الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحالة المصرية : مخاوف مشروعة

أمجد المصرى

2011 / 3 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عقـد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية مؤتمرا صحفيا عصر اليوم لإشهار الإعلان الدستورى ( الدستور المؤقت للبلاد ) الذى سيتم العمل بموجبه خلال الفترة الانتقالية التى يتولى الجيش فيها شؤون البلاد ، و الذى بموجبه و فى ظله سيتم تأسيس الأحزاب و إجراء الانتخابات البرلمانية و الرئاسية تباعا جاء الإعلان الدستورى متضمنا نصوص المواد التى سبق الاستفتاء عليها و أدت إلى استقطا جماهيرى غير مسبوق بين المؤيدين و المعارضين ، بحيث اصطف المشايخ و الإخوان وفلول النظام السابق فى مقابل دعاة الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على أسس العدالة و المواطنة و الحريات ، إلتزم الجيش بحياد سلبى إنطوى على انحياز لدعاة الدولة الدينية المتعصبة و فلول العهد البائد / السائد العائد ، فأطلق الإرهابى عبود الزمر و أفسح له شاشات الفضائيات الحكومية و الخاصة ، و استدعى الشيخ حسان السلفى لإنهاء تداعيات غزوة أطفيح بعيدا عن ساحات القضاء ، بل أطلق - بغرض التسخين - شقيق الظواهرى ( المحكوم بالإعدام ) قبل يومين من الاستفتاء ثم أعاد اعتقاله يوم إعلان النتيجة ، و كان ختامها الاعتدء بالضرب على الدكتور البرادعى أمام لجنة الاقتراع بالمقطم جاء الإعلان الدستورى متضمنا أيضا نصوصا معيبة منقولة نصا من الدستور الملغى الذى طالب الثوار بإسقاطه ، عادت المادة الثانية اللعينة لتلطخ وجـــه مصر و تعاود و صمها بالعنصرية و التخلف ، عادت تلك المادة لتكرس التناقض المخل بين مواد الدستور ، فكيف للعدالة و الحريات و الديمقراطية و حقوق الإنسان أن تتسق مع نص يؤكد أن الإسلام دين الدولة و أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ؟ تعلمون و يعلم الجميع أن الشريعة الإسلامية تنتقص من حقوق المرأة و غير المسلم و تنص على أن الجهاد ( العدوان المسلح ) واجب شرعى بحكم آيات قرآنية و أحاديث مسندة قطعية الثبوت و الدلالة ، كيف لشريعة كتلك أن تنتج عدلا أو ديمقراطية أو سلاما ؟ طبقا للشريعة الإسلامية و بحسب نصوصها و تفاسيرها أحرق السلفيون و هدموا كنيسة الشهيدين بأطفيح ( بعد الثورة ) و لم يحاكم أحد و تمت التسوية العرفية ( بحضور الجيش ) ، و قطع السلفيون أذن قبطى فى قنا و حاولوا ذبحه ثم أجبر على التصالح ( التنازل ) بحضور الجيش و شيخ الأزهر ، و أحرق السلفيون مسكن سيدة بالمنوفية و أجبروها على مغادرته و لم يحاكم أحد ، المادة الثانية رجس من عمل الشيطان كان يجب أن يجتنبوه بتاريخ 13 / 2 / 2011 ، كنت قد كتبت على مدونتى و على مواقع أخرى مايلى
{ الحـالة المصريـة : مخــــاوف مشــــروعة : بعد مضى ثلاثة أسابيع كاملة على اندلاع ثورة شباب مصر ، و بعد انقضاء ثلاثة أيام على اعتراف الرئيس بحقيقة انتهاء حقبته وبإعلان الرحيل ، و بعد انفضاض الثوار عن الشارع و انقشاع غبار المعارك ، و بعد ما بدا من وضوح المطالب ، و بعد أيلولة الدولة المصرية إلى وديعة بيد الجيش كمرحلة انتقالية أو جسر عبور للمستقبل المأمول و المرتجى ، لم يفارقنى القلق - كحال الكثيرين - و لم تبرحنى المخاوف الجيش بلا شك هو محل ثقة و احترام عموم الشعب المصرى ، و لكن الشيطان شاطر ، بالطبع لن يطمع قادة الجيش فى البقاء بالسلطة إلى مالا نهاية على طريقة يوليو 1952 ، فالثورة ليست ثورتهم بل أمانة بأيديهم و وديعة لأجل قريب ترد لأصحابها - جموع الشعب - مشمولة بالنتائج و الثمار ، و لكن ، هل يصـــــــــون المؤتمن الأمانة و يحسن حفظها و رعايتها حتى تصل لأيدى أصحابها سالمة كاملة غير منقوصة ؟ الجيش محكوم بضوابط و محاذير عديدة : مطالب الشباب ، المراقبة الدولية ، الانفلات الأمنى بعد جريمة الداخلية ، الفساد المستشرى منذ عقود ، السجناء الهاربون و بأيديهم سلاح الشرطة ، أعوان مبارك و أدواته على رؤوس كل المؤسسات بلا استثناء ، و فوق هذا و ذاك عنصر الوقت الضاغط يلهث المجلس العسكرى وراء مطالب الشارع قدر استطاعته ، و لكنه دائما لا يلحق بتلك المطالب و لا يطاولها ، فالحصاد كثير لكن الفعلة قليلون ، أقصد أن المطلوب إصلاحـه كثير و متعدد بينما القادرون على الإصلاح يتلكأون و يتهربون و يراوغون ، لإدراكهم أن الإصلاح سيطيح بالكثير من مكاسبهم و سيبدد الكثير من أضغاث أحلامهم} - إنتهى
و بعد أن ثبتت صحة الكثير من تلك المخاوف ، هناك العديد من الأسئلة التى ربما تحمل الإجابات فى طياتها
لماذا كان الاستفتاء على ( بعض ) المواد لا على الكل ؟ و ما جدوى الاستفتاء إذا كان الإعلان الدستورى يشمل موادا لم يؤخذ رأى الناس فيها ؟ و ما مشروعية الإعلان الدستورى إذا كان بعضه برأى الشعب و بعضه الآخر برأى اللجنة التى عينها الجيش ؟
لماذا اشتمل تشكيل اللجنة على ثلاثة من الإخوان ( البشرى و البنا و صالح ) و لم يشتمل على أى من الفصائل و الأحزاب و القوى السياسية الأخرى التى تعج بها الساحة المصرية ؟ و ماذا كان المعيار لعضوية اللجنة ؟ لم تكن من القضاة حيث تضم المحامى الإخوانى صبحى صالح ، و لم تكن من أكفأ الفقهاء الدستوريين حيث لم تضم نور الدين فرحات و لا يحيى الجمل و لا غيرهما ممن هم أفقه و أفهم بكثير من كل أعضاء اللجنة المختارة ، و لم تكن تمثل الثوار حيث لم تستجب فى صياغاتها لأى من مطالبهم كما لم تتشاور مع أى منهم ، بل استعانت على عملها بالكتمان المريب و اتبعت أسلوب الصدمة و المباغتة تحت ستار من دعايات الإخوان و هجمات السلفيين و فلول النظام السابق
أين اختفى الثوار ؟ و لماذا تم إقصاؤهم عن المشهد ؟ و لماذا يتم الاحتفاء الإعلامى الفج بالإسلاميين إخـوانا و سلفيين و إرهابيين عوضا عن الثوار ؟
أين مطالب الثورة التى أعلنها الثوار فى شعاراتهم منذ اليوم الأول ؟ أين الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية ؟ أين المطالب بدولة مدنية لا دينية و لاعسكرية ؟ أين الثمن للدماء التى أهرقت و الأرواح التى أزهقت فى ميدان التحرير و باقى ميادين مصر ؟ هل قدم ألف مواطن أرواحهم و أصيب الآلاف بالعاهات المستديمة من أجل إحلال الإخوان المسلمين محل الحزب الوطنى ( المحظور ) و المرشد محل مبارك و مكتب الإرشاد محل لجنة السياسات ؟ هل قامت الثورة لنصرة مصر أم لنصرة الله و رسوله ؟ هل سقط أى من الصحابة و الخلفاء و الأئمة شهيدا بطلقات القناصة ؟ هل ثار الشعب المصرى لإنقاذ مصر أم لإنقاذ الإسلام و السلفيين ؟ هل انتفض المصريون و قدموا التضحيات لإخراج مصر من عثرتها أم لإخراج الزمر و باقى الإرهابيين من المعتقلات ؟
الإعلان الدستورى باختصار هو مجموعة منتقاة - لا جيدة و لا مكتملة - من المواد المنقولة نصا من الدستور الساقط تم إلحاقها و إلصاقها بالمواد التى سبق الاستفتاء عليها قبل 11 يوما ، نسبة الـ50 % منة عضوية البرلمان للعمال و الفلاحين كما هى ، 64 مقعدا كوتا للمرأة كما هى ، مجلس الشورى عديم الفائدة كما هو ، و و كأنه قد انطبق علينا المثل الشعبى القائل : كأنك يا أبو زيد ما غزيت ، و هى الترجمة المصرية لعبارة : كأنك يا أبا زيد ما غزوت ........ و كأن المطرب عبد الحليم حافظ يردد على مسامعنا فى ذكراه التى تحل اليوم - يوم الإعلان الدستورى - مقطعا من إحدى أغنياته يقول : فى سكة زمان راجعين ، فى نفس المكان ضايعين
اللافت أيضا و المثير للاستغراب و التعجب أن ( حوارا وطنيا ) قد انطلق بالفعل بعد صدور الإعلان الدستورى بأقل من ساعتين بمشاركة نخبة من المثقفين و العلماء و الشخصيات العامة و برعاية حكومية ، و الهدف المعلن لذلك الحوار الوطنى هو محاولة التوصل إلى صياغة عقد اجتماعى يصلح كنواة لدستور دائم متوافق عليه ، أيبدأ الحوار بعد إصدار إعلان دستورى ؟ و هل كان من اللائق أن يجد المؤتمرون بندا مدسوسا فى أجندة الحوار يطلب مناقشة سبل المصالحة مع رموز النظام السابق ؟ أى ثورة تلك و ثورة على ماذا و على من ؟ كان أحد شباب الثورة قد أسـر لى أنه رأى فيما يرى النائم رهطا من الرجال الملتحين يرتدون الجلابيب و الخـفوف يحملون صندوقا يشبه التابوت و يتبعهم من يشبهونهم لكنهم يحملون السيوف يزعقون و يكبرون ، و كلما خفت صوت هؤلاء ترامى صوت ضعيف من الصندوق يستغيث قائلا : أنا الثورة ، أنا الثورة ، مازلت على قيد الحياة فلا تدفنونى
و ماذا بـــعـد ؟ و هـل من سبيل لتصحيح الطريق ؟ نعم بالتأكيد و لكن فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحالف أعداء الأمس لمحاربة مدنية الدولة
Amir_ Baky ( 2011 / 3 / 31 - 06:28 )
الف باء أى ثورة فى العالم أن يكون للثوار حظ فى التغيير الديمقراطى. فمثلا فى ثورة 52 العسكرية مسك العسكر حكم مصر حتى عهد مبارك. فكل الدلائل تؤكد أن الجيش لا يريد أن يخرج حكم مصر من تحت عبائته فأصبحت مدنية الدولة عدوه الواضح. فمهاجمة مدنية الدولة تظهر فى عدم معاقبة البلطجية لو رفعوا شعارات دينية سواء فى القرى و النجوع أو فى عدم معاقبة السلفيين الذين يهددون أمن المواطنين ويقيمون الحدود فى غياب كامل للقانون والذى يشكل دعائم الحكم المدنى. التمسك بنسبة 50% عمال وفلاحيين لضمان عدم ظهور دستور محترم للبلاد لأن المجلس القادم سيشرف على دستور مصر الجديد ومن مصلحة الجيش أن يكون دستور غير مدنى. عدم خفض السن القانونى للمرشح حتى يقصى شباب الثورة من الإشراف على دستور مصر الجديد. الإحتفاظ بشرط أجادة القراءة و الكتابة فقط رغم أن الثوار من مستخدمى الأنترنت. فالجهلة لهم إمتيازات عن المثقفين. فخطورة مجلس الشعب القادم أنه سيشرف على دستور مصر الجديد فى غياب مقنن للثوار وتهميش شيطانى لهم لإجهاض مضمون مطالب الثورة وهى مدنية الدولة


2 - الشرع والشرعية
عرفة خليفة الجبلاوي ( 2011 / 3 / 31 - 13:22 )
الصديق العزيز أمجد،
اشتقت لأسلوبك البلاغي الساخر. سأناقش معك الإعلان الدستوري الذي أعطى للمجلس العسكري شرعية دستورية عوض الشرعية الثورية التي لم تعط له أصلا. تحظر المادة الرابعة من الإعلان قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، رغم أن المادة الثانية تنص على أن الإسلام دين الدولة. فالإعلان يحرم على الأحزاب ما أحله للدولة.
أحيي في الإعلان مواد الحريات (المواد من 8-17)، ولكن يعيق تطبيقها المادة الثانية كما فعل محمد عفيفي في محاكمة قتلة الأقباد في الكشح عندما حكم ببراءتهم بحجة أنه لا يصح قتل مسلم بكافر.
تقديري لشخصك الكريم


3 - سلموا القط مفتاح الكرار
يوسف المصرى ( 2011 / 3 / 31 - 13:39 )
استاذنا أمجد
فساد الجيش لايقل عن الفساد المستشري بين اوصال المجتمع المصري ويزيد
ولكن الكل يخاف من الجيش ويطبل ويزمر وراؤه ولاتنسى وجود الاسلاميين الاكثر تعصبا فى قادة الجيش فجرائمهم بحق الأقباط كثيرة جدا
نتمنى سلامة مصر وأن يتسلم الأمانة من يستحقها
تحياتى


4 - ما ينطبق على مصر ينطبق على بقية الدول العربية
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 3 / 31 - 13:44 )
اشكر الكاتب على جهوده بهذا المقال والذي ابدى به مخاوف مشروعة وحقيقية وطرح تساؤلات منطقية وبالصميم وما من مجاوب؟؟
كنت دائما اقول بان من كان يحكم بمصر هو جماعة الاخوان المسلمين فرع مبارك وكان يعارضه فرع عاكف لجماعة الاخوان المسلمين..
اما الان فيحكم مصر جماعة الاخوان المسلمين بقيادة طنطاوي للمرحلة الانتقالية وسيسلمها لجماعة الاخوان المسلمين فرع بديع
اما المسيحيين فهم مجرد ورقة سياسية يستخدمونها وقت ما يشاؤوا
ما ينطبق على مصر ينطبق على بقية الدول العربية
نريد الالاف من مثل هذه المقالات
راجعوا مقالي عن : المنافسة على الاسلام بين الحكام العرب والمعارضة والموجود على النت
تحياتي


5 - على قدر أهل العزم تأتي العزائم
عبد القادر أنيس ( 2011 / 3 / 31 - 14:11 )
أتبنى هواجسك. هذه هي الثورات؛ سلبياتها أكثر من إيجابياتها. صحيح هي تحرك السواكن، لكن نتائجها العاجلة والآجلة تعكس مستوى موازين القوى السائد في المجتمع. للأسف موازين القوى السائد في مجتمعاتنا الآن ليس في صالح الدفع نحو الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية الحديثة. وكيف يكون ذلك، بينما مستوى الوعي والفكر والإبداع في الحضيض؟ ومن السذاجة أن نتوقع نتائج أفضل مع هذه الجباه المضحكة بزبائبها. جامعاتنا التي كان يمكن أن تكون في طليعة التغيير، تعاني من تخلف وانسداد وهيمنة القوى الأصولية. الأنظمة الحاكمة حتى الآن عملت ما استطاعت لنشر الظلامية والتجهيل وسد الأبواب في وجه التنوير. وسائل إعلامها المختلفة صدت أبوابها في وجه العقلانية والفكر الحر والنقد المفتوح.
تقديري أن هذه الثورات ما كان يمكن أن تحقق ما حققت لولا وسائل الإعلام ومن ورائها الحكومات والشعوب الحرة التي كانت تراقب كشهود قادرين على فضح الأنظمة، لولا هذا لما تردد الحكام ثانية في سحق مسيرات الشعوب مثلما كان يجري في أزمنة الغفلة. هكذا أفهم هذه النتائج المتواضعة وعلى قدر العزم تأتي العزائم
تحياتي

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س