الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صباح الخير يا برلين :هل بدأ ت ألمانيا تنزعج من المهاجرين العرب؟

محمد نبيل

2011 / 1 / 20
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة



ثمة سؤال مهم، لابد من طرحه، و نحن نتابع الشؤون العربية في ألمانيا: هل بدأ الألمان ينزعجون من شباب الجاليات العربية، أم أن في القضية خيوط و أسباب، لابد من فهمها للتمييز بين الحقيقة و الوهم؟

تقول الأرقام الألمانية، إن الجرائم المرتكبة من طرف شباب الجاليات العربية في ألمانيا، تفوق ما يرتكبه الشباب الألماني ب 16 ضعفا، و وسائل الإعلام الألمانية، تركز على قضية "شبكة العائلات العربية" المتورطة في عمليات إجرامية، في العاصمة الألمانية برلين، للفت الانتباه، و إثارة جدل إعلامي صاخب، يأتي في سياق ما يقال في ألمانيا من كلام عن "قضايا اندماج العرب و المسلمين".

تتحدث الصحف الألمانية عن استفحال ظاهرة الجريمة في صفوف شباب الجاليات العربية، و السؤال الذي يطرحه المهتمون هو كالتالي: هل ضاق صدر الألمان، حتى بدأ الجدل الإعلامي يركز على ربط الجريمة بالعرق أو الدين أو ثقافة معينة، أم أن الظاهرة، يمكن أن تكون إحدى نتائج الصورة السيئة للعرب و المسلمين لدى الرأي العام الألماني ؟

منذ أحداث الحادي عشر، و حكاية "خلية هامبورغ" التي خططت لتلك الأحداث المشؤومة، أضحى ربط العربي بصورة الإرهابي، و المجرم متداولا في الإعلام الألماني . لكن ألا يحق لنا أن نساءل هذا النزوع الإعلامي، و ننفض الغبار عليه؟

يجب الانتباه إلى الأحداث اليومية، و الخطاب المشكل حول الجاليات العربية في ألمانيا، حتى نفهم خفايا تصاعد وتيرة الكلام عن المهاجرين، بداية من اعتراف الحكومة و الدولة الألمانية بالفشل، بإعلان المستشارة "انغيلا ميركل" عن فشل بلادها في بناء مجتمع متعدد الثقافات. هناك عنصر جديد للفهم، يتمثل في الضجة التي أعقبت صدور كتاب "ألمانيا تتخلص من نفسها"، لكاتبه السياسي، وعضو مجلس إدارة البنك المركزي الألماني سابقا "تيلو ساراتسين"، وهو بنفسه من قال : "إن المسلمين أقلّ استعداداً للاندماج من غيرهم، وأن المهاجرين المسلمين في أوروبا، عاجزون عن الاندماج في المجتمعات الغربية، ويقوضون المجتمع الألماني، ويرفضون الاندماج ويستنزفون موارد الدولة".

لقد علمتنا فلسفة جان جاك روسو، وعصر الأنوار، و تاريخ الصراعات، و الحروب و الظواهر الإنسانية، إن الإنسان لا يولد مجرما، بل طبيعته خيرة، و المجتمع هو الذي يفسده، فلماذا لا يدين الألمان المجتمع برمته، و البنية الاجتماعية التي جعلت هؤلاء الشباب، و عائلاتهم يتحولون إلى مجرمين ؟ لماذا لا يتم التركيز على ما تقوله الأرقام الرسمية ، عن وجود نحو 700 من أعضاء "ملائكة جهنم"، وهي عصابات تعمل في تجارة المخدرات والدعارة، وتمارس نشاطاتها في برلين؟ لماذا لا يركز الإعلام الألماني على ظاهرة الجريمة، بالكلام عن "البانديدوز"، وهي عصابة نشأت في تكساس الأمريكية في الستينات من القرن الماضي، وظهرت في برلين منذ 10 سنوات، ويستخدم أعضاؤها الدراجات البخارية، وتتجه لاستمالة أعضاء "ملائكة الجحيم" للانضمام إليها، فيتسبب ذلك في انفجار العنف بين العصابتين ؟ ترى لماذا لا يتم تناول قضية هذه العصابات الألمانية، أو العربية ، بالاستناد إلى منطق إدانة المجتمع الذي يفسد الإنسان الألماني الخير، دون ربط مباشر ومجحف لذلك الإنسان بانتمائه الثقافي أو العرقي أو غيره ؟

إذا كانت المسؤولة في مركز الدار لرعاية العائلات العربية المهاجرة في برلين، "رينيه أبوالعلا"، تقول: "إن تقارير الشرطة تؤكد أن الأطفال الذين يتم القبض عليهم هم أطفال عائلات مقيمة في ألمانيا، وليسوا أطفالاً قادمين من لبنان، وأن الوضع الاجتماعي ومشكلة الإقامة يلعبان دوراً أساسياً في هذا الوضع، وليس مجرد الزعم بأن هناك ثقافة عنف موجودة لدى المهاجرين" ، فإن الجريمة تظل في رأيي المتواضع، مرتبطة ببنية مجتمعية، بعيدة عن الاختزال و التعميم، و النمطية التي تصورها لنا مثلا القاضية "هايزغ" المقيمة في العاصمة الألمانية.

القاضية الألمانية انتحرت قبل صدور كتابها "صورة نمطية لعائلات المهاجرين من أصل عربي "، وهي التي كانت تتحدث عن "أسر قد يصل عدد أطفالها إلى 10، وتعيش على المساعدات الحكومية، وتترك أطفالها يكبرون في الشارع، واصفة هذه العائلات بالانغلاق". وقالت للصحافة الألمانية، " إن هناك عائلات في ألمانيا لم تريد يوماً الاندماج، وبالعكس، فهي تعيش في مجتمعات موازية، غالباً ما تتصف بالإجرام".

الكلام عن الجريمة و العقاب لا يستقيم، إلا باستحضار ثقافة المجرم العائلية، و المجتمعية، و ترسباته، و رصيده المعرفي، و تاريخه السيكولوجي.. هي عوامل معقدة و شمولية، و هذا لا يمكن النظر إليه بحياد و موضوعية نسبية، إلا بإدانة النظام المجتمعي من الداخل، والذي يمارس فيه الإنسان أفعاله الإجرامية، وليس من الخارج.

إن أسس الجريمة لا توجد في عرق أو ثقافة أو لون أو ديانة أو ثقافة بعينها، بل هي ظاهرة إنسانية، يجب تفكيك أسبابها، لإيجاد حلول لها ، بعيدا عن التركيز الإعلامي الذي يخفي، و إن كان يظهر، و يصنع صورا نمطية و تمثلات سلبية ، و إن كان يهدم، و يؤسس لبناء لغة الوهم، و إن كان يخبرنا ببعض الوقائع .
• صحافي مغربي مقيم في برلين

............................................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مساء الخير..يا سيد محمد نبيل من برلين
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 1 / 20 - 17:25 )
وأنت يا سيد محمد نبيل, بكل تجرد ومنطق وصراحة, ماذا سيكون شعورك إن جاءت عائلة ألمانية, أضافتها عائلتك في إحدى الرياض الواسعة التي تملكها. ثم بدأ عدد هؤلاء الضيوف يتزايد ويتزايد. ثم بدؤوا يحتلون جميع الغرف والبستان,يستعملون المطابخ لوحدهم مطبقين عاداتهم وتقاليدهم المطبخية, وخاصة طبخ الحلوف. بعدئذ بدؤوا تفكيك الغرف والعواميد وكل ما هو خشب لحرقه كوقود للتدفئة. كل هذا دون تقديم أية خدمة لعائلة البيت الأصلية, حتى الاعتناء بالبستان الذي أكلوا كل ثماره..شاتمين أصحابه.
ماذا سيكون شعورك يا سيد محمد نبيل؟؟؟...
هذه هي الصورة المؤلمة الشرسة التي تعطيها جميع الاستفتاءات المستقلة التي تجري اليوم في جميع دول الاتحاد الأوروبي عن مشاعرهم نحو العرب والإسلام الذين يعيشون بينهم...هذه هي الصورة .ونتائج الاستفتاء ليست محببة ولا مطمئنة على الإطلاق...هل الأوروبيون وحدهم هم السبب؟؟؟... لننظر في مرآة الحقيقة!!!...
ولك مني تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


2 - الحقيقة اولا و اخيرا
محمد نبيل ( 2011 / 1 / 20 - 18:02 )
عزيزي أحمد
كلامك في محله، و مرآة الحقيقة واضحة بموجب النقد الذاتي، و لا أحد ينكر ذلك، إذا كان متمسكا بالمنهج العلمي و المقاربة الحكيمة .لكن النقد الذاتي يستحضر الكثير من نقاط، تهم النزعة المركزية و نظرة الغرب الأوروبي إلى الشرق ...و لعل كتاب إدوارد سعيد -الإستشراق-، ليعد فسحة للتأمل في هذا الواقع .

النقد الذاتي من اجل الحقيقة أولا و أخيرا ...هذه هي مبادئي، ومنهجي ، و تصوري ، و حكمتي ، لكن دراسات ألمانية رصينة و موضوعية، تؤكد أن الأوروبيين صنعوا صورة عن العرب ....كيف صنعت و لماذا ؟
أسئلة تحتاج إلى وقفات تأمل كثيرة بعيدة عن كل لغات الانفعال....

أشكرك على تعليقك و اهتمامك الجميل و المفيد

مودتي إليك من برلين

المغترب دوما

محمد نبيل

اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س