الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس ومصر : ثورات تتقدم

الاممية الرابعة

2011 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


بيان مكتب الاممية الاربعة
" إن العلامة المميزة للثورة، هي مدى المشاركة المباشرة في الأحداث التاريخية. وسواء كانت الدولة ملكية أم ديمقراطية فإنها تسيطر عادة على الأمة، ويصنع التاريخ أولئك الذين امتهنوا هذه المهنة: كالملوك، والوزراء، والبيروقراطيين، والنواب، والصحفيين. لكن في المنعطفات الحاسمة، وعندما يصبح النظام القديم غير محتمل من قبل الجماهير، تحطم هذه الجماهير الحواجز التي تفصلها عن المسرح السياسي (...) تاريخ الثورة بالنسبة لنا هو قبل كل شيء تدخُّل عنيف تقوم به الجماهير في المجال الذي تتقرر فيه مصائرها."

ليون تروتسكي – تاريخ الثورة الروسية






يتطور الوضع، كما الحال أثناء كل ثورة، بين ساعة و أخرى. و بلا شك سيصبح كل تقييم متجاوزا في الساعات أو الأيام المقبلة. لكن، بات مؤكدا أن الشعبين التونسي و المصري يكتبان صفحات أولى ثورات هذا القرن الواحد و العشرين. و هي تحدث موجة مزلزلة بكل العالم العربي، من الجزائر إلى رام الله والى صنعاء باليمن. إن هذه الثورات ناتجة، في الشروط التاريخية الخاصة بهذه البلدان، عن الأزمة التي تهز النظام الرأسمالي العالمي. فـ"انتفاضات البؤس" متداخلة مع تعبئة هائلة من أجل الديمقراطية. و إن آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، المتضافرة مع اضطهاد الدكتاتوريات، تجعل هذه البلدان في الظرف الراهن حلقات ضعيفة للسيطرة الامبريالية. و تخلق شروط انفتاح سيرورة ثورات ديمقراطية واجتماعية.

مظاهرات، وإضرابات، وتجمعات، و لجان دفاع ذاتي، وتعبئات نقابية، وجمعيات ديمقراطية، و تعبئة كل الطبقات الشعبية، "أولئك الذين في أسفل" و " أولئك الذين في الوسط" الذين ينجرون إلى الانتفاضة، " فيما "لا يستطيع أولئك الذي في فوق مواصلة الحكم كما من قبل"، وتلاقي أحزاب المعارضة الجذرية ضد النظام، هاذي هي كلها مكونات الوضع قبل الثوري أو الثوري قائمة و تفجرية. حان اليوم دور مصر لترى ملايين العمال و الشباب و المعطلين ينهضون ضد ديكتاتورية مبارك.

في تونس جرى إسقاط ديكتاتورية دموية. كانت ركزت حقد مجتمع بكامله، الطبقات الشعبية و لاسيما الشباب.

كان واجبا القضاء نهائيا على نظام بنعلي، وعلى قمعه وفساده و ظلمه الاجتماعي، ذلك النظام الذي دعمته كل القوى الامبريالية، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، و الاتحاد الأوربي.

هذه الحركة ذاتها تغمر مصر اليوم.

ثمة طبعا فروق تاريخية بين البلدين. فمصر أكبر البلدان العربية سكانا. ولها موقع جغرافي-استراتيجي حاسم بالشرق الأوسط. وبنيات الدولة و المؤسسات و الجيش كلها مغايرة بمصر. لكن ما يهز البلدين حركة نابعة من الأعماق.

كما لم تعد الجماهير التونسية تطيق نظاما اقتصادياّ كان يجوعها و هو الذي اعتبره مدير صندوق النقد الدولي " تلميذا نجيبا للاقتصاد العالمي". الارتفاع المهول لأسعار المواد الغذائية الأساسية، وبطالة بنسبة 30%، ومئات آلاف الشباب بتكوين وتأهيل و بلا عمل، عناصر شكلت مجتمعة تربة خصبة لتمرد شعبي أفضى بامتزاجها بأزمة سياسية إلى ثورة.

كان ثمة من 2006- إلى 2008 ارتفاع مهول لأسعار كل المواد الأساسية، منها الأرز و القمع والذرة. و تضاعفت أسعار الأرز خمس مرات، من 600 دولار للطن في 2003 إلى أكثر من 1800 دولار في مايو 2008. و تميز الارتفاع الأخير لأسعار الحبوب بقفزة بنسبة 32 % سُجلت خلال النصف الثاني من العام 2010 في مؤشر أسعار المواد الغذائية.

و دفع ارتفاع سعر السكر و القطاني و النباتات الزيتية الأسعار العالمية للمواد الغذائية إلى مستوى قياسي في ديسمبر، متخطيا تكاليف العام 2008، التي كانت أدت إلى إطلاق تمردات عبر العالم.

وفي الآن ذاته، يطالب صندوق النقد الدولي و البنك العالمي برفع الحواجز الجمركية و بوقف كل إعانة للإنتاج المعيشي. هكذا أدى الارتفاع الأخير لأسعار الأغذية بفعل المضاربة إلى سيرورة عالمية من التسبب في المجاعة بحجم لا سابق له يعصف بمجمل بلدان أفريقيا و العالم العربي.

كما أصيبت مصر بعواقب تفجر ارتفاع أسعار المواد الغذائية المهول هذا. ولا ينجح الاقتصاد في خلق ما يكفي من فرص العمل لإرضاء حاجات المصريين. و أدت السياسات النيوليبرالية المطبقة منذ سنوات 2000 إلى تفجر أشكال التفاوت الاجتماعي و إلى إفقار ملايين الأسر. و رغم نمو اقتصادي بنسبة 5 % ، يواصل 25 % من السكان العيش تحت خط الفقر. و يواصل زهاء 40 % من 80 مليون مصري الحياة بأقل من دولارين في اليوم. و 90 % من المعطلين شباب يقل عمرهم عن 30 سنة. الأمر الآخر اللافت للنظر هو أن الفيدرالية النقابية الوطنية المصرية – التي يقودها أشخاص موالون للحكومة- تخلت جزئيا عن الحكومة خلال الأسبوعين التاليين للانتفاضة التونسية. كانوا يريدون مراقبة الأسعار و زيادة الأجور و نظام توزيع أغذية مدعوم، ولم يعد الناس يجدون منتجات أساسية مثل الشاي و الزيت. أن يطلب القادة النقابيون هذا أمر غير مسبوق لأنهم ساندوا النيوليبرالية. هذا من تأثير تونس.

إن الثورة بهذا البلد قادمة من بعيد، فالحركة الاجتماعية الراهنة عاقبة لدورة تعبئات و حركات تستمد قوتها من تاريخ نضالات الشعب التونسي ومنظماته، وبوجه خاص، الحركة الطلابية، ومختلف الجمعيات من أجل الحقوق و الحريات الديمقراطية و النقابات مثل قطاعات عدة من الاتحاد العام التونسي للشغل.

وكذا نضالات بعض الشخصيات من أجل حرياتها في التعبير و السفر في العام 1999، وحركات التلاميذ، في العام 2000، و التعبئات ضد الحرب على العراق في العام 2001، و الانتفاضة الثانية في 2002-2003، و الإضرابات و المظاهرات في قفصة في العام 2008، وبن كردان، في يونيو 2010 ، وسيدي بوزيد التي فتحت في متم العام 2010 طريق لثورة.

انها حركة تاريخية بدأت مع هذا التمازج بين تمرد اجتماعي و إطاحة ديكتاتورية، لكنها تبحث اليوم عن سبلها للسير أبعد. إنها ثورة ديمقراطية جذرية لها متطلبات اجتماعية مناهضة للرأسمالية.

لقد اضطر بنعلي إلى الهرب، لكن الأساسي من نظامه البوليسي لا يزال قائما. لقد أجبرت قوة التعبئة أنصار بنعلي القدامى على مغادرة الحكومة تدريجيا، لكن لا يزال الوزير الأول، لحظة كتابة هذا النص، هو الغنوشي من أنصار بنعلي.

الثورة تريد بالضبط السير أبعد: " ارحل يا حزب التجمع الدستوري الديمقراطي !" و"ارحل يا غنوشي ! "، ما يستوجب، خلف هذه المطالب ، استئصالا هو النظام السياسي برمته، كل المؤسسات، كل جهاز القمع. يجب القضاء نهائيا عل نظام بنعلي برمته و إرساء كل الحقوق و الحريات الديمقراطية: حق التعبير، حق الإضراب، حق التظاهر، تعددية الجمعيات و النقابات و الأحزاب.

المطلوب تصفية المؤسسة الرئاسية و إقامة حكومة ثورية مؤقتة! إن القضاء النهائي على الديكتاتورية، وكذا على كل العمليات الساعية إلى إنقاذ سلطة الطبقات السائدة، يقتضي اليوم فتح سيرورة انتخابات حرة لجمعية تأسيسية. وكي لا ُتصادر هذه السيرورة من قبل سلطة اوليغارشيات جديدة، يجب أن تستند على تنظيم اللجان والتنسيقيات و المجالس الشعبية المنبثقة من الثورة.

في هذه السيرورة، يدافع المناهضون للرأسمالية عن المطالب الأساسية لبرنامج قطيعة مع الامبريالية ومع النظام الرأسمالي و تلبية الحاجات الحيوية للطبقات الشعبية – الخبز و الأجور و التشغيل - و إعادة تنظيم الاقتصاد حسب الحاجات الاجتماعية الأساسية – من خدمات عامة جيدة ومجانية ، تعليم وصحة و حقوق النساء و إصلاح زراعي جذري، وتأميم البنوك و قطاعات الاقتصاد الأساسية، وتوسيع الحماية الاجتماعية - بطالة و صحة وتقاعد- و إلغاء الديون، و استعادة السيادتين الوطنية و الشعبية، هو ذا برنامج حكومة ديمقراطية تكون في خدمة العمال و السكان.

و في الآن ذاته، يؤسس الإجراء و الشباب مجالسهم و لجانهم، سواء لتنظيم الدفاع عن الأحياء السكنية و لطرد قادة حزب التجمع الدستوري الديمقراطي من الإدارة أو المقاولات الكبيرة، أو لإعادة تنظيم توزيع المواد الغذائية. يجب على القطاعات الأشد كفاحية وجذرية أن تساند، وتحفز، و تنظم و تنسق كل بنيات التنظيم الذاتي هذه. إنها نقاط ارتكاز لإقامة سلطة ديمقراطية للطبقات الشعبية.

وفي مصر يعيش البلد، لحظة كتابة هذا البيان، حالة انتفاضة. فرغم قمع دموي تتسع موجات التعبئة الشعبية. ملايين المتظاهرين في الشوارع، في القاهرة و أيضا في الإسكندرية و السويس. و يجري تحطيم مقرات الحزب الحاكم و رموز الديكتاتورية. الحقد على نظام مبارك، والرفض التام للفساد، وتلبية المطالب الاجتماعية الحيوية ضد ارتفاع الأسعار، كلها عوامل خلقت وحفزت تعبئة كل الطبقات الشعبية. الحكم يترنح. وتحاول هيئة أركان الجيش، المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، انقلابا ذاتيا عبر دعم مبارك بعمر سليمان، رئيس المخابرات، و إحدى أعمدة النظام الراهن. يوجد هذا الجيش اليوم في وضع متوتر. وقد رأينا مشاهد تآخي الشعب مع الجنود. لكن يمكن أيضا، بوجه عزم المصريين، أن تختار قيادة الجيش المواجهة و القمع الدموي. إن مطلب الملايين و الملايين واضح وجلي: يجب القضاء التام على الديكتاتورية. يجب أن يرحل مبارك، لكن الديكتاتورية برمتها، كل جهاز القمع، هو ما يجب إسقاطه وإطلاق سيرورة ديمقراطية ضامنة لكل الحقوق و الحريات الأساسية. و تمثل الدعوة إلى يوم تعبئة يوم 1 فبراير الموعد النضالي المقبل.

لقد ألهبت الثورة التونسية المنطقة العربية. وهي أيضا أول ثورة لجيل بكامله. قد ينقلب كل شيء اليوم مع انتفاضة الشعب المصري. و لا شك انه ستكون للتعبئة مضاعفات في المنطقة برمتها، وفي المقام الأول بتشجيع الشعب الفلسطيني، رغم التصريحات المخزية لسلطة محمود عباس.

يجب أن يقوم اليوم جدار تضامن حول السيرورات الثورية المتدفقة على تونس و مصر، مع تضامن نشيط مع التعبئات بالعالم العربي كله. و لا يمكن استبعاد ضربات جهاز بنعلي القمعي او تهديدات صديقه القذافي. كما يمكن، إذا قرر النظام المواجهة، أن تطلق قيادة الجيش قمعا دمويا.

بوجه تعمق السيرورة الثورية، بوسع القوى الغربية كما الطبقات السائدة أن تحاول استعادة المبادرة بسحق هذا الأمل العظيم .

يجب أن يعول الشعبان التونسي و المصري على مجموع الحركة العمالية العالمية، وعلى الحركة المناضلة من أجل عولمة بديلة. يجب، في النقابات و في الجمعيات و في أحزاب اليسار، دعم نضالات هذه الشعوب و التمرد الذي يزمجر في المنطقة العربية.

عاشت الثورتان التونسية و المصرية

كل التضامن مع النضالات الشعبية بالعالم العربي !

مكتب الاممية الرابعة

30 يناير 2011

تعريب: جريدة المناضل-ة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجيش المصري يستخدم الاسلحة ضد الشعب وليس ضد
محمود الفرج ( 2011 / 2 / 3 - 07:04 )
الجيش المصري يستخدم الاسلحة ضد الشعب وليس ضد اعداء مصر ياللمخازي

اخر الافلام

.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال


.. أوروبا تسعى لشراء أسلحة لأوكرانيا من خارج القارة.. فهل استنز




.. عقوبات أوروبية مرتقبة على إيران.. وتساؤلات حول جدواها وتأثير


.. خوفا من تهديدات إيران.. أميركا تلجأ لـ-النسور- لاستخدامها في




.. عملية مركبة.. 18 جريحًا إسرائيليًا بهجوم لـ-حزب الله- في عرب