الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحظات القوة والضعف

مايكل فارس

2011 / 10 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


• كم من رياح الظلمة هبت بوطئتها ثم ولت وزالت... قد تُعكر نقاء الهواء وقد تهدم أجزاء... كان لابد من الأساس هدمها
• الأشياء التي لفظها في عهد (لحظة القوة) يتمني جزء منها في (لحظة الضعف)!!



هو لا يعترف بالوقت... منذ سنوات مرت كعقود على كاهله استبدل كلمة الزمن بــ"لحـظـة"؛ فالأخيرة هي المرادف الوحيد للزمن الذي لا يعترف به وتتنوع اللحظات بين لحظات القوة والضغف، وأخرى لحظات السعادة والحزن، يقترن الأقوياء وبعضهم البعض لتكون لحظات القوة والسعادة في جهة لتقابلها لحظات الضعف والحزن؛ نادرًا ما تتوحد أو تتطابق اللحظتان مع بعضهما؛ فهم يسيران كخطين متوازيين؛ لا تجتمع النفس إلا على أحدهما في لحظة ما!!
هو يطلق على لحظات القوة مسمى (القلعة) ويطق علي لحظات الضعف (رياح الظلمة)

وكأن اللحظة منهما تعيش على إقصاء الأخرى، لأنه بوجود إحداهما سَـتُـمحى الأخرى.. وينجم الصراع بين اللحظات في نفس الإنسان، الذي لا يكون حكم عدل بين الطرفين، لأنه في كل الأحوال سيستسلم سواء بعقله أو بمشاعر للحظة القوة أو الضعف؛ وكأنه منقاد لمصير ما سيحدده انتصار أي من اللحظتين.
هو يعتقد أن منظورنا للأشياء والأشخاص يختلف باختلاف اللحظات؛ ففي لحظات القوة ينظر الإنسان لكل ما حوله وأقدامه راسخة، تدب بأعماقها في أرض الأشواك ولا تهاب الجروح؛ توغل في أودية الظلام ولا تخشاه.

تتبدل الظروف.. قوى شر خارجية تتحالف وخوف إنساني يُبعث من جديد في القلب، تتجمع لِــتُــكَـوِن "لحظة ضـعـف".. والتي تقوم بإقصاء لحظة القوة ومنها يتغير المنظور وتتبدل قرأة المواقف.. فها هي قدم الإنسان تطأ أرض الأشواك وتهاب الجروح.. وتنجرح... تسير نفسه في أودية الظلام... فيخشاها؛ ليسكن تائهًا بتلك الأودية على أمل النجاة.

بلحظات القوة... تختلف المعايير في الحكم على الأشخاص والأشياء عنها في لحظات الضعف
لحظات القوى.. يحكم الإنسان من منطلق قوته على الأشياء والأشخاص، واثقًا في قراره ونادرًا ما يخشى العواقب، فها هي أقدام من حديد تسير على الأرض التي تلين لوطئة قدمه؛ قد يُسخف خلالها من الأشخاص والأشياء وقد يرفض بعضهم ويلفظ بعضًا من الآخرين خاصة من ليس بنفس مقدار (لحظة قوته)؛ قد يرفض الكثير من الأشياء التي لا تُناسب (لحظة قوته).


يتعامل خلالها مع الأشخاص بمنطلق اللحظة التي يعيش فيها، ويبادلونه التعامل بخطوط رفيعة فاصلة لا يتضح من خلالها هدفهم من التعامل؛ قد لا تتضح الرؤية بخصوص هؤلاء معتادي ارتداء (القناع الاجتماعي) المُحَمل بالابتسامات والنفاق والحب (كقيمة)؛ فالخبرات والتجارب وحدها قادرة على كشف قناع كل منهم تجربة تلو الأخرى؛ هم لا ينكشفون مرة واحدة؛ فهم يحتلون العديد من المواقع في حياة الإنسان في دوائره الشخصية والاجتماعية والمهنية؛ سيتساقط فقط كل من يكون بموقع التجربة؛ وبالمقابل سيتضح أكثر هولاء الذين لم يرتدوا أقنعة بعد!

تتبدل الظروف وتهب رياح الظلام، وتطأ جحافلها أعتاب عقلة مُحَملة بلحظات ضعف لتطرد (ضدها من اللحظات...لحظات القوة) يعيش الإنسان داخل اللحظة الجديدة، بحكم جديد على الأشخاص والأشياء.. فها هي الرؤية تتضح والأقنعة الاجتماعية سقطت، لتكشف عن الأنياب التي كانت مختبئة تحتها، فقد كانت موضوعة بحكمة الثعلب لتخفي نواياها الحقيقية، لتأتي فرصتهم للانقضاض، ويظهر الوجة القمئ القبيح بعد (سقوط الأقنعة) المُحَملة بالابتسامات والنفاق والحب.
ويتغير هنا المنظور والحكم على الأشخاص والأشياء معًا.. ففي لحظات الضعف يُدرك الإنسان خطأه في التعامل مع من كانوا ليسوا بقوته في لحظاتها السابقة، فكثيرين منهم لم يرتدوا أقنعة ولكن رؤيته لم تكن موفقة؛ ويتغير حكمه بعدها على الأشياء، فها هي الأشياء التي لفظها في عهد (لحظة القوة) يتمنى جزء منها في (لحظة الضعف).. ليظهر سوء تقديره وقراءته لبعض الأشخاص والمواقف والأشياء.


وفق اعتقاده.. هو يطلق على لحظة القوة مُسمى (القلعة) وعلى لحظة الضعف (رياح الظلمة)
ففي لحظة القوة يبني الإنسان (قلعته الشخصية) تمر الأيام بتجاربها ليبني يوميًا حجرًا جديدًا فيها ويُعَلَي أسوارها ليحظى بالأمان الشخصي، لتهب بعدها (رياح الظلمة) لتعكر صفو القلعة فتدخل الظلمة بأتربتها وحزنها وكآبتها ويأسها.. قل ما شئت في الظلام المدقع... الذي يحول دون الرؤية... قد تكون رياح عاتية تدمر جزء من القعلة ولكن لا تستطيع اقتلاعها من جذورها وأساساتها المبنية عبر سنوات.. فلم يذكر التاريخ أن رياحًا اقتلعت قلعة من جذورها (إلا في حالات الكوارث الطبيعية المدمرة لبلدان بأكملها.. ونحن لسنا بصدد كوارث بيئية)

ولم يذكر التاريخ أن رياحًا ما استقرت في مكان ما فوفق طبيعتها هي (أتت لكي تذهب) ستذهب آجلًا أم عاجلًا.. فهي طبيعة الأشياء.. كم من رياح الظلمة هبت بوطئتها ثم ولت وزالت... قد تُعكر نقاء الهواء وقد تهدم أجزاء كان لابد من الأساس هدمها، ولكن تلك الأجزاء لم يتضح ضعفها إلا بوطئة رياح الظلمة، ولكن ما أن تزول حتى يعود الصفاء ويعود الإنسان لبناء بعض ما تهدم من غارتها السوداء، والتي يجب أن نشكرها قبيل ما غدرتها على كشف الأجزاء الضعيفة لإعادة ترميمها وبنائها من جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة بلينكن..محادثات عربية -غربية حول غزة في الرياض


.. لبنان - إسرائيل: تصعيد بلا حدود؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أوروبا: لماذا ينزل ماكرون إلى الحلبة من جديد؟ • فرانس 24 / F


.. شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف




.. البحر الأحمر يشتعل مجدداً.. فهل يضرب الحوثيون قاعدة أميركا ف