الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسد عقب القذافي

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2011 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


اجزم ان الوحيد في هذا الكون الذي يستطيع ان يضع كلتا اذنيه على وسادة واحدة وينام ملئ جفنيه قرير العين، هو الرئيس المحظوظ بشار الاسد الذي آلت اليه الرئاسة غصبا، كما آلت الخلافة الى يزيد ابن معاوية ابن ابي سفيان، صاحب جيش الحجاج ابن يوسف الثقفي، الذي اشبع الكعبة قصفا لم تعرف له سابق مثيل حتى ايام جاهلية العرب.
واجزم ايضا ان الاسد، بشار الاسد، لا يشاهد اي من تلك الشاشات التي يزدحم الفضاء باطياف ذبذباتها ذهابا وايابا، كما انه لا يسمع اي من اذاعات العالم التي هي الاخرى لو قدر لنواقلها الكهرومغناطيسية ان تسير في طرقاتنا لقضى كل مرضانا موتا قبل ان يصل اي منهم لمحطة استشفاء لا تبعد عن مكان اقامته بضعة مليمترات، تماما كما كان والده من قبل لا يسمع لأنين ألاف الضحايا، الذين ذهبوا في ضيافة أبدية في احد معتقلات سوريا التي لم يكن حتى النظام نفسه قادرا على عدها أو إحصائها .
بل والأكثر من ذلك ان الاسد، بشار الاسد، لم يشاهد ولم يسمع ما يدور بشوارع دمشق وحمص وحماة وحلب واللاذقية والقامشلي ودرعا وغيرها من شوارع مدن وقرى سوريا، التي انتفضت على خوفها قرفا من عصابة سيدت نفسها عنوة على رقاب الناس، لان ذلك الذي يدور في الشوارع يصنف وفقا سلم درجات الخطر لاجهزة مخابراتنا العربية، على انه شجار احياء او حوم او شوارع او زنقات.
ومثل هذه المشاجرات لا يسمع بها الرؤساء والمسؤولون عادة، خاصة اذا كانوا عربا، او ممن تنفسوا اي من زفرات عمر ابن العاص، التي ضاق بها صدره وهو يبتلع هزيمته المرة على يدي صنوه في غدر لم تخفف صفين منه شيئا في سياق جذوة صراعهما الخفي على سلطة سيقت لمن كرس بها انقلابا على مبدأ احتمال انتقالها ديمقراطيا، واحالها ملكا يورث.
وبدل ذلك يعرف الاسد تماما ان جده معمر القذافي لا زال ساكنا باب العزيزية، على مسافة قصيرة من اسفل طائرات الاطلسي، التي تجوب سماء ليبيا في تمرين سياسي لم تنه بعد فصوله، فيما حدوده برا وبحرا تسيل بانواع شتى من اسلحة، ورجال يستبدلون موتا بموت اخر، حيث لا خيار لهم في حياة خلقوا لها الا موت ينشر موتا، كان هذه المرة من نصيب جيل ليبي عاثر حظ ووقت.
ويعرف الاسد، بشار الاسد، ان صالحا الذي حزم امتعته لحظة طوفان جماهيري افقده صوابه، بعد ان صدح اكثر من مرة استعدادا لتلبية مطالبه، وهم بالصعود الى الدرك الاسفل، ادركه سادة البيت الابيض، في لحظة حلم كانت لذلك الصالح كندبة في تاريخ انسانية مرت على صحرائنا العربية، حيث اعادوه جمرا على رؤوس اطفال اليمن، لان عمره الامريكي لا زالت به بقية، رغم نفاذ عمر اسامة بن لادن.
ويدرك الاسد ابن حافظ الاسد، ان يحط الغضب الامريكي في دمشق، فيما القذافي يزرع حياة الامهات الليبيات ثكلا، ونساءها ترملا واطفالها يتما، فذاك ما يدخل الى المايسترو الامريكي بعض من حرج، فيما هو يعاني اساسا حرجا وارباكا انعكسا نشازا على ايقاعات ادارته لازمة الحرية العربية.
بل والخبر الذي خرج عن قواعد الاسماعات الامنية للرؤساء، واسمعته المخابرات السورية لرئيسها البشار، هو ان الذي لم يعد صالحا الا لإعداد جنازات اكثر للشعب اليمني، بات ليلته الفاصلة بين يومي السبت والاحد بلا عشاء، فايقضه فجرا جوع مزمن، لم تخمده الا وليمة شواء كانت من اجساد المعتصمين في ساحة الحرية بتعز الذين اشعلت قوات الامن اليمنية النيران في خيامهم، وان ذلك وقع دون ان يقع لسان المايسترو الامريكي على كلمة ادانة .
والاكثر فهما عند الاسد، رغم كثرة الاشياء التي لا يفهمها، ان للقذافي عمرا لا زالت كبريات الشركات الامريكية والاوروبية، لم تتفق بعد بشأن اللحظة التي يجب فيها ان يتوقف، وانه الى ما قبل هذه اللحظة يمكنه ان يولغ في دماء السوريين اكثر فاكثر الى ان تزهر الارض السورية وردا احمرا.
ينام الاسد على اذنيه ما دام القذافي ينام على اذن واحدة وبالاخرى يصيخ السمع لهسهسات بان غي مون، عن مضحكات الدم الليبي لتعريف القاتل والمقتول لمفهوم انتقال الشعب الليبي الى ميدان الحياة مجددا، الذي اغلقه القذافي منذ اكثر من اربعين عاما خلت.
وهو يلعب باحلامه الليلية يقول الاسد في سر حاله، الذي لا يسر حال الشعب السوري : اذا كان جدنا القذافي الذي طوى ايام الليبيين يوما بعد يوم حتى عادوا بلا غد ليس هو، وخلالها كل ما ملكه من مال حرام اختلسه من افواه اطفال ليبيا وبناء مستقبلهم، كان رصيده في معادلة البقاء والاهمية، اذا كان هذا هو حال جدنا معمر الذي لا زال يعمر اكثر، فكيف هو نحن، الذين نملك مفاتيح حرب المنطقة وسلامها الذي شع على اسرائيل سلاما كما لم تشع كامب ديفيد عليها ؟؟؟؟.
ينام الاسد ملئ جفنيه، وهو ليس في عجلة من امره، فالدبابات تتولى امر إعادة تسوية شوارع المدن والقرى، واما المايسترو الامريكي وطاقمه، فما زال امامهم الكثير الطويل قبل كنس القذافي، هذا اذا كانت هناك نية حقيقية لكنسه، وقبل ذلك لن يستيقظ الاسد، فالاسود اذا شبعت نامت وتثاقلت، بل واثقلت على نبات ارض ينشد نسمة حرية، بعد ان ازكمته روائح عرقها الكريهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا