الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهي الغاية من وجود الله؟

بسام البغدادي

2011 / 11 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ببالغ الحزن, والاسف... أنعي لنفسي خبر ضياع سنين طويلة من عمري الذي مضى و أنا مؤمن إيمان لايتزحزح بأن مريم العذراء كانت حقيقة عذراء وبأن آدم حقيقة نزل من السماء وبأن نوح صنع سفينة عملاقة جداً و حشر فيها المليارات من الكائنات الحية. ببالغ الحزن و الاسف أتذكر كل تلك الايام و الليالي التي قضيتها راكعاً ساجداً متعبداً مصدقاً لمجموعة من الاساطير صدقتها مجموعة من الاغبياء فصارت حفنة من المجانين أنبياء.

قد أسامح نفسي بعض الاحيان لأنني كنت طفلاً صغيراً لا أفهم الكون حولي وكنت أبحث عن تفاسير بسيطة يقبلها عقلي. قد أسامح نفسي لأن كمية غسيل الدماغ التي تعرضت لها منذ نعومة أضافري كانت تفوق قدرة كل جامعات العالم في تلقين كتاب واحد لهذا العدد الكبير من البشر. لكنني لم ولن أسامح نفسي عن كل يوم قضيته مصدقاً لهذه الخرافات بعد بلوغي, ودخولي الجامعة و أنفتاح عالم كامل من المنطق و العلم و الفلسفة أمامي, عالم كامل أبسط مافيه ينقض أكبر خرافة عرفتها البشرية. خرافة وجود الآلهة, وآخرهم الإله الصغير المدعو الله.

أتذكر الآن وأعرف حجم تلك الخديعة التي تعرضنا لها عندما كنا صغاراً ويتعرض لها حتى اليوم أطفالٌ أبرياء لاذنب لهم سوى أنهم ولدوا في مجتمعات لاتؤمن بالعقل, بل بوهم كبير أسمهُ ألله. أقولها بكل وضوح ولن أمل عن ترديدها كلما شاهدت أباً أو أماً يعلمان أطفالهم مصطلحات غبية مثل الحمدلله أو أن شاء الله لازلت حتى اليوم أرددها سهواً. أقولها بكل وضوح كلما رأيت طفلاً بعمر السنتين يرسم علامة الصليب فيضحك أبواه في وجهه, أقول لهم توقفوا. لاتدمروا البنية اللغوية لأطفالكم, لاتنزعوا قدرتهم على التفكير خارج نطاق المصطلحات والحركات الميكانيكية الفارغة والتي طويلاً وطويلاً كنا ندور فيها ومنها ولها دون أي فائدة أو معنى. لاتضحوا بأعز ما تعرفون في الكون, أطفالكم, كي تدخلوا الجنة. لاتكونوا مثل ذلك المجنون إبراهيم الذي حلمَ حلماً فقام من نومهِ و جلب الساطور كي يذبح أبنه ليثبت لربهُ الذي رأه في حلم عابر بأنه مُطيع.

وهل هناك حقيقة أي فرق بين سكين إبراهيم المجنون وتلك السكين الذي تذبح عقول الملايين من الاطفال كل يوم؟

أغلب أصدقائي و جميع أهلي من المؤمنين بحقيقة الاديان التي ولدوا عليها على أختلافها. فلا تحاول أن تأخذ موقف شخصي من أفكاري فأنت لاتعرفني ولاتعرف كم أحب أصدقائي و أهلي وأتمنى من أعماق قلبي أن تكون حياتهم سعيدة ومليئة بكل ما يستحق أن نعيشهُ. لكن حاول لوهلة أن تفكر مع نفسك, في أعماق صدرك و أن تطرح سؤآلاً بسيطاً لنفسك وحاول الاجابة عليه أو أتركه هناك حتى تجد لهُ إجابة مقنعة. السؤآل وبكل بساطة هو ماذا لو ولدت في عائلة أخرى لاتدين بالدين الذي أنتَ عليه الآن؟ ماذا لو ولدت في زمن آخر مثل زمن الاغريق أو زمن البابليين؟ ماذا لو لم تلد في الشرق الاوسط الآن و ولدت في بلد مثل السويد أو النرويج؟ هل كنت ستؤمن بما تؤمن بهِ اليوم؟ هل كنت ستدافع عن معتقداتك بالاديان الاخرى أو حتى الآلهة الاخرى بنفس الحمية و الحماس الذي تدافع بهِ عن دينك وكتابك الذي تسميه مقدساً والهك الذي تسميه قدوساً؟ فقط أسأل نفسك هذا السؤآل البسيط وأنت ستعرف حجم الخديعة التي تعرضنا لها جميعنا.

نحنُ جميعاً وبلا أستثناء نؤمن بالله ليس لأنهُ ربما موجود, أو لأنه ربما خلق الكون أو أعطانا الحياة, فهذه كلها أشياء حفظناها بعد أن كبرنا كمبررات لأسباب إيماننا المنسية. أنت بكل بساطة لم تقرر أن تكون مؤمناً, تماماً مثلي ومثل كل الذين حولنا. نحن بكل بساطة نؤمن لأننا شعرنا عندما كنا صغاراً بأن الايمان بالله صفة حميدة. تعلمنا الايمان قبل أن نتعلم القراءة والتفكير. تعلمنا الايمان عندما تعلمنا نقول ماما وبابا وكانوا يضحكون في وجوهنا عندما كنا نقول الله او نردد عبارات دينية. كانوا يضحكون في وجوهنا وكنا نفرح ولانعلم ما تلك العبارات التي تجعل أهلنا فرحين الى هذه الدرجة, فنرددها, فيفرحون أكثر, فنكررها أكثر. تعلمنا الايمان كما تعلمنا الكلام, فهو جزء لايتجزء من أدواتنا اللغوية. أصبحنا مؤمنين لأنه لم تكن لدينا خيارات أخرى. تماماً كما لم نكن نملك أي خيارات أخرى في أختيار شكل الطعام الذي نتناوله, أو شكل اللباس الذي نلبسه, لم يكن لدينا خيار في أختيار الدين الذي سنؤمن بهِ أو الإله الذي نريد أن نعبده.

وجود الله ليس حقيقة علمية, فهو غير موجود, هو ليس أكثر من مجرد وهم نحاول أقناع أنفسنا بهِ كي نبرر أفعال و أفكار نؤمن بها لانعرف مصدرها. كل الادلة والبراهين التي كانت ولازالت فلسفية حصراً تدور في فلك العجز الإنساني. كل الادلة و البراهين لأثبات وجود الله كانت ولازالت نفس الادلة و البراهين التي تستطيع أستخدامها لأثبات وجود أي إله آخر غير الله أو إله آخر فوق الله أو حتى أثبات عدم وجود الله. كل الادلة والبراهين تلك لاتعدو أن تكون أكثر من تغوط فكري بحت عمرهُ آلاف السنين يتم أعادة أنتاجه كل فترة بصيغة جديدة في محاولة لأثبات مالاوجود لهُ من خلال طرح أسئلة عقيمة على شاكلة من خلق الكون, من خلق الروح, وهي نفس السؤآل العقيم عن البيضة والدجاجة الذي يعتقدون حقيقة بأننا حتى اليوم لانملك الأجابة عليه.

أن العيش مع الله كل هذه الفترة الطويلة كان ضربة موجعة لازلت أستشعرها حتى اليوم في أعماق نفسي, لازلت أحاول حتى اليوم التخلص من فضلات ذلك الوجود الثقيل , ولازلت أشعر بعض الاحيان بحاجة لذلك الوهم الذي يقنعني بأن هناك أبٌ كبير سيدبر كل شئ بشكل ما. بكل تأكيد لاتزال هناك عندي الملايين من الاسئلة عن الحياة و الاخلاق و الإنسان و الوجود. تلك الاسئلة التي كنت سابقاً أجيب عنها بالله, وأقنع نفسي بأنني أجبت عليها, اليوم أعرف بأن الله ليس أكثر من باب خلفي للهروب من السؤآل الحقيقي, طريقة قديمة للكسالى والعاجزين عن البحث في إرجاء كل الظواهر و الاسئلة الكبيرة الى قوة عظمى لانعرفها ولا نستطيع الوصول لها. تماماً كما كانت تعتقد الشعوب البدائية في أعماق جهلها بأن المطر يأتي من الآلهة وبأن السماء سقف مرفوع فوق الارض وبأن النجوم زينة في السماء.

لكن, هل موت الله يجعلنا سعداء؟ هل وجود الله في حياتنا يجعلها أكثر روحية وذات معنى أعمق؟ ماذا تعتقد؟ لنفكر سوية!!


بسام البغدادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد