الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أ يسقط الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية حق العودة ؟؟

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2011 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



في الوقت الذي يعتقد فيه العديد من القادة الفلسطينيين انهم قد نجحوا في تأمين العدد اللازم من الاصوات الكفيلة بنقل الصفة التمثيلية لفلسطين، الى دولة كاملة العضوية كخطوة من شأنها اتاحة الفرصة لنقل الصفة القانونية للأراضي الفلسطينية من أراض متنازع عليها إلى دولة تحت الاحتلال وبالتالي وضع فلسطين في دائرة الدول المعترف بها، فان اوساطا فلسطينية اخرى لا تجد في ذلك الكثير مما يدعو للاحتفاء به، بل وتذهب جماعات ثالثة للتحذير مما قد يطيح به هذا الاعتراف من حقوق فلسطينية غير قابلة للتصرف كحقي تقرير المصير وعودة اللاجئيين، وهو امر يدفع منطقيا للتساؤل عن حجم الحقيقة في كل موقف من هذه المواقف ؟؟.
غير ان منطقية تساؤل من هذا القبيل تستدعي ضرورة ان لا تُبنى الاجابة علية، وفقا لامكانيات تعدد افتراضي في النصوص والصيغ القانونية، الا في حال وجود افتراض وحيد يخترق تلك التعدديات نحو مقاربه واقع النص الحقيقي الذي سُيقدم فلسطينيا لقبول عضوية الدولة الفلسطينية الكاملة في الامم المتحدة.
فمعظم – ان لم يكن كل – الجدل السياسي والقانوني، الذي يعم مختلف وسائل الاعلام، والنتائج التي يتم التوصل اليها حاليا، هي نتائج افتراضية، لانها تقوم بالاساس على افتراضات للصيغة القانوية التي سيكون عليها طلب العضوية، فيما قد يأتي واقع النص بنتائج قد تختلف تماما عما هو سائد ومتداول، وهو امر قد يطيح كليا باستنتاجات من هذا النوع.
وحتى لا يعني ذلك، الاحجام عن المشاركة في الجدل السياسي الدائر، الى حين الوقوف على الصيغة النهائية لطلب العضوية، حيث لا يمكن حينها الخروج من شرك الوقوع في متاهات الخيال والبدع، اذ كل لوم بعد القضاء بدعة، فان ذلك يتطلب التحذير المسبق من مقاربة بعض المساحات التي قد تستطيع اسرائيل النفاذ من خلالها، لفرض رؤيتها لمسار تطور العملية السلمية بصورة قد تؤسس لمفاهيم جديدة لبعض الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف.
فان كان ما يمكن اخراجة من دائرة الجدل، هو حقيقة ان السياسة هي تكييف ذاتي وانتقاء لبعض شروط الواقع، فان الحقيقة المقابلة هي استحالة بقاء الواقع ثابتا لا نهائي، وبالتالي فان المناورة الصائبة هي فقط تلك التي تتيح لصاحبها امكانية استئناف حركته بصورة تلقائية مع كل تغير في الواقع المعني.
صحيح ان حكومة نتنياهو قد سدت كل منافذ المرونة الفلسطينية، وصحيح انها قد وضعت قيادة الرئيس محمود عباس في حرج شديد امام الشعب الفلسطيني، خاصة وانها تقابل كل خطوة من خطوات فلسفته السياسية، بضرورة الوفاء الفلسطيني بكل التزاماته الدولية لمزيد احراج اسرائيل، باحراجه شخصيا باكثر من اجراء تعسفي اقلها المزيد من الاستيطان ونهب الاراضي وتشريد اهلها، غير ان ذلك كله قد لا يكون تعبيرا عن قوة حقيقة، بقدر ما هو تعبيرعن حقيقة قوة راهنة، تخفي وراءها شعورا اسرائيليا دائما بالخوف والانهزام.
فالمأزق الاسرائيلي يكمن في الشعور المتزايد لدى قادة المشروع الصهيوني باستنفاذ مشروعهم معظم امكانياتة قبل استكمال اهدافه، وخاصة هدفي تأمين البقاء والانصهار الاقليمي، حيث برهنت سنوات قرن من الصراع، الفشل الاسرائيلي في طمس الهوية القومية لفلسطينيي 1948 اواستيعابهم كمواطنين، بل تحولوا الى خطر يهدد هوية الدولة، كما دلت هذه السنوات على استحالة قبول اسرائيل في المحيط العربي، اذ بعد اكثر من ثلاثين عاما من السلام الملفق نشهد تهاوي العلم الاسرائيلي من سماء القاهرة تحت اقدام الغاضبين فيها.
والحقيقة ان هذا الشعور- شعور ما يسمونه بالخطر الوجودي- ليس قصرا على حكومة اسرائيلية دون غيرها، بيد ان طغيانه على حكومة بذاتها هي حقيقة املت حجمها طبيعة مجريات الصراع نفسه. فبعد ان تكشفت للعالم حقيقة ان القضية الفلسطينية هي قضية شعب وارض وهي مشكلة ساسية علاوة على طابعها الانساني، وانه صار لازاما على المجتمع الدولي البحث عن حل سياسي لها، وبعد ان فقدت اسرائيل القدرة على الاستمرار بطمس الحقائق، ووجدت نفسها امام واقع ضرورة الاستجابة لمستوى تطور وعي المجتمع الدولي بطبيعة القضية الفلسطينية، عادت لمركزة تأمين البقاء كشرط استباقي لنية التوجه نحو جدية قبول حل للصراع .
فبعد سلسلة طويلة من محطات الفشل الاسرائيلي الامريكي في تطويع الموقف الفلسطيني لخيار تسووي اسرائيلي الطابع والاهداف، والتي توجت بحصار الرئيس الراحل ياسر عرفات وقتله، وتحديدا فانها مع بداية إرهاصات التسوية السلمية لقضايا الحل النهائي عام 2007 وللتهرب من هذا الاستحقاق عادت اسرائيل لطرح اشتراطية الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة الاسرائيلية، حيث كانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة رئيسة حزب "كاديما" المعارض تسيبي ليفني أول من دفع بمطلب الاعتراف بيهودية إسرائيل بقوة قبل نحو ثلاث سنوات من الان، لتبعث الحياة في مصطلح يعود ظهوره الى مطلع القرن التاسع عشر مع رواد الحركة الصهيونية، واعاد تأكيده تيودور هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897.
من المؤكد ان خطوة الذهاب للامم المتحدة لنيل اعترافها بدولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود الرابع من جوان 1967 وعاصمتها القدس، تنطوي على قدر كبير من البراعة السياسية التي تستحق الاهتمام، حيث سيكون بمقدورها نقل زمام التحكم بازمة المفاوضات من اليد الاسرائيلية الى اليد الفلسطينية، وانهاء مرارات الانتظار الفلسطيني من ناحيتي زمن هذه المفاوضات ومواضيعها، بالاضافة الى انها ستعيد تحميل اسرائيل مسؤولية احتلال اراض الدولة الفلسطينية.
فليس هناك ادنى شك بان فرقا شاسعا سيكون بين مفاوضات تُنتج دولة هي رهينة ارادتين على الاقل، بمعنى ان طبيعة هذه الدولة وسيادتها وعلاقاتها ستكون وليدة توافق طرفين وبين مفاوضات بين دولتين سيدتين تنتج شكلا من اشكال العلاقات الثنائية، التي تخضع بالاساس لمصالح الدولة الوطنية.
ولاول مرة قد يتسنى للجانب الفلسطيني تحويل القضايا والشؤون الرئيسية التي كان يجب أن يتم التفاوض بشأنها قبل الاعلان عن قيام الدولة الى منزلة اشبه بمنزلة ماء تحت الجسر ، على رأي الكاتب الاسرائيلي زلمان شوفال، الذي يرى ايضا ان كلمة السر هي دولة ، وانه منذ اللحظة التي ستظهر فيها هذه الكلمة في العناوين الصحفية سيصبح كل شيء آخر وغير ذي صلة. وانه بالرغم من ان هذه الدولة سيعوزها بعض الصفات الاخرى لدولة طبيعية وعلى رأسها السيطرة على الارض. فانه سيكون في مقدور هذه الدولة أن ترتبط باتفاقات دولية تشمل شؤونا أمنية، مع دول اخرى، وأن تنتخب عضوا كاملا في منظمات دولية مختلفة، وان اخطر من ذلك كله من وجهة نظر اسرائيل، ان الدولة الفلسطينية تستطيع الانضمام الى المحكمة الدولية وأن تجعلها حلبة لدعاوى لا تنتهي على اسرائيل وجنودها ومواطنيها.
وعلى الرغم من بعض بواعث القلق المحقة التي قد تنتاب البعض، والناجمة عن خبرة ذاكرة متخمة في لا جدوى الاعتماد على الشرعية الدولية في استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية، فان بامكان الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، ان يكون اكثر وهجا مما ذكر، وان بامكانه ان يراكم لجهة التعجيل في بلورة تلك الحقوق، خاصة في ظل استمرار التحولات التي يشهدها النظام الاقليمي العربي، اذا خلى الطلب الفلسطيني من اي وهن اصطلاحي او سياسي قد يشكل منفذا للالتفاف على فاعلية الانجاز المنتظر.
وربما يكون من ابرز ما يثير المخاوف، ويضع توجسات البعض موضع اعتبار هام، لا سيما لجهة النيل من حق عودة اللاجئيين الفلسطينيين، هو ان لا يسد طلب عضوية الدولة الفلسطينية الكاملة في الامم المتحدة كل الثغرات التي من شأنها ان تجعل الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة الاسرائيلية امرا محتما او واقعيا، لان في النجاح الفلسطيني على هذا المستوى الابقاء على حيوية وحدانية التمثيل الفلسطيني في مؤسسات العمل الوطني الفلسطيني دون غيرها.
اما الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة فهو - وفقا لاجماع كثير من الاراء والدراسات - يمنح إسرائيل حقاً وتفويضا لطرد فلسطينيي 1948، أو اعتبارههم غرباء يحملون اذون إقامة يمكن إلغاؤها في أي وقت، وهو الأمر الذي تسعى إليه إسرائيل منذ زمن، إذ أن انسحابها من غزة عام 2005، وبناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية، يأتي في سياق الحفاظ على يهودية الدولة".
وممارسة عملية طرد عرب فلسطين، علاوة على طابعها العنصري، فانها تلغي حقاً غير قابل للتصرّف، هو حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين طردتهم إسرائيل عام 1948، كما أن يهودية الدولة تعني استيلاء إسرائيل قانونياً على كل فلسطين التاريخية، وبالتالي فان اعترافا كهذا يعني اعتبار النضال الفلسطينيين منذ مطلع القرن الماضي لاغياً ولا قيمة له، بل قد يعتبر ارهابا وعدوانا ومحاولة لاغتصاب حقوق الأخيرين.
لاعتبارات كهذه فاننا نميل للرأي القائل ان الجوهري في الذهاب الفلسطيني الى الامم المتحدة هو في تحديد الاعتراف بالدولة بصورة سليمة ودقيقة تسد محاولات الالتفاف عليها او الانتقاص من فاعليتها، حيث المتوقع فعلا ان تكون المعركة الحاسمة هي تلك التي سيدور رحاها في اروقة الامم المتحدة وهي قطعا ستكون معركة صيغ ونصوص قانونية.

ان الاحتفاظ بحصرية حق تمثيل الشعب الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية، يتطلب طرح صيغة اقامة دولة فلسطينية على وليس في حدود عام 1967 باعتبارها اراض فلسطينية محتلة، وان الاعتراف بها يأتي في سياق تطبيق قرار مجلس الامن الدولي 242 الذي يطالب اسرائيل بالانسحاب من تلك الاراض التي احتلتها في حرب جوان، وان لا تقترن عملية تطبيق هذا القرار، باي شكل كان مباشر او غير مباشر بالدفع للاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير