الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات: لن نصمت .. وبغداد ليست قندهار !

رضا الظاهر

2011 / 2 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تأملات

لن نصمت ..
وبغداد ليست قندهار !


تتخذ احتجاجات الناس المشروعة منحى تصاعدياً مفعماً بالدلالات العميقة، ومن بينها أنها تتسم بشمولها مختلف مناطق البلاد حتى الأكثر أماناً واستقراراً. ويتجلى فيها بروز القضايا المطلبية والاجتماعية وصياغتها في شعارات واضحة تحظى بما يشبه الاجماع الوطني، مما ينبيء بفتح آفاق وتحويل ما يبدو مجرد أزمات محدودة معزولة ذات طابع فئوي أو مناطقي الى طابع تحرك شامل. وهو ما ينطوي على امكانية تطور حركة شعبية لتحقيق المطالب العادلة.
ومن نافل القول إن الاحتجاجات هي أحد تجليات الأزمة الشاملة في البلاد، فضلاً عن أزمة الحكم التي تعمقت خصوصاً منذ الانتخابات الأخيرة، وما تزال فصولها تتوالى على نحو يجسد عجز الحكام عن ايجاد حلول للأزمات حتى وفق قاعدة المحاصصات التي يتمسكون بها.
ولا ريب أن من بين ما منح هذه الحركة زخماً أعظم هو تأثير الحركات الاحتجاجية والانتفاضات الظافرة في تونس ومصر، حيث اهتزت عروش وسقطت أنظمة كانت حتى وقت قريب تعتبر من بين أكثر الأنظمة استقراراً.
ومن الجلي أنها، وإن كانت في بداية خطواتها الأولى، تتجاوز في مجرى تطورها، عوامل الضعف والفشل التي شابت احتجاجات سابقة حتى الآن. فهي تتخطى الانقسامات الطائفية والاثنية والمناطقية، لتكون، بالتالي، أكثر قدرة على مواجهة التحديات والوقوف بوجه مساعي القوى المتنفذة المرتعبة من هذه التحركات والمتوجهة الى احتوائها وتدجينها عبر تقديم بعض التنازلات المؤقتة أو الاستجابة الجزئية لبعض المطالب. ومن المنتظر أن يجعلها هذا التجاوز قادرة، تدريجياً، على طرح بدائل للخروج من الأزمة الراهنة بصيغة مشروع وطني شامل وجذري.
وليس من المبالغة القول إن هذا الوضع المشحون والمتفجر يقدم فرصاً للتغيير، الأمر الذي يضع على عاتق الديمقراطيين خصوصاً مهمة صياغة رؤية سليمة وملهمة، وتعبئة هذه الحركة بالاعتماد، أساساً، على القوى الحية للمجتمع، وفي طليعتها الشباب التواقون الى التغيير الحقيقي الجذري.
وهناك، من ناحية أخرى، مخاطر جدية تتمثل في المساعي الرامية الى حرف هذه الحركات الاحتجاجية، العفوية في أحيان غير قليلة، عن أهدافها، بمحاولات مكشوفة ومستترة ترمي الى إجهاضها عبر توظيفها لغايات سياسية ضيقة، وتصفية حسابات وإعادة اقتسام الغنائم وكراسي الحكم في المحافظات والمركز، وركوب موجة الاحتجاجات الشعبية عبر طرح الشعارات الشعبوية ودغدغة واستثمار المشاعر الدينية والطائفية وتسييسها لتشتيت طاقات وجهود هذه الحركة. ويجري كل هذا في إطار صراعات تصب في المعركة ذاتها الدائرة بين القوى المتنفذة على السلطة والثروة والامتيازات.
غير أنه من الخطأ الاعتقاد بأن هذه الحركة ستحقق أهدافها بضربة واحدة، فأمامها شوط طويل يتعين أن تقطعه قبل الوصول الى غاياتها السامية، عبر نضالات متدرجة متصاعدة لا أن ترفع سقف التوقعات دفعة واحدة، مما يمكن أن يصيب هذه الحركة وقواها بالاحباط في حال التعرض الى مصاعب. ولكن يتعين، أيضاً، القول، بثقة، أن لا سبيل آخر سوى سبيل التحدي ومواصلة الاحتجاجات ورفع مستوى الوعي السياسي والاجتماعي والايمان العميق بعدالة المطالب المشروعة.
ولابد من كشف زيف الوعود التي تقدمها بعض القوى السياسية ونفاقها وتملقها لهذه الحركة، في الوقت الذي تحتل موقعاً متنفذاً في الحكم، وتنتفع من الامتيازات التي حققتها جراء ذلك.
وتكشف التراجعات والتنازلات التي قدمها الحكام سواء في ما يتعلق بتقليص رواتب ومخصصات "الكبار" وتحسين مفردات البطاقة التموينية والغاء صفقة طائرات عسكرية أميركية، الى جانب الاجتماعات الطارئة مع مجالس الحكم المحلي في المحافظات، وانطلاق أصوات البعض المزايدة في البرلمان، تكشف مدى هشاشة الحكم وعجزه عن حل المعضلات المستعصية، مثلما تفضح النفاق والتضليل من جانب "سياسيين" أدمنوا هذا السلوك، واللجوء، بالتالي، الى حلول ترقيعية تسكينية مؤقتة لاحتواء موجة الغضب الشعبي المتصاعدة. ومن المؤكد أن مثل هذه العقلية القاصرة في التعامل مع الأحداث مرتبطة بمنهجية المحاصصات السائدة في الحكم، وهي أم البلايا.
إن على الشباب والقوى الديمقراطية التركيز على المطالب الواقعية المشروعة، وبينها تلك التي طرحت في احتجاج ساحة التحرير يوم 14 شباط الحالي، وعدم الانجرار الى مساعي جهات عديدة وبأساليب خبيثة مختلفة، هادفة الى اجهاض الاحتجاجات، وتوفير تبريرات لمن يريدون ايقاف ما يرعبهم من تحرك شعبي.
* * *
من كان يعتقد أن العراق في مأمن من رياح التغيير بسبب ما يسمى بالتحولات "الديمقراطية" يكتشف اليوم مدى أوهامه. فالتحولات التي جرت منذ "التغيير" بوسيلة الحرب والاحتلال لم تحقق البديل الديمقراطي الحقيقي المنشود، بل انتهت بالبلاد الى فريسة يتناهبها "المحررون" و"المقررون"، بينما تطحن رحى المآسي الملايين.
الناس لن يصمتوا، وبغداد لن تكون قندهار !
ستبدد شموع الشباب المحتجين، رافعي رايات ائتلاف السخط والأمل، ظلمات من يستهينون بمعاناة المحرومين، ويتوهمون أن الشعب خانع وأن كل شيء قد استقام لهم في واقع يؤبّد وجودهم وامتيازاتهم.
صباح الخير أيها الشباب .. يا من بكم يليق المجد ناهضاً مع الينابيع التي تتفجر غضباً والرايات التي تمضي الى الضفاف .. ما أسكتَ الرصاص يوماً أصواتاً عادلة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل يجب أن نتفاجأ أذا نزل ألمالكي محتجا؟
طلال ألربيعي ( 2011 / 2 / 21 - 16:12 )
سيدي ألعزيز
ما رأيك بما يتناقل عن أن بعض أعلام ألقائمة ألعراقية وأالصدريين قد أعلنوا تأييدهم للأحتجاجات-ركوب موجة أم ماذا؟
وهل يجب أن نتفاجأ أذا نزل ألمالكي بنفسه ألى ألشارع محتجا بذريعة أن حكومة ألمحاصصة وألطائفية مفروضة عليه وتمنعه من تنفيذ ما ينتظره ألشعب منه؟
مع شكري وتحياتي


2 - لايمين ولايسار التغير فقط
اريان علي احمد ( 2011 / 2 / 21 - 18:08 )
لاسبيل الى تغير في واقع المجتمع العراقي والسياسة العراقية الا ان نكون في نفس الدرب والتغيرات الحاصلة في المنطقة والذي اراه خطوة نحو عالم اخر وبناء مجتمع اخر سيتصارع في المستقبل مع المجتمات المتقدمة قبلنا بمئات السنيين ... والحاجة الى تحقيق ذلك يكون من قبل اجيال شابه وواعية وجائعة الى تطور والسباق لاجل الوصول الى القمة .. البداية بدأت من نقطة الصفر والانطلاق امامنا فلابد ان يكون المتسابقين بروح واحدة لاجل تحقيق امالهم ؟؟؟ ونجاح ذلك يعود الى عدم التردد في عدم الثقة بحكومة الحالية ؟....فاننا نعرف السياسات منذ اكثر من قرن في هذا البلد منذ زمن اكاذيب النظام السابق ..وان الحكام الحاليين والذين بدأو وبعد ان ادركوا بانهم امام طوفان وليس هناك سفينة نجاة ينجون منها بدأو باعلان عن وعود من اجل هضم الشعب مرة اخرى ...يا جيل شباب الجديد انتم املنا وامل اولادنا في التغير ولسنا مصر ولاتونس ولا يمن ولا باكستان نحن ... العراق بكل معنى ... ومادام استاذي الكاتب لايسكت فانا لااسكت والشعب لايسكت والشباب لايسكت فلنبدا المسير معا وليس هنان يمين ولايسار انما هناك تحقيق اماني


3 - احداث تونس ومصر وليبيا اسقطت مبررات التدخل ال
علي احمد الرصافي ( 2011 / 2 / 21 - 20:22 )
احداث تونس ومصر وليبيا الان اسقطت مبررات الدعوة للتدخل الاجنبي لتغير الانظمة الدكتاتورية
اثبت بشكل قاطع قدرت الشعوب التواقة الى الحرية والعدالة والمساواة كنس الطغاة مهما طال بهم الزمن
كم كنت راغبا ان ارى شباب العراق وهم يسقطون الدكتاتور
ولكن ايظا امام شبابنا الان اثبات ثقتهم وقدرتهم لاسقاط الاقزام التى نصبها المحتل


4 - لا رجوع للجنيّ داخل القوري
حميد كركوكي ( 2011 / 2 / 21 - 21:56 )
لا يرجع الجيني داخل القري ، ساحات التحرير البصرية العمارة البغدادية الحلية الكركوكية الأربيلة و السليمانية قائمة يوم 25 و لم يرجع الجماير لا بقطع أيادي {علي بابا و40 حرامي بغداد


5 - بغداد ستكون قندهار
سرسبيندار السندي ( 2011 / 2 / 21 - 23:38 )
شئنا أم أبينا ستكون بغداد قندهار .. مادامت بجوارنا إيران ومن يحكمنا شلة المتخلفين والمرتزقة والأشرار ... تحياتي لك ياعزيزي رضا والعمدة تبقى علي شباب العراق والمتنورين والأخيار ...!؟


6 - تصحيح الحياة السياسية في العراق
مريم قدو ( 2011 / 2 / 22 - 11:39 )
الاحتجاجات الشعبية العارمة في الشرق الأوسط تتيح للعراقيين والشباب العراقي الواعي والطبقة المثقفة حقا فرصة تاريخية لتصحيح مسارات الحياة السياسية والاقتصادية المنحرفة منذ 2003 والتي كلما استمرت وضعت مزيد من العراقيل في طريق المواطن الشريف والقطيعة مع الوطن العراقي المقتت في امارات طائفية ومحاصصات انتهازية وسلوقية لفئة تسرق مال الشعب العام وتترك المجتمع في عتمة الظلام والبكاء على الماضي .. اليوم هو يوم العراقي الاصيل لاستعادة حقه في الحياة وكرامته وعقله وعدم السماح للملالي والعملاء بالتفكير بدلا عنه وتدمير حياته وحياة وطنه، ويكفي ما حصل حتى الآن باسم ابتزاز الدمقراطية واستهتار المدعومين من جهات خارجية مفضوحة وغير مفضوحة أو صناع الكلام ومروجي الفتاوي السقيمة.. ما يحدث في حياة العراقيين اليوم هو رجعة للخلف .. إلى زمن الملالي والامارات الطائفية والعشائرية ومن الخزي نسبته إلى تاريح العراق وثقافة أبنائه.. نبذ الطائفية ونهج العملية السياسية الوطنية المعبرة عن كل النسيج العراقي هي الخطوة الأولى لاستعادة الكرامة العراقية وتأمين حياة حرة كريمة ووطن نظيف من الأجلاف..

اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على