الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس لا خوف بعد اليوم

صالح محمود

2011 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لا خوف بعد اليوم تونس
لا خوف بعد الثورة ،يحيلنا هذا الشعار مباشرة إلى ما قبل 14 جانفي ،أيام الإستبداد والتسلط والترهيب،الإضطهاد والقمع بمختلف اشكاله،أنواعه وألوانه.قامت الثورة فرُفع شعار "لا خوف بعد الثورة "هل هذا قدر الشعب التونسي في التحرر من جميع أغلال وأصفاد العقود التي مضت ؟مبرره في ذلك ما قدمه من تضحيات جسيمة طالت شبابه الذي سقط شهداء على هياكل الحرية . قطعا مع الماضي المظلم ،القاتم والمأساوي و رفضا لكل أشكال الوصاية والمصادرة المنع والتكميم بدعوى أو بأخرى ، لا احد يملك الشرعية لتنصيب نفسه مفوضا و مدافعا عن الشعب بممارسات انتهازية لا مبرر لها غير الركوب على الأحداث ومحاولة إستثمار سياسي لا شرعي بالمساومة ، بماذا نفسر قيام أحد المحامين بقضية ضد فيلم "لا سيدي لا ربي " بدعوى عنوانه المستفز ،وحين سئل إن كان شاهد الفيلم ،نفى ذلك ، يشاركه في الإدعاء محام ثان ليس ضد الفيلم فحسب بل ضد الأستاذ محمد الطالبي المؤرخ والمفكر التونسي ،المحامي المعني وفي إحدى القنوات التلفزية وعلى الهواء مباشرة كان يشتم الأستاذ الطالبي واصفا إياه بالمعتوه وبضرورة التحجير عليه .... مع العلم أن الأستاذ الطالبي تجاوز العقد التاسع من عمره وأثار مثل هذه العاصفة الفكرية أعني انه لم يتقاعد فكريا رغم تقدم سنه بل مازال في عنفوانه .ما الذي نفهمه من هذه الحركة لرجال من المفروض أن يكونوا أحرص الناس على حماية كرامة المواطن وحفاظا على سمعته ، لا اعتقد أن أخلاقيات مهنة المحاماة تبيح للمحامي أثناء مرافعاته في المحكمة دفاعا عن موكله سب وشتم و ثلب المتهم وما إلى ذلك ،فعلا هذه الحركة تطرح تساؤلا خطيرا حول أفق حرية التعبير بعد الثورة ؟فإسراع رجال القانون تحت عباءة القانون وحصانته لممارسة الحجر على حرية التعبير وبتلك العصبية والتشنج ، والدعوة إلى إقالة وزير الثقافة -لا أعلم إن كانت وزارة الثقافة قد دعمت الفيلم أم لا ،إن كانت قامت بذلك قد أصابت بتفعيلها لأهداف الثورة ودعم الفن والإبداع، ماذا كانت تدعم سابقا الإبتذال التفاهة التسطيح وماذا كانت تمارس التهميش الإقصاء المحسوبية - السؤال الذي بقي بلا إجابة إلى حد الآن ما هو مصير حرية الرأي في ظل الثورة أمام هذه الحملة التشويهية والتكفيرية الشرسة المسعورة تبناها رجال القانون ؟بالإرهاب الفكري ، القمع والكبت ،تحت رايات الدفاع عن الهوية والمقدسات ..و باسم القانون، بدل الحوار والتفاعل الإيجابي بعيدا عن التشنج والإنفعال وإثارة الرأي العام والتحريض والتأليب ،ما يعني التنازل عن الحرية والإحجام عن الديمقراطية بدل التـأسيس لها ودفعها بهذه الممارسات ،لست لسان دفاع أحد بل أنا معني بهذه القضية التي تمسني في العمق كمواطن أولا وكمثقف ثانيا ، يبدو الأمر على غاية من الخطورة حين يهرع رجال القانون لإتهام وتجريم أصحاب الرأي متكئين على القانون،وماذا ينتظر المثقف والمبدع والفنان بعد ذلك ،الملاحقة القانونية والتجريم والتكفير والتشهير والتحريض عليه والتأليب ،في إطار عاصفة إعلامة وفي جميع المنابر لم تستثني حتى بعض من يدعون إلى حرية الرأي وحرية التعبير أو هكذا يدّعون- من خلال عنوان لعمله الإبداعي فحسب، فما الذي سيحصل إن كان المضمون يناقش الدين والمعتقدات الدينية أو يحلل و يسبر التاريخ والحضارة العربية الإسلامية، وهذا ما شاهدناه في قضية الطالبي بمؤاخذته من الخاص والعام ،وصلت لمهاجمة بيت الحكمة حسب الأخبار التي تروج ، من السلفيين الذين نددوا بتصريحاته على إحدى الإذاعات ،إثر ما قاموا به من أعمال عنف وتخريب في قاعة سينما أفريكا آرت و ما تلتها من أحداث اعتداءات بالعنف الجسدي طالت المحامين أثناء وقوف السلفيين أمام قصر العدالة بتونس العاصمة ومطالبتهم بإطلاق سراح معتقلي قاعة افريكا ، كتداعيات لها .ماذا ستخلف هذه الأحداث وما هي عواقبها على الثقافة والمثقفين ؟ طبعا خوف وإحجام المثقف والمبدع بالرقابة الذاتية تحاشيا للتهديد والتنديد، بدلا أن يمضي على درب الحرية ابتكارا وخلقا . تعبئة الرأي العام و تجييشه ضد حرية الفكر والرأي والتعبير وممارسته سيعيدنا لذلك الثلاثي المحرم في الأنظمة الديكتاتورية : السياسة والدين والجنس ،مثل هذه الممارسات لا تنبئ بخير بل بردة وتراجع عن أهداف الثورة ،في اعتقادي مدخل خلفي للدكتاتورية، سلاحا كان يستخدمه نظام بن علي الإستبدادي القمعي للرأي المخالف لتثبيت نظام الرأي الواحد والحزب الواحد والزعيم الأوحد المنقذ والحامي والأب العطوف السخي الكريم ،هاهي بوادره تلوح في الأفق، لتعود معها ممارسات العصا لمن عصى ،من خلال ما تبديه بعض الجماعات من تعصب ورفض الرأي المخالف ، وهو بالتالي رفض للتعايش في إطار القانون الذي يحفظ حقوق الكل وكرامة الجميع ويحميها ،أعني القانون لا يجب توظيفه لإرهاب الآخر وترويعه والتعسف عليه بسبه وشتمه وثلبه على شاشات الفضائيات بل التعامل في الأطر الشرعية و الحضارية بعيدا عن الإنفعال والتشنج ، ولست ممن يدعون إلى التطاول على التراث والمقدسات ولكن لست ممن يدعون إلى قمع الفكر المشتغل في إطار علمي منطقي وموضوعي، وكبته كبوابة تفتح للأمن الذي مازال يتحرك بعقلية 7 نوفمبر وغسيل المخ الذي تعرض لهطيلة سنوات بن علي، فهو لا يعرف غير العنف والعنف المجاني .حين يرفع التونسيون شعار" لا خوف بعد اليوم" ونرى الدنيا تقام لغطا وضجيجا عنفا و تخريبا وتهديدا بالسجن لأصحاب الرأي –ولا تقعد،تصيبنا الحيرة والقلق تجاه ثورتنا وأهدافها ،هذه الحركة دفعتني لكتابة تعليق منذ أيام على الفايس بوك هذا نصه:
"الخوف من الإرهاب قد استشرى أو على الأقل في بدايته حتى في أوساط المثقفين ،فمن خلال قراءتي لبعض المقالات ألاحظ ما يسلكه البعض من التواري والتخفي في خطابهم ،أعني ذلك الذي لا يمكن لأحد أن يشكك في إيمانه ،فيبدو كواعظ ومرشد حلّ ليلقي علينا موعظة بتلك الطريقة :أيها الناس لا تفعلوا كذا فهو شر لكم وافعلوا كذا فهو خير لكم ، فلا حول الله .أهكذا نؤسس للديمقراطية المنتظرة بالخوف والتردد ،وعدم تحمل المسؤولية التاريخية في هذه اللحظة بالذات ،من تخاطبون بالتحديد ؟أعداء الثورة الراغبين في إجهاضها ،فبعضا من صرامة العقل إن كنتم عقلاء حقا ،فاللحظة لا تحتمل التهاون والتساهل مع من يريد أن يحرمنا فرحة انتصارنا على الإستبداد والتسلط ،وتحقيقنا لحريتنا وكرامتنا،وسلبنا إياها ، والرجوع بنا إلى أسوأ وأشد وأقسى مما عشناه من دكتاتورية بن علي في إطار من الإستبداد المبرر والمقنن والمنظم و الممنهج ،فتنازل بقدر أنملة عن حريتي يقابلها هجوم كاسح للهيمنة والتسلط ،وبدل دعوة الناس إلى فعل الخير واتقاء الشر ،أليس من حقهم التحرر في إطار القانون الذي يحفظ للجميع حقوقه في ممارسة ما يؤمن به من أفكاروقناعات، أليس من حقنا رفع الوصاية عنا والحماية تحت رايات ولافتات شتى ،أليست هذه اليد التي ترفع في وجوهنا بأشكال متنوعة تذكرنا بكف بن علي الذي كان يكممنا إلى وقت قريب ويصفعنا إن صرخنا ،ولماذا الثورة إذا ؟وماهي أهدافها ؟ستقولون الحرية ،فكيف سنمارسها بهذه الشكل وفي ظل فقدان الحرية تحت طائلة الخوف من التهديد والوعيد؟ الحق أقول لكم إن التاريخ لن يرحمكم إن خنتموه"
صالح محمود
[email protected]
جويلية 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا