الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.. والثورة الفلسطينية..متى؟

عصمت المنلا

2011 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أفادت دراسة نشرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، أن «قرابة 150 ألف فلسطيني يعيشون في المنطقةج التي تضم اكبر احتياطي عقاري للتنمية الفلسطينية وكذلك القسم الاكبر من الاراضي الزراعية والمراعي الفلسطينية».
واكد الناطق باسم «الاونروا« كريس غانيس في بيان «ان عملية الهدم التي تمارسها السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية تسارعت بشكل مثير للقلق»، مشيرا إلى تهجير 700 شخص في الشهور الستة الاولى من العام 2011 مقابل 594 على مدى العام 2010 خصوصا في منطقةج، أي الخاضعة كليا للسيطرة الإسرائيلية.
بناء عليه يمكن القول ، مخطئ من يكتفي بالحديث عن قطاع غزة باعتباره وحده المحاصر . لا، الكل في فلسطين المحتلة محاصَر، في القطاع وفي الضفة، وفي الأراضي المحتلة عام ،1948 لأنه مع الاحتلال لا يمكن أن تكون هناك حرية، وفي فلسطين المحتلة ليس هناك من يمكن أن يجد قليلاً من الراحة في وجود هذه العصابات التي تتفنن في الإرهاب وأساليب ممارسته ضد الفلسطينيين .
وتقرير الأمم المتحدة الأخير حول الضفة الغربية، والقيود التي يفرضها الاحتلال على أهلها، خصوصاً لجهة منع الفلسطيني من البناء في ما يسمى المنطقة (ج)، فيما يواصل تسمين مستعمراته على مدار الساعة، يؤكد أن ما يعانيه الشعب الفلسطيني في وطنه المحتل لا خلاص منه وفق الأسلوب الذي اتبع منذ زمن في التعاطي مع هذا العدو، وأن اتفاقات أوسلو وتوابعها وخرائطها وملاحقها استغلت من هذا العدو كثيراً ولم يفد الفلسطينيين في شيء .
يتحدث تقرير الأمم المتحدة عن منع الفلسطينيين من ممارسة حياتهم الطبيعية في وطنهم، وعن “الجدار” والقيود والنزوح وانعدام الأمن واستحالة النمو والتنمية . ما الذي يعنيه ذلك؟ إنه إرهاب يمارَس في منطقة يُفترض أنها “أقل احتلالاً” وأنها النموذج الذي ستقوم عليه الدولة، فكيف الحال إذاً في القطاع المحاصر براً وبحراً وجواً، وفي داخل الداخل حيث يحبس العدو الهواء ويحصي الأنفاس؟
تقارير الأمم المتحدة، برغم أنها توصيفية، يبدو أن الأمانة العامة في عهد بان كي مون كما من سبقه لا تقرأها، وإن قرأتها لا تفهمها، وإن فهمتها لا تجرؤ على التصرف بموجبها، لأن “الوالي” الأمريكي لن يسمح، وإن غض النظر لغاية ما، فإن مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني ولوبيّاتهم المنتشرة في كل مكان يكونون بالمرصاد .
متى تأخذ الأمم المتحدة دورها المفترض، الدور الذي يليق بها والنابع من شرعتها، الدور الذي يحاسب المعتدي ويعين الضحية، الدور الذي يعمل لإنهاء أي احتلال، وكل احتلال وكل استعمار وكل هيمنة، لأن هذا كله ضد الشرعية الدولية، وضد حقوق الإنسان، وضد استقرار العالم والسلم العالمي؟
وفلسطين هي الأساس، وعلى القوى الفلسطينية، وكذلك الدول العربية، بث الدم في الشرايين وإطلاق تحرك فاعل يفرض أن تكون للعرب الكلمة المسموعة والمُطاعة أيضاً حتى لا يبقى كل شيء في هذا العالم يتم على حسابهم .
الأمم المتحدة لا يجوز أن تتحول إلى “شاهد زور”، ولا بد من عمل جماعي لفك أسرها وكسر قيد الهيمنة عليها، على توجهاتها وعلى آلية عملها، خصوصاً ذلك “الفيتو” في مجلس الأمن الذي يستخدم لحماية القتلة ولتشريع القتل، بدل أن يكون النقيض تماماً .
وفي أي شأن عربي، البداية من العرب، حتى لا يبقى هناك من يردد:"مَن يَهُن يسهل الهوان عليه" وإذا كانت الأمم المتحدة تقبل بدور شاهد الزور فعلينا أن نرفض مثل هذا الدور لأن فلسطين هي قلب أمتنا وشرايينها التي مافتئت تضخ الدماء الحارة كي لانتحوّل الى جثة بلا حِراك.. لكن هذه الأمة بدورها (التي يخوض الشباب في عدة أقطار ثورات ضد الإستبداد والفساد)..فإنها تنتظر من الأشقاء الفلسطينيين أن يثوروا بدورهم، الآن وليس غداً، حتى لَوْ كانت عدوى الثورة قد تأخرت في الإنتقال الى شباب فلسطين.. وتعلّق أمتنا أكبر الآمال على قيام ثورة فلسطينية تشمل كافة الأراضي المحتلة عام 1948 إضافة الى أهالي الضفة وقطاع غزة.. ولتكن ثورة تنادي بسقوط الإحتلال وزواله، مهما كانت التضحيات، والفلسطيني كان، ونأمل أنه لايزال، سيّد من يُضحّي في سبيل أقصانا وفلسطيننا كاملة غير منقوصة، مهما كان ثمن التحرّر من المحتلين الإسرائيليين، إذ لايموت حق وراءه مُطالب ثائر، ولم تلحظ الحكمة بأن التفاوض والإستسلام لشروط العدو هو الذي يُعيد الحقوق لأصحابها..!
أليس ملحوظاً لأبناء أمتنا تباطؤ قيام ثورة فلسطينية عارمة تستلهم مايجري في الساحات والميادين العربية، والثورة المطلوبة هذه المرة شرطها توحّد كل الفصائل والأطياف الفلسطينية في الداخل وفي الخارج من أجل إسقاط الإحتلال، وسنرى العالم بأسره يشدّ من عضد هكذا ثورة حقيقية لايد أجنبية لها مصالح تحرّض عليها كما يحدث لبعض الثورات الإصطناعية التي تكشف عن إرتباطاتها المشبوهة . .
لقد حان أوان إنتفاضة الفلسطينيين وثورتهم.. إلاّ إذا كانت الحملة الحالية القائمة للحصول على إعتراف دولي بدولة فلسطينية (على الورق-كرتونية) قد أجهضت التفكير بالثورة، لأمر يعلمه فقط أولئك المتحكّمون برقاب الشعب الفلسطيني، مِمّن لازالوا يعتقدون بصحة مسارهم الإنهزامي في التسوية على الطريقة الإسرائيلية، والذين أضاعوا عقوداً من أعمارنا وجهودنا في مفاوضات عبثية مع العدو، تأكد للجميع أنها لم تكن سوى تفاوضاً من أجل التفاوض –فحسب – لجمت أية أنشطة ثورية حقيقية ضد العدو.. فهل علينا أن ننتظر كثيراً لتتدفق الدماء الثورية في عروق كل فلسطيني، بصرف النظر عن إنتمائه، فتحاوي كان، أو حمساوي، ولأي منطقة فلسطينية كان منبته..الفرصة سانحة الآن، وقد لاتتكرر، فالفوضى الهدّامة التي تكتسح أقطارنا العربية لتجزئة الكيانات وتفتيت الأمة أكثر ممّا هي عليه الآن، تمنح الفلسطيني طاقة إضافية لإعلان ثورته الحقيقية غير المرتبطة بأي خارج أو صاحب مصلحة شخصية..قد يقول البعض أن الفلسطينيين قد شبعوا ثورات في الماضي دون جدوى، هذا يكون منتهى الإحباط، ومنتهى الغفلة عن الذين زعموا قيادة ثورات سابقة، لكنها كانت مُخترَقة، أدّت الى ماهي الحال عليه اليوم من سلطة (بلدية-أومَخترَة) في جزء من الضفة، يستمر مسؤولوها في ممارسة الحكم الذاتي بديلاً عن تورّط اليهود في مثل هذه المسؤوليات البلدية التي تثقل كاهلهم –أولاً، وتكشف للعالم خطورة وهمجية إحتلالهم –ثانياً، ومن شأن ذلك أن يسد أبواب الكثير من عواصم العالم أمامهم.. وللتذكير، فإن الكيان العبري لم يحصل على مُبتغاه من إعترافات دولية، وتعاون مع أغلبية الدول إلاّ بعد أن ارتضت حفنة من القادة الفلسطينيين العودة من الشتات الى الضفة وإقامة سلطة فيها تتحكّم برقاب السكان، ليس أقل مما كانت سلطة الإحتلال تتحكم فيها بأهالي الضفة.. وقياساً على ذلك، جرى الإنسحاب من قطاع غزة، لتتحكم به سلطة حماس، هذا من جهة، ومن جهة ثانية لشطر الفلسطينيين الى قسمين، لم يتحدا حتى الآن رغم مرور سنوات على هذه الحال (المايلة، المُضيّعة لجهود الطرفين في آن) ..ونلحظ الآن مُبالغات العدو في تفكيك أواصر الفلسطينيين أكثر من السابق لجعل التبعية لأشخاص بعينهم يسود المجتمع، زيادة في التفكيك والتجزئة..في حين يرفل مسؤولون كبار في سلطة الضفة بما تتكرّم عليهم الخزينة السعودية من فتات، كما ينعم مسؤولو سلطة غزة بما يجود عليهم عملاء موساد قطر من فتات – أيضاً..!
هل مثل هذه الحال ترضي الفلسطيني؟..وهل ينتظر فلسطينيو الداخل أن يأتي يوم يُقتلَعون فيه من ديارهم ووطنهم في "ترانسفير" جديد يُلقي بهم الى الشتات من أجل صفاء الكيان اليهودي وإيغاله في عنصريته المعروفة؟..أين أصبح التفكير بالحكمة الستراتيجية المشهورة: الهجوم أفضل وسيلة للدفاع..؟..ألا يستحق الفلسطيني اليوم ثورة حقيقية غير مُزيفة كما حدث في الماضي، وكما يحدث لبعض ما يُسمى ب"الثورات" القائمة حالياً ضمن مسلسل الفوضى الهدّامة؟ لنتذكر جيداً، أن إفشال هذه الفوضى، وهزيمة مشروع الشرق الأوسط الذي سيُبنى على أنقاض ماهو قائم الآن..سيطون إسرائيلياً بامتياز، فيما لو لم ينجح ثوار مصر الأحرار من إكمال مسيرة الثورة بعد تصويبها وتطهيرها من رجس الجماعات المرتبطة والعميلة لمٌفجري الفوضى، ومُستغلّي طيبة وحاجات الشعب المصري الأصيل..وكما الأمل معقود على قدرة النخبة المصرية الثائرة اليوم في الإتجاه الصحيح للثورة الحقيقية، فإن الأمل الكبير معقود أيضاً على دحر مؤامرة تقويض الدولة السورية، وتفتيت شعبها الى شظايا متناحرة في كانتونات مُتقاتلة.. إن مصر وسوريا تبقيان أبداً أمل الأمة، إذا انتهت مصر الى ماتريده الفوضى الهدّامة من تفتت وتصادم أهلي طائفي وحزبي..
كان على "المحروسة" السلام..والله يرحم..كذلك ينطبق الأمر عينه على سوريا قلب العروبة.. وليس مثل ثورة فلسطينية مناهضة للإحتلال من شريك فاعل يشد أزر المصريين والسوريين في نضالهم اليوم من أجل مستقبل مشرق تقدمي، عروبي، يتفاعل مجدداً مع النضال الفلسطيني في مواجهة المحتلين اليهود لقدسنا وفلسطيننا، ولن تجرؤ إسرائيل في حال قيام الثورة الفلسطينية من تحقيق مشروعها الجاهز لتهجير فلسطينيي الداخل، لأنها تنتظر نتائج الحِراك الفوضوي الذي دفعت اليه الشعب العربي كي يصل الى مرحلة التشظي والإقتتال الأهلي..عندئذ فقط، تكون جاهزة لصبّ كل عنصريتها على الفلسطينيين، بينما يكون العالم منشغلاً بما يحدث في العالم العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف