الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاداة اليهود (1-4)

خالد أبو شرخ

2011 / 11 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


معــاداة اليهــود

دلالات المصطلح

"معاداة اليهود" ترجمة للعبارة الإنجليزية "أنتي سـيميتزم" ("Anti-Semitism") والمعنى الحرفي للعبارة هو "ضـد السامية"، وتترجَم أحياناً إلى "اللاسامية".
الصحفي الألماني اليهودي الأصل "وليهلم مار" (1818 ـ 1904), أول من استخدم هذا المصطلح عام 1879م, في كتابه "إنتصار اليهودية على الألمانية ـ من منظور غير ديني.", وقد صدر الكتاب بعد المضاربات المالية التي أعقبت الحرب الفرنسية - البروسية (1870 ـ 1871), والتي أدَت إلى دمار كثير من المموِّلين الألمان, الذين ألقوا باللوم على اليهود.
لو أُخذت العبارة بالمعنى الحرفي، فإنها تعني العداء "للساميين", أو لأبناء "الجنس السامي", الذي يشكل العرب أغلبيته العظمى، بينما يُشكك بعض الباحثين في انتماء اليهود إليه, ولكن المصطلح، في اللغات الأوربية، يقرن بين الساميين واليهود ويوحد بينهم، وهذا يعود إلى جهل الباحثين الأوربيين في القرن التاسع عشر بالحضارات الشرقية، وعدم تكامل معرفتهم بالتشكيل الحضاري السامي, أو بتنوع الانتماءات العرْقية والإثنية واللغوية لأبناء الجماعات اليهودية, وهذا المصطلح يضرب بجذوره في الفكر العنصري الغربي, الذي كان يرمي إلى التمييز الحاد بين الحضارات والأعراق، فميز في بداية الأمر بين الآريين والساميين, على أساس لغوي، ثم انتقل من الحديث عن اللغات السامية, إلى الحديث عن الروح السامية, والعبقرية السامية, مقابل الروح الآرية, والعبقرية الآرية, التي هي أيضاً الروح الهيلينية أو النابعة منها, ثم سادت الفكرة العضوية الخاصة بالفولك أو الشعب العضوي، ومفادها أن لكل أمة عبقريتها الخاصة بها, ولكل فرد في هذه الأمة, سمات أزلية, يحملها عن طريق الوراثة، وانتهى الأمر إلى الحديث عن تفوق الآريين على اليهود (الساميين)، هذا العنصر الآسيوي المغروس في وسط أوربا، كما دار الحديث عن خطر الروح السامية, على المجتمعات الآرية, وشاع المصطلح منذ ذلك الوقت, وقام الدارسون العرب باستيراده وترجمته, كما فعلوا مع كم هائل من المصطلحات الأخرى .

لكن بعض الكتاب الغربيين, يميلون إلى التمييز بين "معاداة اليهودية" و"معاداة السامية", حيث إن معاداة اليهودية، حسب تصورهم، هي عداء ديني للعقيدة اليهودية وحدها، وبالتالي كان بإمكان اليهودي, أن يتخلص من عداء المجتمع له باعتناق المسيحية, أما معاداة السامية، فهي عداء لليهود بوصفهم عرقاً، وبالتالي فهي عداء علماني لاديني, ظهر بعد إنعتاق اليهود, وتزايد معدلات اندماجهم, وهذا النوع من العداء, يستند إلى نظريات ذات مسوغات علمية عن الأعراق عامة، وعما يقال له "العرق اليهودي"، وعن السمات السلبية الافتراضية (الاقتصادية والثقافية) الثابتة والحتمية لليهود اللصيقة بعرقهم, وتصحب مثل هذه الدراسات إحصاءات عن دور اليهود في التجارة والربا مثلاً، وفي تجارة الرقيق عامة, والرقيق الأبيض على وجه الخصوص، ومعدلات هجرتهم، ثم يتم استخلاص نتائج عرقية منها, وبالتالي إذا كانت معاداة اليهودية تعبيراً عن التعصب الديني، فإن معاداة السامية، حسب هذه الرؤية، هي نتيجة موقف دنيوي, يستند إلى حسابات المكسب والخسارة, وإلى الرصد العلمي لبعض السمات اللصيقة, بما يسمى "الشخصية اليهودية", ويرى المنادون بهذا الرأي, أن معاداة السامية بدأت في القرن التاسع عشر, وإن كان بعضهم يرى أن عداء الدولة الإسبانية ليهود المارانو (وهم اليهود الذين تنصروا), هو عداء ذو دافع دنيوي, إذ أن هؤلاء المارانو، بحسب إحدى النظريات، كانوا مسيحيين بالفعل, ولكن مقياس النقاء العرقي (نقاء الدم) الذي حكم به عليهم، لم يكن مقياساً دينياً, وإنما كان مقياساً عرقياً، وكان الدافع وراء اضطهادهم هو رغبة الأرستقراطية الحاكمة، أو بعض قطاعاتها على الأقل، في التخلص من طبقة بورجوازية جديدة صاعدة, كانت تتهددها, ومن هنا منع المارانو من الاستيطان في المستعمرات البرتغالية والإسبانية, لتقليل فرص الحـراك أمامهم, وهكـذا كانت هـذه الحركة تعبِر عن اتجاه دنيوي، ولكنها تستخدم الخطاب الديني لتبرير غاياتها.
ومن هذا المنظور الطبقي العرقي، يصبح اليهودي المندمج, هو أكثر اليهود خطورة، فهو يهودي (أي بورجوازي) يدعي المسيحية, ليحقق مزيداً من الحراك والصعود الاجتماعي, ولذا لابد من وقفه, والحرب ضده برغم تبنيه العقيدة المسيحية.
وهذا الموقف, يناقض الموقف القديم لمعاداة اليهود, حيث كانت الكنيسة, ترحب بمن تنصر, ومن المعروف أن الكنيسة وقفت ضد أي تعريف عرقي لليهودي, يخضعه للحتميات البيولوجية شبه العلمية، وبالتالي فتحـت أمامـه أبواب الخـلاص .

وقد اختلط المجال الدلالي للمصطلح في اللغات الأوربية, بعد ظهور الصهيونية, وبعد سيطرة الخطاب الصهيوني على النشاط الإعلامي الغربي، لم تعد هناك تفرقة بين ظاهرة معاداة اليهود, في الدولة الرومانية, وظاهرة معاداة اليهود, في العصور الوسطى المسيحية, ولم يعد هناك تمييز بين معاداة اليهود, على أساس عرقي, وبين معاداة اليهود على أساس ديني, وأصبحت معاداة الصهيونية، بل والدولة الصهيونية, هي الأخرى تصنف باعتبارها من ضروب معاداة اليهود, وحينما كانت دول الكتلة الشرقية, تصوت ضد إسرائيل في هيئة الأمم المتحدة، كان هذا يعد أيضاً تعبيراً, عن تقاليد معاداة اليهودية الراسخة فيها, وبالمثل اعتبر بيع أسلحة متطورة للدول العربية, تعبيراً عن الظاهرة نفسها, بل ويذهب أنصار هذا الرأي, إلى أن نضال الشعب الفلسطيني, ضد الإحتلال الصهيوني, تعبير عن الظاهرة نفسها, وهكذا اتسع المجال الدلالي للمصطلح, واضطرب ليضم عدة ظواهر لا يربطها رابط، حتى أصبح بلا معنى، وأصبح أداة للإرهاب والقمع الفكريين.

السياق التاريخي لمعاداة اليهـود

تفسر الصهيونية معاداة اليهود, بأنها تعود إلى كره الأغيار لليهود عبر العصور، وهو تفسير من العمومية بحيث لا يفسر شيئاً البتة, فإذا كان كره الأغيار لليهود ظاهرة ميتافيزيقية متأصلة، فإن المنطقي هو أن يعبر هذا الكره عن نفسه بشكل مطلق، أي بالطريقة نفسها بغض النظر عن الزمان والمكان, ولكن تاريخ عداء اليهود تاريخ طويل ومتنوع, ويفتقر إلى الاستمرار التاريخي, كما تختلف دوافعه وأسبابه, ومن المعروف أن الجماعات اليهودية, توجد داخل تشكيلات حضارية مختلفة، وكانت تنشأ توترات مختلفة بينها وبين أعضاء الأغلبية, وبرغم أن سائر أحداث التوتر هذه, يشار إليها بمصطلح "معاداة اليهود", على وجه العموم، فإن المصطلح يكتسب مضمونه الحقيقي والمحدد, من خلال التشكيلات الحضارية المختلفة، ولذلك فإن الدلالة تختلف من تشكيل إلى آخر .
لو أخذنا بالتفسير الصهيوني, وجعلنا من مختلف الأحداث, التي تعبر عن العداء لليهود ظاهرة واحدة، لأصبح العنصر الثابت الوحيد هو اليهود، وحينذاك يصبح اليهود هم المسئولين عن الكراهية, التي تلاحقهم, والعنف الذي يحيق بهم، وهو تحليل عنصري مرفوض طرحه.
ولذا فحينما يدرس الاضطهاد، فإنه لابد من وضعه في سياقه التاريخي, حتى يمكننا أن نرى أثر هذا الاضطهاد على جماعات بشرية أخرى, ويمكن القول بأن اضطهاد اليهود في أوربا (بعد القرن الثاني عشر), لم يكن موجهاً إليهم باعتبارهم يهوداً, وإنما باعتبارهم جماعة وظيفية وسيطة، كما أن المرابين من الكوهارسين واللومبارد, الذين كانوا يحتلون المكان نفسه, ويعملون الوظيفة نفسها, كانوا يتعرضون أو لا يتعرضون للاضطهاد, حسب مدى احتياج المجتمع إليهم, أو عدم احتياجه, وبعد عصر الانعتاق، قامت الدولة الفرنسية الجديدة, بمحاولة دمج كل الأقليات, التي كانت تتمـتع بخصوصيـات لغوية أو دينية غير فرنسية، ولم تميز في ذلك بين اليهود والبريتون مثلاً, وحينما قامت الإمبراطورية الروسية (القيصرية), بمحاولة فرض الصبغة الروسية, على أعضاء الجماعة اليهودية، كانت تفعل ذلك باعتباره جزءاً من سياسة إمبراطورية عليا, كانت موجهة ضد كل الجماعات البشرية في الإمبراطورية، وبخاصة غير السلافية, وقد تعرض المسلمون في الإمارات التركية السابقة, لدرجة أعلى من الاضطهاد، وبالمثل كان الاضطهاد النازي اضطهاداً علميا محايدا, لا تمييز فيه, ولا تحيز، وقد كان موجهاً ضد جميع العناصر "غير المفيدة", التي يصنفها المجتمع باعتبارها كذلك، مثل: العجزة، والأطفال المعوقين الذين صنفوا بوصفهم "أفواه تأكل لا نفع لها "، والغجر، والسلاف، واليهود, ويلاحظ أن الجماعة الوظيفية الوسيطة الصينية في الفلبين كانت تعامل معاملة الجماعة الوظيفية الوسيطة اليهودية في بولندا تماما، كما يلاحظ أن كل أشكال الاضطهاد التي تعرض لها يهود بولندا واجهها الصينيون في الفلبين.

لعل من أهم الأسباب, التي أدت إلى ظهور معاداة اليهود, وانتقالها إلى مستوى البنية الاجتماعية, أن معظم الجماعات اليهودية, كانت تشكل جماعات وظيفية وسيطة (قتالية وتجارية) في المجتمعات القديمة، وكذلك في المجتمع الغربي في العصر الوسيط حتى القرن التاسع عشر, وقد كانت الجماعات الوظيفية, تتكون دائماً من عناصر بشرية غريبة عن المجتمع, حتى يمكنها أن تضطلع بوظائف كريهة أو مشبوهة أومتميزة, تتطلب الموضوعية وعدم الانتماء، مثل: التجارة والربا والقتال والبغاء, ولذا نجد أن موقف أعضاء الجماعات الوظيفية, من المجتمع يتسم بالحياد والنفعية، فهم ينظرون إلى مجتمع الأغلبية, باعتباره سوقاً أو مصدراً للربح، كما ينظر أعضاء المجتمع إليهم باعتبارهم أداة لتنشيط التجارة أو القتال, وكان يُنظَر إليهم في المجتمعات التقليدية, باعتبارهم وسيلة, لا غاية وأداة من أدوات الإنتاج لا أكثر، ولذلك كان أعضاء الجماعة, لا حرمة لهم في كثير من الأحيان (فهم غرباء), والغريب في معظم الأحوال مباح لا قداسة له, وفي العادة يتركز أعضاء الجماعات الوظيفية الوسيطة, في قطاعات اقتصادية بعينها يبرزون فيها، الأمر الذي يجعلهم مركزاً للكره والحسد, وعلاوة على ذلك، يدافع أعضاء الجماعة الوظيفية عن مراكزهم الاقتصادية هذه, بشراسـة وضراوة غير عاديـة, نظراً لعـدم وجود بدائل أخرى متاحة أمامهم، فهم عادة, ما يفتقدون الخبرة اللازمة للزراعة والصناعة، ولا يعرفون كثيراً من الحرف, بسبب غربتهم وتنقلهم, كما أنهم يدافعون عن مراكزهم الاقتصادية, عن طريق شبكة الأقارب والعائلات، الأمر الذي يثير حولهم الشائعات عن عمق بغضهم وكرههم لأعضاء الأغلبية ("الأغيار" في مصطلح الجماعات اليهودية), وفي كثير من الأحيان، يحقق أعضاء الجماعات الوظيفية الوسيطة، اليهودية وغير اليهودية، تراكماً للثروة, بشكل أسرع من أعضاء مجتمع الأغلبية، نظراً لاستعدادهم لحرمان أنفسهم من كثير من مباهج الحياة، فهم غير منتمين إلى المجتمع, كما أن الثروة هي مصدر قوتهم ومبرر وجودهم, وفي حالة اليهود في بولندا، على سبيل المثال، كانت الأرستقراطية البولندية تؤكد مكانتها عن طريق الإنفاق والتبذير، وأصبح هذا هو المثل الأعلى لقطاعات الشعب البولندي كافة، الأمر الذي لم يشارك فيه أعضاء الجماعة اليهودية, الذين كانوا يؤثرون الادخار, وسرعة تراكم الثروة, وهذا الوضع يزيد، بلا شك، حسد الجماهير.
ولكن أعضـاء الجماعات الوظيفية الوسـيطة، برغـم غربتهم وتمـيزهم، كانوا يجدون أنفسـهم في قلب الصراعات المختلفة في المجتمـع، وبخاصة الصراعات الناشبة بين أعضاء النخبة الحاكمة, وبين الطبقات الأخرى للمجتمع، خصوصاً الطبقات الشعبية، إذ أن قطاعات من النخبة الحاكمة, كانت تستخدم أعضاء الجماعات الوظيفية الوسيطة, لضرب بعض طبقات المجتمع لاستغلالها, أو كبح جماحها, فأعضاء الجماعة هم سوط في يد الحاكم، أو هكذا كان يراهم المحكومون، ولكنهم أيضاً كبش الفداء, الذي يتم التخلص منه, عند الحاجة وأمام الهجمات الشعبية، فالأداة ليست غاية في ذاتها, ورغم أن هذه الهجمات على الجماعات اليهودية (الوظيفية) في الغرب, تُعد هجمات عنصرية، فيجب ألا نهمل الجانب الشعبي فيها, وأنها تمثل جزءاً من تمرد الجماهير على عملية الاستغلال، وإن كان تمرداً قصير النظر، كما هو الحال عادةً مع الهبات الشعبية, ولم تكن هذه الثورات ثمرة إدراك عميق لأسباب الاستغلال، ولذا اقتصرت على تحطيم الأداة الواضحة أمامهم والمباحة لهم .
هذا الوضع ينطبق بالأساس على الجماعات اليهودية في العالم الغربي، وبالذات منذ بداية العصور الوسطى, وحتى القرن الثامن عشـر, كما ينطـبق على كثـير من الأقليــات الأخرى, ولـذا فهـو يصلح إطــاراً تفسـيرياً لمعظم جوانب ظاهرة معاداة اليهود, باعتبار أن أغلبية يهود العالم, كانوا يوجدون في أوربا مع نهـاية القـرن الثـامن عشر، وفي بولندا على وجه الخصوص.
وقد كان يهود بولندا هم أغلبية يهود العالم, في أواخر القرن الثامن عشر, وفي هذه المرحلة التاريخية، حدث بينهم أيضاً انفجار سكاني, أدى إلى تزايد عددهم خمسة أو ستة أضعاف، ومن ثم زاد بروزهم العددي والاقتصادي, كما شهد المجتمع البولندي آنذاك, بداية ظهور طبقات محلية بديلة, وأجهزة قومية تحل محل الجماعة الوظيفية الوسيطة, وتزايد في هذه المرحلة, فقر قطاعات كثيرة من المجتمع البولندي, وفضلاً عن ذلك، كان أعضاء الجماعة اليهودية يتحدثون اليديشية, ويدينون بشيء من الولاء للثقافة الألمانية، بينما كان الألمان هم الأعداء التقليديون للسلاف والبولنديين, كما أن أعضاء الجماعة اليهودية, لم يشاركوا بشكل فعال في الحركة الوطنية البولندية, التي كانت ذات توجه معاد لليهود, لأسباب تاريخية مركبة (من أهمها اضطلاع اليهود بوظيفة جمع الضرائب, وعوائد الضياع, فيما يسمى بنظام "الأرندا"), لكل هذا تفجرت معاداة اليهودية في بولندا, وروسيا بشكل حاد.

من القضايا الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار، أثناء دراسة ظاهرة معاداة اليهود، الإطار السياسي العام, الذي يتم فيه هذا العداء, ويتضح هذا في موقف الإمبراطورية الرومانية, حين صبت جام غضبها على العناصر المتمردة في فلسطين, التي كانت تهدد السيطرة الإمبراطورية، ولكنها تحالفت في الوقت نفسه مع أثرياء اليهود, الذين كانت مصالحهم مرتبطة بمصلحة الإمبراطورية, ومما يجدر ذكره أنه كان يوجد جيش يهودي بقيادة "أجريبا الثاني", يعمل تحت قيادة "تيتوس" قائد القوات الرومانية, التي حطمت الهيكل, فالمسألة لم تكن إذن عداءً لليهود (أو حباً لهم), بقدر ما هي مسألة مصالح إمبراطورية.
ويتضح الشيء نفسه, في موقف الإمبراطورية البريطانية, التي قامت بتأييد مشروع الاستيطان الصهيوني ودعمه, رغم وجود قطاع داخل أعضاء النخبة الحاكمة الإنجليزية (وبين الطبقات الشعبية), يكن الكراهية لليهود، خصوصاً المهاجرين, فالمصالح الإمبراطورية (لا حب اليهود), هي التي دفعت إنجلترا, إلى تبني المشروع الصهيوني, وفي فترة لاحقة، نشأ توتر بين المستوطنين الصهاينة, والإمبراطورية الراعية (وهو أمر عادة ما يحدث لأن مصالح الإمبراطورية تكون عادة أكثر تركيباً وشمولاً واتساعاً من مصالح المستوطنين), فتعقبت السلطات الإنجليزية من سمتهم "العناصر المشاغبة أو المتطرفة" بين المستوطنين، وقد فسر ذلك بأنه عداء لليهود, وهو أبعد ما يكون عن ذلك, ولعل أكبر دليل على هذا, أن أعضاء الجماعة اليهودية, داخل إنجلترا كانوا يتمتعون بجميع حقوقهم في ذلك الوقت, ولو أن الأمر كان عداء مطلقاً لليهود، لبدأت عملية التعقب في لندن لا في فلسطين.

ومن العناصر الأخرى, التي يجب الانتباه إليها عند تحديد ظاهرة معاداة اليهود, مدى قرب أو بعد أعضاء الجماعة الوظيفية الوسيطة اليهودية من النخبة, وما إذا كانت ظاهرة معاداة اليهودية ظاهرة رسمية أم شعبية, ويمكن الإشارة إلى أن أعضاء الجماعات اليهودية, في التشكيل الحضاري الغربي, كانوا دائماً تحت حماية النخبة الحاكمة, حتى نهاية العصور الوسطى (وربما بعدها أيضاً), وفي روسيا القيصرية، على سبيل المثال، لم تشترك المؤسسة الحاكمة في اضطهاد اليهـود إلا بعـد عام 1882م، مع دخول النظام القيصري أزمته، وبعد تعثر التحديث، وهي فترة لم تدم طويلاً, وقد استؤنف التحديث مع ثورة روسيا عام 1905م، ثم الثورة البلشفية، وأصبحت معاداة اليهود جريمة رسمية, يعاقب عليها القانون, وحتى قبل ذلك التاريخ، كانت تتم معاقبة من يقومون بالمذابح الشعبية، وكان التمييز ضد أعضاء الجماعات اليهودية, يتم داخل إطار القانون (إن صح التعبير) ويهدف إلى ما كان يُسمى "إصلاح اليهود", كما كان هناك التمييز بين اليهود النافعين, واليهود غير النافعين، وكان النافعون يعطون حقوقهم كاملة, ويتحركون خارج منطقة الاستيطان, هذا على عكس المعاداة الشعبية لليهود, والتي لم يكن ينتظمها إطار، وكانت عبارة عن إنفجارات تعبر عن الإحباط، ومذابح لا تهدف إلا للتنفيس عن الضغط, ويمكن النظر إلى الظاهرة النازية، من هذا المنظور، باعتبارها ظاهرة حديثة, فعملية الذبح والإبادة هنا مسألة منهجية، تتم تحت سمع وبصر الحكومة، وبحكم القانون، وعلى أسس علمية, ومن خلال بيروقراطيات متخصصة, وقد يكون من المستحسن أن نرى هذا النوع من معاداة اليهود, كجزء من سياسة ألمانيا الكولونيالية, التي تهدف إلى إبادة الغجر والسلاف, وكل من يعيشون في المجال الحيوي لألمانيا، وهذه عملية تشبه من بعض الوجوه, عملية إبادة الجزائريين في فرنسا, على يد الفرنسيين، وسكان الكونغو على يد البلجيك، والفلسطينيين على يد الصهاينة، فهي ليست استمراراً لتقاليد معاداة اليهود السابقة, واختلافها الوحيد عن عمليـات الإبـادة الكولونيـالية المشابهـة أنها تمت جغرافياً داخـل أوربا.

سمـات معـاداة اليهــود

يمكن القول بأن الفكر العنصري عامة، بما في ذلك فكر معاداة اليهود، فكر اختزالي يتجه نحو تجريد الضحية, من خصائصها الإنسانية, بوصفها كياناً إنسانياً له سلبياته وإيجابياته, بحيث تتحول إلى شيء مجرد, يجسد سمة أو جوهراً معينا, وقد يلجأ الفكر العنصري إلى اختلاق الحقائق والأكاذيب، ولكن هذا أمر نادر, إذ أن الفكر العنصري، خصوصاً في عصر العلم، يحاول أن يقدم قرائن وحججاً, على صدق مقولاته يستخلصها من الواقع، من خلال عمليات فكرية, تنحو نحو التجريد والتبسيط والتسطيح والاختزال، مثل:

1 ـ التركيز على عنصر من الواقع دون غيره، كأن يركز العنصري على إحدى سلبيات, بعض أعضاء الجماعات اليهودية (كاشتغالهم بتجارة الرقيق الأبيض), وعزلهم عن إيجابياتهم (الحرب الشرسة من جانب الجماعات اليهودية ضد هذه التجارة).
2 ـ تعميم ما يرتكبه بعض أعضاء الجماعات اليهودية, من جرائم أو أخطاء, على كل أعضاء الجماعات اليهودية، ثم التركيز بعد ذلك على ما يسمى "الشخصية اليهودية", بكل ما تتسم به من شرور وعنف مزعومين.
3 ـ فصل أعضاء الجماعات اليهودية, عن سياقهم الاجتماعي والحضاري, الذي قد يفسر سلوكهم السلبي، عدم الربط بين الجماعات اليهودية, وغيرها من الجماعات البشرية, التي قد تشترك معها في الصفات السلبية نفسها، وذلك بهدف خلع صفة الإطلاق, على صفات اليهود, حتى تكتسب بعدا نهائيا, وتبدو كأنها مقصورة عليهم دون سواهم من البشر.
4 ـ إسقاط عناصر عدم التجانس بين الجماعات اليهودية المختلفة, وعناصر الاختلاف والصراع بين أعضائها, وإسقاط واقع انقسامهم إلى طبقات وجماعات مختلفة، فيصبح اليهود كلاًّ واحداً متجانساً يُسمى "الشعب اليهودي" أو "اليهود".

ولنضرب مثلاً على هذه العمليات الفكرية الأربع, بالتهمة التي عادة ما توجه إلى أعضاء الجماعات اليهودية، أي الاشتغال بالرقيق الأبيض كقوادين أو بغايا, وهذه حقيقة مادية وإحصائية، ففي الفترة من 1881م, وحتى 1935م, كان ثمة وجود يهودي ملحوظ في هذه التجارة المشينة, ولكن العمليات الفكرية العنصرية, تركز على هذا العنصر السلبي, وتعزله عن إيجابيات اليهود (فقد كانت أعداد كبيرة منهم تعمل في مهن شريفة، كما أن أعضاء الجماعات اليهودية في العالم, ساهموا بكل قواهم في القضاء على هذه التجارة المشينة بين اليهود), ومن ناحية أخرى، يطلق أعداء اليهود, هذه الصفة على كل اليهود أينما كانوا, مع أن نسبة اليهود المشتغلين بهذه التجارة, قد تكون أعلى من نسبة المشتغلين بها بين الأغلبية، ولكنها على أية حال, كانت نسبة مئوية ضئيلة, بالنسبة لعدد أبناء الجماعة اليهودية, أما العملية الفكرية الثالثة، أي فصل اليهود عن سياقهم الاجتماعي والتاريخي، فهي أهم العمليات, وفي الواقع فإنه لا يوجد أي ذكر للجماعات البشرية الأخرى, التي اشتغلت بتجارة الرقيق الأبيض, في الفترة نفسها، ولا لواقع أن الجماعات اليهودية في أوربا, كانت تتمتع حتى منتصف القرن التاسع عشر, بمعدلات عالية من التماسك الخلقي والاجتماعي, يفوق المعدلات السائدة بين أبناء الأغلبية، حتى أن ظاهرة الأطفال غير الشرعيين, كانت غير معروفة تقريباً بينهم, قبل عمليات التحديث والعلمنة التي حدث بعدها الانحلال الخلقي, أما العملية الرابعة فهي كامنة وراء العمليات السابقة كافةً.

وكثيراً ما تنعكس هذه العمليات الفكرية, في أساطير وصور إدراكية ثابتة, تنسب إلى اليهود, خصائص سلبية ثابتة, كما أن وجود مثل هذه الأساطير والصور, يبلور الأفكار العنصرية الكامنة, ثم يساعدها على التحقق, ويمكن أن تكون هذه الأنماط الثابتة متناقضة, كأن يتبع فريق داخل المجتمع نمطاً معيناً, ويتبع فريق آخر نمطاً آخر يناقض النمط الأول، مثل نمطي اليهودي الجبان, الذي يخاف من أي شيء, واليهودي العدواني الذي لا يخشى شيئاً, وقد اتضحت هذه الظاهرة في العصر الحديث في الغرب، فاليهودي هو من كبار الممولين, وهو أيضاً المتسول، وهو رمز الجيتوية, والتخلف الديني, والانفتاح المخيف, والعلمانية المتطرفة، وهو رمز الرجعية, والثورة والإقطاعية والليبرالية, فإذا كان "هرتزل" يهودياً, وكان "روتشيلد" يهودياً و"مائير كاهانا" يهودياً و"مارلين مونرو" يهودية، وكذلك "ماركس" و "فرويد" و"أينشتاين" و"نعوم تشومسكي"، يذهب الباحث العنصري إلى البحث على ما يجمع بينهم, وحينما يفشل في العثور على هذا العنصر، فإنه يكمله من عنده, ويفترض وجود مؤامرة خفية تجمع بينهم, وأنهم ولا شك يحرصون على إخفائها, ولكن التناقض على كل أمر لا يضايق الفكر العنصري بتاتاً، فالإنسان العنصري إنسان غير عقلاني (فهو مرجعية ذاته), لا يقبل الاحتكام إلى أية قيم أخلاقية تتجاوزه وتتجاوز الآخر، فهو يؤمن بشكل قاطع بأن تميزه أمر لصيق بكيانه, وكامن فيه تماماً, مثل تدني الآخر، وبالتالي فإن العنصري يبحث دائماً عن قرائن, في الواقع ينقض عليهـا كالحيوان المفترس, أو الطـائر الجـارح, فيلتقطها ويعممها ليبرر حقده, بل ويمكن أن يوظف هذا التناقض ذاته, بين الصور الإدراكية, بحيث يشير إلى مدى خطورة المؤامرة اليهودية العالمية الأخطبوطية, التي تسيطر على سائر مجالات الحياة، وتسيطر على اليمين واليسار، وعلى الشمال والجنوب والشرق والغرب.
وإذا كانت النظريات العنصرية, تتجه إلى تجريد اليهود, واختزالهم عن طريق عزلهم, عن سياقهم التاريخي, وعن غيرهم من الجماعات البشرية, فإن الصهيونية تفعل الشيء نفسه, في دراستها لما يلحق اليهود من اضطهاد، فهي تقوم بعزل ظاهرة اضطهاد اليهود, عن الظواهر المماثلة أو المختلفة في المجتمع, وبهذه الطريقة، يصبح هذا الاضطهاد شيئاً فريداً, غير مفهوم, ويصبح عداء الأغيار لليهود أمراً ثابتاً, وتعبيراً عن الطبيعة الشريرة للأغيار.

تاريخ معاداة اليهود في العصور القديمة والوسطى

تذهب الصهيونية وبعض المؤرخين, الي إعتبار أن إضطهاد المصريين لبني إسرائيل في مصر, حسب ما ورد في العهد القديم, هو أول ظاهرة لمعاداة اليهود في التاريخ, ولكن ثورة الإكتشافات الأركيولوجية, وضعت قصة العبودية في مصر والخروج منها, موضع تساؤل حول مدى صدقها تاريخيا من ناحية, ومن ناحية أخرى أن الديانه اليهودية, لم تكن قد ظهرت بعد, وكذلك الأمر بالنسبة للسبي البابلي والآشوري, فالتوارة لم تكن قد كتبت حينذاك, ويختلف الباحثون هل كتبت أثناء السبي أم بعده, وهل كتبت في العراق أم في فلسطين, واليهودية كديانه توحيدية لم تظهر قبل القرن السادس قبل الميلاد, كما أن الغزو البابلي والآشوري لفلسطين لم يستهدف العبرانيين فقط, بل إجتاح جميع الممالك التي كانت في فلسطين وسوريا, حتى وصل إلى مصر, لذا نجد أن أول هجوم على جماعة يهودية, سجل في التاريخ, هو هجوم المصريين, على المعبد اليهودي في جزيرة "الفنتاين", في القرن الخامس قبل الميلاد, وكان هذا الهجوم موجهاً إلى جماعة وظيفية قتالية, عميلة من الجنود المرتزقة, التي وطنها فراعنة مصر هناك, لحماية حدود مصر الجنوبية، ثم انتقل ولاء هؤلاء الجنود, إلى الغزاة الفرس, ومن ثم فإنه كان هجوماً, على عملاء الفرس (الغازي الأجنبي)، هذا إن أخذنا بالرأي القائل بأنهم كانوا يهوداً، إذ يميل بعض المؤرخين إلى التشكيك في هذا الرأي.

وبعد دخول الشرق الأدنى القديم, إلى محور الحضارة الهيلينية، نشأ وضع جديد في علاقة اليهود بمن حولهم, ويجب أن نشير ابتداءا إلى أن "فلسطين", لم تكن مأهولة بالعنصر العبراني فقط، إذ كانت المناطق الساحلية, مأهولة بالعناصر الفلستية والفينيقية وغيرها، وكانت توجد داخل فلسطين أقوام سامية كثيرة، وكان العنصر اليوناني السائد يهيمن على التجارة, ويتركز في المدن، أما العنصر العبراني اليهودي، فكان يعمل بالزراعة, وانضمت إلى العنصر التجاري اليوناني قطاعات كبيرة من النخبة العبرانية, من كبار ملاك الأراضي وملتزمي الضرائب, وكانت فلسطين محور صراع بين الدولتين البطلمية والسلوقية، وكان اليهود أحد العناصر المهمة, التي يدور حولها الصراع, ويمكن رؤية الهجوم على اليهود, في هذه المرحلة, باعتباره نتاج هذا السياق التاريخي, فسكان المدن من اليونانيين العاملين بالتجارة, كانوا يصطدمون بالجماعة العبرانية اليهودية العاملة بالزراعة, وكانت الدولة السلوقية، في سعيها لدمج فلسطين, بمساعدة النخبة اليهودية، تحاول أن تقضي على العبادة التوحيدية, وعلى الطابع اليهودي في فلسطين, وفي الإسكندرية كان السكان اليونانيون, يرفضون السماح لليهود بدخول الجيمنازيوم (رمز الانتماء الكامل المدينة), لعدم مشاركتهم في العبادة اليونانية الوثنية, وقد ساعد على تصعيد حدة معاداة اليهود، أن ديانتهم كانت تقف ضد عبادة الأصنام أي ديانة فريدة آنذاك, وكان هذا التفرد يُفسر من قبل الوثنيين, بأنه كره للبشرية، خصوصاً وأن الطقوس الدينية اليهودية, تنسج حول اليهود شبكة كثيفة من العزلة.
وقد ازدادت معاداة اليهود, في بعض المناطق مثل الإسكندرية، لأن أعضاء الجماعة اليهودية, الذين كانوا يشكلون جماعة وظيفية وسيطة, رحبوا بالغزو الروماني, بل وقدموا له يد المساعدة, وقد نتج عن الغزو الروماني, أن النخبة الهيلينية فقدت موقعها المتميز في المجتمع، الأمر الذي جعلها تلقي باللوم, على أعضاء الجماعة اليهودية, ولذا ظهرت مجموعة من الكتاب الهيلينيين في القرن الأول الميلادي، مثل: "خايريمون" (أستاذ نيرون)، و"ليسيماخوس" (أمين عام مكتبة الإسكندرية)، و"آبيون" (الخطيب اليوناني) يعادون اليهود, وإنتشرت أفكار معادية لليهوديه, مثل أن اليهودية تعلم اليهود, كره الجنس البشري والعزلة عنه، وأنهم يذبحون فرداً غير يهودي كل عام ويذوقون أمعاءه، وأنهم يعبدون الحمار.
وإذا انتقلنا إلى روما، فإننا سنجد مستويين مختلفين تماماً لمعاداة اليهود, مستوى السياسة الإمبراطورية، ومستوى موقف الأرستقراطية الرومانية من يهود روما أساساً, أما الإمبراطورية الرومانية, فلم تكن تهتم كثيراً بالأخلاق اليهودية أو الدين اليهودي, إذ أن اهتمامها كان ينصب على تحقيق السلام الروماني وحسب, ولذا نجد أن "تيتوس" الذي هدم الهيكل الثاني, لم يعتبر نفسه قط عدواً لليهود، بل وكانت عشيقته "بيرنيكي" أختاً "لأجريبا الثاني" ملك اليهود, كما حارب في صفوفه جيش يهودي صغير, وقد رفض "تيتوس" أن يحمل لقب "تيتوس جودايكوس"، أي "تيتوس هازم اليهود"، مثلما سُمي "تيتوس أفريكانيوس" و"تيتوس جرمانيكوس"، أي هازم الأفارقة والألمـان، وذلك بسبـب صداقته للـقـوم أو الإثنوس اليهودي, ولذا اكتفى "تيتوس" بصك عملة, ظهرت عليها عبارة "جوديا كابتا" ، أي "هُزمت يهودا "، و"يهودا" هنا تشير إلى الأرض لا الشعب.
أما عداء الأرسـتقراطية لليهود فقد كان متبايناً في دوافعه، ويعود إلى سـببين أساسيين:
أولاً: رغبة بعض قطاعات من الأرستقراطية الرومانية, في تحقيق مكاسب اقتصادية, بالتخلص من منافس قوي مثل اليهود.
ثانياً: كان قطاع كبير من المثقفين الرومان, يرون أن إصلاح حال روما, لا يتم إلا بالعودة إلى الأصالة الأولى، واجدين أن التنوع الديني، وبالتالي انتشار اليهودية، يعوق هذا الاتجاه, ونجد هجوماً على اليهود, في كتابات بعض المؤلفين الرومان، مثل: "هوراس" و"شيشرون", لكنه لم يصبح هجوماً حاداً إلا بعد القرن الأول, كما هو الحال في كتابات المؤرخ "كورنيليوس تاسيتوس", الذي ردد بعض أفكار "آبيون" عن اليهود واليهودية, وبين أن تهود الرومان, سيؤدي بهم إلى احتقار أرباب أسلافهم, وإلى رفض وطنهم وآبائهم وذريتهم وإخوتهم.
ويُلاحظ أن السياسة الإمبراطورية الرومانية, ركزت اهتمامها على الجانب السياسي والأمني لفلسطين، بينما "تاسيتوس"، مثله مثل "آبيون"، يركز على الجانب الأخلاقي لليهودية, التي يرى أنها الخطر الحقيقي على الإمبراطورية. وقد وجه "جوفينال" هجوماً على الأجانب (اليونانيين والسوريين وكذلك اليهود), لتقويضهم دعائم الفضيلة في المجتمع، وهو بذلك يتبع نمط "آبيون" و"تاسيتوس" نفسه, وبرغم الهجوم الحاد من قبل "آبيون" و"تاسيتوس" و"جوفينال" على اليهود واليهودية، فلا يمكن القول بأن أقوالهم هذه تشكل جزءاً من رؤية اليونان أو الرومان للكون، إذ ظلت هذه الرؤية وثنية تعددية عالمية, تقبل تعدد الآلهة, داخل إطار الوحدة الإمبراطورية, ولذا وبرغم أحداث الطرد، ظل اليهود يتمتعون بحقوقهم, ولم يشكلوا مركزية خاصة, في نظرة اليونان أو الرومان إلى العالم.

فإذا ما انتقلنا إلى العصور الوسطى في الغرب، فإننا نجد أن مفهوم معاداة اليهود, أخذ يكتسب معاني ومدلولات جديدة تماماً, فلم تعد اليهودية ديناً توحيدياً في تربة وثنية، وإنما أصبحت دينا قديماً مهزوماً, في تربة توحيدية يسودها دين جديد منتصر, واثق من نفسه, يرى أن العهد القديم, هو أحد كتبه المقدسة, يحمله اليهود, دون أن يعوا معناه الحقيقي, وهو دين كان يرى أن اليهود يلعبون دوراً مركزياً في نظرته إلى الكون، فهم قَتلة الرب، ولن تتم عملية الخلاص النهائية, إلا بعد اعتناقهم المسيحية، أي أنهم يشغلون موقعاً مركزياً في البداية والنهاية, وكان اليهود من جانبهم, يكنون احتقاراً عميقاً للدين الجديد, وينكرون أن المسيح "عيسى بن مريم" هو "الماشيح", وقد تبدى الموقف المسيحي, في مفهوم "الشعب الشاهد"، وفي جميع التشريعات والمراسيم المسيحية, التي تؤكد لليهود حقوقهم، وفي ضرورة الحفاظ عليهم, وعدم تنصيرهم بالقوة، مع الإبقاء عليهم, في وضع هامشي, ومتدن كشعب شاهد على أن الكنيسة على حق, فهم يحملون الكتاب المقدس, الذي يتنبأ بمقدم المسيح, ولكنهم لا يعون معنى ما يحملون، كما أنهم بضعفهم وذلتهم, دليل على عظمة الكنيسة وانتصارها, وكان موقف الكنيسة يتمثل فيما يلي: " أن تكون يهودياً جريمة، ولكنها جريمة ليس بإمكان مسيحي أن ينزل بصاحبها العقاب, لأن الأمر متروك للرب ", وقد اعتبرت الكنيسة نفسها إسرائيل الحقيقية, (باللاتينية: إسرائيل فيروس)، واعتبر المسيحيون أنفسهم شعب الرب, وكانت الكنيسة ترى نفسها أيضاً إسرائيل الروحية, مقابل إسرائيل الجسدية (اليهودية), وقد تطورت صورة اليهود في الوجدان المسـيحي، فكان يرمز لهم بـ"عيسـو" مقابل يعقـوب "المسيحي"، وبـ"قابيل" الذي قتل أخاه "هابيل" وأصبح كذلك قاتل المسيح, كما ساعدت الشعائر الدينية اليهودية، المتمثلة في صلاة الجماعة, التي تتطلب النصاب (المنيان) وقوانين الطعام والزواج، على زيادة عزلة اليهود, ولأن النظام الإقطاعي في الغرب, كان نظاماً مسيحياً, يستند إلى شرعية مسيحية, ويتطلب يمين الولاء, كشرط أساسي للانتماء إليه، فقد وجد أعضاء الجماعات اليهودية, في الغرب أنفسهم خارج كثير من المجالات السياسية والاقتصادية والمدنية المشروعة, وكانت هذه الظروف سبباً ونتيجة في آن واحد, لتحولهم إلى جماعة وظيفية وسيطة (أقنان البلاط أو يهود الأرندا أو يهود البلاط), تقوم بأعمال التجارة ثم الربا, وربما كان هذا الوضع (وضع اليهود), هو الذي حدد موقف أعضاء المجتمع منهم، فكان يُنظَر إليهم, من أعلى باعتبارهم, أداة يمكن استخدامها أو استبدالها إن دعت الحاجة، كما كان ينظر إليهم من أسفل, باعتبارهم وحوشاً لابد من ضربها، فهم الأداة الواضحة لاستغلال الجماهير, التي لم يكن بوسعها فهم آليات الاستغلال والقمع, وتاريخ أعضاء الجماعات اليهودية في العالم الغربي، وكذلك العداء لهم، هو في معظمه تاريخ اليهود كجماعات وظيفية وسيطة, تؤدي وظيفتها إلى أن تظهر قوى أخرى تحل محلها في المجتمع، مُمثلة في طبقة وسطى قوية، أو جهاز إداري مركزي، أو الدولة القومية الحديثة, كما أن صعود أو هبوط الجماعة اليهودية هو، في جوهره، تاريخ صعود أو هبوط الجماعة الوظيفية الوسيطة, فحينما كان اليهود أقنان بلاط، كانت شرائح من الطبقات الحاكمة تستفيد من الخدمات التي يؤدونها, وبالتالي كان اليهود يُمنحون المواثيق التي تضمن لهم الحماية، وتعطيهم المزايا, التي تجعل منهم أفراداً يتمتعون بمستوى معيشي أعلى, من مستوى معظم طبقات المجتمع الأخرى, وكما قال "أبراهام ليون"، فإن وضع اليهود لم يتوقف عن التحسن منذ انهيار الإمبراطورية الرومانية عام 476م، وبعد الانتصار الكامل للمسيحيين حتى القرن الثاني عشر, ويمكن القول بأن النخبة الحاكمة بكل فئاتها (الإمبراطور، والكنيسة، والملوك، والأمراء، والشريحة العليا من الأرستقراطية، وكبار رجال الدين، والبورجوازية الثرية المستقلة في المدن), كانت كلها تقف إلى جانب أعضاء الجماعات اليهودية لا ضدهم, وكانت هذه النخبة تحمي أعضاء الجماعات بسبب نفعهم لها، وترى الهجوم عليهم إخلالاً بهيبة النظام وتعويقاً لمساره, وكانت المواثيق التي يحصل عليها أعضاء الجماعات اليهودية, تزيد بطبيعة الحال من حدة الغضب الشعبي، ومن ثم فيمكن النظر إلى الهجوم على اليهود, باعتباره ضرباً من الثورات الشعبية, ولهذا نجد أن أعداء اليهود, يأتون أساساً من الشريحة الدنيا من رجال الدين، وصغار التجار في المدن والحرفيين, ولكن وصف هذه الهجمات بأنها" ثورة شعبية ",لا يخـلع عليـها صفة إيجابية, وهي عـمل غير مقـبول أو غير شرعي، لكن هذه الهجمات تحركها جماهير, تتصور أن اليهودي هو المستغل الحقيقي, وقد ظل أعضاء الجماعات اليهودية في الغـرب, في هـذا الوضـع حتى حـروب الفرنجة في القرن الثاني عشر، حيث بدأت الحياة الاقتصادية في أوربا في الانتعاش, وظهرت قوى مسيحية محلية قادرة على أن تحل محل اليهود كتجار دوليين ومحليين، فاتجه اليهود إلى الاتجار بالربا، وتحولوا بالتالي من جماعات وسيطة, إلى جماعات وسيطة عميلة، وزادت غربتهم في المجتمعات التي وجدوا فيها.
ومع القرن الثالث عشر، حيث كانت قد ظهرت بيوت المال الإيطاليـة, التي كانت أكثر كفـاءة في الاضطلاع بمهنة التجارة الدولية، بدأت ظاهرة طَرد اليهود من إنجلترا وفرنسا وغيرهما من البلاد، كما بدأت تظهر صورة اليهودي التائه, وفي القرن الرابع عشر، بدأ اتهام اليهود بأنهم يسممون الآبار, وكانت العروض المسرحية المسماة "آلام المسيح" (التي كانت تستغرق عدة أيام، وكانت من أكثر الأشكال الفنية الشعبية شيوعاً), تؤكد قسوة اليهود على المسيح وخيانتهم له، الأمر الذي كان يعمق كره اليهود في الوجدان الشعبي.

وكان كثير من اليهود المتنصرين, يساهمون في التهييج ضد أعضاء الجماعات اليهودية، ويُعرفون القيادات المسيحية (وجماعات الرهبان), بما جاء في التلمود (وبعض الكتب الدينية اليهودية الأخرى), من هجوم شرس على المسيح والمسيحية, وبعض عادات اليهود الأخرى, التي تهدف إلى عزلهم عن مجتمع الأغيار, وكانت تُقام مناظرات بين اليهود والمسيحيين يمثلهم عادةً يهود مُتنصرون, حتى يُثبت كل طرف قوة حججه الدينية, وغني عن القول أن الطرف اليهودي, لم يكن حراً تماماً في مثل هذه المناظرات, وأنه كان يضطر إلى التعبير عن وجهة نظره بطريقة أكثر حذرا,ً الأمر الذي كان يفقدها كثيراً من مصداقيتها, وعادةً ما كانت تنتهي هذه المناظرات بانتصار الطرف المسيحي، وإصدار الأوامر بإحراق التلمود, وربما طرد أعضاء الجماعات اليهودية.

وقد استمرت النخبة الحاكمة (الكنيسة والنبلاء) في حماية اليهود، كما استمرت الثورة الشعبية ضدهم، وبخاصة في صفوف أعضاء الطبقة الوسطى، الند الحقيقي للجماعات الوظيفية الوسيطة, والمنافس على القطاع الاقتصادي نفسه, ويُلاحَظ أنه أثناء حروب الفرنجة, التي اكتسبت بعداً شعبياً، وهو ما جعلها مستقلة نوعاً ما عن الطبقات الحاكمة، كانت القـوات غير النظاميـة, هي التي ترتكب المذابح ضـد اليهود, وفي المدن الحرة، في ألمانيا وغيرها من البلاد، كان الهجوم على أعضاء الجماعات اليهودية, يبدأ بإسقاط الأقلية الثرية الحاكمة، ثم تحل محلها نخبة جديدة, ذات جذور شعبية، ويعقب ذلك عمليات طرد وذبح اليهود, وقد انسحب معظم يهود أوربا إلى بولندا, حيث لا توجد طبقة وسطى قوية, كما تم طردهم من إسبانيا, بعد أن استكمل المسيحيون استرداد إسبانيا من المسلمين بعدة شهور، إذ اضطلعت الدولة الجديدة بوظائف الجماعة الوظيفية الوسيطة, وأرادت أن تؤمن نفسها ضد العناصر الغريبة من المسلمين واليهود, ولهذا استمرت في ملاحقة من كانت تتصور أنهم مسلمون أو يهود متخفون, ومع نهاية العصور الوسطى، كانت كلمة "يهودي" مرادفة في كثير من اللغات الأوربية لكلمـة "تـاجر" أو "مرابي"، ولكلمـات أخرى مثل "بخيل" أو "غشاش"، وهي الصورة الإدراكية التي ستتبلور في عصر النهضة, على يد "شكسبير" في شخصية "شيلوك".
وشهد عصر الإصلاح الديني، في القرن السادس عشر، كسر الاحتكار الديني الكاثوليكي وتزايد التعددية, وبشكل عام، يُلاحَظ أن البروتستانتية، بتأكيدها أن الخلاص يتم خارج الكنيسة، تؤكد على أهمية الكتاب المقدس, الذي يضم العهد القديم، الأمر الذي يعني نظرياً تزايد التعاطف مع اليهود، أهل هذا الكتاب وحملته .
ويُلاحظ أن هذه الفترة شهدت بداية العقيدة الألفية, أو الاسترجاعية, التي تتحدث عن رؤية الخلاص وعودة المسيح، وهي رؤية ترتبط بعودة اليهود إلى أرض الميعاد, ومن ثم تظهر صورة اليهودي, كعنصر لا جذور له, يمكن نقله من مكان إلى مكان, وهذه الصورة هي الصياغة البروتستانتية, لفكرة الشعب الشاهد الكاثوليكية, والتي تحولت فيما بعد إلى صورة الشعب العضوي المنبوذ، ويظهر اليهود كعنصر استيطاني, وكجواسيس يمكن نقلهم وتحريكهم والاستفادة منهم، وهي الصيغة الصهيونية الأساسية.
كما شهدت هذه الفترة, ظهور الجيتوات في إيطاليا, وفي بعض مدن وسط أوربا، الأمر الذي كان يعني تراجع أعضاء الجماعات اليهودية, وانكماش دورهم في المجتمع, ولكن هذه الفترة شهدت أيضاً, بداية ظهور يهود "الأرندا" في بولندا, واضطلاع اليهود فيها بدور مهم في الاقتصاد التجاري, وقد حصل اليهود على العديد من المزايا, التي جعلت مستواهم المعيشـي يفوق كثيراً مسـتوى الأقنان, وأعضاء الطبقة الوسطى البولندية، بل وصغار النبلاء, وفي عام 1648م، اندلعت ثورة "شميلنكي"، وهي ثورة شعبية فلاحية شاملة, ضد الحكم الإقطاعي البولندي الكاثوليكي, الذي كان يمثله العنصر التجاري الوسيط اليهودي, في وسط فلاحي أوكراني أرثوذكسي، فكان هذا الوضع وضعاً تاريخياً, يتسم بالتلاقي الكامل بين العداء الطبقي من جهة, والعزلة الاجتماعية والثقافية والدينية والعرقية من جهة أخرى، وهو الوضع الأمثل للانفجارات العنصرية, وقد اكتسحت الثورة في طريقها الجيوب البولندية واليهودية, وفي الأدبيات الصهيونية، يقرن "شميلنكي" بـ"هتلر"، مع أن الأول زعيم ثورة شعبية فلاحية له تمثال في كييف, باعتباره قائداً للثورة، والآخر زعيم نظام شمولي قام بعملية إمبريالية عنصرية.

وفي القرن السابع عشر، ظهر يهود البلاط في وسط أوربا، وفي غربها بدرجة أقل، حيث قدموا الخدمات التجارية والمالية للدول التي ينتمون إليها, وحصلوا على مزايا عديدة، كما قاموا بحماية أعضاء الجماعات اليهودية, وبدأ استيطان اليهود السفارد في هولندا, وفي بعض المدن, في كل من فرنسا ووسط أوربا, وكان هؤلاء يتمتعون بحقوق ومزايا لا يتمتع بها كثير من أعضاء الطبقات الأخرى، كما أنهم كانوا يتحدثون باسم أعضاء الجماعة اليهودية, لدى الحاكم, ويقومون بدور الوسيط بينه وبين الجماعة، وبعملية المقايضة معه, بحيث يحصل أعضاء الجماعة على المزيد من المزايا, نظير تقديم المزيد من الخدمات، أو تثبيت ما حصلوا عليه, من مواثيق نظير الاستمرار في الاضطلاع بدورهم, ويمكن القول بأنه مع ظهور يهود البلاط ويهود الأرندا، واستيطان السفارد في أوربا، تنتهي العصور الوسطى ويبدأ العصر الحديث بكل مظاهره الجديدة.


ملحق
طرد اليهود كأبرز تجليات ظاهرة معاداة اليهود
يمكن تفسير ظاهرة معاداة اليهود من خلال عدة نماذج فرعية تظهر، في أحداث ووقائع ومؤلفات بعينها، مثل: اضطرابات فيتميلخ، وحادثة دريفوس، وتهمة الدم، والإبادة, وطرد اليهود, والاخير هو أبرز الظواهر والتجليات .
و يشير مصطلح "طرد اليهود", إلى مجموعة من الوقائع التاريخية, التي حدثت في مجتمعات وتشكيلات حضارية مختلفة, تحت ظروف مختلفة, لا يربطها أي رابط, إلا أن الصهيونية تصر على أن الحديث عن "طرد اليهود"، كما لو كان ظاهرة تاريخية واحدة، هو تعبير عن الإيمان, بوجود تاريخ يهودي واحد, يعبر عن هوية يهودية واحدة (منبوذة من الأغيار)، وأن اليهود شعب عضوي منبوذ, مما يجعلهم العنصر الثابت الوحيد، وحينذاك يصبح اليهود هم المسئولين عن عمليات الطرد التي تلاحقهم, والعنف الذي يحيق بهم، وهو تحليل عنصري مرفوض طرحه .
وفيما يلي بعض تواريخ الطرد المهمة:
139 ق.م القاضي (برائيتور) ، هسبالوس يطرد اليهود من روما.
19 ق.م تايبريوس ينفي الأجانب (ومن بينهم اليهود).
50 م كلوديوس يأمر بطرد اليهود من روما.
70 م هدم الهيكل على يد تيتوس وطرد اليهود من فلسطين (وتعد هذه هي أهم حادثة طرد من المنظور اليهودي والمسيحي).
94م دوميتان يطرد المسيحيين واليهود .
135 م طرد اليهود من القدس وتحريم دخولها عليهم.
415 م الطرد من الإسكندرية
624 - 628 م الطرد من يثرب .
1467 م الطرد من تلمسان
ولكن أهم وقائع الطرد توجد داخل المجتمعات الغربية في العصور الوسطى وبعدها:
1290 م إنجلترا
1492 م إسبانيا
1306 - 1394 م فرنسا
1495 م ليتوانيا
1367 م المجر
1497 م البرتغال
وقد شهد القرنان الرابع عشر والخامس عشر حوادث طرد من مدن إيطاليا وألمانيا:
1426 م كولونيا
1453 م برسلاو
1439 م أونسبرج
1648 م ثورة شميلنكي في أوكرانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية طيبة
نبيل عبد الأمير الربيعي ( 2011 / 11 / 11 - 03:52 )
تحية طيبة اخي العزيز وشكراً لهذه المقالة والترجمه الرائعه


2 - خالد أبو شرخ ، حول العداء للسامية # 1
الحكيم البابلي ( 2011 / 11 / 11 - 19:25 )
الصديق خالد أبو شرخ
مقال أكثر من رائع ، ولكن ... هل هو لك أم مترجم ؟ المعلق # 1 يقول أنه مترجم ؟
المهم .. هناك نقاط كثيرة للنقاش
أثار إنتباهي الشرح الدقيق ، بتصرف (سياسة العناصر اليهودية التي تظطلع بوظائف كريهة أو مشبوهة أو متميزة ، مثل التجارة والربا والقتال والبغاء .... ولذلك كان أعضاء مثل هذه الجماعة لا حرمة لهم في كثير من الأحيان - فهم غرباء - والغريب في معظم الأحوال مُباح لا قداسة له) إنتهى . وهذه صورة قريبة للشخصية اليهودية في كل العالم
من عادة اليهود التغلغل إجتماعياً وسياسياً في مجتمع الأغيار ، لتكوين لوبي قوي له مآرب يطول شرحها هنا ، والمال يساعدهم على شراء الوسيلة ، ومن ثم المشاركة بصورة غير مباشرة في تسيير الأمور لمصلحة جماعتهم ، وممارسات تأريخية من هذا النوع أوصلتهم أحياناً لنتائج مأساوية ، وهذا ما يتوقعه الكثير من المراقبين بسبب تغلغلهم الخطير في أميركا والذي قد تنتج عنه أكبر مآساة في كل التأريخ اليهودي ، وإن طال زمن حدوثها
وكما ذكر المقال ، فالتأريخ سجل لنا مواقف اليهود الخيانية في مساعدة الغازي الغريب ضد مجتمع الأكثرية ، ومنها مثلاً موقفهم في الإسكندية وبابل
يتبع


3 - الاخ نبيل الربيعي
خالد أبو شرخ ( 2011 / 11 / 11 - 19:48 )
بعد التحية
شكرا على اهتمامك ومرورك
لم أفهم ما هو قصدك بالترجمه, هل تقصد انني ترجمت المقاله؟
إذا كنت تعتقد ذلك فتفضل وقدم لنا النسخة الأصلية

لك تحياتي


4 - الصديق الحكيم البابلي
خالد أبو شرخ ( 2011 / 11 / 11 - 19:55 )
بعد التحية
شكرا على المرور والاهتمام
بالنسبة لتغلغل اليهود في المجتمعات, كنت قد سلطت الضوء على ذلك في مقالاتي عن المسالة اليهودية ضمن سلسلة مقالات الصهيونية
كان هناك يهود البلاط وهو من كانوا على علاقة مع النبلاء وكانوا هم من يتغلغل في مجتمع السلطة في النظام الاقطاعي
وكان هناك يهود الجيتو والشتتل ومناطق الاستيطان وكانوا يعانون من العزلة الاجتماعية والثقافية
بعضهم كان يلعب دور الوسيط بين النبلاء والفلاحين
البعض الاخر كان يعمل في مهنة التجارة والربا والبغاء
البعض كان مجموعات قتالية
لهذا فان عزلة اليهود تعني انهم كانوا يعيشون في مسام المجتمع الاقطاعي ولكن ليس بداخل طبقاته
ارجو ان تكمل معي المبحث فهو من اربع اجزاء
لك تحياتي


5 - خالد أبو شرخ ، حول العداء للسامية # 2
الحكيم البابلي ( 2011 / 11 / 11 - 20:16 )
أما فكرة أن هناك تُهم لليهود مثال ( أن اليهودية تعلم اليهود كره الجنس البشري والعزلة عنه ، وإنهم يذبحون فرداً غير يهودي كل عام ويذوقون أمعاءه ، وأنهم يعبدون الحمار ) ! ، فأعتقد أن بعضها فيه شيئ من المبالغة لكنها لا تخلو من نتفة حقيقة تم تشويشها بحذق لتظهر وكأنها من المضحكات !، اليهودية لا تقول لأتباعها بكراهية الجنس البشري ، لكن تقوقعهم وعزلتهم تدل على تصديقهم لربهم المزعوم حول الشعب المختار ، وهي نفس عقدة المسلمين في خير أمة أُخرجت للناس ، وبرأيي أن الإعتقادين أخطر ما جاءت به الأديان وكان سبب البلاء
أما قصة ذبحهم لمسيحي يحمل مواصفات معينة وخلط دمه بفطير العيد ، فهذه مسألة كُتب عنها الكثير وهي متداولة بغض النظر صدقناها أم لا ، ويمكن قراءتها عبر كوكل رغم إنها معتم عليها إعلامياً . أما عن كونهم يعبدون الحمار !! فأعتقد تم إضافتها لتسخيف وتبهيت بقية الإتهامات المطروحة معها
أما عن قولك بأن التوراة لم تكن قد كتبت قبل السبي البابلي والآشوري ، وهل كتبت في العراق أم فلسطين ، فهنا توجد عدة وجهات نظر وإجتهادات لعلماء وبحاثة مختلفين ، والألف حرف لا تكفي للقيام بجولة ميدانية حول الموضوع
تحياتي


6 - عزيزي الحكيم البابلي
خالد أبو شرخ ( 2011 / 11 / 11 - 20:29 )
بعد التحية
بالنسبة للتهم التي كانت توجه لليهود واليهودية فهي اكثر من ذلك بكثير فهناك تهمة الدم وتدنيس الخبز المقدس والكثير والكثير وهذا لا يعني تصديقنا لهذه التهم وقد اوردت بعضها في مقالتي على سبيل العلم للقاريء عن طبيعة التهم التي كانت توجه لليهود وليس لانني مقتنع بها اواروج لها
اما بالنسبة للتوراة فلا الف حرف ولا الف كلمة يمكن ان تفي بموضوع كتابة التوراة
هناك من يعتقد ان النبي عزرا كتبها اثناء وبعد عودته من النفي وهناك من يقول انها كتبت في عهد الملك يوشيا ملك يهوذا كحركة اصلاح ديني وطموح سياسي للملكه وهذه دراسه حديثة للمؤرخين فنلكشتاين وسيلبرمان
وهناك من يقول انها جاءت من جزيرة العرب
تعارض التوراة مع المكتشفات الاركيولوجية نسج الكثير من الروايات حول وقت كتابتها ولماذا وكيف تم ذلك ولمن كانت وجهه
ولكن من الناحية التاريخية لا يمكن اعتبار ان اليهودية كديانه قد ظهرت قبل السبي فلم يثبت ذلك تاريخيا
ولك تحياتي


7 - عذراً
نبيل عبد الأمير الربيعي ( 2011 / 11 / 12 - 10:14 )
تحية طيبة , اخي العزيز خالد, لقد خبطت بيني وبين الحكيم البابلي , انا مجرد شكرتك على المقاله وترجمتها , اما الحكيم البابلي هو الذي سئلك هل هذه الترجمة لك , ارجو توجيه الاتهام له لا لي مع الاعتزاز


8 - الاساذ نبيل الربيعي
خالد ابو شرخ ( 2011 / 11 / 12 - 11:29 )
بعد التحية
عزيزي الاستاذ نبيل , انا لم اترجم شيء, المقالة نتيجة بحثي الشخصي وتفضل المراجع

المسألة اليهودية..الحل الماركسي......أبراهام ليون
الأيدولوجية الصهيونية ........د. عبد الوهاب المسيري
الشخصية اليهودية الإسرائيلية ........د. رشاد عبد الله الشامي
المشكلة اليهودية والحركة الصهيونية ......د. بديعة أمين
جذور القضية الفلسطينية .........إميل توما
الصهيونية الجديدة ....إميل توما
فلسطين.القضية.الشعب.الحضارة......بيـــان الحـــوت
بالأضافة لعدة ابحاث من دوريات عدة
ولك تحياتي

اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را