الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بين تجديد الذكرى والانطلاق نحو المستقبل

وسام الفقعاوي

2010 / 12 / 8
القضية الفلسطينية


نقف على أبواب الذكرى الثالثة والأربعين لتأسيس وانطلاق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ونحن نحمل إرث تاريخي ممتد الجذور لما يزيد عن عمر السنوات الفعلية للجبهة التي "نحتفل" بها كل عام، هذا الإرث الذي ورثته الجبهة عن حاضنتها أو مهدها الأول حركة القوميين العرب، التي ولدت كرد طبيعي على احتلال فلسطين على يد العصابات الصهيونية عام 1948م، وشكلت بمنطلقاتها العروبية القومية، ومركزية القضية الفلسطينية في فكرها السياسي، مركز استقطاب لقطاعات واسعة من الشباب القومي الذي وجد ملاذاً له في شعارات الحركة، من أجل الوحدة العربية وتحرير فلسطين والاشتراكية؛ ففي الوقت الذي انتشر وجود الحركة على مساحة واسعة من الوطن العربي، كان للشباب الفلسطيني ودورهم في جسمها التنظيمي والقيادي وجود بارز، لا يمكن اختصاره بأن الأمين العام لحركة القوميين العرب (جورج حبش)، هو ذاته الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي جاءت ولادتها نتاج الإفرازات الفكرية والسياسية والتنظيمية لحرب عام 1967م.
فالمشترك بين حربي/هزيمتي 1948-1967، هو ولادتنا وانطلاقنا ووجودنا وفعلنا المستمر، وبالتالي كبر حجم المهمة والعبء والمسؤولية التاريخية.
من هنا فإن الاحتفاء بالذكرى يضرب أطنابه في ما يزيد عن ستين عاماً من النضال والتضحيات، من التجارب والمآثر، من التقدم والتراجع، من الانفراجات والأزمات، إنها مسيرة لم تتوقف أحداثها لحظة واحدة، وإن خضعت للتبدلات الفكرية والتنظيمية والسياسية وما خلفته من نتائج تعددت ايجابياتها وسلبياتها، لكن الثابت الأكيد أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حملت عبء تاريخي كبير، استطاعت بثورية مشهود لها، وانتماء لقضية شعبها، واستقامة، وثبات، وإرادة وعزيمة، أن تسجل صفحات عز في سفر النضال القومي العربي عموماً والوطني الفلسطيني خصوصاً.
إن من أهم مآثر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إنها مثلت إضافية نوعية على صعيد ساحة النضال الوطني الفلسطيني، في الوقت الذي كانت تعج تلك الساحة بعشرات "التنظيمات والفصائل"، حيث كنا أمام طرح فكري جديد رأى بالماركسية سلاح نظري/علمي، لا بد من ولوجه لتقريب المسافة بين الآمال والطموحات والأهداف وتحققها الفعلي من خلال القراءة السليمة للواقع بوقائعه ومتغيراته ومستجداته، كما كنا أمام ضرورة الربط الجدلي بين النضال الوطني الفلسطيني وعمقه العربي استناداً لقراءة موضوعية لطبيعة الوجود الصهيوني، وأهدافه، والدور المنوط به في الوطن العربي، والدور الذي لعبته الإمبريالية العالمية والرجعية العربية (قديماً وحديثاً) في خلق هذا الوجود الصهيوني، ومده بكل سبل الحياة والتقدم والتوسع.
كنا أمام إدراك وتدعيم ركائز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتشكيل جبهة وطنية عريضة ضد الاحتلال وحلفائه، مستندة لوحدة الشعب، ووضوح الهدف، وشروط الانتصار، التي تحتاج لتحديد وسائل وأدوات وأشكال النضال المناسبة ارتباطاً بمحددات الظروف الذاتية والموضوعية، ولم يغب عن الإدراك أن شرط الانتصار مرهون بمدى زج طاقات الشعب بكاملها في ميدان المعركة، انطلاقاً من الربط الموضوعي بين النضال الوطني من جهة والنضال الاجتماعي/الديمقراطي من جهة أخرى.
فبعد ثلاثة وأربعين عاماً من المسيرة، نجد أنفسنا أمام سؤال الواقع/الذات، هل حققنا ما نريد؟ أم لا يزال أمامنا الكثير؟ هل لا زال أمامنا متسع لتحقيق ما انطلقنا من أجله؟.
بتفاؤل وإرادة الثوار المؤمنون بمبادئ وأهداف حزبهم، وعدالة القضية التي يناضلون من أجلها –رغم عصف الدروب وتحولاتها الراهنة- إلا أنه لا يزال أمامنا الكثير لنفعله، فالجماهير العطشى للتغيير والحرية والعدالة والمساواة، لن يروي ظمأها إلا حزب استند ويستند للتالي:
1- القراءة الموضوعية للواقع العربي والفلسطيني، والوعي بمتغيراته ومستجداته، تلك القراءة المستندة للمنهج المادي الجدلي جوهر الماركسية، أداة وعي وتشخيص الواقع من أجل تغييره.
2- إعادة الاعتبار للبعد القومي للقضية الفلسطينية، في ضوء وصول المشروع "القطري" الفلسطيني لآفاق مسدودة، حيث لا آفاق لنضال وطني فلسطيني غير مستند لعمقه العربي.
3- التحديد الدقيق لمعسكري الأصدقاء والأعداء، انطلاقاً من المواقف والممارسات اتجاه القضايا والحقوق العربية وفي صلبها القضية الفلسطينية، فلا يزال معسكر الأعداء (الصهيونية وإسرائيل والإمبريالية العالمية وأنظمة التبعية والارتهان العربية)، يسرقون حقوقنا وثرواتنا ويصادرون تاريخنا وآمالنا وطموحاتنا.
4- ضرورة الربط الدقيق والمحكم، بين الرؤية النظرية، والممارسة العملية، بما يخلق حالة انسجام بين ما يقال وما يفعل، بين الأهداف والنتائج، فحين تنفصم الممارسة عن الرؤية أو العكس، نكون أمام اختلال خطر بين الأفكار والواقع، بما يعني عدم القدرة على الوصول للهدف، إن لم تكن النتائج عكسية بالمطلق.
5- الترابط المحكم والواضح بين المرحلي والإستراتيجي، بما يجعل الفكر السياسي للجبهة الشعبية يسير وفق نسق ونواظم تحافظ على هذا الترابط، بما لا ينتهك المرحلي الإستراتيجي.
6- الاهتمام بإعادة صياغة أشكال وأساليب التعامل مع الجماهير الشعبية، وخلق علاقات متجددة تقوم على التماس، والتواصل، والانخراط في حياتها وهمومها، بما يساهم في قيام جسور الثقة المتبادلة، وإتباع مناهج عمل في السلوك اليومي تجعل من الحزب قوة جاذبة للجماهير، وذلك بالتعبير عن همومها ومصالحها وبتقديم النموذج الكفاحي لها، وبإيجاد ربط وتوازن موضوعي بين عملية التحرر الوطني، وعملية التحرر الاجتماعي والديمقراطي.
7- تعميق الديمقراطية وآلياتها في حياتنا الداخلية، بما يؤمن البيئة الديمقراطية التي تتحول من خلالها لثقافة في الوعي والممارسة، تفتح الآفاق والمناخات المناسبة لإطلاق أوسع فاعلية فكرية، تحرر العقل الفردي والجمعي من قيود الركود والشلل، كشرط أساسي للنهوض وجذب الكفاءات الاجتماعية، مما يؤسس لديناميات التطور والتقدم والتصدي للمهام الوطنية الكبرى.
إننا نملك فرصة وإمكانية كبيرة للإجابة على سؤال الواقع/الذات، المرهون بمدن امتلاكنا لرؤية وقراءة سليمة وفكر سياسي صائب مستند لرؤية الحزب النظرية، فالجبهة لا زالت، تختزن في معينها الذي لا ينضب، عبق التجربة واستمراريتها في الزمان والمكان، وإرثاً نضالياً تاريخياً وراهناً قل نظيره، وقدرة على الـتأمل والتفكير ومواجهة الذات، والانطلاق نحو المستقبل، يحذونا الأمل، والإرادة التي لا تنكسر، لأن خيارنا الوحيد هو أن نتجدد وننتصر.

* عضو قيادة فرع الجبهة الشعبية في قطاع غزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل