الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى أصحاب الرهان الخاسر

عماد يوسف

2011 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إلى أصحاب الرهان الخاسر
"الحلبة السورية كثيرة الشوك"
شهران ونصف على بدء الاحتجاجات في سوريا، أظهرت خلالها عمق الأزمة التي تعيشها سوريا لجهة الانقسامات العمودية و السياسية والفكرية. وقد باتَ ضرورة لكل سوري أن يتبصّر جيداً قبل أن يؤدي اليمين بالولاء لصالح هذا الطرف أو ذاك، ويحدد موقفه جيداً تجاه ما أظهرت الاحتجاجات من شروخ مجتمعية وبنيوية وسياسية. ولا أظنَّ أن في ذلك ضيرُ على ضمائرنا التي يتحدد عبر موقفها مصير وطنٍ غالٍ، بل ومنطقة برّمتها..؟ فمن جهة فشلت المعارضة في خرق مناعة الشارع السوري تجاه دعوات إسقاط النظام التي بدأت تلوّح بها " فئوية الاحتجاجات بعد الأسبوع الأول من تقديم أولى وعود الإصلاح من خلال رفع حالة الطوارئ، ومنح الجنسية للأكراد المحرومين، وزيادة مستوى الدخل، وآخرها تخفيض أسعار المواد الأساسية وأهمها المازوت"، ليعرّي هذا الشعار زيف المطالب وذلك لغاية تشكيل فراغ سياسي لم تنضج شروطه في الخارطة السياسية والمجتمعية السورية بعد. ما يؤدي، في حال حصوله، إلى زلزال مدّوي في موقع السلطة نظراً لتشظّيّ المجتمع السوري وتباين ولاءاته، وارتهان المنطقة الإقليمية إلى إحداثيات السياسة السورية الراهنة التي ُتمسك بزمام غالبية الملّفات الساخنة فيها، بالإضافة إلى قوة السلطة البطشية والتي لا يمكن أن تفرّط بكيانها بحال من الأحوال؟
تُظهر اعترافات بعض المتورطين المسلحين على التلفزيون، من خلال روايتهم التي كذّبتها المعارضة، حجم التورط الإقليمي والغربي في هذه الاحتجاجات. وكان آخرها اعترافات الشيح أحمد الصياصنة التي أقرَّ فيها بتورط الخارج وبأن الحراك مسلّح، وهناك فتنة كبيرة ُيخطط لها؟ ولا أعتقد بأن غالبية أطياف المعارضة تستطيع أن تكذّب اعترافات الصياصنة كما كذّبت مثيلاتها، متزامنة مع تجاوز أعداد قتلى الجيش الخمسمائة قتيل، عدا عن المدنيين الذين تمَّ قتلهم والتمثيل بجثثهم من طائفة العلويين، ومن ثمَّ اعترافات غسان بن جدّو فيما يتعلق بالوضع السوري، إلاّ إذا اتهم البعض غسان بن جدّو بأنه عميل مخابرات سوري؟ ثمَّ الدعوة العلنية لقوى إعلان دمشق في الخارج لطلب التدخل الأجنبي العلني عبر مؤتمرها المزعوم إقامته في انطاليا في تركيا. مضافاً إلى كلّ ذلك الأموال المقبوضة من أمريكا وخاصة محطة الأورينت، والشروط الأمريكية للنظام لإنهاء الأزمة عبر ربطها بالتنازلات السورية في ملّفات المنطقة أنفة الذكر..؟
إنَّ إثباتات كثيرة تؤكد أنَّ الإصلاح يمضي ُقدماً في سوريا، ولكن البعض لا يريد هذه الإصلاحات منذ اللحظة الأولى، وكانت تلك المطالبات بالإصلاح هي حصان طروادة بالنسبة لهم. وقد وسمَ القتل الموجه إلى الجيش، والشعارات الطائفية التي ُرفعت، تباطؤ خط الإصلاح حيث عكست السلطة اتجاهها لتبيان حقيقة هذا الحراك والخيوط التي تربطه بالخارج؟ وخاصة بعد أن تمَّ رفع علم إسرائيل في باب السباع في حمص، وهذا دلالة واضحة. وقد اعترفت لجنة باب السباع بأنها كانت تمسك العلم الإسرائيلي ولكن بغرض حرقه " الاعتراف منشور في موقع كلنا شركاء المعارض". وإذا ما افترضنا تصديق هذه الرواية؛ فالسؤال: ماذا يفعل العلم الإسرائيلي في باب السباع، وكيف دخل إليها، وهل المظاهرات هي من أجل إدانة إسرائيل وحرق علمها، أو للتعاطف مع الشعب الفلسطيني حتى نأتي بعلم إسرائيل من أجل حرقه؟؟!! والبعض قال بأن الأمن قد يكون وضع هذا العلم، ونسأل بدورنا ما هذا العنصر الأمن المغوار الجبّار الذي يستطيع خرق بيوت باب السباع ورفع العلم فيها ؟؟
لقد بات واضحاً أنَّ هناك استهدافاً لشخص الرئيس وطائفته، يتمثل هذا الاستهداف بالمطالبة بإسقاط شخص الرئيس، وبالقتل، وذبح المدنيين الأبرياء العزّل، والتمثيل بجثثهم حيثُ استطاعوا إلى ذلك سبيلا؟؟! ومن ثمَّ خطابات الحقد والغلّ الطائفيين اللذان يقدمهما لنا صقور معارضة الخارج أمثال وائل الحافظ، وعبد الرزاق عيد، ومأمون الحمصي وغسان عبود عبر محطته الأورينت وغيرهم، بالإضافة إلى منابر الوهابية التي تبثُ سمومها من السعودية كقناة وصال وأقنية أخرى تلاقحت مع طروحاتها. وربُّ دراسة مجهريه لجغرافية الحراك تكون كافية لإزاحة اللثام حين نجد أن الاحتجاجات بغالبيتها منذ البداية تخرج من بؤر عُرفت تاريخياً بأصوليتها ومشاريعها السلفية التي حاربت منها الأديان والطوائف الأخرى، مثل بانياس، تلبيسة، الحولة، دوما، داريا، التلّ، قرى درعا، باب السباع وبابا عمروالخالدية والصليبة وغيرها، وكلّ هذه المناطق شكّلت حاملاً وتربةً خصبة لتنظيم الإخوان المسلمين في السابق، وبنظرة تحليلية سريعة نجد أن هذا الحراك فشل في استقطاب الشرائح المدنية التنويرية من كافة الطوائف، نظراً لاعتراضها ربّما على أدوات وأساليب الاحتجاجات، ومظاهرها المسلّحة. وليس أسطع من برهان على ذلك سوى عودة الكثيرين من رشدهم واعترافهم بخطئهم في المشاركة فيه. وقد أثبتت هذه الطائفة التي وجه لها التهديد والشعارات المشينة وعيها التاريخي العميق الذي كان دائماً على قدر المسؤولية التاريخية لجهة التغاضي عن الأذى المقصود الموجه بحقها والقتل والتنكيل والإقصاء والقهر الذي ُمورس تاريخياُ عليها. هذا الوعي تجسَّدَّ مرتين في سوريا، مرّة في الثمانينيات من القرن الماضي، برغم حياديتها السياسية المطلقة في ذاك الزمن، وبرغم عدم مسؤوليتها التاريخية عن أي عنف سياسي، أو قهر اجتماعي مورس في سوريا من أية جهة كانت، وهي قد عانت الكثير في هذا البلد شأنها شأن غيرها من الطوائف لجهة تحمّل الفقر، والقمع، وسوء الخدمات، والفساد وغيره. بل على العكس فإنَّ خيرة شبابها ومثقفيها كانوا ينتمون إلى تيارات يسارية معارضة دخلت السجون والمعتقلات لسنوات سرقت أجمل أيام عمرهم؟! والثورة السورية " المزعومة" هي المرّة الثانية، وباعتراف الصياصنة وأزلامه في درعا بأنه تمَّ الهجوم على أبناء الطائفة من الجيش في ثكناتهم ومساكنهم وهتك أعراضهم؟ وفي المرتين تعالت على الذبح و الاغتيالات، ولم تقم بالرد بأي تعبيرات سلمية أو مسلحة ولم تنجَر إلى صراعات مذهبية التي هي الهدف الرئيس للمخططين، والتي تودي باستقرار البلاد ووحدتها، وتركت الأمر لمسئولية الدولة التي لطالما آمنت بها؟
إنَّ عدم ذكر ضحايا الجيش الذين ينتمون إلى كل مناطق وفئات سوريا، من قبل بعض الأشخاص في الساحة الثقافية والسياسية في موقع
المعارضة، وإعماء العين عن ما يحصل بحقه وعناصره من قتل وتشويه، هو بمثابة مباركة علنية على ما يحصل، وإن كان لهم تأثير في هذا الحراك فهم مشاركون حقيقيون في المؤامرة. ونطالب بمحاسبتهم على مواقفهم هذه، وتحميلهم مسؤولياتهم الوجدانية والقانونية.
برغم استنباط جميع الأساليب لتحفيز الشارع السوري لم يتجاوز عدد من يخرج إلى الشارع 20 أو 30 ألف متظاهر في كل المناطق في سوريا، بعد شهرين ونصف على الحراك، فمن يمثّل هؤلاء في الشارع السوري؟ وقد طرحت هذه الاحتجاجات كارثة على مستوى النخب الفكرية التي نصّبت نفسها لتكون لسانها الناطق باسمها وأطلقوا عليها اسم" الثورة السورية ضدّ بشار الأسد"، والمفارقة الكبيرة أنهم يثورون على الشخصية الإصلاحية الوحيدة ربّما في النظام والذي نادى به منذ قدومه.
أخيراً وليس آخراً؛ ما هو الرهان القادم لهؤلاء الذين يضعون أيديهم بأيدي الشيطان ويستخدمون القتلة كما حصل منذ يومين في حمص حين قتلوا دكتور في مستوصفه مع ممرضيه، وأربعة عناصر أمن في سيارتهم. ما هو الرهان؟ تقسيم سوريا، قتل الطوائف الأخرى، وليس الأقلّيات، لأنهم ليسوا أقلّيات؟ هم يشكّلون نصف المجتمع السوري تماماً مع إخوانهم من المسيحيين والطوائف الأخرى، وناسف للحديث بهذا الوضوح، ونأسف أكثر لمن أوصلنا إلى هذا المستوى من الحديث، لكن النار قد بدأت تحرق الثوب الذي نرتدي . و يبدو أن الأحداث أصبحت أكبر من أن يستطيع المرء التغاضي عن غاضتها، وقذارتها التي ملأت روائحها البلاد. فإذا ما كان الغرض هو التجييش والحقد الطائفي، فنقول بأن الأمور قد بدأت تأخذ أبعادها، ولكننا نؤكد لهم بأنهم يراهنون على الحصان الخاسر، ولن يكون لهم ما يتمنون هم وأسيادهم؟؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تضييع وقت
نبيل السوري ( 2011 / 5 / 31 - 10:31 )
فكرت للحظة أن أرد وأفند هذا المقال البورظاني
لكن لاحياة لمن تنادي
وستبقى مثل هذه الأصوات التي لن تقبل أن ترى الشمس من الغربال
لكن أقول: مبروك عليك الرئيس الإنترنيتي الممانع الذي اسنحق لقب أغبى وأحقر من عليها

بقي أن تطلع علينا أنت وأمثالك لتبرروا جريمة حمزة الخطيب
أحلى التبريرات كانت من الطبيب الشرعي الذي قال: نحن سلمناه لأهله جثة هامدة لكن بدون آثار, ولم يتفصحن المذيع ولا ضيفه النذل أنيس النقاش المطبل لنظام الخسة والخيانة ليسألاه: وكيف تقتلون طفلاً، بغض النظر عن تعذيبه؟؟؟ يا حيف
تفضل حضرتك وانفضلك مقال يفضح حمزة الخطيب وصلاته المشبوهة مع إسرائيل مما يوهن عزيمة الأسود الممانعين، اللي العين تبقى تطرقهم

بالفعل اللي استحوا ماتوا

اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على