الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهدائهم بالأسماء وشهدائنا بالأرقام

ابتسام يوسف الطاهر

2011 / 9 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


هادي مهدي وقبله هادي صالح وكامل شياع وبطرس رحو واحمد وعلاء وحسين وعادل واسعد وفلاح وصباح وفرهاد و.. وأسماء عديدة لشباب بعمر الورد، وشخصيات مميزة بفكرها وحبها للعراق، وقبلهم آلاف بل ملايين الأسماء والأحلام، التي ترصدتها يد الحقد والغدر، اغتيلت بزمن التردي هذا، الذي يرى في ضحايا العراق مجرد أرقام، بينما قتيل واحد قد يهز عروش ويُسقط حكومات في البلدان التي لم تُبتلى بما أبتلى فيه العراق وشعبه.
وقفت طوابير الأطفال النساء والرجال ليقرئون أسماء ضحايا الحادي عشر من أيلول الذين ماتوا بعد تدمير المركز التجاري في نيويورك، تتابعوا وقرأوها اسم اثر آخر وقد حفروا تلك الاسماء على حجر أحاط المكان الذي جعلوا منه شاهدا على جريمة مازالت الآراء تتضارب على من دبرها ونفذها، والتي اتخذوها حجة لضرب الدول الفقيرة المتعبة وليقتلوا آلافا مضاعفة لأناس أبرياء اغلبهم أدانوا تلك الجريمة.
تابعت نقل الاحتفالية وبكيت على شهداء العراق وموكبهم السائر منذ عقود ومازال، أسماء نعرفها وخلفت جرحا عميقا لفراقها، وأخرى لا نعرفها ولكن تربطنا فيها وشائج العراق وتعبه الذي تأملنا أن ينتهي يوما. ففي العراق يتسابق المتناحرون على غنائم السلطة والكراسي، على من يسجل الرقم القياسي بقتل اكبر عدد من الأبرياء من أبناء العراق. فمن يدعي مقاومة الاحتلال يقتل أبناء العراق شبابا وأطفالا وعلماءاً وأطباء! ومن يريد إسقاط الحكومة يبادر بالقتل ليقول أن الأمن مازال مضطربا.. وأمريكا لتثبت الحاجة لقواتها تسارع لتشغيل عملاءها الذين لا يتوانون من قتل أرواح جميلة مقابل حفنة من الدولارات! وآخرون يكتفون بالإدانة والاستنكار. فكل أطراف (الشراكة او المحاصصة) من التي لا تعنيها من لعبة القتل تلك غير الأرقام، مدانة لمساهمتها بتلك الجريمة.
لقد تطرقت في مقال سابق، انه في السبعينات من القرن الماضي والتي لم تكن بعيدة ولم يطوها النسيان، حين قتل صدام وزمرته شباب بعمر الزهور بحجة انتمائهم للحزب الشيوعي بالرغم من جبهة التعاون بينهم، والتي فتحت الأبواب كلها أمام عصابات البعث، وقد لبسوها قناعا مخادعا لإخفاء صورتهم الحقيقية وليعيثوا بالعراق فسادا..اذكر أن الصحافة الأجنبية اقتحمت الأسوار وسائلته، لماذا؟
فأجاب القائد (المفوه): في أثيوبيا السلطة قتلت المئات ولم يحاسبوهم وأنا أحاسب على عشرون او ثلاثون!؟ من هناك بدأت رحلة القتل والتهجير والموت الرخيص، وصار الضحايا مجرد أرقام حتى حين تجاوزت الآلاف والملايين. سكوت الناس وقتها جعل الجلاد يشتد عوده وينفش ريشه ليكتم مسدسه وآلة الغدر كل الأصوات حتى الهامسة منها لكل الأحزاب وكل الفئات التي صمتت عليه من قبل.
فقد ابتلي شعب العراق بجلادين وليس حكام، تجار لا يعنيهم من السلطة غير أرقام المليارات التي يتسابقون للاستيلاء عليها. وقد صمت الأغلبية عقودا، وتشتت اصواتهم، كل قومية وكل طائفة تغني على ليلاها، دون حساب للخطر التي سيشملهم لاحقا! وإنهم سيكونون رقما آخر من ضمن الضحايا..
وبعد انتظار عصيب وطويل اجتمع الفرقاء ليعلنوا (المعارضة) وهللنا لهم وقلنا طائر العنقاء ينتفض من الرماد، وبالرغم من خوفنا من خيمة واشنطن التي قربت هذا وأبعدت ذاك حسب هواها. قلنا لا بأس المهم الخلاص من ذلك الجلاد وبعدها لابد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر.. نثرنا (الواهلية) في أول انتخابات تجري في بلد عربي، وأي بلد، العراق الذي ذاق الحروب والحصار لعقود طويلة ولم يرف جفن الرأي العام العالمي ولا العربي! ولا الشعوب العربية التي تأرجحت بين مؤيدة للجلاد، وبين من أرسلت جيوشها لقصف الشعب العراقي لتزيد مأساته. لكنه نهض وكان هو أول الثائرين وأول المنتخبين.
فاذا بنا نعض أصبع الانتخابات وقد صحونا على مسلسل رعب آخر، فالقتل الذي مارسه البعث سرا، صارت عصاباته تجول الشوارع تخرب وتقتل علنا! وصرخاتنا لم تحدث شدخا في أذان الذين لا يعرفون غير الأرقام. أرقام الضحايا التي لم تهز شعرة في ضمائرهم ولا لحاهم، وقد أعمتهم أرقام المليارات التي يسرقوها من أفواه الشعب يوميا دون ان يرف جفن الضمير بهم، ولا حتى الخوف من الله الذي يخوفون به الناس المبتلين بالجهل والفقر.
انتظر الشعب طويلا وصبر كثيرا حتى كاد الصبر ان يكون ضله، انتظر العدل، الحرية، انتظر الكهرباء والعيش الكريم .. فاذا بهم يصحون على كابوس حالك الظلام، فيه كل أنواع القتل، القتل على الهوية، والقتل بسبب الديمقراطية، والقتل بحجة القومية والأمة العربية، والقتل على يد الحرامية والمرتزقة الذين تستخدمهم أمريكا ودول الجوار بكرة وعشيا.
لم يكونوا شهدائنا أرقاما ولن يكونوا، بل أحلاما وأماني وأهداف وأدتها يد الحقد مبكرا. ستسطر أسماءهم على حجر مرمر قد يمتد لأميال ليخلد ذكراهم وليعطي الشعب درسا لعلهم يقرئون.. لينزع عنه جلباب التشتت والطائفية الذي كشف العورات ولم يستر منها شيئا، بل زاد من العورات السياسية والاجتماعية ! وليتعلم من خطأه الفادح، ولينزع درع الجبن والخنوع والصمت ليصرخ بصوت واحد صرخته المدوية بوجه القتلة والجلادين والانفصاليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج