الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا ابيض يا اسود .. في سبتمر المقبل

رمزي عودة

2011 / 8 / 5
العولمة وتطورات العالم المعاصر



يبدوا ان الامور تتسارع في الشارع الفلسطيني , اقترب سبتمبر و القيادة الفلسطينية مازالت متمسكة بخيار التوجه للامم المتحدة لنيل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية , التهديدات مستمرة بين الجانبين الفلسطيني و الاسرائيلي حول هذا الموعد القنبلة , الولايات المتحدة و معظم الدول الكبرى تعارض او على الاقل لا تؤيد خطوة الفلسطينين بالتوجه للجمعية العامة للامم المتحدة , الفلسطينيون شعروا بالاحباط الطويل من مماطلة الجانب الاسرائيلي في المفاوضات التي استمرت اكثر من خمسة عشر عاما و استمر الاحتلال معها ليبدوا انه في الامد القصير و ربما المتوسط سيبقى الوضع على حاله و ستبقى السلطة الوطنية سلطة حكم ذاتي دون اية سيادة حقيقية .
الاشكالية كبيرة هنا , فالولايات المتحدة تعارض الخطوة الفلسطينية و تصفها بالخطوة احادية الجانب كما يرفض الاسرائيليون هذه الخطة ايضا متمسكين بخيار المفاوضات دون اي شروط و دون وضع سقف زمني لهذه المفاوضات بل اننا نشعر احيانا ان المفاوضات التي يطالب بها الجانب الاسرائيلي لا تشترط ايضا مرجعية قانونية و دولية لها فلم يعد الحديث كما هو الحال عليها مسبقا عن 242 و اصبحنا نسمع كثيرا سواء من تصريحات المسؤولين الاسرائيلين و حتى الامريكان عن مصطلحات تبادل الاراضي و انسحاب مشروط و جزئي و مناطق حدودية الى اخره من المفاهيم التي تجرد قرار 242 من محتواه الحقيقي .
بالضرورة فان اي توجه فلسطيني محتمل للامم المتحدة او اعلان الدولة سيواجه بعدد من العقوبات الدولية, بقيادة امريكية بالطبع, على السلطة الوطنية الفلسطينية مثل قطع المساعدات الدولية او الحصار او عدم تحويل مستحقات الضرائب للسلطة الوطنية و غيرها من العقوبات التي قد تحتمل تدخلا عسكريا و لو محدود ضد السلطة الوطنية اذا ما تفاقمت الازمة . و في الواقع فان مماطلة الامريكان و الاسرائليين الاونة الاخيرة في دفع التعهدات و الالتزامات المادية عليهم للسطة الوطنية سواء بعد اعلان افاق للمصالحة الوطنية بيت فتح و حماس او بعد اعلان نية الفلسطينين التوجه لاعلان الدولة ما هو الا نوعا من الردع للسلطة الوطنية لمنعها مستقبلا من المضي قدما في هذا السياسات التى لا تروق للجانب الامريكي أو الاسرائيلي.
الفلسطينيون بجانبهم لا يمتلكون كثيرا من اوراق الضغط , فالحليف الاستراتيجي للقيادة الفلسطينية مصر مشغول بتسوية اوضاع الثورة و التي مازالت في مرحلة المخاض بما يشعر الفلسطينيون بالقلق الشديد من شيوع الفوضى و عدم الاستقرار لدى حليفهم الاستراتيجي , بالنسبة للسعودية و باقي دول الخليج العربي فانها لا تمارس ضغطا يذكر على الصعيد الامريكي لصالح القضية الفلسطينية بل انها حتى الان لم تستطع سد العجز الذي سببه قطع المساعدات المالية على السلطة . كما ان الانقسام الداخلى بين الضفة و غزة دون وجود امال حقيقية في تسوية عملية اقتسام السلطة بين فتح و حماس بالاضافة الى تردي الاوضاع الاقتصادية بين اوساط الشعب الفلسطيني الذي تتجاوز نسبة من هم دون خط الفقر الى اكثر من 35% من السكان , كل هذا يصعب من الازمة التي تعيشها السلطة و يقلل الخيارات المتاحة لها في سبتمبر المقبل .
الا ان هذه المسألة لها اوجه عديدة , يجب على القيادة الفلسطينية تحليل كافة الاحتمالات المتاحة امامها في المرحلة المقبلة و توضيح الفوائد و التكاليف المتضمنة في كل بديل و يمكن في هذا السياق من اجل ادارة هذه الازمة ادارة جيدة الاستعانة بمجموعة من الباحثين و الاكاديميين السياسين و المختصين من اجل وضع دراسة للبدائل المتاحة و التوصية باى من هذه البدائل افضل للمصالح الفلسطينية , المسألة تحتاج لحساب دقيق و لا يجب التسرع في اتخاذ القرار لان اي خطأ في هذه العملية سيجر تكاليف باهظة على الفلسطينين . كما حدث سابقا في حرب 1976 او حرب الخليج او حتى في الاتفاضة الثانية.

و في الواقع فان الخطأ الاساسي الذي قد يقع فيه صانع القرار الفلسطيني يكمن في عدم ادراكه للواقع السياسي المحلي او الدولي بالطريقة الحقيقية التي يوجد عليها على ارض الواقع , فلا يجب ان نتصور اننا امام خيارات محدودة جدا او لنقل امام خيارين اثنين هو ان نعلن الدولة او لا نعلنها و يبقى الوضع على ما هو عليه, الخيارين محدودين- يا ابيض يا اسود - و لكن على ارض الواقع هنالك مساحة كبيرة من الخيارات بين هذين الخيارين او اللونين يجب دراستها و تحليل مدى انسجامها مع المصالح الوطنية الفلسطينة .
ربما من الصعب في هذه المقالة تحديد كافة الخيارات المتاحة امام الفلسطينين في هذه الفترة , و لكن يمكن تصور بعضها , من هذه البدائل :تقديم مبادرة سياسية فلسطينية عربية للتسوية النهائية, حتى و لو كانت بالون اختبار , على غرار المبادرة العربية قد تحرج الاسرائيلين و الامريكان و قد تؤدي الى دفع العملية التفاوضية حتى و لو استمرت بعد سبتمبر ضمن سقف زمني و بالضرورة فانها تحفظ ماء وجه الفلسطينين لو طالت عملية المفاوضات المتعثرة عن سبتمبر المقبل . كما يمكن للفلسطينين اتخاذ بعض الخطوات التمهدية قبل اعلان الدولة مثلا الغاء بعض اللاتفاقات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي و التي تحد من سيادة الدولة او مد نشاطها اي نشاط السلطة و خاصة الامني الى مناطق C , و حتى يمكن تصور اتخاذ اجراءات احادية الجانب من قبل السلطة الوطنية في القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية , يمكن ايضا تصور بدائل مختلفة مثل تدعيم الجهود المدنية و الشعبية نحو اعلان الدولة او الدخول في مفاوضات مع الجانب الامريكي لعقد صفقة تؤجل السلطة الوطنية فيها نيتها للتوجه للامم المتحدة لمدة عام مقابل تعهدات امريكية بالوصول الى التسوية النهائية .
كما هو ملاحظ من التحليل السابق , فبرغم ان السلطة الوطنية الفلسطينية هى الطرف الاضعف في معادلة الصراع في الشرق الاوسط الا انها مازالت تمتلك خيارات عديدة قد تجنبها الدخول في ازمة قد تقضي على شرعيتها الدولية او قد تؤثر على النمو الاقتصادي و الاستقرار السياسي في الضفة الغربية , ربما على السلطة ان تقدم بعض الاغراءات التي تساعدها في الوصول الى حل لهذه الازمة او على الاقل تمنعها من وضع الخناق عليها . ان عليها ان تحسب الخسائر و الفوائد و تقارن بينها لان هنالك فعلا اشياء سيخسرها الفلسطينيون علينا ان نفوت الفرصة على الخصم لحرماننا منها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة