الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن و الربيع العربي

فاطمه قاسم

2011 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية




منذ أحداث تونس في أواخر العام الماضي , و حتى دخول الثوار الليبيين إلى مقر قيادة ألقذافي في باب العزيزية , و إعلان الرئيس السوري عن توقف عمليات الجيش في المدن السورية والتي لم تتوقف, و عودة قيادات النظام بعد الاعتداء الذي وقع عليهم في مسجد القصر الرئاسي في صنعاء قبل حوالي ثلاثة شهور , و مثول الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك أمام محكمة الجنايات التي يرأسها المستشار أحمد رفعت مرتين مع أولاده ما الذي يمكن استنتاجه ؟
و هل يوجد أثار ايجابية لفصول الربيع العربي على القضية الفلسطينية يمكن رصدها و القياس عليها أم أن الأمر زال مبكرا جدا لتبلورا لملامح النهائية ؟
و هل القضية الفلسطينية حصلت على بعض الزخم لإضافي الجديد, الذي يمكن التعويل عليه , أم أن كل هذا كله من باب التوقع, و حتى يتحول ذلك إلى حقائق يجب الانتظار أولا , و يجب أن لا نسارع بالحكم على مجرد توقعات لم تتأكد بعد،
وحتى لوشاء الفلسطينيون أم أبوا , فإن مصيرهم مرتبط بتداعيات الواقع من حولهم في المنطقة , خاصة و أن هذه المنطقة يتوفر كميات كبيرة من عناصر الطاقة فيها - النفط و الغاز- و أهمية الجغرافيا التي تمثل نقطة الاتصال بين شمال العالم و جنوبه , فإن ما يحدث في المنطقة ليس معزولا عما يجري في العالم , أو عما يريده العالم , و لعلنا نلاحظ عدد اللاعبين و تداخل الأدوار في كل ما يحدث في المنطقة الآن من فصول ما يسمى بالربيع العربي
فكم عدد اللاعبين في الأحداث الجارية في ليبيا الأمر لا يقتصر على حلف الناتو , أو الاتحاد الأوروبي , بل يتعداه إلى دول المنطقة , و دول الاتحاد الأفريقي , و الصين و الاتحاد السوفيتي , و ربما بعض دول أمريكا اللاتينية .
و المشهد نفسه موجود أقل قليلا أو أكثر قليلا في أحداث سوريا , و أحداث اليمن , و أحداث مصر , و أحداث تونس , و صراع المصالح , و معادلات الأمن الدولي , و في قلب المعادلة نأتي نحن فلسطينيا في مواجهة احتلال إسرائيلي من نوع متفرد نتصارع على ما هو واقع , و ما هو ماضي , و على شكل المستقبل ، و هو احتلال ساهم حتى قبل ميلاد دولة إسرائيل على الاختراق والتسلل بين الطوائف و الأعراق في المنطقة , أي أنه ساهم في رسم المنطقة كما هي عليه الآن بعد الحربين الأولى و الثانية , و هو احتلال شديد التدخل علنا و سرا في أدق التفاصيل , و لديه رؤى مسبقة عن الأحداث و تداعياتها , و ليس من قبيل الصدفة المحضة أنه صنع انقسامنا الفلسطيني ، و هو يسعى إلى ترجيح قراءته للأحداث الجارية في المنطقة حتى لو وافقنا بتحفظ على حدوثها مفاجئة له كما يقول البعض , فإنه ساهم في تداعيات هذه الأحداث بحكم وجوده في قلب المنطقة و في قلب المشكلة .
نريد أن نحافظ في هذه المرحلة بالذات على الشراكة العربية , فبدون هذه الشراكة نبدو بلا عمق ،و لكن يتوجب علينا أن نعرف مركز الثقل العربي , أين هو الآن ؟ و أن نحدد بدقة حقيقة الأولويات العربية الآن , في هذه المرحلة الجديدة , حتى نحقق ما نهدف له , فنحن الآن في قمة الصراع السياسي مع إسرائيل , و هذا الصراع السياسي اخترنا له ميدان الصراع المناسب , مسرح الشرعية الدولية , , الأمم المتحدة , المشكلة الحقيقية أمامنا أن إسرائيل من اللحظة الأولى ترفض هذا الميدان , تريد أن تبقي النزال بيننا و بينها لاستغلال اختلال موازين القوى ، و تريد أن تبقى أمريكا هي المحتكرة لإدارة العلاقة بيننا و بين إسرائيل و ليس الأمم المتحدة , و من أجل ذلك قد تلجأ إسرائيل إلى تحويل الاشتباك السياسي إلى اشتباك ميداني كما حدث في أيام العنف الأخيرة , و لذلك جرى الحديث عن عملية إيلات بطريقة أحادية هي الطريقة الإسرائيلية , لأن بقية الأطراف أعلنت أنها لا علاقة لها بما جرى , و لكنها لا تملك المعلومات الكافية عن الطرف الذي خطط للعملية و نفذها , وحقيقة حجم هذه العملية , و مصادرها , لقد بقي الأمر كله في إسرائيل , حتى الشقيقة مصر التي أصابتها التداعيات الإسرائيلية في الصميم من خلال تجاوز الحدود , و قتل ستة مصريين , و تنفيذ حق المطاردة داخل حدودها , لم تفصح حتى الآن إن كان لديها معلومات ذات وزن عن حقائق هذه العملية , أو من الجهات التي تقف وراءها , و هل هي جهات محلية أم إقليمية , و ما هو اتجاه العملية هل هو لاستثارة إسرائيل , أم للتشويش على استحقاق أيلول , أم لإحراج الطرف المصري ؟
في السياسة , فإن من أول ما يجب فعله هو أن نقرأ ما يجري حولنا باهتمللانقسام., و أن ننتمي إليه , و لكن بحسابات دقيقة , و علينا أن نبذل أعلى جهد ممكن في إعادة تأهيل الوضع الفلسطيني خارج تداعيات الانقسام الآن , هذا الانقسام هو ضربة لمن يخوضون مع إسرائيل هذا الصراع السياسي الذي وصل ذروته , و لأن هذا الانقسام أداة استغلال إسرائيلية بامتياز , و لذلك رأينا نتنياهو تصرف بعدم اتزان عند التوقيع على اتفاق المصالحة , و كان أن سعى هو إلى امتصاص الانقسام الإسرائيلي - الحركة الاحتجاجية – من خلال عملية إيلات , بينما بقينا نحن تحت سيطرة اللعبة نعاني من تداعيات الانقسام السيئ .
اعتقد أن التهدئة التي جرت في الأيام الأخيرة بين قطاع غزة و إسرائيل هي من إنتاج الانقسام , و كان يمكن الوصول إلى اتفاق تهدئة أفضل تحت سقف مجلس الأمن الدولي الذي دعوناه إلى جلسة طارئة له , كان بالإمكان أن يبحث عن مرجعية للتهدئة غير المرجعية الإسرائيلية حيث تلعب إسرائيل دور الخصم و الحكم , و لكن روح الانقسام هي التي أنتجت اتفاق تهدئة جزئي محدود في المكان بدون أية التزامات إسرائيلية , و في نفس الوقت يعفي إسرائيل من مواجهة في مجلس الأمن قبل قليل من المواجهة التي نسعى أن تخوضها إسرائيل أمام الجمعية العمومية ، و هكذا يتضح أن الانقسام ليس فقط حالة استثنائية تستخدمها إسرائيل في تصعيب فكرة الدولة , و إنما أصبح هذا الانقسام أداة تستخدمها إسرائيل ضد العمل السياسي الفلسطيني في كل جوانبه، فهل يوجد قدرة على استثمار هذا الربيع العربي في الضغط لإنهاء الانقسام ؟ و إذا لم تنجح فهل يمكن الضغط بالربيع العربي لتقليل الآثار السلبية للانقسام .
بالنسبة لنا, الربيع العربي حدث هام جدا , بأن يتغير نوع الأداء العربي لصالح القضية الفلسطينية أكثر , و لكن الربيع العربي مازال في مرحلة الحدث , و إلى أن يصبح حقيقة واقعة متبلورة الملامح , فإنه يتوجب فلسطينيا أن لا نتحمل المزيد من الخسائر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر