الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوجهات الفكرية والنزعات العنصرية

صاحب الربيعي

2011 / 11 / 10
المجتمع المدني


تعدّ الخصوصية الثقافية توجهات فكرية لقومية أو أثنية أو فئة اجتماعية تخالف الآخرين فكرياً شريطة أن لا يتحول الخلاف إلى سجال عنفي يخل بالسلم الاجتماعي لأن من مهام الدولة ضمان الحرية لجميع المواطنين، وتوافرها على حزمة قوانين رادعة للنزعات العنصرية الواعية أو غير الواعية التي تتحكم بها غرائز ذاتية تفرض أحكامها على سلوك البشر وتقسرهم على ممارسات عنصرية ضد الآخرين من دون وجه حق.
إن توافر ظروف الحوار الفكري الملائم لكل المكونات الاجتماعية يشجع البوح ما بداخلها من آراء مضادة وناقدة تساهم في تغيير الواقع أو تصحيحه، فالحوار ليس تبادل وجهات النظر مع الآخرين وحسب، بل إنه علاج نفسي لاواعي للبوح عما يحقن الذات من نزعات عنصرية أو توجهات فكرية متقاطعة على نحو كلي مع الآخر بأسلوب متمدن ينبذ العنف والتسلط.
يعتقد (( بيخو باريخ )) " أن البشر متجسدون ثقافياً وميالون إلى فرض قيمهم الخاصة، ما يتطلب حواراً مستمراً للحد من نزعاتهم الفكرية المتسلطة والارتقاء بها ".
لا يصح تقييم ثقافة المجتمعات وخصوصيتها بمعايير اتفاقها مع ثقافة الأغلبية السائدة أو تعارضها، وإنما يجب عدّها مساهمة فكرية في إرث الأمة الحضاري شريطة أن تكون ثقافة ذات منحى إنساني تمثل تاريخ المكون الاجتماعي وحاضره. لذلك تفرد الثقافة عن محيطها الثقافي يمنحها خصوصية فكرية تمييزها عن باقي ثقافة المكونات في محيطها الاجتماعي ليس بكونها متعارضة وإنما معبرة على نحو حقيقي عن الاختلاف القومي والأثني عن باقي مكونات الأمة المتوارثة لحضارة الأرض على مدى قرون من الزمن.
يتصور (( هيردر )) " أن تفرد الثقافة وخصوصيتها تعبر عن إرث المجتمع وابداعه ".
فضلاً عن أن الثقافة ليست توجهات فكرية جامدة لمكون الاجتماعي ما في محيط ثقافة الأغلبية ينطوي على التعارض ليميز نفسه عن الآخرين ولا سبيلاً لتجنب الانصهار في بوتقة ثقافة الأغلبية ليشعر البعض بدونيته ويتصرف بسلوك عنصري ضد محيطه الاجتماعي، وإنما ينطوي على وجود ثقافة متطورة خلال التاريخ تعبر عن خصوصيتها القومية أو الأثنية أو المذهبية تفرض حضورها خلال مساهماتها الابداعية المتواصلة لرفد ثقافة الأمة.
على خلافه تنصهر في ثقافة الأغلبية، فالثقافة غير القابلة للتطور تنقرض وحدها أو تنصهر في ثقافة أكثر تطوراً منها. والثقافة غير المستجيبة لمديات محيطها الاجتماعي والمنغلقة على ذاتها والمتبنية توجهات عنصرية للدفاع عن ذاتها على نحو واعي خشية الانصهار لا تصمد طويلاً أمام الثقافات المتطورة أو التوجهات العنصرية المضادة التي تقسرها بالعنف على الانصهار، فخيارها الوحيد الانفتاح ونبذ التوجهات العنصرية وفرض وجودها من خلال نتاجها الابداعي لرفد حضارة الأمة.
يعتقد (( هيغل )) " أن الفرد أو الأمة أو النظام السياسي الذي يكف عن الإبداع والخلق يتحول إلى ما يشبه الحيوان أو الشجرة ".
إن الثقافة المتبنية لتوجهات فكرية نابذة للعنصرية والعنف وتتخذ الحوار طريقاً للتواصل مع ثقافات محيطها الاجتماعي تعدّ رافداً مهماً في ثقافة الأمة، كونها تفرض حضورها ليس بخصوصية أبداعها وحسب، بل في تواصلها وتلاقحها مع ثقافات محيطها التي تشذب توجهاتها الفكرية وتطورها وعلى نحو مقابل تؤثر ايجاباً في ثقافة الآخرين.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقررة الاممية لحقوق الانسان تقول إن إسرائيل ارتكبت ثلاثة أ


.. قيس سعيّد يرفض التدخلات الخارجية ومحاولات توطين المهاجرين في




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجا


.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في




.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع