الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفيئة الشعارات

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2011 / 9 / 28
الحركة العمالية والنقابية


عندما قرر بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ،تشكيل لجنة خاصة لفحص الوضع الإقتصادي – الإجتماعي وذلك في ظل الهبة الشعبية الإجتماعية التي إنطلقت في الرابع عشر من شهر تموز 2011 ،قُلنا أن الهدف من تشكيل هذه اللجنة هو محاولة إمتصاص الغضب الشعبي ضد الحكومة وسياسة نتنياهو الإقتصادية – الإجتماعية التي تدعم أقطاب قوى رأس المال وتضرب حقوق الطبقة العاملة على مختلف أطيافها ، والفئات المُستضعفة عامة، ولن يجري أي تغيير في سياسة حكومة اليمين هذه لا في المجال السياسي العام ولا في المجال الإقتصادي – الإجتماعي .
بعد عودة نتنياهو من أروقة الأمم المتحدة ، جرى تقديم توصيات اللجنة من قبل رئيسها عامنويل طرخطنبرغ وأعضاء اللجنة لرئيس الوزراء نتنياهو ، ولم تحمل أية بشرى حقيقية لحركة الإحتجاج ولم تستجب لمطالبها العادلة .
كعادته رسم نتنياهو على محياه إبتسامته المُزيّفَة ، مؤكداً أن الحكومة ستتبنى هذه التوصيات وتقوم على تنفيذها ، لكن من يعرف نتنياهو وسياسته يعي جيداً انه يقصد عكس ذلك تماماً ،وستبقى هذه التوصيات مثل غيرها في هذا الدُرج أو على ذاك الرف.
قادة حركة الإحتجاج لم ينتظروا توصيات اللجنة، ومنذ البداية أكدوا كما أكدنا نحن ، أنهم لا يتوخون الخير منها ، لذلك لا بد من مواصلة النضال ووضع توصيات بديلة ،تم التأكيد من خلالها أن المطلوب هو تغيير جذري في السياسة الإقتصادية وفي سُلم الأولويات للميزانية العامة ، وعلى وجه الخصوص ، وقف تدفق الأموال لدعم الإحتلال والإستيطان في الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها الأراضي الفلسطينية. ووضع حد للتمييز القائم إتجاه الأقلية العربية الفلسطينية الباقية على أرضها.
لا يستطيع أي مسؤول إسرائيلي أو خبير في الشؤون الإسرائيلية أن يتنكر للأزمة العميقة التي تتواجد فيها حكومة اليمين الإسرائيلي برئاسة نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان و"مستشاره الأمني " إيهود براك - وزير الأمن، خاصة وأن هذه الحكومة تعيش في دفيئة الشعارات البَراقة فقط لا غير ،وبالمقابل تواصل سياسة التحريض والتضليل على جهات خارجية وداخلية ،وكأن هناك خطر داهم على حق إسرائيل وشعبها بالحياة ،يتطلب منها الإستعداد للحرب القادمة ،التي ستكون حاسمة على حد تعبير البعض منهم.
يقوم قادة هذه الحكومة بإستعمال نفس السلاح الذي إستعملته حكومات يمينية على مر العصور ،من أجل إيجاد مصداقية لسياستها بل لوجودها ، يتمحور هذا السلاح في تبني مواقف يمينية متطرفه يجري من خلالها التحريض على أبناء الأقلية التي تعيش في تلك الدولة وعلى القوى التي تحمل الفكر الآخر ،أي قوى اليسار، ووصف هذه القوى ب - "الخيانة" وأنها تطعن الحكومة والشعب من الخلف في ظل الخطر الخارجي الداهم.
في ظل هذه الأجواء التحريضية قامت حركة الإحتجاج الإجتماعي طارحة شعارها الكفاحي "الشعب يريد عدالة إجتماعية" ، مع كل ما يحمله من معاني نضالية ، وقد إستقطب هذا الشعار قوى مختلفة في الحراك النضالي ، لدرجة أن قوى يمينية تتبع في فكرها للحكومة إنضمت في مرحلة لاحقة لهذا الحراك ،لكن هدف البعض منها سرعان ما إنكشف ، وهو محاولة إجهاض هذا النضال وزرع بذور التفرقة بين قادة هذه الحركة، بالمقابل واصل قادة وكوادر اليمين المتطرف ومنهم وزراء في الحكومة، التحريض الإعلامي المُنفلت على حركة الإحتجاج الإجتماعي وقادتها ، وسط جاهزية واضحة للإنتقال إلى إستعمال العنف ضد الحركة وقادتها ،أو كما ذكرنا - محاولة تخوينهم.الأمر الذي فوته عليهم قادة النضال.

رغم المعطيات الإحصائية الرسمية التي تؤكد على نمو الإقتصاد الإسرائيلي ، وإنخفاض نسبة البطالة ، وتأكيد البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية على إستقرار هذا الإقتصاد ،إلا أن الحقائق تؤكد غير ذلك تماماً ، وهي أن إسرائيل تحتل الأماكن المُتقدمة في نسبة عدد الفقراء الذين يعيشون فيها ، في عُمق الفجوة وإتساعها ما بين الفقراء والأغنياء ، في إرتفاع أسعار سلة الحاجيات الأساسية للعائلة (لدرجة أن مئات آلاف العائلات لا تتمكن من توفير حد أدنى من الحاجيات للإحتفال بالأعياد )، في غلاء أجور السكن وأسعار العقارات والمباني ، في عدد الأولاد الفقراء ، في شح المصادر المالية لدعم الفئات المسحوقة ،وهي كثيرة العدد، وفي أكبر تركيز إقتصادي – مالي لدى عدد لا يتجاوز ال- 20 عائلة ،تسيطر على ثروات غير محدودة من : بنوك ،مصانع ، متاجر وشبكات تسويق ، مواد خام ،شركات تأمين ، صناديق التوفير والتقاعد - الضمان الإجتماعي ،وسائل إعلام ، مواصلات ، تعليم جامعي ، صحة – مستشفيات خاصة وشبكات علاج صحي ، خدمات إجتماعية ، طاقة وإتصالات وغيرها، الأمر الذي لا مثيل له في العالم ، حتى في الولايات المتحدة.
حدث ذلك التركيز لهذه القوة الرأسمالية – الأقطاب الرأسماليين ، في ظل حكومات اليمين الإقتصادي - الإجتماعي ، حيث تم تنفيذ سياسة الخصخصة وبيع ممتلكات الشعب لهذه القلة من الرأسماليين ، واليوم ، وبعد حركة الإحتجاج وتقديم توصيات "لجنة طرخطنبرغ" ، يجد نتنياهو نفسه في موقف مُحرَج فيه، فهو من سهر الليالي على تنمية ودعم هؤلاء الرأسماليين ، حيث أطلق لهم الحبل على غاربة، متبنياً سياسة الخصخصة الكارثية ، هذه السياسة التي يؤمن بها نتنياهو أدت إلى تدهور الوضع الأقتصادي - الإجتماعي ، لدى الأكثرية الساحقة من المواطنين العرب واليهود ، وكان لتبعاتها السلبية التأثير الأكبر على تدهور الأوضاع لدى الأقلية العربية الفلسطينية . هذه السياسة التي هدف نتنياهو من خلالها أيضاً القضاء على قوة التنظيم النقابي العمالي ومختلف الحركات الإجتماعية التي نشطت من خلال حركات المُجتمع المدني ، يجد نفسه اليوم أمام واقع جديد ،يضطره مرة أخرى للنطق بما لا يؤمن به ،والقول أنه مع العدالة الإجتماعية ،وأنه سيقوم على تنفيذ توصيات اللجنة التي عيّنها للخروج من الورطة التي وجد نفسه شخصياً وحكومته في خضمها، ليُصبح معزولاً ليس فقط على الصعيد العالمي بل وعلى الصعيد الداخلي ، بقاءه وحكومته في دفيئة الشعارات المُبهرجة ، اللامعة ومواصلة توجيه التُهم للشعوب التي تتظاهر ضد الإحتلال والإستيطان والقمع الذي تمارسه حكومته ضد أبناء الشعب الفلسطيني ، واصفاً هذه الشعوب بأنها لا سامية ومعادية للشعب اليهودي ، ما هي إلا مواصلة لإلقاء قنابل الدخان الإعلامي التي يبرع بها نتنياهو ،لكنها ستؤدي إلى خنق هذه السياسة وإندثارها ، خاصة وأن التجربة التاريخية لنضال الشعوب تؤكد لنا فشل هذه السياسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا.. وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح رئيس منظمة ال


.. عدد المستفيدين من التأمين الصحي الشامل.. #معلومة_ع_السريع




.. مظاهرة بمطار أيرلندي احتجاجا على استخدامه في رحلات عسكرية لإ


.. متظاهرون مناصرون لفلسطين يدعون إلى إضراب في جامعة ميشيغان بس




.. مظاهرة في تل أبيب احتجاجا على حكومة نتنياهو وللمطالبة بإجراء