الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيلول المع والضد

شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)

2011 / 9 / 22
القضية الفلسطينية




ينشغل الشارع الفلسطيني بكامله بمسألة أيلول واستحقاقه وهذه القضية ذات الضجة الكبيرة خلقت آراء متعددة
ولأن لكل فلسطيني الحق في تبصر مستقبل وطنه والتفكير فيما سيحدث لهذا الشعب وهذه الأرض وجدت أني وقعت في حيرة بين رأيين يتناقض كل منهما مع الآخر ، فأنا مع الذهاب للأمم المتحدة وضده بنفس الوقت ولا يمكنني الانحياز لتغليب خيار على الآخر
مما يؤكد أن المسألة الفلسطينية برمّتها محيّرة جدا وأننا نخوض صراعا عواقبه بكل الأحوال لن تكون أسوأ مما نحياه في الوطن في المرحلة الراهنة ..

فمن زاوية نحن نذهب كفلسطينيين للأمم المتحدة لنقر بحق الكيان بما نسبته 78% من أرض فلسطين التاريخية مع مبدأ تبادل أراض مقام عليها مستعمرات صهيونية
ونقر بأن للفلسطينيين حق فيما نسبته 22% من الأرض التاريخية فقط وبذلك نحن نعود للوراء أكثر من أربعة عقود حيث عرضت أثناء عهد السادات عروض أكثر من ذلك بكثير ورفضناها
وكان اليهود يلهثون للاتفاق عليها ومن ثم بتنا نحن مع الوقت نلهث لتحقيق تلك النسبة والحصول على دولة مجزأة يجمعها ممر آمن يتحكم بها الصهاينة أيضا ونقبل بالتنازل عن معاليه أدوميم وهي المستعمرة الضخمة القائمة
على مدينة القدس المحتلة ، وكذلك مستوطنة كريات أربع وكريات ثمانية واللتان تعتبران من أضخم المستوطنات الصهيونية على أراضي الضفة الغربية وهي المستوطنات التي يرفض الاحتلال التفاوض بشأنها حتى أو طرحها لفكرة إخلائها
من المستوطنين ..إذن بهذه المقاييس نحن نذهب لنحارب من أجل خسارة أرض فلسطين التاريخية وهي وجهة نظر مقبولة ومنطقية من حيث مبادئنا في التمسك بالأرض وبالحقوق والثوابت
كما أن هنالك تنازل آخر عن حق العودة بشكل أو بآخر إذ لن يتأتى ولن يكون منطقيا أن يرجع فلسطينيو الشتات لأراض تسيطر عليها الدولة العبرية وسيكون في أي اتفاق سياسي حق العودة متاحا فقط للأراضي الخاضعة للدولة الفلسطينية المرجوّة مع آلاف التحفظات الصهيونية عليها .. كل ذلك من سلبيات استحقاق أيلول وكل ذلك منطقي لمن يعارض التوجه للأمم المتحدة ونستطيع تفهمه ..
ولكن من زاوية أخرى ما البدائل التي لدى الفلسطينيين في المرحلة الحالية أو في الحقبة الزمنية المعاصرة ككل ؟
نحن شعب يقاوم بأبسط الإمكانيات المتاحة والتي يضخمها الاحتلال من جهة والجاهلون من جهة أخرى حتى يكادون يبينون أننا نملك سلاحا نوويا ببضع قذائف تسقط في حقول الذرة وتحفر بعض الحفر
ورغم ذلك نحن نقاوم بكثير من الوسائل ، وحتى صمودنا أمام الحصار والاضطهاد والعنصرية ، وصمودنا أمام الإهانات طويلة المدى في كل دولة عربية يدخلها الفلسطيني
والإذلال الذي نتعرض له في مطارات العالم العربي ومعابره ونحن صامدون .. نجابه الحقيقة بابتسامة ساخرة مريرة .. صمدنا أمام حرب قد لا تصمد أمامها أي دولة عربية وتحملنا وزر أخطاء فصائلنا المتعددة
وماذا بعد ؟؟ ماذا يمكن أن ننتظر ؟؟ هل ننتظر الجيوش العربية وجحافلها التي بعضها الآن يعتلي الدبابات لقتل شعبه ؟
أم ننتظر الفرس الذين يريدون الاستيلاء على كل الأرض العربية لو أتيحت لهم الفرصة لذلك ويرفعون شعار تحرير القدس منذ عهد خامئني وكان نظام العراق العقبة أمامهم وقد أزيل نظام صدام ولم يتقدم أحد تجاه القدس خطوة ؟
ماذا ننتظر ؟ تفاوض سياسيونا قرابة عقدين من الزمن لم نحقق أي نتائج ولم نسترد كرامتنا وإنسانيتنا ولم نحصل على جواز سفر رسمي له احترامه في أي دولة نذهب إليها ..
هل علينا أن نؤمن بأن هذه البلد حلت بها لعنة الحرب إلى الأبد وعلى أطفالها ألا يحلموا بمستقبل أو أيام فرح ، وعلى نسائها أن ينتظرن موت أزواجهن وأبنائهن في قصف صهيوني اعتدناه؟
هل على شباب هذه البلد أن يقتلوا كل طموح قد يولد داخلهم وأن يكرسوا تفكيرهم في الهجرة وترك هذه البلاد التي لا حياة فيها؟
هل نقتل الأمل ؟ وندعي الصمود الأزلي والرباط الأزلي !؟
أعتقد أن زمن الشعارات لم يعد ينطلي على أحد والحديث عن حتمية الانتصار لم يعد يؤمن به شباب هذه البلاد وهم الجيل المرشح للمرحلة القادمة .. فإن أصبح الإحباط والاختناق هو الشعور المحتل تماما لصدور وفكر هؤلاء
فماذا ننتظر من أي مرحلة قادمة ؟؟ يجب ألا ننتظر إلا مزيدا من التدهور والهزائم على كافة الصُعد ..
لذلك نحن بحاجة لتغيير حقيقي في مساراتنا ..في السياسات كلها ، في نهج الأحزاب والفصائل الفلسطينية .. نحن بحاجة لتغيير جذري في الحسابات والمعادلات الفلسطينية كاملة
حتى نستطيع أن نخرج من مأساتنا ونحصل على بعض الأمل إن لم يكن من أجلنا فليكن من أجل الأجيال القادمة التي انعدم التفاؤل من أفقها ..
علينا أن نصارع الآن دبلوماسيا وسياسيا ولنحصل على دولة حتى وإن كان بشكل صوري فهذا سيتيح لنا الكثير في مراحل لاحقة
وقد يغير المعادلة الدولية ويشعل جبهة الصراع ضد المارد الأمريكي الذي يستخدم سكين الفيتو ضد كل ما هو عربي وفلسطيني ولم يفكر باستخدامه مرة لإنصاف المضطهدين والمظلومين
هذا السلاح الذي استخدم عشرات المرات ضد أي قرار يهدد الكيان الصهيوني أو يشرّع حقوق الشعب الفلسطيني ..
لقد بات الوضع الدولي الآن في أوج الاشتعال والكل يترقب وينتظر ما سيحدث ، وأمريكا ينتظرها الكثير من الحرج والفشل السياسي حين تحرم شعبا محتلا منذ عقود من الحصول على اعتراف بدولته وحقه بالحرية والاستقلال
نحن بحاجة لأن تنكشف تلك النوايا الشريرة للعالم أجمع والترويج الإعلامي لكشف الدور الأمريكي في دعم الصهاينة في قتلهم للفلسطينيين وانتهاكهم لكل الحقوق المشروعة التي انتظرها الشعب الفلسطيني وعانى من أجلها الأمرّين .
ليكن لدينا قرارا موحدا ولو لمرة واحدة ونتحد كفلسطينيين في صراع واحد ونخوضه معا للحصول على الاعتراف بدولة فلسطينية حرة ، حتى وإن كنا نرفض التنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين
فالعالم يتغير في لحظات ، فمن كان يتوقع أن ينهار الاتحاد السوفييتي ؟ من كان يتوقع انهيار الإمبراطورية العثمانية ، أو عدم بقاء بريطانيا الإمبراطورية الأقوى في العالم وظهور أمريكا كحاكم أوحد للعالم!
التغيير بيد الله عز وجل ولذلك فنيل الدولة الآن هو الحصول على جزء من الحق الفلسطيني ، ونحن في حالة ضعف قد تطول عقودا ، فهل ننتظر أن يتغير العالم ونحن على حالنا المأساوي المتشرذم والمدمر أم نحاول أن نغير ما بأنفسنا بكل قوة مهما كلفنا الأمر الآن وليس غدا ، وأن نحصل على ما يمكن أن نحصل عليه وبعدها فالمستقبل قد يحمل من المفاجآت ما لا يتوقعه أحد ، ودوام الحال من المحال ، والصلف الصهيوني والفيتو الأمريكي لن يبقى على حاله إلى الأبد ، فلماذا نحرم أطفالنا من ابتسامة حرية ونحرم الأجيال من المساهمة في التخطيط لمستقبل دولتهم وحياتهم ..
هذا يجعلني أقول نعم لدولة في أيلول أيا كانت العواقب وأيا كان حجم التهديدات ..
ورغم كل التحفظات ودون أن نتنازل عن شبر من أرض فلسطين ، فالاتفاقات التي توقع ليست قرآنا لا يتغير وكل ما يمكن أن يُتفق عليه اليوم قد يصبح غدا حبرا على ورق
وما يجري في العالم العربي والعلاقات الدولية بين عدة محاور وخاصة تركيا وإسرائيل كل ذلك يشعرنا بأن التغير أمر وارد جدا وعلينا ألا نخسر الصراع في المرحلة الحالية
ولنحصل على ما هو متاح بكل قوة والمستقبل قد يحمل لنا الحتميات القرآنية التي لا مناص عنها .. والتي لا تعني أن نموت كمدا في انتظارها وإنما علينا أن نمهد للأجيال القادمة
الطريق لتحقيقها من خلال حياة مستقرة ووطن آمن وتعليم راق وحضارة وتطوير فكري واجتماعي .. كل ذلك يؤدي للتحرير والدولة الحرة الحقيقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية