الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطر المعارك وأصعب القرارات

فاطمه قاسم

2011 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في ظل الإعصار الرهيب الذي مازال يعربد في أجواء المنطقة العربية، وفي ظل الانشغال الدولي بما يجري على صعيد الوطن العربي، وها هي ليبيا خير دليل على ذلك، فإن الرئيس أبو مازن، بصفته رأس الشرعية الفلسطينية، هو الذي يقف الآن على رأس الميدان ليخوض معركة من أصعب المعارك من أجل تكريس المشروع الفلسطيني على أرض الواقع، بإعلان الدولة الفلسطينية على الأرض التي حددتها قرارات الشرعية الدولية، وهي حدود الرابع من حزيران، على اعتبار أنه لا يوجد حل للصراع سوى هذا الحل، أي ميلاد الدولة الفلسطينية، وأنه بدون هذا الحل، الدولة المستقلة في الضفة والقطاع والقدس الشرقية، فإن العناصر الاساسية و الموضوعية للمشهد في فلسطين التاريخية سوف يضغط إلى حد الانفجار الشامل.

في هذه المعركة الحاسمة والصعبة، فإن القرارات مهما طرحت بلغة سلسة وشديدة النعومة فهي القرارات الأخطر، ولذلك فهي تتطلب أدق الحسابات، وأوفى وارقى شروط الحكمة، وأعلى درجات الحرص السياسي، لان الأحصنة التي تريد أن تفوز بالسباق يتوجب عليها أن لا تصطدم قوائمها بالحاجز الأخير، لأن الحاجز الأخير هو الحاجز المؤدي للفوز.

حالة الفوضى والتشوش الفكري التي غرقت فيها الساحة الفلسطينية منذ أربع سنوات، أي منذ وقوع الانقسام تزيد من الصعوبات أمام صانع القرار الفلسطيني، لأن تداعيات الانقسام كشفت عن تشوهات رهيبة في الحالة الفلسطينية، في نسق علاقاتها،الداخلية والعربية ، والدولية وحتى على صعيد مسلماتها،ومفاهيمها وفي الحوافز التي تحرك العديدين، وبعضها حوافز غير وطنية على الإطلاق، وبعضها حوافز فصائلية ضيقة، أو نتاج لطموحات شخصية غير مشروعة، وبالتالي فإن الرئيس أبو مازن في هذه المعركة الصعبة التي يقودها يحتاج بالفعل إلى أهم العقول وأكثرها مصداقية وكفاءة ،لتكون معه، لتضيء له من خلال إنتاج الأفكار والرؤى العميقة تلك المنعطفات الحادة المتوقعة أو الزوايا المعتمة في الطريق.

خصمنا وعدونا الرئيسي وهو الاحتلال،وقضيتنا الرئيسية ازالة هذا الاحتلال،وهذا الاحتلال يرتكز إلى عناصر قوته الذاتية والتحالفية وهي كثيرة، ويرتكز إلى بدائل متعددة، وإلى أجواء تشارك فيها هو وحلفائه الأقوياء في صنعها، ولعل الانقسام الفلسطيني يكون أبرزالاحداث و الوقائع التي يرتكز إليها الاحتلال، كما أضيف إليه نقطة ارتكاز أخرى والمتمثلة بالوضع العربي القائم حالياً، غير المستقر، والغامض، والذي قد يستغرق سنوات قبل أن يأخذ شكله النهائي.

في مواجهة كل ذلك، فإن الأولويات الفلسطينية لا بد من إعادة ترتيبها، وأن العلاقات الداخلية الفلسطينية تحتاج إلى إعادة ترتيب، سواء على الصعيد الداخلي اوعلى صعيد القوى والفصائل والأدوار التي تلعبها، ما هو الجوهري منه وما هو الشكلي، ما هو الصادق والمفيد ومن هو الزائف والمنافق، لأن المعركة التي يخوضها الرئيس أبو مازن لا تحتمل سوى احتمال واحد وهو النجاح.

وأعتقد أن المستجدات في المنطقة قد سبقتنا، وربما كانت إسرائيل تتوقعها ولذلك رأيناها تتمترس وراء استعصاءات أدت إلى انهيار المفاوضات، وتوحش الاستيطان، وازدواجية المعايير التي تستخدمها الإدارة الأمريكية في مجلس الأمن.

في هذه المعركة الصعبة، فإن شجاعة الصدق التي يجب أن يتحلى بها الأفراد والقوى هي مسألة حاسمة، لأن القرارات تعتمد على فهم الواقع بكل معطياته كما هي وليس على أساس التخيلات أو الاوهام أو الأمنيات.

نحتاج في هذه المعركة إلى كل العقول التي ترى ما هو ادق وابعد، وتتوقع الآتي، وتتفهم الاستحقاقات مهما كانت صعبة، ونحتاج إلى من نثق بشكل دقيق بأنه يتحمل الأمانة وينهض بالعبء والمسئولية، ويواجه الاختبارات الصعبة بصبر شديد، وتحدي كبير.

من المؤسف، أنه على صعيد الفصائل بدون استثناء، فإن الفهم العميق لخطورة المعركة لا يبدو واضحاً في سلوكها اليومي، وفي تجاذباتها في داخلها أو مع بعضها، وأنها تتماهى منذ فترة ليست بالقصيرة مع فلسفة الحد الأدنى، بحيث أن العقول المميزة والكفاءات الطموحة أصبحت نادرة وغائبة من هياكلها وحياتها الداخلية، ولذلك نرى هذه النمطية المملّة في التفكير، غائبة تلك العقول التي عودتنا ، على انها دائمة البحث عن أفكار جديدة ملهمة، أو حتى في الأداء اليومي، لذلك غالباً ما تنكفئ على جهد موسمي، أو تظهر الاهتمام بالقضايا المثارة بشكل مؤقت، فحين يطرح الرئيس مبادرة للمصالحة نرى الجميع يتصدرون لأخذ دور، وفي مواجهة أول صعوبة ينفض العرس، ويتلاشى الاهتمام كأن لم يكن، وكذلك الحال حين يطرح موضوع الانتخابات، أو تغيير حكومي، بل إنه حتى على صعيد الفعاليات الشعبية ضد الاستيطان، مازال الجسم الرئيسي هو نفسه الذي يدار في بلعين وفي بعض المواقع الأخرى منذ سنوات دون القدرة على الزج بشرائح جديدة وكثيفة في هذه الفعاليات القادرة على تحويلها إلى نمط حياة كاملة.

لا يستطيع بطل أن يقوم بالمهمة وحيداً، حتى ولا أبطال الأساطير، فما بالكم بزعيم وقائد سياسي يتصارع مع أطراف قوية، ويحتاج في صراعه إلى أدق الحسابات، وإلى أصغر وأكبر الإمكانيات، وإلى كل البدائل الممكنة.

ولدينا مثال واضح على هذه الحالة السائدة الآن من التماهي مع فلسفة الحد الأدنى، وهو الحراك الشبابي الذي بدأ في الخامس عشر من الشهر الماضي، إذا كانت حركة حماس حاولت ركوب موجته فلم تستطع فقامت بعد ذلك بمواجهته بأقسى درجات السلبية، فلماذا لم تقدم له قوة دافعة في الضفة الغربية لكي يتوسع، ويخلق حالة حضور وثقافة جديدة، ولماذا لم تقم الفصائل بزج هذا الحراك الشبابي في فعاليات كثيفة وواسعة ضد االاستشراس الاستيطاني، مع العلم أن وسائل الضغط الأخرى على النشاط الاستيطاني غير موجودة على الإطلاق، فالمفاوضات متوقفة، والجهود الدبلوماسية مجهضة، والبدائل العربية والدولية مستنفذة باهتمامها بما يجري في المنطقة من تغييرات دراماتيكية.

إنها معركة صعبة، معركة المصير، معركة حياة أو موت، والرئيس أبو مازن بحاجة إلى كل عقل متفتح، وإلى كل سواعد نابضة، وأفكار خلاقة، لتساعده في خوض هذه المعركة باتجاه النجاح الذي لا بديل عنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية