الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمات المجتمع المدني : بين الأستقلالية والتبعية ...

حسن حاتم المذكور

2011 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


عندما اعلن بعض المثقفين والناشطين في مجال منظمات المجتمع المدني في المانيا عن تشكيل جمعية مستقلة تجمع حولها من هم مستقلون في ارائهم ومواقفهم الوطنية والمهنية ’ كانت ردود الأفعال متباينة ’ قال البعض : انها مجازفة غير ناجحة ’ كون الحالة لازالت محكومة بتبعية منظمات المجتمع المدني لأجواء التحزب والتمترس داخل ثكنات التزمت الفكري والعقائدي ’ ولا يمكن لها الا ان تكون واجهة لهذا الحزب او ذاك التكتل ’ وعلق البعض : كون منظمات المجتمع المدني لا يمكن لها ان تكون مسقلة مهما حاولت ولا يمكن لها ان تفلت عن قبضة من يمتلك السلطة والمال والجاه ’ ويرى البعض الآخر : ان الوطنية لا يمكن لها ان تخرج عن محيط الأحزاب العريقة مهما حاولت’ والمنظمات التي لا ترتبط بالأحزاب ( الوطنيـة !!! ) لايمكن لنشاطها ان يكون وطنياً ’ اما الذين تجرأوا وشكلوا منظمتهم ( جمعية المستقلين العراقيين في المانيا ) كنموذج للنشاط الوطني الديموقراطي المستقل للجاليات العراقية في الخارج ’ يرون الأمر عكس ذلك تماماً .
الأستقلالية لا تعني الوقوف على التل والأبتعاد عن هموم الناس والوطن ’ وان عدم ارتباطها بأحزاب الطوائف والقوميات لا ينبغي ان يكون مبرراً لرميها بالجاهز من الأتهامات’ بعكسه’ ان الأستقلالية ستكون سبباً لمتانة روابط الأنتماء والولاء للعراق واهله ’ وان عدم التبعية لهذا الحزب او ذاك المكون لا يشكل موقفاً سلبياً منهما ’ ان حرية واستقلالية المواقف والنشاطات ’ ستكون اكثر ايجابية من النشاطات التي تصدر من تحت عباءة الوسيط التنظيمي .
الا ننكر ’ ان تجربة جمعية المستقلين العراقيين كمنظمة مجتمع مدني مستقلة ’ اصطدمت بعوائق واشكالات جدية ’ فقد تعاملت معها بعض المنظمات المؤدلجة لأحزاب الطوائف والأعراق بطرق ملتوية واساليب غير وديـة ووضعتها امام خيارين ’ فأما احتوائها ثم ابتلاع نهجها الأستقلالي ’ واما تهميشها وارباك نشاطها وتشويه هويتها ’ انه نهج اناني وضيق افق موروث سارت عليه اغلب الأحزاب العراقية ’ سواءً كانت في السلطة او خارجها ’ ادى الى شرذمة واضعاف العمل الوطني الديموقراطي والمهني على امتداد اكثر من خمسة عقود .
المثير للأعجاب ’ ان تلك المنظمة المستقلة الفتية ’ استطاعت وعبر ثلاثة سنوات تقريباً ان تتحمل ثقل ضغوط حصارات الأحزاب وواجهاتها التنظيمية ’ واعطت نموذجاً مغايراً لما اراده البعض ’ فكانت الأنشط والأكثر انسجاماً وفعالية ’ ورغم محدودية امكاناتها ’ استطاعت ان تتبنى حقوق ومطاليب الجاليات العراقية في الخارج’ ورسخت مفاهيم وقيم واساليب غير مألوفة ’ كون منظمات المجتمع المدني المستقلة ’ هي الأقرب الى هموم الناس والأكثر انتماءً لهم والأصدق ولاءً للوطن .
ان العمل الوطني الديموقراطي المستقل بحاجة ملحة لتطوير الحركة الجماهيرية ولا يحتاج وسيطاً يفلتره ثم يرميه بعيداً عن الأهداف الوطنية الديموقراطية والأنسانية التي تتشكل من اجلها منظمات المجتمع المدني .
جمعية المستقلين العراقيين في المانيا ’ بذلت جهوداً استثنائيةً لفتح ثغرة في الحاجز النفسي بين السفارات والجاليات العراقية والذي استورثناه من الممارسات القمعية للنظام السابق ’ فلم تنجح ما يكفي ’ فتلك اشكالية اشرت اليها بمقالة سابقة ’ فلا الجاليات موحدة حول مرجعيات تمثلها ’ تستطيع ان تضغط اعلامياً لأيصال صوتها موضحاً حقوقها ومطاليبها عبر السفارات العراقية الى الجهات المعنية في الداخل ’ ولا السفارات مؤهلة ان تتنفس برئة عراقية عند التعامل مع حقوق ومطاليب الجاليات ’ فأغلبها ( السفارات ) من نتاج نظام التحاصص ’ تتحكم بأهوائها خلفيات حزبية وعقائدية وروابط تنظيمية صارمة يمنعها من الأنفتاح على ما هو وطني .
استطاعت جمعية المستقلين العراقيين في المانيا تلخيص حقوق ومطاليب الجاليات العراقية في الخارج في مذكرة الى الرئآسات الثلاثة وقع عليها اكثر من ( 300 ) منظمة وشخصية وطنية من الداخل والخارج ’ وقد سلم وفدها تلك المذكرة الى السيد سفير جمهورية العراق في برلين ’ وكما علمت اخيراً ’ ان الجمعية ستوفد من يمثلها لمتابعة تلك المذكرة ’ مستعينة بشقيقاتها من منظمات الداخل والصحف والفضاءيات التي تتفهم وتحترم استقلالية النشاط الوطني الديموقراطي المهني المستقل .
المشكلة هنا : ان بعض الأحزاب والكتل التي تتشكل منها الحكومة ’ وكذلك التي خارجها ’ لا تستوعب الأهمية الوطنية والأنسانية لأستقلالية منظمات المجتمع الوطني خوفاً من ان تكون لها رقابة جدية وتأثير ايجابي على تنظيم العلاقة المتوازنة بين الدولة والمجتمع ’ وخشية ان تغرق منظماتها الرسمية شبه الرسمية في تيار الحركة الجماهيرية المستقلة ’ وبعضها ترغب ان تكمل مشوارها في تحاصص السلطة والثروات والمجتمع ’ وهذا ما لا تقبل به الحركات السلمية للأصلاح والتغيير ’ ويرفضه منظق التحولات الجذرية الهائلة محلياً واقليمياً وحتى دولياً .
زرت العراق بعد 2003 اكثر من مرة ’ شاهدت ما نخشاه على مستقبل الحركة الجماهيرية وهامش الحريات الديموقراطية في الداخل ’ منظمات مجتمع مدني تابعة للحزب الفلاني او الكتلة الفلانية ’ اغلبها تدور الياً في فلك الطائفة والقومية ’ وتلك الحالة المؤسفة وجدت بيئتها في الخارج ايضاً .
ان احتكار السلطة والمال والجاه من قبل بعض الأطراف الحاكمة ’ استطاع ان يخلع عن الحركة الجماهيرية ثوبها الوطني ويشوه انتمائها وولائها للعراق كنسخة من ماهيتها’ انها اساءة ترتكب بحق منظمات المجتمع المدني’ وحصار ظالم وافراط في القسوة تتعرض لـه اكثر من 80 % من بنات وابناء العراق داخل وخارج الوطن ’ فقط لأنهم قرروا صدق الأنتماء والولا لوطنهم وشعبهم دون وسيط يقيدهم بمنظومة بليدة من التوجيهات والتعليمات والوصايات صارمـة التنفيذ ’ فالأستقلالية هنا لها ضريبتها ’ وقد دفعت جمعية المستقلين العراقيين في المانيا حصتها مجحفة عبر اكثر من ثلاثة سنوات من التحدي والثبات على القيم والقناعات والمواقف واستقلالية النهج الوطني .
فهل سيستوعب الآخر : ماذا يعني ان تكون منظمات المجتمع المدني مستقلـة ... ؟؟؟
16 / 09 / 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية