الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسى بين فساد الاقتصاد وفساد الأخلاق

سمير الأمير

2011 / 11 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإسلام السياسى بين فساد الاقتصاد وفساد الأخلاق و ظلال
أزمة مارس 1954
أعتقد وحسابى على الله أن قضايا الفقر والبطالة والحريات العامة بناء اقتصاد وطنى قوى - أهم كثيرا من مسائل ارتداء الأجانب للباس البحر على شواطىء البحر الأحمر- ليس معنى ذلك اننا لا نطالب بالالتزام بالقيم الدينية والخلقية لشعبنا العظيم ولكن معناه الالتفات لفقه الأولويات فموت الناس جوعا وعدم قدرتهم على شراء الدواء والكساء أهم كثيرا من التركيز على مايوهات السائحات، دفعنى لهذا الكلام ما صرح به أحد مرشحى الرئاسة من الإسلاميين لمحطة فضائية، إذ كان المرشح المحتمل يسهب فى الكلام عن اللباس وعن تغطية شعر المرأة وعن نيته القبض على السائحات اللاتى يرتدين المايوهات فى الغردقة وهو ما قد يدل على مدى الكبت النفسى الذى يعانيه والذى ساهم بالتأكيد فى تحديد أولوياته كرئيس مفترض للجمهورية هذا طبعا إن أحسنا الظن به وبمن ينتهجون نهجه ولكن الأمر فى تقديرى مقصود، وأخطر ما يكتنف حركة الإسلام السياسى من عوار هو هذا القدر الهائل من تزييف الوعى وتضبيب الحقائق، ومن الواضح لكل ذى عينين أن تلك الدعوات المشبوهة المتسربلة برداء الإسلام لا هدف لها إلا صرف الناس عن قضاياهم الأساسية ليسهل استغلالهم وسرقتهم، هذا طبعا لا ينفى أن كثيرين من إتباع التيار الإسلامي هم أناس حسنى النية يرغبون فى العيش فى مجتمع قرأوا عنه فى كتب السير دون أن يكلفوا أنفسهم عناء اختبار صدق الحكاوى الرومانسية فى تلك الكتب باعتبار أن التصديق من الإيمان وأن التشكيك فى تلك الروايات التى صنعت على عين الحكام المستبدين هو من نزغ الشيطان والعياذ بالله، بل أن معظمهم يرى أن الشك فى رواية منقولة عن أحد السلف هو شك فى أساس العقيدة خالطين بين ما هو معلوم من الدين بالضرورة وما هو مشكوك فى صحته بالضرورة أيضا باعتبار أن التاريخ يكتبه المنتصرون الذين كانوا فى أغلبهم بعيدين كل البعد عن منهج الإسلام باعتباره كان وما يزال ثورة اجتماعية ضد الظلم وثورة فكرية ضد فساد العقائد، وكما حكى كزانتزاكيس فى إحدى رواياته عن جمجمة يقدسها الناس فى إحدى القرى باعتبارها جمجمة أحد القديسين وحين وجدوا جمجمة أخرى لنفس الشخص فى قرية أخرى وأحسوا بتناقض فى المسألة، شرح لهم أحد المؤمنين الأمر ببساطه محاولا إقناعهم بأن الجمجمتين تنتميان لشخص واحد فواحدة منهما جمجمته وهو صغير والأخرى هى جمجمته وهو كبير، وهكذا أعماه اعتقاده عن إدراك هشاشة وتناقض الرواية العجيبة، إن الخطورة تكمن فى استخدام ما هو مقدس وجليل ونبيل فى التعمية والتغطية على بشاعة الواقع - فليحدثنا أحد من هؤلاء عن الأطفال فى العشوائيات الذين لا يجدون ما يستر عوراتهم، فليحدثنا أحد منهم عن موقفه من الرأسمالية العالمية الشرسة والرأسمالية المحلية المنحطة التى تدمر صحة المصريين حين تبيع لهم الأغذية الملوثة و حين تستغل فقراءهم كعمال بلا أدنى حقوق، أما ترى هؤلاء هم الذين يشكلون الإطار الفكرى للاستغلال المرتبط باستنعاج الفقراء عمالا ومستهلكين، ورحم الله الكاتب الكبير يوسف إدريس الذى بصرنا إلى جوهر " الحرام" فى قصته الشهيرة التى مفادها أن الفقر هو الحرام الأكبر وأنه فى معظم الحالات أصل كل خطيئة أخرى، ألم يقل الإمام على كرم الله وجه " لو كان الفقر رجلا لقتلته"
الأخطر أن من يحاول تبصير هؤلاء الصنف من البشر بجهلهم بأصول الدين الذي يدعون الدفاع عنه زورا يقع فى براثن الاتهام بمعاداة الإسلام ذاته، والمفاجأه أيضا أن بعض هؤلاء يتهمون الناصريين والاشتراكيين والوفديين والليبراليين والعلمانيين وكل من لا يحذو حذوهم ويرضخ لتفسيراتهم بالابتداع وبالضلال باعتبار أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ولقد عمت عيونهم وقلوبهم عن أنهم يشكلون أكبر بدعة شهدها المسلمون باعتبار أنهم يمتهنون مهنة لا أساس لها فى الدين الإسلامي إذ ليس هناك وظيفة تسمى " الشيخ"، إذ الدعوة للدين مسلية المهندس والطبيب والعامل بشرط أن يكون عالما بما يدعو إليه ومتفقه فيه وبشرط ألا يترك عمله الأساسى الذى يتكسب منه عيشه، إذ لا يصح أن تأخذ مالا نظير دعوتك الناس لتقوى الله لأن هذا " غل" يليق بكهنة المعابد الوثنية ولا يليق بالمسلمين ولا بدينهم الحنيف الذى يعتبر كل اتباعه رجال دين ولا يختص طائفة بذلك " إذ أننى أعتقد وحسابى على الله أنه ليس فى الإسلام ما يمكن تسميته " رجال الدين" وأظن وليس كل الظن إثم أن هناك دولا تسلط هؤلاء الناس علينا لكى نظل ندور فى فلك النظام البدوى العربى الذى تولى قيادة المنطقة بعد هزيمة 67 وانهيار النظام القومي العربى، وربما يرتبط هؤلاء بمصالح مع تلك الدول أو ربما يرتبطون بحسن نواياهم التى تمنعهم من إدراك التناقضات التى يقعون فيها وهم يتجاهلون الفساد الاقتصادى الكبير لكى يشنوا هجوما على مايوهات السائحات وخلاعة المطربين والمطربات الذين تمولهم نفس الجهات التى تمول المحطات الفضائية للدعاة الذين يخلطون بين الإسلام والبداوة،
خلاصة القول أننا وصلنا في مصر للحالة التي حذرنا منها بعد رحيل مبارك مباشرة وها نحن نجد أنفسنا بين أمرين كلاهما مر الأول أن نقبل بدكتاتورية تستخدم الدين لقمع المخالفين في الرأى وتحوله لخلاف بين الإيمان والكفر والثانى -وهو الأمر الذى يراد لنا أن نصل إليه بمحض إرادتنا – أن نساعد الفلول على إعادة إنتاج النظام السابق الذى سيبدوا من الناحية الظاهرية على الأقل أكثر تسامحا من هؤلاء الذين يعلنون دون مواربة أن من يصوت فى الانتخابات لغيرهم آثم قلبه لكون الشهادة لهم هى شهادة للحق والشهادة لغيرهم هى انحياز للباطل، ولكى نكون موضوعيين علينا أن لا ننسى دائما الاحتمال الثالث وهو احتمال تدخل المؤسسة العسكرية لحسم الأمر فى اتجاه معين قد يعيد استلهام ما حدث فى مصر فى يناير سنة 1954عندما حلت جامعة الإخوان المسلمين بعد أزمة مارس التى حسمت الاحتمالات القائمة آنذاك لصالح سيطرة القوات المسلحة على كل مقاليد الحكم فى البلاد ولكن الأمر ليس بالسهولة التى كان عليها فى سنة 1954 نظرا لقوة العامل الخارجى التى قد تساهم فى فرض الواقع الجديد فى المنطقة برمتها وربما تكون التفاهمات أو الحوارات الأمريكية الأخيرة مع حركة الإخوان المسلمين وثيقة الصلة بما نذهب إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل