الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثر الإعلام التركماني بالإعلام العراقي وتأثيره عليه (*)

محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد

2011 / 5 / 4
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عندما نتحدث عن تاثر الإعلام التركماني بالإعلام العراقي وتأثيره عليه فإننا بلا شك نتحدث عن جدليه الشكل والمضمون بين وسيلتين يفترض أن تكونا متكافأتين ، وفي حال توفر عنصري التكافؤ والندية فإن أحمدهما سيطغي على الآخر وربما يضعفه ، وهكذا أرى واقع الإعلام التركماني في هذه المرحلة بقناعتي المتواضعة .

فالإعلام العراقي مع عيوبه أسوة بأغلب الإعلام المتداول إقليميا وعالمياً ، إلاّ أنه في التصنيف المهني إعلام ٌ متدفق غزير يتسم بالحرفية ، ويمتلك مقوم اللغة السائدة ووسيلة التعليم الرئيسية في العراق ، وهو إعلام واسع المساحة في التأثير وتشكيل القناعات ، وبالمقابل فإن القدرات والإمكانات المتاحة أمام الإعلام التركماني الذي هو في أصله جزء من الإعلام العراقي ، قد تحول دون تحقيق التأثير الكبير عليه بل ويعجز أحياناً من اللحاق بركبه ، رغم أن الإعلام التركماني أصيل وذو عمق تأريخي وله الحضور والفعل المؤثر على الساحة الوطنية منذ قرن من الزمان ، خاصة أن زمن صدورجريدة حوادث يعود الى بدايات القرن الماضي .

تأسيساً على ما سبق فإنه بالإمكان تثبيت حقيقة كون تأثير الإعلام العراقي الراهن أكبر ، لكن حدود هذا التأثير تقف أيضاً عند مديات معينة ، ففي الإعلام العراقي نماذج قوية لإعلام المنفعة والدعاية السياسية ، وفي وسائله ومنها تلك التي تعبر عن أيدولوجيات التيارات والحركات والأحزاب ، يبرز صراع مخفي أو مكشوف حول قيم سياسية أو طائفية أو دينية مختلفة ، كما وفي الإعلام العراقي إتجاه نحو النقد المحسوب نحو التغيير في الأوضاع والمواقف ، فيما لم يتأثر الإعلام التركماني في أغلبه بالصراعات الطائفية والدينية ، كما وبقي بمنأى عن أسلوب الدعاية المباشرة ، وإتسم بمجمله بالنزعة العراقية والتمسك بالهوية الوطنية في كل الأوقات وتحت كل الظروف .

وفي مجال تأثير عدد من المؤسسات الإعلامية التركمانية على الرأي العام العراقي فإنه يجب الإشارة الى الحضور الإعلامي لفضائية توركمن إيلي وجريدة القلعة الأسبوعية ، لكن هاتان المؤسستان وغيرهما تشكلان إستثناء ً لقاعدة ، وبالتالي فإن هذه الفعاليات لمحدوديتها مقارنة بالمؤسسات والصحف والنشريات الدورية الحالية ، قد لا تصلح إعتمادها مقياساً موضوعياً على الأقل على صعيد الكم ، فيما تكتسب حاجة الإعلام التركماني الى التغيير و المزيد من التطور والحيوية للتأثيرالطموح على الساحة الإعلامية الوطنية والأقليمية والعالمية.

وفي رأيي المتواضع أجد أن الإعلام التركماني يجابه تحديات وصعوبات جدية عليه أن يعمل على التصدي لها ، وأنا أقتصر هنا على الجانب المهني والحرفية في المسألة ، ومن هذه الصعوبات :
1. عدم وجود ملاك صحفي أو إعلامي محترف او متفرغ يمارس المهنة من منطلق كونها مصدر العيش الرئيسي للصحفي او الإعلامي ، فالملاك الحالي (في أغلبه) هاوي أو يمارس العمل بإعتباره مهنة ثانوية الى جانب عمله الرئيس في دوائر الدولة المختلفة ، كما أن القناعة شائعة في إمكانية إناطة العملية بالشاعر او الكاتب او الأديب يغض النطر عن غمكاناته الفعلية وإلمامه بفنون العمل الصحفي او الإعلامي .
2. ضعف التقنيات الحديثة المستخدمة في اصدار المطبوع التركماني .
3. الإفتقار الى وسائل إنتشار النشريات والمطبوعات الدورية .
4. إقتصار الخطاب الإعلامي على البيت التركماني ، ووجود معوقات مهمة في إيصال هذا الخطاب الى غير التركمان مما يجعل اللغة الإعلامية تتسم بالمحلية والذاتية .
5. ضعف او غياب التمويل المالي المستقر والدائم والإعتماد المطلق على المنح والمساعدات والتمويل القومي ، فيما يجب على الإعلام الحديث الإرتقاء الى مستوى الذائقة العامة وخلق ظروف الإنتشار وزرع الرغبة في الحصول على المادة الإعلامية من خلال الإبداع والسبق الصحفي وجذب المعلنين وبالتالي خلق مصادر للتمويل الذاتي .

على ضوء ما اوردناه فالحاجة ماسة الى إعتماد جملة من المقترحات ومنها :
1. ضرورة إقرار أو إعداد مشروع آني وعاجل الى تدريب الملاكات الإعلامية وخاصة لإستيعاب الطاقات الإعلامية والشبابية الواعدة منها على الأخص .
2. السعي لتأسيس معهد للتدريب الصحفي والإعلامي وإعداد الملاكات المتخصصة .
3. المطالبة بقتح كلية للإعلام في كركوك .
4. إنشاء مكتب أو مؤسسة تتولى توزيع ونشر المطبوعات الدورية أسوة بالمطبوعات العراقية الأخرى .
5. إصدار جريدة يومية وفضائية تبث بالغة العربية والعناية بالنشر باللغات الكردية والكلدو أشورية أو تخصيص جزء من الوسائل المتاحة للتعريف بآمال وتطلعات الشعب التركماني على بقية الأخوة الشركاء في الوطن الواحد وبلغاتهم القومية .

إن تحقيق التوازن في قدرات الإعلام التركماني جنباً الى جنب الإعلامين العربي والكردي هو السبيل الوحيد للحديث عن التأثير الذي يمكن أن يمارسه هذا الإعلام على محيطه الوطني وستكون المقارنة والتأثير المتبادل آنذاك اكثر مدعاة للتحقق والتثبيت .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) محاضرة ألقيت في الجلسة الأولى للمؤتمر الرابع لهيئة الإعلام والصحافة التركمانية العراقية 15/ نيسان / 2011 أنقرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقيقة سياسيه
سالم عبد الله سالم ( 2011 / 5 / 4 - 17:25 )
تحية للكاتب المقال مختصر والموضوع واسع يفتح الى تفرعات كثيره وهو مناسب للمؤتمر المذكور كفاتحة للنقاش ام نشره هنا يحتاج الى التوسع وذكر خصائص التركمان الاجتماعية والسياسية والدينية ارى ان الكاتب تهرب من الخوض في هذا الجانب وهذا يشمل التجمعات الصغيرة الاخرى كالشيشان والداغستان والشركس والراي المشاع هؤلاء القوم ذو الجذور القفقاسية يحسبون على التركمان وياريت لو يوضح الكاتب المحترم عن اشكالية الاعلام لهذه المكونات المهمة مع الشكر الجزيل


2 - تعقيب
محمد حسين الداغستاني ( 2011 / 5 / 9 - 21:59 )
أشكر المعلق الفاضل سالم على تحيته الكريمة ، وكما يبدو واضحاً فإن مقالتي المتواضعة هي عن الإشكاليات التي تجابه الإعلام التركماني وهو جوهر مداخلتي او محاضرتي في المؤتمر وبناء على طلب الهيئة المشرفة ، ولا علاقة للموضوع بالخصائص القومية او تبعية نسب الشراكسة او الأقوام الأخرى بموضوع المقال لا من قريب ولا من بعيد ويمكن للكثير من الباحثين المتخصصين في مجال الأنساب او تأريخ الشعوب التطرق الى ذلك .
مع تقديري

اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية