الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر مغايرة لما يجري في ليبيا

نضال الصالح

2011 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لا يختلف إثنان، عاقلان يؤمنان بالحرية والديموقراطية على حقيقة أن عهد الخلفاء الراشدين وغير الراشدين الذي لا يزال يتحكم في رقابنا يجب أن ينتهي. لقد آن الأوان أن ينتهي عهد الحكم الأبدي والعائلي والطائفي وأن نفتح الأبواب على مصراعيها لحكم يسمح بلتبادل السلطة بناءا على صوت الجماهير وأن يكون هذا الصوت عاملا على كل المستويات من رئيس الدولة ورئيس الحكومة إلى ممثلي الشعب في جميع المستويات من المجلس التشريعي إلى مجالس المحافظات والبلديات وحتى ِالمجالس القروية وكل ما له علاقة بإدارة أمور الدولة والناس.
معمر القدافي ليس شخصية عادية. لقد جاء إلى الحكم في ليبيا بعد إنقلاب عسكري قام به مع مجموعة من الضباط في سبتمبر عام 1969 الذي أطاح بالملك إدريس الأول وأعلن قيام الجمهورية الليبية.منذ ذلك التاريخ يجلس معمر على سدة الحكم في ليبيا وتعد فترة حكمه أطول فترة حكم لفرد في التاريخ وهو أأقدم حاكم على وجه الأرض. كانت له في شبابه ميول قومية عربية وكان عاشقا لجمال عبد الناصر ومتمثلا به ولقد إتجه الى أكثر من دولة عربية لإعلان الوحدة كما حدث مع تونس ومصر وسوريا، إلا أن محاولاته جميعها بائت بالفشل مما أفقده الثقة بالحكام العرب. وسرعان ماتحول مشروعه القومي العربي الى مشروع أفريقي، ولقد لعب دورا فعالا في حل الخلافات بين الدول الفريقية وجمع كلمتهم في جبهة واحدة وهذا مادعاه الى إطلاق لقب "ملك ملوك أفريقيا" على نفسه.
طرح القدافي أفكارا لخصها في كتابه المدعو بالكتاب الأخضر يدعو فيه إلى فكر جماهيري للمشاركة بالسلطة، ولقد أثارت هذه الأفكار كثيرا من الجدل وصل حد الإستهجان من قبل الكثيرين داخل وخارج ليبيا. ولقد إعتبر بعض الثوريين اليساريين في أمريكا اللاتينية وروسيا وغيرها و حتى في أوروبا، أفكار القدافي أكثر ملائمة لظروف ليبيا والدول المماثلة من الديموقراطية البرلمانية الغربية. لقد إعتبروا إن إشراك الجماهير في قيادة أمورهم في مشروع القدافي لهو أكثر ديموقراطية من الديموقراطية الغربية التي تقوم على الإنتخابات البرلمانية يشارك فيها أحزاب ذات نفوذ تتجاهل المطالب الشعبية حالما تنجح في الإنتخابات البرلمانية وتجلس على سدة الحكم.
لكن الكثير من الليبيين وغيرهم إعتبروا نظام القدافي الجماهيري خليط غريب لا نظير له في العالم على الإطلاق، ليس بالجمهوري ولا الملكي، وإنما هو مزيج من أنظمة قديمة وحديثة، فهو يدعي أنه لا يحكم وإنما يقود ويتزعم، ولكن الواقع، حسب رأيهمن يشير إلى أنه يكرس كل الصلاحيات والمسؤوليات في يديه.
هناك كثير من المشككين في الثورة اليبية من مختلف البلدان الأفريقية وأمريكا اللاتينية وروسيا، وحتى في أروربا نفسها، يعتبر هؤلاء أن القدافي زعيم ثوري دعم الحركات التحررية في العالم وفي أفريقيا حتى وصفه الزعيم المعروف منديلا بأنه أكثر الزعماء ثورية. حكمه في رأيهم هو حكم رشيد حرر الشعب الليبي من قيود الملكية الفدوالية ومن التبعية الإستعمارية ورفع من مستواه الإقتصادي والإجتماعي حتى أن الصحفيين البريطانيين دافيد بلنتلي وأندري لايكت إعترفا بأن معدل مدخول الشباب الليبيين قد تجاوز مثيله في بريطانيا. لقد كانت ليبيا في عام 1951 أفقر دولة في العالم فأصبحت ، حسب تقارير هيئة الأمم المتحدة، أكثر الدول تقدما في أفريقيا واحتلت المركز الثالث والخمسين في العالم. لقد كانت نسبة الأمية تفوق التسعين بالمئة فأصبحت لا تتجاوز الخمسة عشر في المئة. في نظرهم أن نظرة متفحصة إلى المساعدات المالية و الإجتماعية التي يحصل عليها الفرد الليبي تظهر إهتمام الدولة بمواطنيها ومعيشتهم.
يحصل الليبي العاطل عن العمل 730 دولارا شهريا إلى أن يجد عملا مناسبا، كما تحصل العائلة على سبع آلاف دولار كمساعدة عند ولود طفل لها، و يحصل حديثي الزواج على قرض غير مرتجع قيمته 64000 دولارا من أجل تأسيس بيت. في حالة رغبة الليبي في تأسيس مصلحة تجارية يحصل على دعم حكومي مقداره 20000 دولارا. وفي نظرهم أن أسعار الضروريات في ليبيا مقبولة وهي متوفرة، فسعر البنزين مثلا يساوي 14 سنتا فقط. كما أن التعليم في ليبيا مجاني وكذلك الخدمات الطبية والأدوية ولقد قامت الدولة ببناء مستشفيات مجهزة بأحدث الأدوات الطبية وكذلك المدارس. وهناك محلات تجارية مدعومة من الدولة تقوم بتوفير الأغذية والملابس وغيرها بأسعار زهيدة للعائلات المحدودة الدخل. ويدعي هؤلاء أن جميع العائلات الليبية تملك البيوت التي تسكن فيها وتملك كل حاجات الراحة مثل السيارة والتلفزيون والتلفون وغيره. كل ذلك وغيره يدفع هؤلاء للقول بأن الوضع الإجتماعي في ليبيا أفضل بكثير من معظم الدول الأفريقية وكثير من الدول العربية بل وحتى من بعض الدول الأوروبية.
يشكك هؤلاء في الثورة في ليبيا وفي خلفية المجموعات المسلحة التي ثارت على القدافي ونظامه، فهم برأيهم يشكلون خليطا من القوى ذات الأيديوليجيات والمصالح المختلفه، وهم يشيرون بشكل خاص إلى المجموعات الإسلامية السلفية التي خرجت على القدافي من قبل وحاولت قتله بسبب تفسيره الخاص للقرآن، ويدعون أن هذه المجموعات السلفية لها علاقات وطيدة بالقاعدة. ثم هناك، حسب رأيهم، مجموعات من الثوار بلطجية وعنصرية مدفوعة من قبل قوى خارجية، وتقوم هذه المجموعات بترويع وقتل الأجانب وخاصة الأفريقيين منهم. وحسب تصريح لمدير مشروع بناء تركي فإن مجموعات من الثوار دخلت إلى داخل المشروع وإعتدت على العاملين في المشروع وقتلت ثمانين عاملا تشاديا بالبلطات، ولم تذكر أي جهة إعلامية هذه الحادثة وتتكلم فقط عن "جرائم جيش القذافي .
ما يدعم شكوك هؤلاء هو التدخل العسكري الأمريكي ومعه حلف الناتو في صالح الثوار والقيام بإلقاء أطنان من القنابل ( وفي بعض المصادراليورانيوم المخفض أيضا) قتلت كثيرا من المدنيين الأبرياء. هم يرفضون رفضا قاطعا هذا التدخل ويعتبرونه عدوانا إستعماريا على بلد مستقل عضو في هيئة المم المتحدة. ويبين هؤلاء إزدواجية المعايير في السياسة الغربية، ففي الوقت الذي تسكت فيه عن النظام الديكتاتوري القبلي في السعودية وبعض دول الخليج، تقوم بالتدخل العسكري في ليبيا لصالح قوى مشكوك خلفياتها وذلك تحت غطاء حماية المدنيين ومن أجل بناء نظام حر ديموقراطي.

إننا نعترف بأن هناك بعض من الحقيقة فيما يقوله هؤلاء المشككون ونحن معهم في رفض التدخل الأجنبي وخاصة العسكري في الشؤون الداخلية الليبية، كما نأخذ على الثوار الليبيين تكرار مطالبتهم بالعون العسكري الغربي. كما أننا بنفس الوقت وبغض النظر عن الخدمات التي قدمها القدافي أثناء حكمه للشعب الليبي فلقد أصبح من غير المعقول في القرن الواحد والعشرين إستمرار حكمه الذي تجاوز الأربعين سنة. لقد آن الأوان لإطلاق سراح الشعب الليبي وإعطاءه الفرصة لكي يختار بحرية نوع الحكم الذي يريده لنفسه. يجب على الثوار الليبيين أن يبقوا ثورتهم ليبية وعدم الإعتماد على مساعدة القوى الإستعمارية الغربية تحت أي ظرف وتحت أي سبب .
لقد آن الأوان لكي يعترف الحكام العرب بما فيهم القدافي أن عصر الخلفاء يجب أن ينته وأن يقوم بدلا منه عصر الحرية والديموقراطية والعدالة والمساواة وتداول السلطة حسب رغبة الشعب وتصويته.

د. نضال الصالح

المصادر :
1. جيرارد بيريرا_ ليبيراطور ماغازين
2. http://www.polemics.ru/articles/?articleID=16287&hideText=0&itemPage=1
3. الحرب الصليبية في ليبيا. مجلة إكسترا بلوس السلوفاكية، عدد أبريل
4. http://nstarikov.ru/blog/8569
5.
http://www.jetotak.sk/editorial/preco-nepodporujem-zasah-v-libyi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تساؤل؟؟
سالم الميامي ( 2011 / 4 / 20 - 08:02 )
أنا لم أفهم ماهي الغاية من إقحام الخلفاء الراشدين في هذا الموضوع ؟ مع العلم أن ما تبقى من المقال على جانب كبير من الموضوعية والتحليل الدقيق. كان بالإمكان الحديث عن الدولة الأموية والعباسية والعثمانية فهي أمثلة حقيقية على توريث السلطات والحكم الفردي، أما الخلفاء الراشدون فقد جاؤوا بطرق ديمقراطية شبيهة إلى حد ما بما يجري الآن بالدول المتقدمة، فقد بايعهم الصحابة بانتخاب حر ولم يأتوا بانقلابات عسكرية بقوة السلاح، ولم يورثوا أحداً من أبنائهم الحكم. أرجو إعادة النظر بهذه الفقرة أو تنويرنا بشكل أدق بما تظنون أنه الأصوب، مع تحياتي


2 - عزيزي نضال
علي السوري ( 2011 / 4 / 21 - 13:06 )
قبل ان اقرأ مقالك هذا، تذكرت مقالا لك عن سوريا كتبته انت قبل وقوع الانتفاضة السورية بثلاثة أشهر. في ذلك المقال، كأنما كنت تتنبأ بما سيحصل في سوريا الأسد، نتيجة معاناة شعبها مع الأجهزة القمعية، التي خبرتها أنت جيدا وعانيت من وحشيتها. إلا انني اختلف مع وجهة نظرك في هذا المقال الجديد. فإن القذافي لم يكن سوى نسخة عن تشاوشيسكو وكاسترو وصدام وعبد الناصر. فكل من هؤلاء كان في البداية شابا ثوريا لديه أحلام عن تغيير وطنه وعندما وصل للسلطة حقق بعض هذه الأحلام، ولكنه ما لبث ان تحول مع اغراءات السلطة الى ديكتاتور مستبد يعتقد ان البلد مزرعة له ولاقربائه وأولاده وقبيلته. لدي اصدقاء عاشوا في ليبيا، وهم من اخبرني بأن وضع الليبيين صار صعبا بسبب مغامرات القذافي في دعم الارهاب ومشاريعه الطوباوية في العالم العربي وافريقيا، والتي كلفت الخزينة الليبية مئات المليارات من الدولارات. وأكبر دليل على تدني مستوى الحياة في ليبيا، هو الرشوة التافهة التي قدمها القذافي لشعبه لكي يسكته ويضمن عدم انضمامه للثورة؛ وهي مبلغ 500 دينار..وشكرا


3 - وجهة نظر مغايرة
Dr.Nidal Saleh ( 2011 / 4 / 21 - 13:57 )
الأخ علي السوري
بعد التحية
أنا أقول أن هناك جهات لها رأي آخر في القدافي وفي الثورة ضده وهو ليس رأيي وإذا راجعت المقال ستجد ذلك، أنا معهم فقط في رفض التدخل الأجنبي تحت أي ظرف والعراق ماثل أمامنا
لقد عملت في ليبيا واعرف الأحوال جيدا. كما أن الإنتفاضات العربية اليوم ليست إنتفاضات جياع وإنما هي إنتفاضات حرية وعدالة وديموقراطية

الأخ سالم الميامي

يا أخي الكريم أنا أقول أن زمن الخلافة قد ولى ولن يرجع ويجب أن لا يرجع، أكانت الخلافة رشيدة أم غير رشيدة، إذا كان رأيك مخالفا فلك الحق فيه ونحن ندعو للحرية والديموقراطية وقبول الآخر


4 - من انت ومن اين لك هذه المعلومات التاءليهية لل
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2011 / 4 / 21 - 19:30 )
انا استاذ جامعي عملت 14 سنه في الجامعات الليبية
ان نواياك غير حسنه لان كل معلوماتك لتاءليه نظام المجرم القاتل قذافي كاذبه ولاتستند الى اي وثيقة يعتد بها
انت تريد ان تشكك بثورة الخبز والكرامة والحريه في ليبيا وارجو بحرارة من
ادارة الحوار المتمدن حجب هذه المقاله لئلا تحسب على هذا الموقع الشريف واهدافه النبيلة


5 - صادق الكحلاوي وقبول الغير
د.نضال الصالح ( 2011 / 4 / 21 - 21:24 )
تقول أنك أستاذ جامعي وبصفتك تلك يجب أن يكون لك دراية بالتعاطي مع من يخالفك الرأي لا أن تسعى إلى شطبه وإقصائه. في مقالي أعرض آراء بعض من لهم رأيا مخالفا في القدافي ونظامه والثورة ضدة وهم رجال إعلام وسياسة معروفون. عرضت في ذيل المقال المصادر التي إعتمدت عليها وهو أمر كان من المفروض أن تتفهمه كأستاذ جامعة.
أنا لم أقل أنني أوافقهم الرأي في كل ما أوردوه ولكنني قلت أنني أوافق هؤلاء الرأي في رفض التدخل العسكري الأجنبي وخاصة الدول ذات التاريخ الإستعماري في بلادنا، كما أرفض إزدواجية المعايير لدى هذه الدول. موقفي من القدافي كموقفي من كل الدكتاتوريين ولقد قلتها بوضوح: - لقد آن الأوان لإطلاق سراح الشعب الليبي وإعطاءه الفرصة لكي يختار بحرية نوع الحكم الذي يريده لنفسه. يجب على الثوار الليبيين أن يبقوا ثورتهم ليبية وعدم الإعتماد على مساعدة القوى الإستعمارية الغربية تحت أي ظرف وتحت أي سبب . لقد آن الأوان لكي يعترف الحكام العرب بما فيهم القدافي أن عصر الخلفاء يجب أن ينته وأن يقوم بدلا منه عصر الحرية والديموقراطية والعدالة والمساواة وتداول السلطة حسب رغبة الشعب وتصويته-. فهل بعد هذا ما يقال.
يا أس


6 - معلومات غير صحيحة
د.حسني إبراهيم عبد العظيم ( 2011 / 4 / 23 - 21:17 )
يورد الكاتب معلومات غير صحيحة على الإطلاق، فالفرد العاطل لايحصل على أي شيئ، ولم تقرر منحة البطالة تلك إلا بعد اندلاع الثورة بعد يوم 17 - 2 -2011وكانت250 دينارا(حوالي 200 دولار) وليس هناك كما يدعي صاحب المقال أي مبالغ يحصل عليها الليبيون نظير ولادة طفل أو الاستعداد للزواج أو إقامة مشروع. مكا أن ليبيا تعاني من تدني شديد في مستوى الرعاية الصحية فالمستشفيات غير مجهزة وتعاني من نقص كل الامكانيات تقريبا كما أن أغلب الأطباء العاملين هناك من أوربا الشرقية ويصعب جدا التعامل مع معظمهم، ويلجأ الليبيون غالبا إلى مصر وتونس طلبا للرعاية الصحية.وتوجد في ليبيا مشكلات إسكان وبطالة، والعديد من المشكلات الأخرى المزمنة.
صحيح أن الأسعار بشكل عام في متناول معظم الأسر لكن مرتبات الموظفين ضعيفة جدا، والقول إن وضع الشعب الليبي أفضل من غيره هو قول ينقصة الدقة.
كنت أتمنى من الأخ نضال كاتب المقال أن يتحرى الدقة في معلوماته قبل أن ينشرها في هذا الموقع واسع الانتشار.
نتمنى للشعب الليبي كل الخير...... مع تحياتي


7 - وجهة نظر مغايرة
Dr.Nidal Saleh ( 2011 / 4 / 24 - 07:46 )
الدكتور حسني
أنت تقول وهم يقولون والمصادر في ذيل المقال وإن يكن معظمها بالروسية والسلوفاكية. يمكنك أيضا أن تراجع موسوعة الشعوب أو
SOURCE: Handbook of the Nations , 17th, 18th, 19th and 20th editions for 1996, 1997, 1998 and 1999 data

على كل حال وإختصارا للمقال، نظام معمر القدافي إلى زوال ولكن يجب أن يكون بأيدي لشعب الليبي وليس بالصواريخ والقنابل الأمريكية وحلف الناتو

اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة