الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوزارات العراقية بين التخصص والأداء

ابتسام يوسف الطاهر

2011 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


مازال التخبط يشكل ظاهرة في معظم المؤسسات العراقية، فهناك ظواهر تدل على فوضى العمل وعدم التركيز على اختصاص هذه المؤسسة او تلك، فنسمع مثلا عن تبني أمانة العاصمة أو أمانة بغداد لمهرجانات شعرية!؟ وصرف أموال كان الأولى أن تصرف على مشاريع خدمية أو حدائق ومتنزهات من التي تفتقر لها كل المدن والأحياء في بغداد . أو نقرا خبر عن مسابقات أدبية تقيمها (لجنة النزاهة)!؟ لا ندري ما علاقة النزاهة بموضوع الأدب والشعر؟ وماذا سيكون عمل وزارة الثقافة أو اتحاد الأدباء؟ أليست هذه النشاطات من اختصاص وزارة الثقافة والمنتديات الأدبية؟ ومتى تتفرغ لجنة النزاهة لعملها،الذي وهو رصد الفساد الإداري ومحاربته، والأشراف على سير عمل الدوائر والمؤسسات الحكومية!؟ لاسيما وهذا العمل يتطلب همة ونشاط ليل ونهار ولا يدع مجال للجنة حتى لقراءة قصيدة او قصة فما بالك بمسابقة أدبية!!؟
فلو كل واحد يعمل باختصاصه وبشكل مخلص وفعال، ومن اجل الصالح العام ستسير الأمور بشكل معقول .. وسيكون الأمل بالتقدم والازدهار مبني على أفق وأرضية منطقية. هذا لا يعني ان كل وزارة تعمل بمعزل عن الأخريات، فكل منها تكمل الأخرى.. والمؤسسات عبارة عن شبكة تتصل مع بعضها وأي عجز أو عطل بإحداها سيؤثر على الأخريات وعلى مسيرة الحياة بأكملها، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا..فالبلد مثل الجسم والوزارات مثل أعضاء الجسم لابد ان تعمل بانتظام ودقة ليتمكن الجسم من مواصلة الحياة والعمل ..فتخيلوا لو القلب غير وظيفته وراح يعمل عمل الكبد او بالعكس، ماذا سيجري للإنسان؟
لكن الواقع العراقي اليوم بعيد عن المنطق من هذه الناحية، فكل وزارة تبرر تقاعسها وإهمالها بواجبها بشكل غير منطقي وترمي اللوم على وزارة أخرى.. كذلك المؤسسات الخدمية . وهذا له أسباب عديدة أولها عدم كفاءة المسئول، أو عدم إخلاصه بالعمل أو ربما من مخلفات الماضي.. فقد كان القائد (الضرورة) ماسك كل خيوط دمى الوزارات بيده، يحركها وفق مشيئته وهذا جعل أداء الوزارات مرتبط بالخيط الذي يتحكم فيه القائد البائد.. بمعنى أن الوزراء معظمهم كانوا (حديدة عن الطنطل)! كما يقول المثل العراقي.
لذا مازالت الوزارات تتخبط، وسط التنافس الحاد بين الكتل والطوائف كل يريد حصة ضخمة من كعكة الوزارات، وبدل من البحث عن الكفاءات التي تخدم البلد اخترعت وزارات شبه وهمية لتوزيعها على المتخاصمين على عدد الوزارات! وهذا ما جلب لنا وزراء لا علاقة لهم بالمسؤولية بقدر تفكيرهم بالملايين التي يجنوها بلا تعب، فاختار بعضهم إشغال الناس بأمور لا لا علاقة لها بالمشاكل الفعلية التي يعاني منها الناس ، ولا تحل الكوارث الخدمية العالقة منذ سنين..والتي أدت الى تأخر البلد وتخلف المجتمع، كما حصل بفتاوي إغلاق النوادي او فصل البنات عن الشباب في المعاهد والجامعات!
الإدارة تتطلب كفاءة وخبرة مع إخلاص وحب للعمل. فالوزارة أو أي مؤسسة أخرى لابد أن تدار من قبل متخصصين بالإدارة إضافة لاختصاصهم بالعمل الأساسي للوزارة وبعيدا عن الانتماءات الطائفية أو المحاصصة التي ستؤدي الى انهيار الدولة ومؤسساتها.. وليس بالضرورة أن تسلم الإدارة او الوزارة لمتخصص بطبيعة الوزارة بمعنى ان إدارة وزارة الصحة ليس بالضرورة ان تسلم لطبيب! الا اذا كان ذو خبرة بالإدارة. أو وزارة الزراعة لفلاح والأوقاف لإمام جامع! المهم أن تكون الإدارة بيد خبيرة بالعمل وليس بجمع المال! ولها كفاءة عالية بتطوير العمل ودفع عجلة التقدم للأمام. والاهم أمينة على أموال الوزارة التي هي أموال الشعب وتوظيفها من اجل الشعب.
ولكن بين الحين والآخر يفاجئنا احد الوزراء في لقاء مع الفضائيات او حوار عن موضوع ما، بالتنصل من مسؤولياته أو مسئوليات الوزارة التي يحمل حقيبتها، ورمي الكرة بملعب وزارة أخرى!؟ فوزيرة البيئة جعلت علامة الدهشة اكبر من شاشة التلفزيون حين رمت اللوم على وزارة (التعليم العالي) نعم التعليم العالي ليس غيره، لأنهم لم يبادروا بنشر بوسترات (ملصقات) عن التلوث البيئي!!!؟ فالذي اعرفه ان لكل وزارة قسم إعلامي مهمته نشر البوسترات والنشرات اضافة للمجلة التي تصدر عن كل وزارة ، فما أهمية المجلة لكل وزارة!؟ ولا ادري ما علاقة وزارة التعليم العالي بهذا الأمر!؟..فلو رمت اللوم على وزارة التربية مثلا لربما نجد لها تبرير.. فهذه أيضا من مهامها توعية الصغار من التلاميذ والطلبة بأهمية النظافة البيئوية وأهمية الحدائق..أما التعليم العالي فاختصاصه بعيد كل البعد عن مطالب وزارة البيئة التي للان لم نعرف عن مهامها غير تعقيم المياه وحتى هذا نجد بعض الشكاوي من ارتفاع نسبة الكلور او انخفاضه. فأين الساحات التي شجرت؟ أين الغابات أين البساتين؟ أليس هذا من اختصاص البيئة مع أمانة المحافظة ووزارة الزراعة أيضا، كل باختصاصه! وأين البحوث والدراسات التي تسلط الضوء على المطر الترابي الذي يهطل على العراق صيفا وشتاءا!؟
مفاجأة مماثلة من وزير الصحة.. أدلى بها لقناة الجزيرة، من أن وزارة الصحة لا علاقة لها بسوء التغذية التي يعاني منها الكثير من أطفال العراق.. بالرغم من أن الإحصائيات تؤكد على استفحال هذه الحالة الصحية بين الأطفال! وأضاف أنهم لا علاقة لهم بالماء الملوث الذي يسبب مرض الملاريا والكوليرا وغيرها من الأمراض التي تفشت بالعراق ! أليس من واجب وزارة الصحة محاسبة وزارة البيئة على تقصيرها بتعقيم المياه الصالحة للشرب؟ أليس من مسئوليات وزارة الصحة الاهتمام بصحة الناس؟ وإتباع كل وسائل التوعية والحملات الصحية لمتابعة هذه الأمراض؟ إضافة لمسئوليتها الأولى بإنشاء المزيد من المستشفيات والعيادات العامة!.
وزارة التربية هي الأخرى قالت أنها غير مسئولة عن قلة المدارس! وازدحام الصفوف بالصغار الذين قد لا يستوعبون من الدرس شيئا حسب رأي وزير التربية!. من المسئول اذن؟ هل هي وزارة النفط!!؟
ما هي مسئوليات تلك الوزارات وواجباتها؟ ولماذا تدفع لهم رواتب بالملايين؟ اذا كان أداءهم بهذا المستوى المتدني؟ فلا نريد منهم سوى ان يعمل كل منهم واجبه فقط. كل يعمل باختصاصه. ولا ادري لماذا يسكت الملايين عن تلك المهازل؟ ولا يطالبوا باقالة الوزراء المقصرين بواجبهم؟ ولا يطالبوا بتخفيض رواتب الوزراء والنواب وغيرهم من المسئولين الذين لا يعرفوا من مسؤولياتهم غير الملايين تدخل لجيوبهم بلا تعب ، وهذا لعمري سرقة مبطنة لأموال الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف