمن كان لها اسم القلم بنت الشاطئ
بالانجليزيه
Pen name
وبالفرنسيه
Nom de plume
أما عن رمي الاتهامات جزافا فأسمح لي أن أختلف معك

أولا الشعر قبل أن يكون صناعة الكلام وإجادة النظم وضبط القوافي هو التعبير عن إحساس ونقل فكرة أو أفكار

الخروج عن قوالب الشعر المتعارف عليها وإعطاء الفكره والأحاسيس الاولويه علي القوافي والنظم بل وعدم إلقاء البال لها ليس جديدا ولا هو قصر علي اللغة العربيه فتري ما يشابهه في لغات اخري الانجليزيه مثلا

فالشعر نوع من الفن كالرسم مثلا تخلص الفنان الحدي فيه من القوالب القديمه التي أحس أنها أضحت تحد من إبداعه وتقيده

عدم التقيد بالوزن والقوافي ليس جديدا والقرآن مثالا علي هذا

ثانيا شطحت الي أن العربية لا تدخل ضمن إنتماءاتي وفي هذا أيضا أخطأت فهي لغتي الأم ولكن هذا لا يمنع أن لي فيها رأي وتقييم فهي لغة أصبحت قاصره ولولا اشتباكها المحكم بالدين الاسلامي لماتت كما ماتت لغات غيره


6 - اشكرك علي اهانتك لي بالسذاجة
لطيف شاكر ( 2010 / 10 / 21 - 05:11 )
هل مازلت تعتبر اللغة التي نتكلمها طور من الاطوار العربية لذلك تتهمني بالسذاجة في حين كنت اكن لك احتراما لان شيمة الكاتب الحر ان يملك عفة اللسان خاصة لو كان المتحدث يكبرك بمثل سنون عمرك هل تعرف ما هي السذاجة ام هذه الكلمة صدرت عفوا كاخطاءك الآن عموما انا ارسلت مقال اتمني ينشر لاوضح لك ان لغتك التي تتكلم بها هي الطور الاخيرمن اللغة المصرية القديمة ولكن ليس بعواهن الكلام يقتنع المرء بل بالدليل والبرهان ارجو متابعة المقال وشكرا


7 - الرد الثالث والأخير على Galahad
محمد عبد الفتاح السرورى ( 2010 / 10 / 21 - 09:49 )
كل كاتب لا يمهر ما يكتبه بإسمه الحقيقى لا يستحق شرف الكتابة
العذر الوحيد من إخفاء الشخصية وإستخدام الإسم المستعار هو إتقاء البطش أو الخوف كما ذكرت وهذا مما لا وجود له فى حالتك ولا فى مقامنا هذا
أما إنكار الذات والتواضع فهما لايتعارضان مع الجهر بالإسم الحقيقى لصاحب الرأى
إن الكاتب الذى لا يجهر بإسمه الحقيقى على مكتوب كتبة بكامل إرادته دون إكراه لا يستحق شرف اللقب -- كاتب 0


8 - لا يستحق شرف اللقب--كاتب؟
Sir. Galahad ( 2010 / 10 / 21 - 16:05 )
وعليه فموليير
Molière
واسمه الحقيقي
Jean-Baptiste Poquelin
لا يستحق شرف أن يسمي كاتبا
وكذا
Mark Twain
واسمه الحقيقي
Samuel Langhorne Clemens
أو
George Orwell
وهو
Eric Blair
والقائمه يمكن أن تطول الي ما يصل الي 100 او أكثر من أعظم كتاب وفلاسفة العالم اللذين لا تري حضرتكم انهم يستحقون لقب كاتب
بالحق لا أدري أحيانا كيف يرمي البعض الكلام علي هواهم

نعم سيدي ليكن هذا آخر تعليق مني علي أي ما سودت صفحات به كفاني ما أراه من عدد قرائك وتقييمهم لك

اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81