الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا وتركيا مصير واحد.. كيف، ولماذا؟

عصمت المنلا

2011 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


المصير الواحد، حتم على القيادة التركية التعامل مع الأزمة السورية بمنتهى
الحكمة والتعقل، والمحافظة على الأخوّة والصداقة وحسن الجوار، وبديهي أن
تستمر هذه العلاقة رغم كل محاولات أعداء سوريا وتركيا معاً، في الوقيعة بين
البلدين الشقيقين، ولاشك أن المصيرالمشترك، والمستقبل الواحد، يجعل الرئيس
الطيب أردوغان يُحاذر الإساءة بأي شكل لهذه العلاقة الوطيدة، لأن لديه هاجساً
مُقلقاً يجعله لاينفك يتساءل:"هل تركيا في منأى عن الفوضى الهدّامة التي تدمّر
معظم بلدان الإقليم المحيط ببلاده..؟
سوريا اليوم، تشبه القنبلةالإنشطارية التي(لو انفجرت)لاسمح الله، وتحوّلت تحت
ضربات المؤامرة الى شظايا متناثرة، ستصيب – دون أدنى شك – كافة البلدان
المحيطة بها، بحيث يتحول العراق(المُقسَّم ضمنياً حالياً) الى التقسيم الرسمي
تحت "شرعية..!" الأمم المتحدة.. والأردن سيتحول الى أرض محروقة يُصعّد
فيها "الأخوان" والسلفيون مطالبهم لتصل الى الهتاف بإسقاط النظام والملك..أمّا
لبنان، فأوضاعه الهشة لن تتحمّل "نفخة" ولا أقول عاصفة، لأن كل مقدمات
الإنفجار الكبير تؤشر الى قابليته، وجهوزيته التامة ل"الإنتحار مُجدداً" عَبْرَ كل
الإنقسامات بين "قطعانه" الطائفية والمذهبية والحزبية..الخ
بالنسبة الى الجارة تركيا التي لها 850 كيلومتراً حدودية مع سوريا (الموصوفة
بالقنبلة الإنشطارية) إذا انفجرت – لاسمح الله أيضا – كما يهدف المتآمرون من
إنخراطهم في تعميم الفوضى الهدّامة تحت شعارالمعارضة..فإن شظايا الإنفجار
ستصيب الأتراك في مقتل، وتؤدّي الى تشظي الأرض التركية– بدورها، ولدينا
مُؤشراً إستباقياً على ملامح سهولة إنتقال الفوضى الى تركيا – وأرجو ألاّ أكون
مُحِقاً – من خلال التوقيت المُريب لاستقالة الجنرالات الأتراك، بصرف النظر
عن الأسباب المُعْلَنة، لأن الأسباب الخافية هي أخطر من أن يتورط الجنرالات
بإعلانها، ربما، لذلك، نجد الطيب أردوغان يلتزم الحذر، ويتحلّى بكثير من
الحكمة في التعامل مع القيادة السورية في مواجهتها الأزمة الأمنية، لأنه سيواجه
المشكلة ذاتها في حال سقوط سوريا وانتقال "تسونامي" الفوضى الى تركيا، فهو
يُدرك جيداً أبعاد استراتيجية هدم بلدان الشرق الآوسط التي تديرها حالياً غرَف
عمليات في كل من واشنطن وتل أبيب والدوحة،وانضمّت اليهم السعودية مؤخرا
بوضع كل ثقلها في ورشة هدم كيان الدولة السورية.. مُقايضة بذلك إبعاد كأس
الفوضى عن ضرب استقرار المملكة، وربما تكون القيادة السعودية قد حصلت
من حكام قطر (وكانوا حاولوا إثارة الإضطرابات شرقي المملكة) على تعهّد
بعدم مُعاودة نقل عمليات الهدم والفوضى الى السعودية.
علّنا لانجافي الحقيقة بالتذكير، إن الجنرالات الأتراك الذين يحكمون بلادهم من
وراء "بارافان" الحكومات المدنية الحزبية منذ قيام تركيا الحديثة"الأتاتوركية"
تماماً كما حكمت العديد من الأنظمة الإنقلابية العسكرية في سوريا بقناع مدني،
رحم الله "صلاح الدين البيطار" الذي كان على استعداد دائم لتولّي الحكم
"الصُوَري" كغطاء مدني لعسكر الإنقلابات.. وهذا ما يحدث في تركيا منذ كمال
أتاتورك وكبار القادة العسكريين يأتون بأحزاب وشخصيات تتمتع بالشعبية التي
يجب توفرها في رؤساء الحكومات.. شرط الإبقاءعلى كل مايتعلق بالأمن القومي
والداخلي، وكل العلاقات والمعاهدات الدولية تحت سلطة الجنرالات، وعلى كل
رئيس حكومة الإلتزام بهذا الشرط الراسخ دون تعديل، لأن الحكومة بيدها سلطة
التعاطي مع كافة مناحي الحياة التركية الأخرى بحرية وديموقراطية..وبناء على
هذا المبدأ (الميثاق) فقد نسجت القيادات العسكرية التركية المتناوبة علاقات تركيا
الخارجية، فوجدنا علاقات لها الأفضلية مع الولايات المتحدة ومَن يدور بفلكها
ومع حلف "الناتو".. وصولاً الى نسج أفضل العلاقات المميّزة مع الكيان العبري
من خلال عقد العديد من الإتفاقيات والمعاهدات، ويُشبه حالهم في ذلك، إرتباطات
قادة المجلس العسكري المصري بالمواثيق والعهود مع إسرائيل منذ عام 1973
وورث الرئيس المخلوع هذه التركة من سابقه، وأضاف أكثر، بعدم تعيين القادة
ضباط المجلس العسكري الأعلى إلاّ بالتراضي مع وزارة الدفاع "البنتجون"
الأميركي ووزارة الحرب في تل أبيب ..!
تعتبرتركيا إحدى أكثرالجهات إثارة لمرارة الذكريات عند اليهود في العصرالحديث
ويعترفون في بعض كتبهم الصادرة في القرن العشرين بأن السلاطين العثمانيين
كانوا السبب في تأخير يدء "نضالهم..؟وثورتهم؟" من أجل الهجرة الى فلسطين،
تمهيداً لإقامة الكيان..من أجل ذلك فإن حقدهم بلاحدود على الأتراك الحاليين،
ومنذ أكثر من قرن، يُعلمون أطفالهم على أخذ الثأر والإنتقام من كل الذين يمتون
للعثمانيين بصلة، ويعتبرون أنهم أخروا وعرقلوا قيام إسرائيل حوالي نصف قرن
عن الموعد الذي كان قد حدده ساستهم وحاخاماتهم في مؤتمر بال بسويسرا 1897
لذلك فإن الظنون تساور الكثيرين من الشعب التركي، كما في أوساط النخب العربية
أن تكون إستقالة الجنرالات الأتراك في هذا الوقت لعبة خبيثة من ألاعيب حلفائهم
يهود تل أبيب الذين أوحوا اليهم باستقالة إستباقية للآتي الخطير الزاحف اليوم ببطء
نحو تقويض إستقرار وأمن وسلام تركيا، ويمكن استنتاج المؤشر الى هذا الخطر
من مراهنةعديد من المسؤولين والمحللين السياسيين الإسرائيليين على احتمال سقوط
الدولة السورية في مهلة أقصاها (حسب زعمهم) أربعة أشهر تنتهي مع نهاية العام
الجاري.. ويمكن اتخاذ هذا الرهان الإسرائيلي كتعليل وذريعة للأسباب الإستباقية التي
أدّت لاستقالة الجنرالات بشكل جماعي مُريب بالتزامن مع احتدام الصراع ضد سوريا
بحيث تكون حكومة أنقرة ورئيسها أردوغان في حالة إنكشاف تام في مواجهة ما قد
يتأتى من تداعيات على الأمن الداخلي التركي إذا تم للمتآمرين على سوريا إنجازالمهمة
.. لكن الأهم من كل الرهانات المعادية، ومن إستجابة إخلاء الجنرالات مواقعهم الرسمية
(حتى لو عيّنت حكومة أردوغان بدلاء عنهم ليسوا بالخبرات عينها والتجارب ذاتها
للمستقيلين)..الأهم ألاّ يكون أردوغان وحزبه من المراهنين على مثل مايُراهن عليه
يهود فلسطين، لأنه يكون بذلك كمن يُراهن على مصير لتركيا متطابق تماماً والمصير
السوري.. فإن فسيفساء مكوّنات الشعب التركي أقرب ماتكون الى مكوّنات الشعب
السوري، والأطراف المعادية للدولة السورية لديها ذات الأسباب والأهداف التي تجعل
تركيا ليست في منآى أو مأمن من غزو "تسونامي" الفوضى الهدّامة الصهيو-أمبركية!









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE