الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى قادة الاديان فى العالم (1)

باسمة موسى

2011 / 1 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


على ضوء الاحداث الاخيرة وموجة العنف على اساس الدين والتى راح ضحيتها العديد من النفوس البريئة والتى يرجع مصدرها الى عدم الفهم الصحيح للدين ولذا ساعرض لكم رسالة وجهها بيت العدل الاعظم وهو المرجع الاعلى للبهائيين فى العالم الى قادة الاديان فى العالم فى ابريل منذ تسع سنوات يعرض فيها لمسئولية هؤلاء القادة فى ارساء السلام والمحبة فى العالم على كافة الاصعدة ويضع نقاط للوحدة والاتحاد بين بنى البشر كسبيل وحيد للبعد عن نيران التعصب التى تعصف بالعالم وفيما يلى نص الرسالة الى السّادة الأفاضل قادة الأديان في العالم:

إنّها تركة دائمة تلك التي خلّفها القرن العشرون عندما أُرغمت شعوب العالم على اعتبار نفسها أعضاء في أسرة إنسانيّة واحدة، واعتبار الأرض وطنًا مشتركًا لهذه الأسرة. إلاّ أنّه رغم الظلام الحالك الّذي ساد الأفق في ظل مظاهر العنف والصّراعات المستمرّة، فلقد بدأت التعصّبات الّتي كانت في وقت من الأوقات و كأنّها متأصّلة في طبيعة الجنس البشري، بدأت بالزّوال والتّلاشي في كلّ مكان. وانهارت مع انهيار هذه التّعصّبات الحواجز والأسباب الّتي طالما شتّتت شمل الأسرة الإنسانيّة لتخلق من ثمّ خليطًا مشوّشًا من الهويّات الثّقافيّة والإثنيّة والقوميّة الأصول. وحدث كلّ ما حدث من المنظور التّاريخي للزّمن ما بين ليلة وضحاها، فكان هذا التحوّل الجوهريّ دليلاً على ما يحمله المستقبل من الإمكانيّات الهائلة المتاحة للعالم الإنسانيّ.

إنّ ما يدعو إلى الأسى هو أنّ الأديان الكبرى القائمة التي كان الغرض الرّئيسيّ من وجودها نشر الأخوّة وإشاعة السّلام بين البشر، غالبًا ما أصبحت هي ذاتها عقبة كأداء في هذا السّبيل. والمثال على ذلك هو الحقيقة المؤلمة أن هذه الأديان القائمة هي التي طالما أقرّت التّعصّبات الدّينيّة وغذّتها. أمّا بالنّسبة لنا نحن المرجع الأعلى لأحد الأديان العالميّة فإنّ شعورنا بالمسؤوليّة يفرض علينا أن نهيب بالجميع أن يضعوا نصب أعينهم ويحملوا محمل الجدّ التّحدّيات التي تواجه القيادات الدّينيّة جرّاء هذا الوضع القائم. ولذا فإنّ قضايا التّطرّف الدّينيّ والظّروف التي تساعد على خلقها تستدعي منّا جميعًا إجراء حوار يتّسم بالصّدق

والصّراحة. وتملؤنا الثّقة بأنّه من منطلق كوننا جميعًا عبادًا لله سوف يكون هذا الرّجاء مقبولاً قبولاً حسنًا مع توفّر النّيّة الخالصة ذاتها التي دفعت بنا إلى مثل هذا القول.

تتّضح معالم القضيّة التي تواجهنا وتتبلور عندما نركّر اهتمامنا ونمعن النّظر في ما تمّ من الإنجازات في مجالات أخرى. ففي الماضي اعتُبرت النّساء، باستثناء بعض الحالات الفرديّة، بأنّهنّ مخلوقات أدنى من مستوى الرّجال، وطغى الظّنّ بأنّهنّ في طبائعنّ أسيرات الأوهام والخرافات، فحُرمن الإفادة من أيّ فرصة تمكّنهنّ من التّعبير عن طاقاتهنّ الرّوحيّة والمعنويّة، وسُخّرن من ثمّ للقيام على خدمة الرجال وتلبية رغباتهم. وليس خافيًا على أحد أنّ هناك مجتمعات عديدة ما زالت هذه الأوضاع مستمرّة فيها، بل والأدهى أنّ في هذه المجتمعات من يدافع دفاعًا عنيدًا عن هذه الأوضاع من موقف التّعصّب والتّزمّت. أما خلاصة ما يدور من حديث ونقاش على المستوى العالمي فهو أنّ المساواة بين الرّجال والنّساء أصبحت في حاصل الأمر قضيّة معترفًا بها لها من القوّة والتّأثير ما لأي مبدأ مقبول قبولاً عامًّا، أكان ذلك في الأوساط الأكاديميّة أو في وسائل الإعلام. غير أن بقاء هذه المسألة مفتوحة للتّنظير وإبداء الرأي هو ما دفع بمناصري مبدأ السّيادة للرّجال إلى البحث عن سنَد يدعم آراءهم على هوامش الرأي المسؤول.

ولا بدّ لجحافل النّعرات القوميّة والوطنيّة التي تهدّدها الأخطار من كلّ جانب أن تلقى هي الأخرى مصيرها بالزّوال. فمع كل أزمة تمرّ بها الشؤون العالميّة يسهل على المواطن أكثر فأكثر أن يميّز بين حبّ الوطن الحقيقي الذي يُغني حياة الفرد وبين الانقياد للبيانات التي تثير العواطف وتلهبها بهدف إشعال نيران الحقد والكراهية تجاه الآخرين وزرع بذور الخوف والرّهبة بينهم. وأصبح معروفًا أنّه حتّى في الظّروف التي تقتضيها المصلحة الخاصّة المشاركة في بعض المناسبات الوطنيّة المألوفة يأتي تجاوب الجماهير في الغالب مشوبًا بالإحراج وعدم الارتياح كما هو الحال تجاه قناعات الماضي الثّابتة وما كان يسود من مظاهر الحماسة والاندفاع الفوري

العفوي. وعزّز النتائج المترتّبة على هذا التّطوّر ما تمّ من اطّراد إعادة بناء صرح النّظام العالمي الرّاهن. ومهما كانت مظاهر الضّعف الّتي تشكو منها المنظومة العالميّة في شكلها الحاضر، ومهما كانت القيود الّتي تثقل حركتها وتحدّ من قدرتها على اتّخاذ الإجراءات العسكريّة المشتركة ضدّ الغزو والعدوان، لا يخطئ أحد في إدراك أنّ هذا الزّيف الّذي يسمّى بالسّيادة الوطنية المُطلقة هو الآخر في طريقه إلى الزّوال.

وبالمثل، واجهت التّعصّبات العرقية والإثنيّة حُكمًا عاجلاً أصدره السّياق التّاريخي الّذي بات بَرمًا إزاء مثل هذه الادّعاءات والأباطيل، وأصبح الماضي، من هذا المنطلق، مرفوضًا رفضًا باتًّا وحاسمًا، خاصّة وأنّ التّعصّب العرقيّ وُسم بوصمة اقترانه بفظائع وأهوال القرن العشرين الّتي بلغت حدًّا اتخذت معه طابع المرض الرّوحيّ. ورغم أنّ التّعصّب العرقي ما زال حيًّا في أجزاء عديدة من العالم ويمثّل سلوكًا اجتماعيًّا فإنّه لا يعدو كونه آفة من آفات الحياة أصابت قطاعًا واسعًا من الجنس البشري، كما أنّه أصبح مذمومًا من حيث المبدأ على النّطاق العالميّ بحيث أنّه بات من العسير على أيّ مجموعة من النّاس أن تقبل على نفسها بعد الآن بأن توصف بأنّها تمارس التّعصّب العرقيّ أو تتبنّاه.

غير أنّ ما حدث لا يشكّل في حدّ ذاته دليلاً على أن ماضيًا مظلمًا قد انمحى وبادت معالمه وأنّ حاضرًا مضيئًا لعالم جديد قد انبثق فجره فجأة. فلا تزال أعداد غفيرة من النّاس ترزح تحت أعباء الآثار الّتي خلّفتها تلك التّعصّبات المتأصّلة من إثنيّة وقوميّة وطبقيّة وجنسيّة بالإضافة إلى تلك التّعصّبات المقترنة بنظام الطّوائف الاجتماعيّة. وما من شكّ في أنّ الدّلائل كلّها تشير إلى أن المظالم المترتّبة على هذا السّلوك سوف تستمرّ لفترة طويلة. فالعالم الإنسانيّ بمؤسّساته ومعاييره يسير بطيء الخطى نحو بناء نظام جديد يعيد صياغة العلاقات الإنسانيّة ويهرع إلى نجدة المظلومين والمضطهدين من أبناء البشريّة. لكن هذا ليس بيت القصيد. فالعبرة متمثّلة في أنّ ما حدث حتّى الآن يعدّ تخطّيًا لكل الحدود والحواجز، وأنّه لم يعد هناك مجال للتّراجع

وعودة الأمور إلى ما كانت عليه في الزّمن الماضي. فقد تحدّدت المبادئ الجوهريّة وتمّ شرحها وبيان تفاصيلها وأعلنت إعلانًا عامًّا تامًّا وأصبحت تتجسّد تدريجيًّا في المؤسّسات والنّظم القادرة على فرضها وتطبيقها على السّلوك العام. وممّا لا شكّ فيه أنّه مهما كان الكفاح في هذا السّبيل شاقًّا ومضنيًا طويل الأمد فلا بدّ سيفضي إلى تغيير شامل من الأساس في العلاقات القائمة بين البشر.



بدا التّعصّب الدّيني في بداية القرن العشرين كأكثر التّعصّبات القائمة عرضة للهزيمة والاندحار أمام تيّار قوى التّغيير والتّحوّل. ففي العالم الغربي شنّ التّقدّم العلمي حملة عنيفة زعزعت بعض العُمد الرّئيسيّة الّتي قامت عليها الادّعاءات الطّائفيّة بالخصوصيّة الاستثنائيّة أو الامتياز والتّفوّق. ثمّ جاءت حركة حوار الأديان في إطار التّحوّلات الجارية بالنّسبة للكيفيّة التي نظر فيها الجنس البشري إلى نوعه الإنساني – جاءت بمثابة أبرز التّطوّرات الدّينيّة الباعثة على الأمل والواعدة بالخير. ففي عام 1893 أُقيم المعرض الكولومبي العالمي في شيكاغو بالولايات المتّحدة احتفاءً بذكرى مرور أربعمائة عام على اكتشاف كريستوفر كولومبس للقارّة الأميركية، ولعلّ ما أدهش أكثر منظّمي هذا المعرض طموحًا هو أنّه تمخّض عن مولد المجلس العالمي للأديان المعروف "ببرلمان الأديان" المشهور. وقد عبّر هذا البرلمان عن رؤية روحيّة ومعنويّة جسّدت ما كان يدور في أخلاد البشر وعقولهم في كلّ قارّة من قارّات العالم. وفاق هذا الحدث كلّ ما احتفل به المعرض وطغى على كلّ ما سواه بما في ذلك المعجزات التي أُنجزت في ميادين العلم والتكنولوجيا والتّجارة.

وظهر لفترة وجيزة وكأنّ الأسوار القديمة قد اندكّت. ونظر المفكّرون والعلماء الدّينيّون إلى ذلك الاجتماع وكأنّه حدث فريد في نوعه "لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم." وذهب المنظّم الرئيسيّ للبرلمان إلى حدّ

التّصريح بالقول "إن هذا البرلمان قد حرّر العالم من ربقة التّعصّب الدّينيّ الأعمى." وعمّت التّكهّنات المليئة بالثّقة بأنّ القادة من أصحاب الرّأي ذوي الرّؤية سوف يغتنمون هذه الفرصة السّانحة كي يوقظوا روح الأخوّة في مجموعات العالم الدّينيّة التي طال الاختلاف فيما بينها، وتُرسى من ثمّ القواعد المعنويّة الدّاعمة لبناء عالم يسوده الرّخاء والرّفاه والتّقدّم. وشجّع هذا كلّه على انتشار حركات حوار الأديان من كلّ نوع، ومهّد لنموّ هذه الحركات وتأصّلها وازدهارها، ولا سيّما انتشار المؤلّفات في العديد من اللّغات انتشارًا واسعًا. فكان ذلك بمثابة أوّل طرح لتعاليم الأديان الرّئيسيّة كلّها يُعرض ويتيسّر لجماهير النّاس الغفيرة من مؤمنين وغير مؤمنين. وبمرو الوقت أدركت هذا الاهتمام بالأديان والتقطته أجهزة الإعلام المسموعة والمرئيّة من راديو وتلفاز علاوة على ما قدّمته الأفلام السّينمائيّة إضافة إلى ما دأبت على بثّه أخيرًا شبكات الإنترنت. وعكفت الجامعات والمعاهد العلميّة العُليا على وضع مناهج دراسيّة للتأهيل للحصول على الدّرجات العلميّة في مجال الدّراسات الدّينيّة المقارنة. وما كاد القرن يصل إلى نهايته حتّى صارت حلقات الدّعاء والمراسم المشتركة بين الأديان مألوفة وشائعة بعد أن كان يستحيل أن يخطر مثل هذا الأمر في بال أحد من النّاس قبل عقود قليلة ماضية من الزّمن.

ولكن، ويا للأسف، بات جليًّا الآن أن هذه المبادرات كان يعوزها التّرابط الفكري وينقصها الالتزام الرّوحي. وعلى عكس ما يحدث من تجاوب مع تيّارات التّوحيد الجارية والّتي تحوّل العلاقات الاجتماعيّة الإنسانيّة الأخرى وتغيّرها، فإنّ المتزمّتين من أصحاب الفكر الدّينيّ رفضوا الرّأي القائل بأنّ الأديان الكبرى جميعها أديان حقّ من حيث جوهرها وأصولها وقاوموا هذا الرّأي مقاومة عنيدة. وأمّا التّقدّم الّذي أحرزته قضيّة إزالة التّمييز العنصري فلم يكن مجرّد فورة عاطفيّة عابرة أو تدابير آنيّة فحسب بل كان نابعًا من الإقرار بأنّ شعوب الأرض كلّها تنتمي أصلاً إلى عنصر واحد ومن الاعتراف بأنّ الاختلافات القائمة فيما بينها لا تمنح بالضّرورة

أيّ فرد أو جماعة من تلك الشّعوب امتيازًا خاصًّا أو تفرض على أيّ فرد أو جماعة منها أيّ قيود أو عوائق. ولم تختلف قضيّة تحرير المرأة عن ذلك. فقد كان لا بدّ من وجود الاستعداد لدى كلّ من المؤسّسات الاجتماعيّة والرأي العام بأنّه لا توجد هناك حجّة اجتماعيّة أو أخلاقيّة مقبولة أو حتّى فسيولوجيّة بحكم الوظائف الجسديّة للمرأة تبرّر رفض منح النّساء حقّهنّ في المساواة الكاملة مع الرّجال، أو رفض إعطاء البنات فرصًا متساوية مع تلك الّتي للبنين في مجالات التّربية والتّعليم. ولا ينبغي أيضًا أن يكون التّقدير الّذي نكنّه لبعض الأمم عرفانًا بإسهامها في رسم معالم حضارة عالميّة متطوّرة سببًا نتّخذه لتعزيز ذلك الوهم المتوارث الّذي يوحي بأنّ الأمم الأخرى عاجزة عن الإسهام في هذا المضمار إلاّ بقدر ضئيل، أو أنّ هذا الإسهام معدوم تمامًا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر