الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


14 / تموز : ثورة في الوعي العراقي ...

حسن حاتم المذكور

2011 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


اذا كان عبد الكريم قاسم فردياً ... فمن هو الديموقراطي اذن ... ؟
لا اريد هنا استعراض الأنجازات الوطنية لثورة 14 / تموز / 1958 ’ فقد تطرق وسيتطرق لها الكثيرون ’ لكني سأحاول خطوة متواضعة بأتجاه بعض حقائقها المغدورة ’ ولو قدر لمسيرتها ان تتواصل ’ لما حدث الطوفان على امتداد نصف قرن ولما اصبح الحال كما هو عليه الآن يراوح بين الردة والردة ’ لكن وكما هي حكمة التاريخ دائماً فقد سقط جميع العتات وواصل المشروع الوطني العراقي لثورة 14/ تموز طريقه عبر الأجيال .
من قتل ثورة 14 / تموز / 58 الوطنيـة وحمل رأسهـا على على رمح البداوة والجهالة والهمجية ’ وافتتح فيه اول مقبرة في مياه النهرين ’ من دعم انقلابيي الردة البغيضة او تواطيء معها’ او تفرج سلباً على كربلاء الاف الضحايا من بنات وابناء فقراء العراق ’ ومن كان شاهد زور وبورت سعيد العربية تفرغ رصاصات حقدها في صدر الحق وهو صائم ... ؟ ... هنا سأخطو دون ان اتجاوز بعيداً حدود منطقة النفاق .
كان العراق مخترقاً مستباحاً دولياً واقليمياً عبر شرايين احزاب التبعية ’ والوطنية فيه كانت وحدها محاصرة في وزارة الدفاع .
الغرب وانظمة التطرف الطائفي العرقي فقدوا سلطتهم ومواقعهم وتضرروا من انجازات الثورة فسكنهم الثأر الدموي غاية ووسيلة ... ايران وتركيا كانتا الطابور الخامس للغرب داخل المنطقة ’ لهما في العراق امتداداتهما الطائفية والمذهبية والتي اتفقت وشرعنت ذبح ثورة انصفت فقراء الطائفتين ’ الأتحاد السوفيتي اوقع قادة الحزب الشيوعي العراقي في ازدواجية الخلط بين الوطنيـة العراقيـة وتمثيل نفوذ دبلوماسيته ’ فجعل الولاء له نافذاً حتى سقوط معسكر اشتراكيته ’ فكانت عملية اغتيال لوعي القاعدة وتشويهاً لوطنيتها ونبل عواطفها ... احزاب العشائر الكوردية وضعت بيضات قضيـة الشعب الكوردي في سلة انقلابيي 08 / شباط ’ فتكسرت فاجعة على رؤوس كادحي كوردستان .
تمزق الشارع العراقي بين ولاءات اقليمية ودولية وتشرذمت المؤسسة العسكرية ولم يبق للوطنية العراقية رصيداً في احزاب جبهة الأتحاد الوطني التي اشركتها الثورة في اول حكومة لها .
العراق كان وحيداً والوطنية العراقية كانت محاصرة في شخص الزعيم عبد الكريم ولم يبق معه ومع العراق الا فقراء الأمة ومخلصيها ’ فكانت قلوب الملايين مع الثورة وقادتها ’ لكن صفوفها وارادتها قد مزقها علاسي الردة .
جميعهم وبعد ان ساروا خلف جنازة الثورة واكملوا دفنها وقلبوا صفحة قائدها ومسحوا عن وجوههم اثار مسؤوليتهم عما حدث ’ راحوا يتحدثون عن انجازات الثورة وان الزعيم عبد الكريم كان انساناً وطنياً نزيهاً كفؤاً عادلاً متديناً احب فقراء العراق وانصفهم ومد يده لجميع الأحزاب متسامحاً حتى مع من اساءوا اليه ’ بعدها ينضحون عقدهم ومركب نقصهم ازاءه ( " لكنه كان فردياً ... ودكتاتوراً !!! " ) .
اسألهم جميعاً : ورغم كل تلك المزايا والصفات التي تذكورن ’ فأين وجه الفردية فيـه وضد من كان دكتاتوراً ... ؟؟؟؟؟ .
اهوائكم تغيرت ... ولاءاتكم تعددت ... احقادكم وكراهيتكم لبعضكم كانت منفلتة ... واغلب صراعاتكم دموية ... فمع من وضد من سيقف عبد الكريم قاسم ... ؟؟؟؟ .
جميعكم فرديون انانانيون ودكتاتوريون من داخلكم ومع بعضكم وضد من كان خارجكم وكل يطلب من عبد الكريم قاسم ’ اما ان يكون معه ضد الآخر او انه دكتاتور ضده ’ اما انحيازه ( الزعيم ) الى الوطنية العراقية وسلامة ووحدة الوطن ومصالح الملايين من فقراء الأمة ’ فتلك فردية ودكتاتورية ضـد الجميع !! .
لم يترك الزعيم عبد الكريم قاسم حزباً لـه يعبر عن حقيقته ويدافع عنها ولم ينحاز الى قومية او طائفة او مذهب او فئة ومع انه مستقل فوق الميول والأتجاهات’ كان افقه الوطني يتسع للجميع ’ واذا كانت المرحلة لا تستحقه ’ فليس من طبعه وقيمة مساومتها على حساب الحق ... هكذا هم عظماء التاريخ وتلك هي نهايتهم .
الأنسان العراقي ’ عاش ولعقود طويلة من اجل القومية والطائفة والمذهب ’ وفداء للرئيس والقائد والمرجع ’ ولا قيمة لحياته المادية والمعنوية ’ ثورة 14 / تموز / 58 ’ ارادت تحريره من دوامة تلك المعادلة ( اللعبة ) الظالمة فناصبوها العداء واتفق البعض مع البعض والتحمت الفتوات مع الفتوات على اسوأ هدف لأسقاط جمهورية الفقراء .
لقد شاخ الجميع وترهلت افكارهم وايديولوجياتهم وتشعوذت علاقاتهم وممارساتهم وتهالكت كيانات احزابهم ومنظماتهم وعليهم الآن ان يسحبوا اذيال شيخوختهم بكرامة ويتركوا للشباب فرصة ان يصلحوا ما افسدوه ويجددوا الحال ويعيدوا البناء سليماً .
ان التاريخ الوطني لجميع الأحزاب العراقية ’ كان تاريخ شباب فقراء الأمـة ’ فالذين قاوموا انقلاب ردة 8 / شباط / 1963 كانوا ابناء الفقراء ’ ولم نشاهد قائداً حزبياً واحداً استشهد بينهم مقاوماً والسلاح بيده ’ وانتفاضة مسعكر الرشيد في 03 / تموز 63 الباسلة ’ كأول انتفاضة في التاريخ الكوني قادتها ومنتفضيها من الجنود وابناء العمال والفلاحين والطلبة وكان قائدها الشهيد حسن سريع برتبة نائب عريف ’ اما الأنتفاضة الشعبانية عام 1991 وكما شاهدنا ’ كان قادتها وثوارها من شباب فقراء العراق ايضاً , تلك الحقائق وعبر التاريخ ’ تؤكد على ان الثورات والأنتفاضات مخضبة دائماً بدماء بنات وابناء فقراء الأمـة ’ ولكي نتعض ’ امانا الآن مشهد ربيع ثورات وانتفاضات شباب الجوار .
جبناء طغم ردة 08 / شباط ’ كانوا يخشون الحق في الزعيم عبد الكريم قاسم ’ فبعد تصفيته جسدياً ’ حاولوا اخفاء اثره في الماء من دون ان يعلموا ’ ان الأمهات العراقيات قد شربنـه وارضعنه للأجيال مشروعاً وطنياً عراقياً مع حليبهن .
ذهب الطغات من رموز الأنحطاط والفساد والرذائل ’ واخذوا مكانهم الذي يستحقوه في مزابل التالريخ ’ واستقر المصلحون والخيرون في قلوب وضمائر الملايين وذاكرة الأجيال وشموع هداية على طريق المستقبل العراقي ’ وشتان بين ان يتسلط الزنيم مفسدة ويستشهد النبيل مثالاً للحق والعدل’الزعيم عبد الكريم قاسم رحل انساناً وطنياً ديموقراطياً عادلاً متديناً مصلحاً محبوباً وكان نموذجاً يقتدى بـه وامتحان صعب قد يسقط فيه او ينجح كل من يمر في العراق حاكماً ’ اما فطائس الردة والرذيلة ’ فستبقى تتبول عليها لعنات التاريخ .
تلك الحقائق قد لايفهما ولايريد ان يستوعبها البعض ’ فينسبون للشهيد عبد الكريم قاسم ما يعانونـه هروباً عن مواجهة خواء حقيقتهم ازاء حقيقتـه ’ ان القوى التي لاترغب ولاتستطيع ان تفهم الحقيقة الأنسانية والوطنية والأجتماعية والشخصية لعبد الكريم ’ ستبقى غير مؤهلة لمراجعة مسؤوليتها في ضياع ثورة 14 / تموز ومواقفها السلبية ازاء قيادتها الوطنية ’ وعاجزة عن مواجهة مأزقها والخروج من مسلسل انتكاساتها ’ ان المواجهة الصريحة مع الذات نقداً شجاعا ’ سوف لن تكون مكلفة ’ لكنها ستكون مخرجاً واعادة اعتبار ومواقع داخل الحركة الجماهيرية .
فقراء العراق ومسحوقي الأمة ’ وهم يعانون اوجاع العوز والحرمان والأوبئة والمزمن من البطالة والأمية على ارض هي الأغنى والأكثر ثروات على وجه الأرض ’ يبحثون الآن في ضمائر وقلوب المسؤولين من سياسيين ومثقفين علهم يجدون فيها شيئاً من عبد الكريم قاسم ’ ليستحقوا من اجلـه ثقتهم واصواتهم .
قد يسألني البعض : لماذا كل هذا التطرف في الحب والأنتماء والولاء لثورة 14 / تموز والزعيم عبد الكريم قاسم ... ؟؟؟
نعم وبكل بساطة ووضوح ’ كنت وعائلتي نسكن والعقارب في قبر واحد داخل مقبرة هائلة تسمى ( الشاكريـة ) ’ كان الأمر يشبه الحلم ’ وجدت نفسي وعائلتي وسكان المقبرة في مدينة اطلق عليها الثورة وكنيتها بين الناس ( مدينة الزعيم ) ’ نملك فيها بيتاً فيه اكثر من غرفة لها باب وشبابيك وداخلها كهرباء وتتوسطها حديقة وظلٌ لقيلولة الوالد والوالدة ’ تقع على شارع واسع وبقربها مدرسة وساحة العاب ’ غير محاصرة بالممنوعات ’ فبناتها وابنائها دخلوا المدارس والجامعات وكليات الجيش والشرطة ’ فتخرج منهم الضباط والأكاديميين والأدباء والشعراء والفنانيين ووجوه من اهم اعلام الثقافـة ’ والتقينا جيران لنا قادمون من مقابر اخرى ’ ليس من عشيرتنا او طائفتنا او مذهبنا او قوميتنا ’ فقط انهم عراقيون مثلنا ’ بعد اغتيال ثورة 14 / تموز واستشهاد الزعيم الذي منحنا كل هذا الذي نحن عليه ’ وجدناه لايملك مثل ما نملك ’ انه يعيش متواضعاً في مكتبه بوزارة الدفاع وما يملكه سرير يتوسده على الأرض و ( صفر طاس ) وادوات حلاقة وبدلة عسكرية وجيبه اكثر فقراً من جيوبنا .
انها قضيـة وفـاء لمن اعاد الينا ادميتنا وافتقدناه شهيداً من اجلنا ... لكنه وثورته سيبقيا مشروعاً وطنياً في الوعي العراقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح