الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أية إصلاحات هي التي تلبي طموحات الشعب السوري ؟

عادل أحمد

2011 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أن أتناول الموضوع ، أحب أن أشير إلى نقطة هامة لها تأثيرها الكبير في تحديد الإجابة عن هذا السؤال . الثورة ، الانتفاضة ، الحراك الجماهيري الذي تحول إلى ثورة شعبية حققت الكثير من أهدافها في كل من تونس ومصر ، وبانتقالها إلى معظم الدول العربية ،كان لها وقع الصاعقة على الغرب والولايات المتحدة والذين بعد أن استفاقوا من الصدمة واستوعبوا ما حدث وأدركوا خطورته على مصالحهم انطلقوا إلى شن هجوم معاكس توضحت نتائجه في البحرين وليبيا واليمن ، وأدى فيما أدى إلى الصراعات الدامية وغير الدامية التي نلاحظها في البلدان العربية المعنية .وحيث كان يجب التقاط الأنفاس واستجماع القوى وتحشيدها والاستفادة من دروس الأحداث الماضية، استمرت الاحتجاجات وانتقلت إلى دول جديدة ، وكان قد تم الاستعداد لمواجهتها بأكثر من سيناريو ، وبدعم واضح من الغرب تارة وخفي ودائم في أغلب الأحيان ؛ لسبب بسيط ، هو أنه وان كان للغرب مصلحة في تغيير أنماط الحكم ووسائله وأدواته وسلوكه في عالمنا العربي إلا أنها لن تقبل أن تخسر نفوذها وتأثيرها ومصالحها ومصالح ربيبتها - إسرائيل- من خلال هذا المد الجماهيري الذي بدا كشبح يهدد كل ما حققته خلال الفترة الماضية . من هنا كان الدفع باتجاه خلق حالة من الاحتراب الداخلي والعمل على إضعاف وتفتيت اللحمة الوطنية حيث استطاعت وبالتالي حرف ما بدا كثورة شاملة ستطيح بكل شيء عن مسارها وأهدافها إلى حركات واحتجاجات تؤدي إلى فشلها بعد تظهيرها كحركات فوضوية وعنفية هدامة فتخسر السند الشعبي والطابع السلمي والأفق الحضاري لها ( النظم العربية والغرب عموما فعلا الكثير في هذا الإطار )، وقدم الإعلام الأرضية والزاد والغطاء .
في سوريا ... التي يجب أن نلاحظ أنها - وبسبب من موقعها الجيوسياسي ، وبالعودة إلى تاريخها القديم والحديث ، وبسبب طبيعة شعبها وتكوينه الثقافي والسياسي والاجتماعي ، وتعلقه اللامتناهي بفكرة العروبة والوحدة ، ونظرا لتموضعها الجغرافي ، ودورها الإقليمي ، وبغض النظر عن طبيعة الحاكم والمحكوم ( السلطة والشعب ) فيها – مستهدفة وستظل كذلك . ( في منتصف القرن الماضي لريادتها في مسألة الوحدة والقضية القومية ، وفي بداية قرننا هذا لموقفها من امتلاءات كولن باول ( وزير الخارجية الأمريكي الأسبق )/2001/ ومن الاحتلال الأمريكي للعراق /2003/ وموقفها في حرب تموز /2006/ ومن العدوان على غزة وحصارها /2008/ ولدعمها للمقاومة العربية عموما.) وليس مهما هنا تفاصيل وجدية وعمق هذه المواقف ، فهي حاصلة بالقوة والفعل حتى وان كانت قابلة للجدل . إذن ، هي دولة ممانعة ، شعبها شعب ممانع ، ثقافتها ممانعة ، سياستها ومواقفها الخارجية ممانعة . إنها ممانعة طبيعية ، كما الجبال والصحارى . وبسبب من الممانعة الطبيعية والارادوية هي دولة مستهدفة ونعود لنؤكد أن الاستهداف قائم بغض النظر عن طبيعة النظام .
الشعب السوري يريد الحرية مع الاستقرار والتغيير بدون مس السلم الأهلي والاجتماعي ،والديمقراطية التي لا تترافق مع الفوضى ، بعبارة أخرى الهدف هو انتصار الوطن والشعب ، أي وطن حر سيد مستقل وديمقراطي . ما يعني أن كثيرا من الأهداف قد تكون منقوصة للحفاظ على هذا الهدف .
الشعب ، ممثلا بقواه المنظمة وتعبيراته المدنية وبشبابه الغاضب المحتج يريد المشاركة ، المشاركة بالسلطة وبالثروة ، بالكرامة وبالحرية ، يريد الديمقراطية والتعددية . تحقيق ذلك يستلزم ثورة تطيح بمواقع القوى والآليات التي تقف في وجه هذه الأهداف وتقمع كل مطالب بها .إن سبرا لآراء المجتمع السوري والتعرف على آراء المواطنين فيه ، سيبرز ليس تطلعاته التي تحدثنا عنها فقط ، بل وكذلك العقبات التي تقف في وجه تحقيق هذه التطلعات ، ولعل أهمها :
- حكم الحزب الواحد وتفرده في قيادة الدولة والمجتمع ، أي النص الموجود في المادة الثامنة من الدستور السوري .
- سيطرة وتحكم أجهزة الأمن بمفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد . وأدواتها الأهم في ذلك قانون الطوارئ المعمول به في البلاد منذ أكثر من خمسين عاما ، ومحكمة أمن الدولة وبقية المحاكم الاستثنائية ، وكذلك القانون / 49 / ، وكثير غيرها .
- بنية الدستور السوري الذي يقر بحقوق المواطن من جهة ، ولكنه يقيدها بقانون يعطلها ويوظفها لخدمة السلطة من جهة أخرى .
- تفشي ظاهرة الفساد وانتشارها العمودي أولا ومن هرم السلطة نزولا إلى الأسفل ، ومن ثم انتشارها أفقيا لتعم المجتمع كله .
- اعتماد السلطة في توجهاتها في إدارة البلاد ومن خلال التعيينات الإدارية على الرموز الطائفية والمذهبية والعشائرية والعائلية ، فالمفتي وشيخ الطريقة وإمام الجامع وزعيم العشيرة وكبير العائلة والمتنفذ بين التجار هم المفاتيح الرئيسة في أية عملية إدارية أو انتخابية مما قوى من اتجاه المجتمع نحو بنياته ومكوناته المتخلفة وعززها على حساب المجتمع المدني بالرغم من أن الاتجاه السائد والمعلن في سوريا هو اتجاه علماني حيث صنفت سورية كدولة علمانية .هذا التوجه المرفوض إعلاميا ورسميا ، أمر واقع ومعاش وهو يطال اليوم الدولة والمجتمع ، بما في ذلك السلطة والمعارضة . للتدليل على ذلك يمكن- لمن يريد - العودة إلى العمليات الانتخابية لحزب البعث وأحزاب ( الجبهة الوطنية التقدمية) وكذلك أحزاب المعارضة . وللتذكير فان هذا الأمر يحمل في طياته الكثير من المخاطر على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في حال فقدان العمل المدروس والمنظم .
كيف سيمكن تحقيق هذه التطلعات ، والانتقال بالبلاد من طبيعتها ووضعها الراهنين ، إلى الدولة المدنية التعددية الديمقراطية بأسلوب ديمقراطي سلمي آمن ومتدرج يصون الوحدة الوطنية ويحمي السلم الأهلي اعتمادا على ، وانطلاقا من ، وأخذا بعين الاعتبار الأفكار التي اعتبرناها تمهيدا لهذا المقال ؟ .
هل الإصلاحات المعلنة كعناوين يمكنها أن تنقل البلاد إلى حالة يستطيع فيها الشعب السوري أن يقرر سياسة بلاده الداخلية والخارجية بحرية وديمقراطية ؟ ، هذا في حال ما إذا كانت مضامين الإصلاحات منسجمة مع طموحات الشعب ، وفيما إذا توفرت الجدية والعزم من قبل السلطة لتحويلها إلى واقع ، وفي حال قيام السلطة بتغيير أدوات الحكم والعمل السياسي والمؤسساتي لتكون صادقة وقادرة على استعادة ثقة الشعب فيها وبالتالي انجاز هذه الإصلاحات
في النهاية .( مع ملاحظة أن كم الغيث الحاصل حنى الآن لا يبشر بموسم وفير ) .
وفي حال الأخذ بعدم نجاعة هذا الطرح وعدم قدرته على تحقيق الهدف المنشود ؛ هل يصبح إسقاط النظام ( سلطة ومؤسسات ) عبر التظاهر والاحتجاج السلميين هو الوسيلة الآمنة والناجعة لانجاز الهدف ؟ ( وهنا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والتوصيفات السابقة ، مضافا إليها بعض أحداث الشغب والتخريب التي يمكن أن تحصل ومدى تأثيرها على الوضع الأمني والسلم الأهلي . كما يتطلب الأخذ بالحسبان طبيعة التعامل الأمني مع هذه الحركة ومداها منطلقين من أن القوى المتضررة من التغيير ستدافع عن مصالحها ويمكن أن تستخدم كافة الأشكال وكل الوسائل الممكنة لإجهاض الحركة . وبالتالي علينا أن نطرح السؤال الآتي : هل ستستطيع هذه الحركة أن تحافظ على مدنيتها وسلميتها أثناء انجازها لأهدافها ، أم أنها ستتحول - (عبر الفعل ورد الفعل ، وإسقاطات الاستهداف المختلفة ، ومن خلال التدخلات العنفية المرافقة ) - إلى ثورة تطيح بكل شيء آخذة البلاد والمجتمع معها إلى حيث لا يريد أي وطني مخلص ؟ .
أم أن هناك طريقا ثالثا ، يمكنه أن يصل بالشعب والبلاد إلى انجاز التغيير والحفاظ على الوطن حرا موحدا آمنا ؟ .
إننا ندعو إلى البحث عن هذا الطريق والسير فيه . ولن ندعي امتلاكنا للتفاصيل أو الجزم بأنه الأفضل للوطن وللشعب . ومع ذلك يمكن إيراد بعض عناوينه :
- على النظام أن يتخلى عن مكابرته والاعتراف باهتراء وتخلف أدوات ووسائل الحكم وإدارة البلاد السائدة .
- إسقاط المدة 8 من الدستور مما يعني طرحه للتعديل ليشمل هذه المادة وغيرها .
- العمل على انجاز ما قدمه الرئيس من حلول بآلية تشاركية مع المجتمع (محتجين ومعارضة ومنظمات المجتمع المدني والسلطة ) .
- وهذا يجب أن يسبق بالوقف الفوري لحالة الطوارئ وإطلاق سراح معتقلي الرأي والضمير وحل كل إشكالات ومفاعيل العهود الماضية والمعالجة الفورية لنتائج الأحداث الأخيرة .
- عقد مؤتمر وطني عام يتوصل إلى حلول متفق عليها تنفذ من خلال المؤسسات بأسرع ما يمكن .
- وكما على السلطة أن تكون جريئة وجدية وحازمة على المعارضة وقوى المجتمع المدني وفعالياته أن تخرج من سلبيتها وتعقد مؤتمرا جامعا لها تتفق من خلاله على برنامج موحد تساعد من خلاله في الإسراع بانجاز المهام المطروحة .
إن ما يقوي هذا الاتجاه ويساعد في وصوله إلى نهايته أمران : الأول رفع القبضة الأمنية عن المجتمع ، والثاني حرية التظاهر والاعتصام السلميين بعد اعتماد تنظيم دقيق لهما للضغط على السلطة ودفعها للإسراع في السير على الطريق الصحيح .
اللاذقية 17/04/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
جورج خوري ( 2011 / 4 / 18 - 12:46 )
لنلاحظ أن أول المظاهرات لم تطالب إلا بالإصلاح ومكافحة الفساد. لكن إصرار النظام على التمادي في غيه وعدم سماع مطالب الشعب هو الذي سيحول مطالب الشعب إلى مطالبة بتغيير النظام. أعتقد أن النظام لم يعد قادرا على تقديم أي شيء للناس بسبب تركيبته المعقدة لذلك قد يكون رحيله ضروريا. لقد أثبت خطابا الرئيس والحكومة الجديدة أن الإصلاح ليس على أجندة السيد الرئيس فهو في وادي والناس في وادي. لن أكون مسرورا بإلغاء حالة الطوارئ لأن البديل أسوأ حتما وقد -هددنا- سيادته بذلك. المطالبة بإلغاء المادة الثامنة من الدستور أمر جيد ولكنني أطالب شخصيا بإلغاء المادتين الثانية والثالثة حيث دين رئيس الدولة الإسلام وحيث الإسلام مصدر من مصادر التشريع. فهاتين المادتين تقصيان كل ما هو غير مسلم من خدمة الوطن هذا يتنافى مع مبادئ الدولة المدنية

اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث