الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين رفض الخارج واستيعابه

عادل أحمد

2004 / 10 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


حين فرغت من قراءة الجزء الأول من مقالة الصديق ياسين حاج صالح عن الخط الثالث .... تملكتني رغبة قوية في أن أكتب له محاولا فتح حوار حول هذا الموضوع ، إذ أصبح من الضروري بمكان أن تكون السياسة وليدة الفكر الهادئ العقلاني والتحليلي . لكن هذا لم يحصل ...
ولم يمض وقت طويل حتى قرأت مقالة الأستاذ كامل عباس حول الموضوع ، ولمست فعلا ذلك الميل الضمني، ذاك الخيط الرفيع ، ولكن الواضح والذي يذهب ويقود في نفس الوقت إلى خلاصة ذات شقين ، إلى حالة من حالتين :
1 - إما أن نمتنع على الخارج ، نرفض الاستقواء به ، نتمسك بالوطن والوطنية ، ونساهم كشعب وكقوى وهيئات بالعمل السياسي الديموقراطي كطريق لإحداث الإصلاح السياسي وتغيير المجتمع بحيث يصبح مجتمعا لمواطنين أحرار متساوين في الحقوق والواجبات ، ونتحول إلى دولة المؤسسات والقانون والديموقراطية آخذين في عين الاعتبار طول المسافة والزمن ، معتمدين على توفر النية الحسنة والصادقة في الإصلاح لدى رأس الدولة وأركان النظام ، وهذه أضغاث أحلام .
آن ما يدفع إلى ذلك هو تحول سوريا إلى هدف أساس في الأجندة الأمريكية ، سوريا كدولة ذات وضع جيوبوليتيكي مميز وسوريا كشعب ، سوريا كهدف للتغيير ، رغم معرفتنا بأن المطلوب أمريكيا ليس الديموقراطية بحال من الأحوال ، ولا تغيير نظام الحكم كجهاز وأدوات ومؤسسات ، وإنما تحقيق المصالح الأمريكية وهي هنا الشرق الأوسط الكبير بما يعنيه من تكريس لشبكة من النظم المحلية الخاضعة والتابعة لها وخلق وتكريس الدور القيادي والمهيمن لربيبتها إسرائيل وباعتبارها ليس حليفا استراتيجيا وإنما شريكا استراتيجيا على حد تعبير الصديق ياسين ، وطالما أن هذا متحقق أو في طريقه إلى التحقيق فليس ثمة مشكلة لدى الولايات المتحدة في من يحكم أو كيف .؟!
2 – وإما أن نستوعب الخارج، أو بالأحرى نلاقيه في منتصف الطريق ، وبتلطيف أكبر ، نتمثل ثقافة القوي وأفكاره ونظامه العالمي الجديد ، فنجعل من الليبرالية والديموقراطية (الأمريكية) والاقتصاد الحر والعولمة أصناما نعبدها وعقائد جامدة وأيديولوجيا محنطة ، بديلا عن التحرر والتقدم وغيرها من تلك الأفكار( التي عفا عليها الزمن ) كما أخذ يروج الكثيرون ممن انبهروا بسياسة القوة وأفكارها ومشاريعها . وهكذا يمكن لنا أن نقطف ثمرة القوة والجبروت الأمريكي دون أن نركب على الدبابة الأمريكية في محاولة منا( شطارة) للالتفاف على تجربة المعارضة العراقية المرة والمؤلمة والمرفوضة . مع أن بعضهم لا يمانع من ركوب هذه الدبابة والدخول إلى الوطن بها .
آن ما يدفع إلى هذه الحالة جملة أمور أهمها :
1- استمرار الاستبداد بما هو فعل متجسد على الأرض ، فعل حاضر مستمر في حياتنا السياسية والاجتماعية والفكرية .
2- حالة الإحباط واليأس التي تكونت وتجذرت خلال الأعوام الطويلة الماضية والتي كرستها خيبة الأمل بعد أربع سنوات من ( العهد الجديد) الذي حفل بالوعود بالإصلاح.
أعتقد أن خطأ الرؤيتين واضح لكل ذي بصيرة ،فكلاهما يكاد يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار . وهنا تكمن أهمية الخط الثالث والذي يتمثل في أنه على الشعب وقواه أن يشقوا طريقهم جماهيريا وبشكل سلمي وعبر وحدة كل القوى المؤمنة بالإصلاح والتغيير موالاة ومعارضة وتلاقيها على برنامج وطني يمثل الحد الأدنى .
خط ثالث يستكمل شروطه وأدواته خليق به أن يوحد الناس حول مصلحة الوطن والمواطنين كفيل أن ينتقل بسوريا من حال الضعف والتشتت إلى حال ا لقوة والوحدة والمنعة .
خط ثالث أول شروطه باعتقادي أحزاب قوية ومعارضة موحدة وملتفة حول برنامج وطني ، وهذا وحده الذي سيجبر النظام على الاعتراف بالآخر والحوار معه ، وهذه بداية الطريق نحو المستقبل المنشود .
ملاحظة أخيرة على الصديق ياسين الذي تأسف لرؤية الأستاذ كامل للنظام العالمي الجديد، واصفا موقفه ب (نوع مبتذل من الجبرية التاريخية) ويقرر أن هذه " عبادة للقوة لا أكثر ولا أقل ، وهي تصدر عن عقيدة أن العالم الذي يصنعه القوي هو دوما أفضل العوالم الممكنة .." بل ويعمم ذلك على يساريين سابقين ممن يظهرون درجة مميزة من عبادة القوة . وفيما يفعل ذلك نراه هو نفسه وفي نهاية الفقرة الثالثة من مقاله يورد ما يلي : " خلافا لما يظن بعضنا فان المشكلة ليست في مضامين عقائدنا السياسية( فهي مأخوذة في قليل أو كثير من قيم مشتركة لأكثرية مواطنينا) بل في انفصال العمليات العقيدية عن ديناميت القوة وتراكم القوة لدينا . آن عقائد الضعفاء عقائد ضعيفة وخاطئة دوما . " لاحظوا الجملة الأخيرة . أعتقد أن ليس هكذا تورد الإبل يا صديقي . ففي جوهر الفكرة ثمة خطأ كبير ، اذ ليس هناك عقائد قوية وعقائد ضعيفة، هناك عقائد تخدم الضعفاء وعقائد تخدم الأقوياء، وبالتالي فان القول بأن العقائد الضعيفة عقائد خاطئة دوما ، قول خاطئ ، بل هو ينسف ومن الأساس فكرة الخط الثالث، لأنها عندما ولدت كانت ضعيفة وهي اليوم فكرة الضعفاء ( من لا حول ولا قوة لهم ) في هذا المجتمع وعلى مر التاريخ كل الأفكار والعقائد والأديان ابتدأت ضعيفة ولم تكتسب قوتها آلا بالناس وباعتناقهم لها .
آن ورودها الذي لم يقلل من صوابية المقال عموما إنما يشير وبوضوح إلى أننا جميعا نتأثر الى هذا الحد أو ذاك بمفهوم " عبادة القوة" وهذا الأمر في المحصلة نتيجة لبنية نفسية واجتماعية وسياسية عاشت الضعف ولا تزال ، وعاشت القمع ولا تزال ، ولا نخطئ كثيرا إذا قلنا أنها ظاهرة تأثر المغلوب بالغالب والضعيف بالقوي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساعدات بملياري دولار للسودان خلال مؤتمر باريس.. ودعوات لوقف


.. العثور على حقيبة أحد التلاميذ الذين حاصرتهم السيول الجارفة ب




.. كيربي: إيران هُزمت ولم تحقق أهدافها وإسرائيل والتحالف دمروا


.. الاحتلال يستهدف 3 بينهم طفلان بمُسيرة بالنصيرات في غزة




.. تفاصيل محاولة اغتيال سلمان رشدي