الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية، واحتجاجات الأشهر الثلاث ؟

عماد يوسف

2011 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


ثلاثة أشهر على عمر الاحتجاجات، لا صدى مدّوي في عموم الشارع السوري، مظاهرات هنا وهناك لا ترقَ إلى مصطلح ثورة عاّمة وفاعلة تشكّل ضغطاً حقيقياً بالمعنى المفصلي للنظام.! ما زال الجزء الأكبر من الشارع والذي يمثّل أكثر من ثمانين بالمئة من الشعب السوري مقارنة بمن يخرجون للتظاهر، مازال هذا الجزء قابعاً في البيوت، يأبى المشاركة، وربما لو كان الظرف الأمني يسمح لخرجوا للتنديد بما يحصل من بعض الشرائح في الاحتجاجات التي تستخدم العنف والقتل الممنهج والتمثيل بالجثث، أو ربّما أعلنت هذه الأغلبية الصامتة تأييدها للنظام الذي يمهد لاصلاحات شاملة وقد نفذ جزءاً منها. فالمعادلة بالنسبة لهؤلاء غير محمودة العواقب أو النتائج، لجهة فقدان وجود معارضة سياسية واضحة التوجه والبرنامج الشمولي صاحبة مشروع التغيير السياسي الشامل. فحتى الآن لم ترَ هذه الأغلبية سوى مظاهر احتجاجات شعبية ضبابية، اختلط فيها السياسي والعنفي والمطلبي. وكل ما لديها هو شعارات تبدأ من الحرّية وتنتهي بإسقاط النظام. كما أنَّ الأخطاء التي رافقت هذه الاحتجاجات، من شعارات طائفية في بعضها، وخروجها من المساجد لتعكس انطباعاً دينياً مذهبياً على الحراك، ولو كانت الحقيقة غير ذلك، وممارسة أعمال تخريب مؤسسات وقتل مدنيين من قبل البعض في بعض المناطق مختلفين في الطائفة أو الدين، وقتل عناصر الجيش وضباطه، كل ذلك، قد دفعَ الكثيرين من الطوائف الأخرى التي لم تعد تشكّل أقلّية في سوريا، بل تشكّل ما يقارب نصف المجتمع السوري مجتمعة، من مسيحيين وطوائف اسلامية وأكراد، لاسترجاع واستحضار الدرس العراقي والليبي واليمني، وإلى الإحجام عن المشاركة في هذا الحراك. وهناك عامل آخر شديد الأهمية والتأثير وهو أنَّ القسم الأكبر من الشعب السوري بات اليوم على قناعة كبيرة بأنَّ هناك فعلاً مؤامرة خارجية كبيرة تشترك في كل هذه التحوّلات، وقد استند في ذلك على إثباتات وشهادات موضوعية من آخرين حياديين. مثل غسان بن جدّو الإعلامي المعروف. وهيثم منّاع الذي قال بأن هناك من طلب منه ادخال أسلحة إلى سوريا، ومقابر الجيش والأمن، وعناصرهم التي تُقتل في مناطق كثيرة. وغير ذلك من اعترافات لأطراف من قادة الاحتجاجات، كالصياصنة مثلاً. ثم مؤتمر انطاليا الموجه علانية وبوضوح من قبل الدول الغربية وبدعم أميركي ليشكّل جعجعة إعلامية تهز ضمير المواطن السوري، وما اختلاف أطياف المعارضة السورية حول هذا المؤتمر ومقاطعة بعضهم له سوى دلائل إضافية ضمّها الشعب السوري إلى سلّة الأدلّة التي باتت بالنسبة له واضحة كالشمس. وانَّ تيار الإخوان المسلمين في سوريا هو صاحب الحجر في ميزان معاييرهم التي يقيسون بها الحراك، وهذا التيار ليس له حامل سوسيولوجي عريض لدى غالبية الشعب السوري. وهذا بالتأكيد لا يشكّل منهجية عمل سياسي يمكن له أن يملأ فراغاً سياسياً كبيراً مدّويا في بلد مثل سوريا بتعقيداتها المجتمعية الفسيفسائية، وملّفاتها الإقليمية الساخنة التي تشغل بال أعظم القوى العالمية، حتى أنَّ هذه الملّفات تشغل حيزاً كبيراً من تأثيرات الحملات الانتخابية لهذه الدول؟!
إنَّ قلّة الدراية لدى هؤلاء الذين يحرّكون هذه الاحتجاجات التي بدأ عضها يأخذ طابع التمرّد المسلّح على نظام الدولة والمجتمع، تعكس قصور الرؤيا السياسية التي يتمتعون بها. فحتى اليوم لا يتجاوز هذا الحراك مفهوم الاحتجاجات المطلبية أو التظاهرات الشعبية. هذا إذا استثنينا الشريحة المسلّحة التي تمارس العنف المسلح، وتحرق المؤسسات وتدمر الطرق والبنى التحتية، ويعتبر التصدي لهذه الفئة مشروعاً عند الجميع، نظاماً، وشعباً، وحتى المجتمع الدولي لا يستطيع أن يدافع عن قمعها. وحتى لو وصلت هذه الشرائح جميعها إلى المطالبة بإسقاط النظام، لكنها تبقى فئوية، وتمثيلها في الشارع لا يتجاوز بعض المناطق والبلدات في سوريا التي لا تمثل ربع سكان سوريا أو أقل حتى ..؟
بعد ثلاثة أشهر، نجد أنَّ مؤسسات الحكم والنظام في سوريا تزداد قوة وتماسكاً. لا استقالات ظهرت، لا فردية ولا جماعية من مؤسسات السلطة. المؤسسة العسكرية تُظهر تماسكاً مع المؤسسة الأمنية ووزارة الداخلية بإمكانياتها الضخمة هي صنو الجيش في تصديه للعناصر المسلّحة. والمجتمع بغالبيته بدأ بالالتفاف باتجاه النظام، بدلاً من العكس. وليس هذا وحسب بل وأيضاً الكثيرين من كوادر المعارضة في سوريا غيرت اتجاهها، لتفضّل توجيه سفينتها إلى شاطئ الأمان السوري بدلاً من المجهول القادم من الخارج. وحتى اليوم والحراك في الشارع مازال هو نفسه، لا بل هو تناقص في مناطق، واختفى في مناطق أخرى، وبدأ في مناطق جديدة. وهذا يؤدي إلى تشرذم هذه القوى بالرغم من كل حملات التجييش والتحشيد الخطيرة التي تبثّها أكثر من عشرة محطات فضائية ضد سوريا، وبرغم المتاجرة بدماء الأطفال، والقتلى بطريقة توحي بأنَّ من فعل ذلك ربّما أطراف أخرى غير الأمن بحسب ما يتهمونه به، وذلك لغاية توظيفها في حملتها الدعائية هذه؟!
عبر هذه القراءة السريعة نرى أنه قد آن الأوان للوقوف على محطة تأمل لبعض الوقت ومراجعة الذات من أجل إيجاد مخارج سياسية حقيقية، عبر التفاوض، أو عبر المظاهرات السلمية الشعبية التي يمكن أن يشارك فيها كل شرائح المجتمع السوري بكل طوائفه وانتماءاته، فيما إذا تغيرت الطروحات من إسقاط نظام إلى إصلاحات جذرية شاملة، وفيما إذا اختفت الشعارات الداعية إلى الفتنة وحرق البلاد طائفياً، كما أنَّ رمز يوم الجمعة وصَلاتها، والخروج بعدها من الجوامع لا يمثّل بحال من الأحوال شريحة واسعة من المجتمع السوري التي تشكّل مفصل وأداة أي تغيير محتمل، فهل لنداء كهذا صدى لدى أولئك المجهولين الذين يحرّكون الشارع تارةَ هنا، وساعة هناك..؟!
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا