الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان والقدر في الأساطير اليونانية!

عارف علوان

2010 / 12 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لقد انبثق للسودان قدرها المحتوم فجأة، وكنبوءة أتت على لسان الجنرال جبريال جول رياء، قائد الفرقة العاشرة لقوات الجنوب الموجودة على الحدود بين الشمال والجنوب!
قال جوك رياء إن قواته ستغزو الخرطوم إذا هجمت قوات البشير على الجنوب بعد الاستقلال.
أضاف أيضاً، وكان يتحدث إلى صحيفة "ميامي هيرالد" الأمريكية: نقدر على إسقاط الخرطوم، ثم نصير جزءاً من تحالف جديد يحكم السودان!
برأيي هذا هو الحلّ الذي يلبي رغبة أكثر من طرف، باستثناء أمريكا، فالرئيس السوداني شرّ بثلاثة رؤوس، واحد يحرق القرى في دارفور، وآخر يحشد جيوشه على حدود الجنوب لعرقلة الاستفتاء، وثالث مشغول في قمع المعارضة الديمقراطية، وحين يضرب ناقوس القدر، سوف تسفك الكثير من الدماء، وبينها دم البشير، إلا إذا نجح في الفرار إلى ليبيا!
في دول العالم الثالث، يبدو أن الدم المسفوك بسبب تعنت الرؤساء لا مفر منه، وأشبه بالقدر في الأساطير اليونانية، لأن رأس الدولة فارغ، وعنيد، ولا يذرف دمعة واحدة على الضحايا ما داموا يحققون بموتهم البقاء له في الكرسي، وهذا الأمر ينطبق على البشير!
في الخرطوم تلوح للبشير نفسه مذبوحاً وسط قصره، تعبر على جثته الأقدام نحو الرئاسة، فهو لا يواجه أخطاراً خارجية، إلا أن جشع ذاته على نفسه أكبر من أن يرد، وهذا هو مفهوم القدر!
الحل الذي يطرحه جبريال جورك أياد ينقذ السودان من رئيس بالغَ في عدم الاهتمام بكل معارضة، والسودانيون بالمناسبة شعب لا يستحق البطش، لأنه مسالم بطبيعته، وعرف عهوداً ديمقراطية بيضاء اليد، إلى أن ظهر الجنرالات وهم يلوحون بالعصي، ويرون في أنفسهم آلهة لا يقول أحد كلاماً مخالفاً لرأيهم، باستثناء سوار الذهب، الذي سلم السلطة للشعب السوداني وانزوى يقرأ الكتب!
لكن العقبة الوحيدة التي تقف بوجه خطة جبريال جوك أياد تتمثل في الادارة الأمريكية التي ترغب في حل مشاكل السودان المستعصية بناءاً على استمرار البشير في السلطة، وتسهيل جريان الاستفتاء كما مقرر له في بداية السنة القادمة، وتقديم استفتاء صوري يضع مصير الجنوبيين تحت مخالب ومؤامرات الشمال، بينما تُسلم البشير إدارة أزمة دارفور المشتعلة دائماً، دون إطفاء النيران فيها!
إذا أراد الذئب مكاناً يأوى إليه من كلاب الصيادين، فلن يجد غير الإدارة الأمريكية الحالية.
إدارة أوباما هي مشكلة تلقي بضلالها على الأزمات المستعصية، فتجمدها، وتبقي على أسبابها، ولم يحدث لها أن أنهت أية مشكلة منذ مجيئها للسلطة قبل أكثر من عامين. إنها تقطّر عليها مياه باردة من الأعلى، ورئيسها الآن مشغول، هو وإدارته، في فذلكة القوانين الأمريكية والإنكليزية لترحيل صاحب موقع "ويكليكس" جوليان أسانج، إلى واشنطن لمحاكمته بتهمة التخريب، دون أن تبدي أي اهتمام بالعار الذي يلحق بها ويلطخ سمعتها في الوحل!
الإدارة الأمريكية مشغولة اليوم، أيضاً، بصراع خفي مع العسكريين، فهي تصر على إيقاف ضرب مناطق القاعدة وطالبان على الحدود الباكستانية المحاذية لافغانستان، بينما يحاول العسكريون إقناع أوباما بأن سياسة كهذه تجعل القوات الأمريكية مشلولة عن الردّ على قواعد ترسل رجال عصاباتها إلى ساحة الحرب من باكستان لتوقع الخسائر بقوات الحلفاء، وتعرقل استراتيجية الانسحاب التي وعد بها!
كان على الإدارة الأمريكية تزويد قوات الجنوب السوداني بالأسلحة، أولاً لتجعل موقفها التفاوضي مع البشير أقوى، وثانياً إذا كان الجنوب سينال الاستقلال بعد الاستفتاء، فإنه سيحتاج إلى الأسلحة عندما يصبح دولة مطلوب من حكومتها توفير أسباب حماية الاستقلال من دولة في الشمال ستظل تهددها!
إلا أن أوباما يفرض على إدارته أفكاراً لا تمت إلى السياسة بصلة، إنه متصوف ملّ ثلثي الأمريكان من خطبه الطويلة، يتعامل بالحسنى مع رئيس دولة يسن القوانين في بيته، وبما تتطلب مصلحة بقائه في السلطة مهما كان عدد الضحايا، بانتظار قدره المحتوم!
للمزيد انظر: http://www.arif-alwan.blogspot.com//








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 12 / 23 - 04:46 )
أخي الكاتب المحترم ، تحية لك مقال جميل مختصر ومعبر عن الحالة في السودان . وتشكر على هذا الجهد .

اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة