الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آتي إليكِ كالحار على قمة الثلج !!ّ

محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد

2011 / 7 / 20
الادب والفن



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ـ أأنت مسافرٌ مثلي ؟
ـ لا ! بل أنا شريد .
ـ وأين وجهتك ؟
ـ وجهتي أن أضع مطلع الشمس على جبيني، وأخذ في السير . )
محمد مهدي الجواهري
من مقدمة المجموعة الشعرية ( طبعة 1949 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بهدوءٍ مفرط سأتحدثُ عن هجرتي ، لقد وجدتُ جنيّّا مكهفر الأسارير ، يتمطى على سريري ! فلم أكلف نفسي سؤاله خوفاً من أن يتلبسني ، ففضلتُ الصمت على إثارة النزاعات التي لا طائل تحتها ، أجل فالنتيجة محسومة مسبقاً لمن يملك النصل والفصل ! وعجبتُ كيف أن القدر يتيح للطارئين دون أفئدة ما لا يتيحه للعاشقين المكتوية قلوبهم ، المنزوين في ركن من أركان محراب المدينة الآسر .

ركنتُ الى مثلثٍ متهالك الأضلاع ووجدتُ أنه من الأفضل أن أترك دياري ، متلمساً سبيلاً يقودني الى اللا جدوى ، وجددتُ قناعتي القديمة في أنه لابديل عنكِ ، لكن الزمان يتغير ، والفرار الى المحيطات النافقة جراحها أهون الأحزان ، وسيخلفني هنا أؤلئك المتسابقون الى تلك المغارة الأسطورية التي يخبأ الزمان في جرارها المملؤة بالزيت المحرق ، مفاتيح الحريم ، والإعتداد المغرور ، وسطوة الوهج الأصفر الخائن !

ومثلما تعرفين أيتها العشبة الطرية على ضفاف نهرٍ جائع ، فإن للعودة الى الذات حسناتٌ لا تخفى على لبيب ! فأختلق تلك اللحظة البكر عندما يرتمي الصباح على ذراع التباريح ، ويأخذني الطيش الى الحلم ... سأنشر أشرعة ( الكلك ) المتهالك نحو جزيرة تتألقين فيها كجوزة هند براّقة تسحر لبّ العطشى في هجير الأوجاع ، وسألقي رأسي المنهك على كتفيك ، وأعلم بأنك ملتصقة بضوء نجمة آفلة في سويداء الوطن ، وسأتحدثُ إليك عن حكايا المريدين الذين ينسجون الدهشة في مقل الوالهين ، وسأفتح المصاريع على الهدف البعيد دون مواربة ، وسأخوض معركتين خاسرتين ... في الحلم أصارع القلب ، وفي اليقظة مع من أحب !!

في هجرتي أحمل تحت إبطي ( ملحمة الخليقة)* وأزعم إني (مردوك) العصر الجليدي الرابع حيث تتراجع الظلمة نحو قبوٍ عنكبوتي ، فلا يفلح العاذلون في إضطهاد العشاق ، ثم آتي إليك خطوة إثر خطوة وأسيح على الوديان كالحار على قمة الثلج !!

آه ... أتعبتني الأرصفة التي تعصف بها الريح كمن يتناهى الى سمعه صريرعربات الغجر على بلاط ٍ مشحون بالذكريات الغابرة ، ألستُ غريباً عنك ِ الآن أيتها الفلّة السادرة في لا مبالاتها ؟ أتلفتُ مذعوراً باحثاً عن شفتيك قبل أن أنسى مذاق رحيقها ؟ وتقولين تمهل ... هذا بوح الطيور الموغلة خلف المدى ، يسرج قدرته على البيان ، ويرسم دوائر تتسع في وسط الهمس المعجون بالحب .

أحبكِ .. أحبكِ .. وأخاف أن ينثيني جنوني عن الرحيل ، وكما يلتهم الوجع كبدي فأُوشك على الموت لا محالة ، أطرق خجلاً ، كيف لم تفكري ولو مرة أن توقفي هذا النزيف . بالله عليك أيتها المأخوذة بسحر الجنيّ المستطيل عبر الأقاليم البعيدة ، أعيديني الى رشدي !! .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كتبها (حمورابي ) وزعم أن ( مردوك ) أكبر الآلهة أوصاه بوضع الشرائع الواردة فيها والتي منها : أن يسود العدل في البلاد ويقضى على أهل الشر والسوء ولا يستطيع الأقوياء من إضطهاد الضعفاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى