الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنوع الاجتماعي والعيش المشترك

صاحب الربيعي

2011 / 11 / 12
المجتمع المدني


إن المجتمعات غير المتجانسة عرضة للتفكك والتفرقة خاصة إن فرض التعايش المشترك عليها بالعنف، ما يشجعها عند تداعي النظام وتفككه التعبير عما يكمن داخلها من معاناة التهميش أو الطموح بالانفصال، فالتنوع الاجتماعي يضعف الدولة إن جرى استثماره على نحو سلبي بإثارة النعرات القومية والأثنية بين مكوناته، وعلى نحو مضاد تعايش المكونات مع بعضها يعظم شأن الدولة ويرفد الحضارة الانسانية بالتنوع الثقافي.
كما لا يمكن إغفال إن التنافس على الموارد والسلطة أو التلاسن بشؤون دينية أو مذهبية أو سياسية بين المكونات الاجتماعية يخلق مشكلات يومية بين الأفراد أو الجماعات، لكنها إن وظفت على نحو سلبي تزيد الحقد والكراهية بينهم ما يؤجج المشاعر العنصرية والمذهبية ويتحين كل منهم الفرصة الملائمة للتعبير عما يحقن وجدانه من تحقير ونبذ ليواجه الآخر بتحقير ونبذ مضاد يصاحبه عنف يهدد السلم الاجتماعي.
يقول (( بيخو باريخ )) : " إنه كلما تعدد التنوع الاجتماعي تعاظمت الحاجة إلى الوحدة واللحمة لضمان تماسك المجتمع وتوثيق صلاته، والمجتمع الذي يضعف تماسكه يهدده الخلاف والتنازع فيفقد الثقة بالنفس وتضعف رغبته العيش المشترك ".
تواجه المكونات الاجتماعية خلال عيشها المشترك تحديات كثيرة، داخلية وخارجية، لإضعاف الدولة فإن كانت إرادتها على المواجهة قوية تخطت أزمتها بتحد كبير وتلاحم أشد يعظم شأن الدولة، على خلافه إن ضعفت إرادتها على المواجهة تفاقمت أزمتها ما يضطرها إلى الانكفاء والعزلة فيتراجع شأن الدولة.
إن تعرض المجتمع إلى الحروب والاحتلال يضعف الدولة على نحو كبير ويخلق شعوراً بعدم جدوى المقاومة وصعوبة المواجهة والتحدي فيرتد المجتمع وينكفأ على ذاته ويرفض الانفتاح على الآخرين للتستر على هزيمته النفسية وانعدام الثقة بالنفس. على خلافه المجتمعات التي لا تفقد الثقة بنفسها تواجه أزمتها بالتحدي والانفتاح على الآخرين على نحو مخطط ومدروس لاستعادت دورها وتخطي أزمتها النفسية.
يعتقد (( أحمد أوغلو )) " أن المجتمعات التي تُضطر إلى مواجهة الأزمات المختلفة، كماً ونوعاً، يسعى بعضها إلى تجاوزها بالانكفاء على الذات، ويسعى بعضها الآخر إلى تجاوزها بالتحدي والانفتاح الستراتيجي ".
إن حقن وجدان المجتمع بإرثه الحضاري على نحو متواصل يمنحه الثقة بالنفس لمواجهة التحديات وتخطي أزمته النفسية، فمن دون فهم المكونات الاجتماعية لتاريخها الحضاري وظروف نشأتها في محيطها الجغرافي وعيشها المشترك لا يمكنها التواصل وبناء مستقبل جديد لأجيالها، لذلك تبذل الجهات المُغرضة مساعي كبيرة للتعريض بإرث المكونات الاجتماعية المشترك وتشويه صلاتها الانسانية وتزوير الحقائق ليسهل تفكيكها والسيطرة عليها بعدّها مجتمعات طارئة على الحضارة الانسانية يتطلب دمجها في مجتمعات ذو إرث حضاري.
يعتقد (( أحمد أوغلو )) " أن المجتمعات غير القادرة على إعادة فهم تاريخها وجغرافيتها، صعباً عليها التواؤم مع الظروف الجديدة أو السير بخطوات واثقة نحو المستقبل ".
إن جرى توظيف إرث التنوع الاجتماعي الحضاري على نحو إيجابي في وجدان الأجيال الحاضرة عزز ثقتها بنفسها وزاد تلاحمها وتواصلها ما يعظم شأن الدولة ويغني إرث الحضارة الانسانية بثقافات متنوعة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي: معايير المجاعة الثلاثة ستتحقق خلال 6


.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا




.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي


.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس




.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني