الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاكمة مبارك وذكريات أليمة

كريم عامر

2011 / 8 / 5
أوراق كتبت في وعن السجن


هزنى هذا المشهد وأعادنى الى الوراء أربع سنوات كاملة ، الرئيس السابق " حسنى مبارك " ونجليه " علاء " و " جمال " يدخلون إلى قفص الإتهام بالمحكمة ليحاسبوا على الجرائم التى إقترفوها بحق أبناء شعبهم خلال السنوات الماضية ، أدركت حينها بالواقع واليقين أن دولة الظلم إلى زوال ولا ينبغى لها أن تستمر ، وأن هؤلاء الطغاة لايتعلمون الدرس من غيرهم ممن سبقوهم الى السقوط المريع تحت أحذية الشعب .
أعادنى المشهد إلى تلك الأيام السوداء، عندما كان الحراس يقتادوننى إلى قاعة المحكمة بمحرم بك بالإسكندرية لأحاكم بتهمتى إزدراء وتحقير الدين الإسلامى وإهانة الطاغية الذى خلعه شعبه وحاكمه فيما بعد ، تذكرت القسوة المفرطة التى تعامل بها معى الحراس الذين لم يتورعوا عن سبى وإهانتى والإعتداء على بالضرب والتهديدات البشعة ، تذكرت تلك اللحظات التى أدخلت فيها الى سجن الحضرة وكيف أجبرنى ذالك المخبر القذر على قضاء حاجتى أمامه حتى يتأكد من خلو معدتى من المواد المخدرة ، وأنا الذى لم أدخن سيجارة خلال سنوات حياتى ، تذكرت اللحظات التى أودعت فيها الزنزانة الضيقة مع أربع من المسجونين متهمين فى قضايا جنائية مختلفة وكيف كانوا يحرموننا من الحياة الآدمية و كيف كانوا يضطروننا الى التبول فى الزجاجات الفارغة لخلو الزنازين فى سجن الحضرة من دورات المياه ، وتذكرت ذالك العريف المتوحش الذى حاول إخراجى عنوة من دورة المياة أثناء إغتسالى تحت المياه الباردة فى الطقس الشتوى السكندرى حتى يدخلنى زنزانتى ، وتذكرت ضابط مباحث سجن الحضرة الذى أتلف الطعام الذى أحضرته بعد إحدى جلسات محاكمتى وصادره ومنعنى من أن آخذه معى الى الزنزانة فى وقت كنت محروما فيه من كل شىء وممنوعا من الزيارات ، تذكرت ضابط الترحيلات الذى إعتدى على بالضرب والسب أمام موظفى نيابة محرم بك دون أن يحرك أحد منهم ساكنا أو ينطق بكلمة واحدة مهددا اياى بأننى سأعيش أسوأ أيامى فى السجن وسأنتحر من قسوة ما سأواجهه ، وتذكرت رئيس مباحث مجمع محاكم الإسكندرية الذى إعتدى على بالضرب المبرح مع جنوده وكان يصورنى بكاميرا هاتفه المحمول أثناء ذالك ويطلب منى فى هذه اللحظات العصيبة أن أبتسم ! .
وتذكرت الأيام الخمس والستون التى قضيتها فى " عنبر شديد الحراسة " بسجن برج العرب المخصص للمحكوم عليهم بالإعدام والموقع عليهم جزاءات تأديبية ، وكيف كان العميد " جمال مخيمر " مأمور السجن وقتها ، ونائب مدير أمن المنيا حاليا يساومنى على ما سجنت لأجله ويطلب منى إعلان التراجع عن آرائى فى مقابل إخراجى من هذا الحبس الإنفرادى وهو العرض الذى رفضته بشدة وأدى ذالك إلى إستمرارى وحيدا فى زنزانة ضيقة ، لم يكن يسمح لى خلال هذه المدة بالذهاب الى دورة المياة سوى مرات قليلة ، بلغت فى وقت من الأوقات إحدى وعشرين يوما لم أتمكن خلالها من الإغتسال لأن مأمور السجن وقائد العنبر لم يوافق ذالك هواهما .
وتذكرت أيضا كيف كان " عمرو جابر " أمين الشرطة التابع لمكتب أمن الدولة فى سجن برج العرب يتدخل لمنعى من الزيارات حتى أنه قام بمنع محامى من زيارتى بالرغم من حصولهم على إذن من النيابة العامة ، وقضيت على إثر ذالك أكثر من عام ونصف العام لم أرى فيها أى وجوه بشرية تنتمى للعالم الموجود خارج أسوار السجن .
وتذكرت ما فعله معى ضابط المباحث السادى القذر " مدحت سمير " الذى يعمل حاليا كرئيس لمباحث مركز إسنا بمحافظة الأقصر بالتعدى على بالضرب بواسطة مخبر وجندى ومسجون جنائى لشكه ( مجرد شك لا يرقى الى مرتبة اليقين ) فى تحريضى لسجناء أفارقة على الإضراب عن الطعام إحتجاجا على سوء الأحوال داخل السجن ، وما تبع ذالك من تلفيق قضية لى ليغطى على جريمته بإتهامى بالتشاجر وإحداث إصابة فى أحد المسجونين بينما كنت مجنيا على ، واحتجازى بعنبر التأديب لعشر أيام متواصلة حرمت فيها من الطعام والشراب وكل شىء ، ونقلى من العنبر الذى كنت أقيم فيه للتنكيل بى ومحاولة تدمير معنوياتى .
وتذكرت ضابط مباحث أمن الدولة بالإسكندرية الذى إحتجزنى لعشرة أيام متواصلة بعد أن أنهيت فترة سجنى ، وإستجوبنى بينما كنت معصوب العينين لمدة ساعتين كاملتين وأنا واقف على قدمى ، وتعدى على بالضرب والسب وهددنى بالاعتقال والضرب وتكسير العظام وأشياء أخرى يعف اللسان عن ذكرها .
تذكرت كل هؤلاء الأشخاص وكل هذه المواقف القاسية العنيفة وأنا أشاهد الطاغية المخلوع يدخل على سريره الى قفص الإتهام ذليلا منكسرا وولديه برفقته وبعض أركان نظامه ، شعرت وقتها بأن حقى قد عاد إلى وأننى قد إسترددت إعتبارى عندما تبدلت الأماكن والظروف والأحوال ، وحينما سأله القاضى عن الإتهامات المنسوبة إليه وأنكرها بشدة ، تذكرت كيف كان حالى عندما كنت فى نفس موقفه وكيف كان ردى على الإتهامات التى وجهت الى والتى لم أنكرها لأننى كنت ولا أزال أراها تاجا على رأسى ووساما فوق صدرى ، ووجدت أن مقارنتى بهذا المجرم الذى تورط فى سفك دماء أبناء شعبه وإفقارهم وإذلالهم هى إهانة لى وإساءة الى سمعتى .
وجدت نفسى أنظر إليه وأتذكر كلماتى التى أرسلتها له فى رسالة على موقع حملته الإنتخابية عام 2005 ونشرتها كمقال بعدها مباشرة وكنت أدعوه من خلالها إلى تقديم تنازل عن الترشح لإنتخابات الرئاسة قبل أن يحين الموعد النهائى لتقديم التنازلات قائلا : " ... إن آخر موعد لتقديم التنازلات الى لجنة الإنتخابات الرئلسية هو يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من هذا الشهر ... فأرجوك أن تبدأ بتقديم التنازل قبل حلول هذا الموعد وسنكون شاكرين لك مالم تكن متورطا فى أى شىء يستوجب معاقبتك ." ... وتسائلت : مالذى كان سيحدث إن إستجاب المخلوع لنصيحتى وتنازل عن الترشح للرئاسة وقتها .. ألم يكن سيتفادى كل ما يتعرض له الآن من ؟؟!!!.
وسألت نفسى : لماذا لا يرى هؤلاء الطغاة سوى ما تحت أقدامهم ولا يتخيلون اللحظات العصيبة التى سيزول فيها ملكهم وينتهى سلطانهم ويسقطون تحت أحذية الشعب يلتمسون الرحمة والعفو ؟؟!! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انا مجرم وقليل الادب
عيدالله صقر ( 2011 / 8 / 5 - 17:42 )
هذه العبارة لو قالها الفرعون عندما كان فى قفص الاتهام وهو يحاكم على جرائمه , لكنا جميعا أحسسنا بأرتياح كبير , لكن هناك شعور داخلى لازال لدى الرئيس المخلوع بأمر شعبه , وهذا الشعور هو الاحساس بالكبرياء والتعالى أمام من ظلمهم خلال سنوات حكمه , فالاسقاطات كثيرة والالظلم أكثر , وكم من أناس أهانهم الفقر والعوز على يديه , والمصيبة الكبرى عندما ترك بساط الحكم لابنه وزوجته لضياع مستقب أمة كاملة على أيادى عصابة من الوزراء واللاحكماء والهليبة والمرتشين والافاقين الذين كانوا يخططوا ويحددوا مصائر أمة , أنها سخرية القدر الذى جعل مصائرنا فى يد من لا يرحم , كم حكم مصر من طاغية وكان مصير كل منهم إما القتل والاغتيال أو القتل بالسم الزعاف أو النفى عن الامة كما حدث معفاروق ناهب ثروات مصر , أنها كانت عزبة لكل من حكم مصر , ويشاء القدر أن ينكشف عورات كل من سرق مصر , ليعود الى مزبلة التاريخ من أقذر أبوابه .


2 - سجن برج العرب
فرات إسبر ( 2011 / 8 / 6 - 10:28 )
العزيز عبد الكريم
تحية خالصة لك ، تم تكريمك هنا في نيوزلندة في يو م السجين العالمي . كنت وقتها مدعوة وفوجئت حقا باسمك حاضرا وكم شعرت بالحزن والاسى لارى اسماء لاصدقاء من السودان والسعودية .كنت أطوف بين الاسماء والمدن وأنا ارتجف خوفا وخجلامن أن أجد سورية في الملفات .سورية كانت غائبة ولكنها اليوم تحضر بشكل مختلف وأشد ما أخشاه ما نحن مقبلون عليه .
الزمن كفيل بالطغاة وكلمتك اليوم أحياء لمجدك في أن تقول لا للطغاة.


3 - سجن برج العرب
فرات إسبر ( 2011 / 8 / 6 - 10:28 )
العزيز عبد الكريم
تحية خالصة لك ، تم تكريمك هنا في نيوزلندة في يو م السجين العالمي . كنت وقتها مدعوة وفوجئت حقا باسمك حاضرا وكم شعرت بالحزن والاسى لارى اسماء لاصدقاء من السودان والسعودية .كنت أطوف بين الاسماء والمدن وأنا ارتجف خوفا وخجلامن أن أجد سورية في الملفات .سورية كانت غائبة ولكنها اليوم تحضر بشكل مختلف وأشد ما أخشاه ما نحن مقبلون عليه .
الزمن كفيل بالطغاة وكلمتك اليوم أحياء لمجدك في أن تقول لا للطغاة.


4 - ما آلت اليه الامور ليست من مصلحة احد
علي سهيل ( 2011 / 8 / 6 - 11:15 )
نحن نكرر اخطاؤنا على مدار اكثر من ألف عام ونجري بدائرة مغلقة وبعد كل هذا الجهد نرجع إلى نقطة الصفر، ونستبدل طاغية بطاغية وندعو ما فعلناه ثورة نسنجد الدعم من امريكا وسبحان الله الذي بدل قرودها بغزلانها، ما كنا نكافح من اجل التخلص منه اصبح الان مطلب (الثوار)!!!؟؟؟
في تونس زادت نسبة البطالة وايضا الاذلال والخنوع ونقص الدخل القومي والاستجداء واضح من الذي يعطي الشرعية او يسحبها متى شاء؟؟ اما في مصر ورغم الثورة والمحاولات الجادة من الشباب لوضع مصر على الطريق الصحيح لمواكبة التطور والتقدم والتنوير ولكن سحب البساط من تحت اقدامهم جعل مصر في مستنقع الفقر المطقع والبلطجة!! واليمن حدث ولا حرج اصبح مقسم فعليا وليبيا باسم (الثورة) اصبحت شمال وجنوب وشرق وغرب يطلبون التدخل المباشر والعلني من امريكا والناتو لتسريع الاطاحة بنظام المعتوه القذافي ولكن حساباتهم ومصالحهم تحتلف عن ثوار اخر زمن، وفي سوريا مؤامرات تحاك ضد الجميع ضد النظام وضد ايضا الثورة ويستغل الجميع ليس فقط لخنوع سوريا بل اخراجها من اي معادلة في المستقبل وعلى من ينتصر ان يدفع الثمن غاليا؟ وتبدت مدخرات الدول والشعوب بلحظة ومن المستفيد !!


5 - جنت على نفسها براقش
saleem ( 2011 / 8 / 8 - 20:18 )
يا حرام كل دة حصلك !!!!؟؟؟؟؟
ولسى الجماعة حاطين عينهم عليك يا استاز عبدالكريم فكن على حذر
لاني سمعت واحد يقول انهم سوف يصلبونك في مكان عام
ارجوك ان تاخذ الحيطة والحذر

اخر الافلام

.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا


.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي




.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس


.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني




.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة