الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السجين الحقوقي مخلف الشمري -حين كنت لا اعرفني..-

وجيهة الحويدر

2011 / 1 / 20
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


حين كنت لا أعرفني عشتُ بين حيطان اربعة، في زنزانة نتنة معتمة، لمدة لا اتذكر عدد ايامها، لأن الزمن لا يمر بقبور الاموات ولا بأشباهها...



حين تُوضع في حبس انفرادي تتقطع اواصر حميمية نسجتها حولك مع السنين لتربطك بمعرفة ما في امكنة ما فيها حياة كانت لك في يوم ما، لكنها اضحت كرسوم مبعثرة بلا معنى افرزتها خيالات فنان مكتئب..



زنزانتي منذ الساعات الاولى بدت وكأنها تضيق بي شيئا فشيئا .. شعرتُ ان جدرانها تواطأت مع حراس السجن على تصفيتي...صمت يسوده صمت .. ورائحة الغدر تفوخ من كل الزوايا وتنتشر..



بؤس مطلق يحاول ان يعشش ببلادة في ذهني..غبن يجره موت..لا ..لا..أنا لن استسلم ..لن اعلّق حبل المشنقة لي، مثلما فعل من مروا بهذا المكان من قبلي، فروحي لن اسلمها لهذه الأصوات التي تحرضني على الرحيل في لحظة يأس.. سأغتال تلك الحناجر قبل ان تغتالني..انا متيقن ان كل محاولات كسري ما هي سوى خطط مكتوب لها الفشل.. "فمن يركب البحر لا يخشى من الغرق."



لكني هنا لا اعلم عما يجري خارج الأربعة حيطان هذه.. بتُ كياناً ما في عالم يجهلني وأجهله..فحين تبتلعك زنزانة الحبس الانفرادي تصبح الاشياء بلا ملامح، فتفقد اقدامك حقها في الثبات على الأرض، ومن ثم يتخلى عنك المكان لأنك لم تعد كائن بجسم ..ومعرفتك بك تغادرك..فكل ما اعتدت عليه في سنين عمرك اضحى حدث من الماضي السحيق، ومن السفه ان تستجديه..



حيث كنت.. كنت لا اعرفني..وجهي الذي وهبني اياه شغف التعود ضاع مني..توهمت انه لن يغيب عني حتى في ازمنة حالكة كهذه.. لكن وجهي صار غريب التقاسيم، كأنني لم أتأمله لسنين في المرآة..فالبعد يغرس التوحش..ففي بؤرة القمع هذه، حتى حقك في ان تختفظ بالتعرف على تقاسيم وجهك يصبح امرأ مستحيل المنال..



في زمن ما...حيث كنت..الشمس كانت لا تفارق المكان، وحيث انا الآن العتمة هي سيدة المكان، احاول ان انتزع نفسي من متاهات تحوم حولي، تطالبني بالسير في دهاليز مخيفة تكاد تكون مني.. تجعلني لا اعرفني .. تحاول ان تقنعني بأني شيء ما معرّف برقم..



لم اعد ارى شيئا ولم اعد أسمع شيئا، حتى السجان حين يجلب وجبتي الباهتة الطعم يتلبسه سكون مريب..استعمر الصمت المكان، ومثل كل مستعمر فرض اجندته وحضوره علي.. اصرخ بصوت عال .. لا احد يسمعني ..حتى انا لا اسمعني.. هل تآمرت مسامعي علي وتحزبت ضدي معهم..؟ خشيتُ على نفسي مني!! كيف لا تستجيب مسامعي لصراخ من اُغتصب حقه واستبيحت كرامته؟ كيف لا تستجيب لي؟



روتين قاتل .. حياة بلا حياة..استلقي على فراش صلب قَرِفَ عيشته من كثر الابدان المعذبة التي تممددت عليه لسنوات عدة..أحدقٌ في السقف والسقف يحدّق بي.. نتهامس معا بصوت خافت كي لا يسمعنا السجّان..نتحدث بلغة لا يقوى على فك رموزها سوى من مرّ بهذه الزنزانة وعرِفَ خباياها.. كم عددهم يا ترى؟؟ وكم عدد من نجى منهم من سطوت صمت الموت وتعذيب المحققين.. ؟



حين كنت لا اعرفني في تلك الزنزانة الكريهة الرائحة، كانت ذكريات من الزمن الآخر تجوب المكان.. تحاول عبثاً ان تذكرني بي.. وكأني لم اكن هناك .. ربما لم أكن!! اشعرُ اني منذ عصور سحيقة وانا في هذا القبو المظلم ..كمارد جبار قابع في قمقم ينتظر حريته التي سُلبت منه ظلما..



"السجنُ للرجال" عبارة مستهلكة وتافهة، ولا تعني شيئا لمن كان هناك محبوس بين اربعة حيطان بليدة تلوك احساسه بآدميته، ووحشة ممتدة تقتات على احلامه وامنياته، وزمن أغبر يمر به ولا ينتهي، وسجان قاس يرفض التعامل معه كإنسان..

....................................

حان الوقت لإطلاق سراح السجين الحقوقي السعودي مخلف بن دهام الشمري القابع في غياهب سجن الدمام لأكثر من ستة شهور بدون توجيه له اية تهمة وبدون اجراء محاكمة عادلة له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المحترمة السيدة وجيهة حويدر
ليندا كبرييل ( 2011 / 1 / 20 - 16:12 )
صيحة إنسانية في قالب أدبي مؤثر تشكري عليها . أضم صوتي إلى صوتك الكريم أيتها المناضلة النبيلة وأدعو معك السلطات أن تفرج عن الحقوقي السعودي مخلف بن دهام الشمري المعتقل في سجن الدمام . من المؤسف حقاً في عصر الحرية أن يسجن فرد دون توجيه له أية تهمة . مسيرتك وإخوانك ظافرة وأصواتنا معكم وتقبلي مني تمنياتي لكل الأحرار أن ينعموا بشمس الحرية ليكون غد الانسان العربي مشرقاً بجهودكم الصادقة ، وكل لحظة وأنتم بخير


2 - تلقى عقاب دون معرفة السبب
فاتن واصل ( 2011 / 1 / 21 - 09:49 )
هذا أشد عقاب ، حيث أن جزء من التقبل النفسى للعقاب ـأى عقاب ـ حتى ولو ظلم يكون بسبب أننا نعرف لماذا نـُعاقـَب ، لكن ان يُحتجز انسان فى زنزانة منفردا ، دون توجيه تهمة محددة أو إجراء محاكمة ، فهذا حتى فى عرف الآلهة غير مقبول ، فالآلهة تعاقب العبيد بأسباب محددة .. مذكورة فى الكتب المقدسة ، والمعاناة التى يشعر بها هذا الانسان الاستاذ مخلف بن دهام الشمرى هى معاناة فادحة ، مهما تعاطفنا معه فلن نستطيع تصور حجم الغبن الذى يشعر به ، وانت يا أستاذة وجيهة أنا أكن لك كل الاحترام على وقفاتك الانسانية المحترمة فى مسانداتك المستمرة سواء فى مجال حقوق المرأة أو حقوق الانسان بوجه عام ، وأتمنى ان تأتى جهودك بالنتائج المرجوة ، ولعل قلمك يكون هو ممثل الدفاع فى محاكمة لم تجرى بعد.


3 - الفاضلة وجيهةحويدر
سامي ابراهيم ( 2011 / 1 / 21 - 10:58 )
تحياتي العميقة لك أيتها الكاتبة الفاضلة وجيهة حويدر.
ارتعشت نفسي عند كل كلمة قرأتها في هذه الصرخة الإنسانية التي أطلقتها. مقالتك هذه هي صرخة ضد القهر والظلم والإستبداد والاستعباد.
من يكسر قلماً أيتها الفاضلة وجيهة حويدرهو أقبح الضعفاء، جبان، يخاف من نفسه ويجزع من شناعة أعماله، ويخشى أن تظهر قباحة عريه أمام الحضارة وأمام التاريخ.
من يكسر قلماً يشوه هو إنسان يعتقد بأنه سيقلل من حجم الآلام إلى أدنى حد كي يحمي نفسه.
من يكسر قلماً صعب عليه أن يصحح كذبة تفوه بها، خاصة وأنه كان قد أنكرها. وكلما استمر في إنكار كذبه ما، كلما زاد تصديقه لها..
من يكسر قلما تعود أن يقهر ويطمس ويشوه ويكذب هكذا هي حياته.
من يكسر قلما سيبقى في القاع، لا يبدع ولا يقدم ولا ينجز، وسينال جائزته ببقائه مذلولا أمام بقية الأمم، يعيش في الفقر والجهل والتخلف والبؤس والمرض.
أضم صوتي إلى صوتك أيتها الفاضلة وجيهة عساه يُسمع في وادي الشرق المظلم


4 - لابد لليل ان ينجلي
اياد بابان ( 2011 / 1 / 21 - 11:11 )
عزيزني الكاتبه المحترمه . .من المصادفه ان اقرأ موضوعك الشيق هذا . .وحين انتهيت منه طرق بابي صديق العمرالمناضل (ابوسعيد ) ونقلت له ماكتبت من كلمات . وبعدحديث طويل طلب مني ان اروي لك ماحصل له في قصر النهايه احد قصور التعذيب في عهد صدام التي اعدت كمسالخ بشريه للسياسيين ولخيره ابناء البلد . . فقد كرموه بقلع عشرون اظفر لاطرافه ويديه وكسروا رجليه من عده اماكن اثناء التعليق وبعد مده طويله افرجوا عنه بعد تعويقه وهو ذلك الفنان وخبير بالطباعه . والمهم انه اراد ان اوصل لك انه اختار طريق الحق وبقي راسه مرفوعا وذهب اعدائه واعداء الشعب حاملين عارهم معهم الى مزبله التاريخ . ولابد ليوم ستشرق فيه شمسكم وتنجلي ظلماتكم .عشت وعاش قلمك الحر .


5 - منّا ومنكم
مازن البلداوي ( 2011 / 1 / 21 - 16:06 )
السيدة وجيهة الحويدر
قلوبنا معه ومعك ومع كل الشرفاء السعوديين،وعلى الرغم من ادراكنا لحلكة ليل السعودية،الا ان الصبح ليس ببعيد، وما مخلف الشمري الا احد المصابيح، الا ان القيد قوي ورغم هذا فكلنا امل بانه سينكسر،هؤلاء القوم لايعرفون غير الأستعباد والأذلال وانت اعلم مني بذلك، ولكن اين هي المنظمات العالمية، اين محامون بلا حدود، اليس الرجل بحقوقي؟ اين المحامين العرب الذين تبرعوا وانتفضوا للدفاع عن اراذل لايساووا شيئا في ميزان الحق مع مخلف الشمري؟ اين هم واين تصديهم للأحرار العرب كما يدعون........الا اننا ندرك انهم كما الأرانب عندما تصبح الأمور في موازين الدولار وبتروله، ،كما الفئران عندما يخص الموضوع احد الأحرار الحقيقيين
ليس لي الا ان اتمنى له السلامة والصحة والأفراج السريع
تحياتي


6 - الحرية ل السجين الحقوقي مخلف الشمري
نهى عياش ( 2011 / 1 / 22 - 01:50 )
الاستاذه وجية حويدر ، تحياتي العميقة لهذه الصرخة
كل الحرية والأمان لكل السجناء السياسين والحقوقين ومختلفين الفكر في كل العالم والعار لكل السُجان واربابهم أينما كانوا
دمتِ بخير


7 - الحرية لللأستاذ مخلف ابن دهام الشمري
ميريام نحاس ( 2011 / 1 / 22 - 06:31 )
أيضا تحية لك يا حضرة الأستاذة وجيهة وأنا سعيدة أن تكون سيدة التي تعمل هذه الحملة الانسانية ونشالله بفضل أصواتنا كلنا يطلع من السجن ويتحرر وشكرا


8 - ماهذا العار
عاتق الحجازي ( 2011 / 1 / 22 - 09:47 )
انه لمن العار ان يعتقل انسان بلا ذنب اوحتى توجة له تهمة ويبقى قيد الاعتقال بلا اي مبرر
اي استهتار وسخف هذا هذا الطريق لايقودنا إلا لمزيد من التأزم والتشنج الذي بالامكان تفادية الحرية لمخلف وكل متعقلين الرأي في السعودية

اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل