الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنقاء أبدًا لإلهام أبو غزالة

نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة

2010 / 11 / 11
الادب والفن


العنقاء أبدًا لإلهام أبو غزالة بقلم:نزهة أبو غوش



نزهة أَبو

العنقاء أَبدًا للكاتبة الفتسطينية الهام أَبو غزالة، سيرة ذاتية في262 صفحة، منشورات مركز أوغريت الثقافي رام الله- فلسطين.

نهجت الكاتبة نهج أُدباء سابقين في تسجيل سيرتهم الذاتية في كتاب، نحو: قصة حياة المازني، حياتي لأَحمد أَمين، سجن العمر لتوفيق الحكيم،القطاف وبقايا صور والمستنقع لحنا مينا، وسبعون لميخائيل نعيمة، الأَيام لطه حسين، حياتي لنوال السعداوي، وحديثًا ظل الغيمة لحنا أَبو حنا. لست هنا بصدد المقارنة بين كاتبتنا وكل هؤلاء الكتاب وآخرين غيرهم، بل أود أَن أَقول بأَن الدكتورة الهام أَبو غزالة استطاعت أَن تقنعني كقارئة بأَن سيرة حياتها تستحق بأَن تخط، وتحفظ في كتاب تتناقله الأَجيال مثلما عمل هؤلاء. تلك الحياة الممتدة من يافا الطفولة، " العنقاء" والقدس، ونابلس، والقاهرة، والدول الأُوروبية ، والولايات المتحدة الامريكية.

استطاعت الكاتبة من خلال حياتها أَن تبرز هموم شعبها الفلسطيني، وآلامه ، ومآسيه، حيث أَرى أَن كتاب "العنقاء أَبدًا "هو بمثابة سيرة توثيقية لحياة الشعب الفلسطيني على مدى أَكثر من ستين عامًا، منذ نكبة 1948 حتى يومنا هذا. رغم أَنني لا أَرى أَن هناك نتاجًا أَدبيًا في هذا العالم يمكنه أَن يعبِّر عن حجم المآسي التي مرَّ بها شعبنا الفلسطيني بمراحله المتعددة، إِلا أَن الكاتبة استطاعت أَن توثق الكثير من مشاعرالشعب المحتل وهو مهجَّر عن أَرضه ووطنه: مشاعر الخوف، والأَلم، والقهر، والظلم. وثَّقت ممارسات المحتل من منع للتجول، ومن اعتقالات، وسجن وهدم وقتل وتدمير للقرى الفلسطينية. وثَّقت ردود فعل الشعب الغاضب وشبابه الثائر المقاوم المتحدي، وثَّقت كيفية التكيف مع الأَوضاع الصعبة مثل عمل المدارس البيتية وغيرها. وثَّقت المرحلة الناصرية ومدى تأثيرها على الشعب الفلسطيني، وثَّقت صورة النكسة بتفاصيلها المخيِّبة للآمال.

لقد أَظهرت لنا الكاتبة د.الهام أبو غزالة صورًا كثيرة ومعبرة لما مرَّ عليها منذ خروجها طفلة من يافا، تلك المدينة العجيبة الساحرة ببحرها وسهلها وبيَّاراتها، وأَصدقاء طفولتها. لقد استطاعت نقل صورة واقعية لمرحلة المراهقة التي عاشتها، حيث التقلبات السياسية ومنافسة الأَحزاب، الشيوعي، والبعثي في خمسينات القرن العشرين بين الطالبات في المدرسة، والمظاهرات شبه اليومية. كما نقلت لنا حالة الضياع التي عاشتها كفتاة مراهقة لا تؤمن بوجود الخالق وذلك تأَثرًا لقراءاتها المتعددة ومنها الفلسفة، مما ساعدها ذلك على التمرد والعصيان على كل شيء في المجتمع. إِن حياة الهام أَبو غزالة الشخصية بما مرَّ عليها من أَحزان إِثر الوفيات المتعددة في الأُسرة لإِخوتها الإِثنين، واستشهاد أُختها الشابة ، ومراحل التهجير والتنقل من مدينة لأُخرى، ورؤيتها المهجرين من قراهم بعد نكبة 1948 ونكسة 1967 وحياة البؤس التي عاشوها، وأُسلوب الوالدة الصارم في تربيتها خوفًا عليها، وأُسلوب الوالد الحنون المتفهم لمعنى حريتها، المحرِّض الدائم على التعليم - المقدس - وسط كل الظروف المحيطة، كل تلك الأَحداث ساهمت إِسهامًا كبيرًا في صقل شخصيتها الشابة الرافضة رفضًا باتًا للاحتلال بكل سطوته، وعنجهيته، ومحاولة إِذلاله للشعب المحتل. انخرطت الهام أَبو غزالة في العمل السياسي داخل البلد، من أَجل مقاومة المحتل، وقامت على خدمة المهجرين، والمقاومين. لقد قادها عملها الوطني هذا للسجن لمدة شهرين.

إِن تجربة الكاتبة أَبو غزالة خلف قضبان السجن الإِسرائيلي، وحياتها مع السجينات الفلسطينيات، وتعرضها النفسي لقسوة رجال المخابرات أَثناء التحقيق معها، فيه وصف وتعبير دقيقين لما وقع، وتأثير كبير في ذهن القارئ، ولا أَعتقد بأَنني ككاتبة مهما شحذتُ خيالاتي بقادرة على نقل تلك الصورة، لأَنها صورة حقيقية صادقة نابعة من صميم وتجربة الكاتبة نفسها.

كنت أَتمنى على الكاتبة لو ذكرت شيئًا في كتابها عن حرب رمضان 1973، وعملية السلام بين مصر واسرائيل التي أعقبتها، ومدى تأثير تلك الأَحداث على الشعب الفلسطيني، وردود أَفعال الناس، ولو فعلت ذلك لأَصبح كتابها أَكثر إِثراءً.

إِن الحديث عن أَهمية العائلة الممتدة وأَهمية كل فرد فيها، وكذلك الحديث عن الصديقات اللواتي لا نعرف الكثيرات منهن و.... كل ذلك أَخذ حيِّزًا كبيرًا في الكتاب، يمكن تلخيصه في عدة فقرات.

الأُسلوب: اعتمدت الكاتبة في حديثها عن الماضي بضمير المتكلم "أَنا" وأَعتقد أَن هذا الاسلوب يناسب كتابة السيرة. كما أَن الكاتبة استخدمت اسلوب العودة في ذاكرتها إِلى الوراء.( الفلاش باك) وقد لاحظت استخدام الكاتبة لأسلوب المقارنة ما بين حياتها في الماضي، وبينها اليوم .

كانت الأَحداث في السيرة مرتبة ترتيبًا يشبه الترتيب الروائي حيث وضعت لها مقدمة وحبكة روائية ونهاية.





اللغة: لغة الكاتبة سهلة وسلسة وممتعة، رغم الإِكثار من كان وكنا... حيث لا تخلو منها أَي فقرة في الكتاب.

وأَخيرًا أَقترح على الجهات الثقافية ذات العلاقة ترجمة هذا الكتاب الى لغات أُخرى، من أَجل اطلاع العالم الخارجي عليها، أَرجو للكاتبة الهام أَبو غزالة طول العمر والمزيد من الإِبداع والعطاء.

"ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى