الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكفر يقتل أحيانا

عصام شعبان عامر

2011 / 12 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


جاء الإنسان إلى هذا الوجود وقد تفتق ذهنه وإزدادت معارفه عن معايشته ومكابدته وقد بدا هذا الوجود بالنسبة للإنسان لغزا محيرا يحاول أن يفك شفرات لغزه الهائلة .وقد بدا من الوهلة الأولى التى استنار فيها وعيه أنه فى صراع مع هذا الوجود صراع الأنا مع الأنا الأعلى صراع الجسد بكل ما تحتويه الكلمة من معنى مع الروح بكل ما تحتويه الكلمة من معنى صراع الهيمنة والإرادات . وفى كل مرة يأمن فيها الإنسان الطبيعة والوجود كله إذ به تكفر به الطبيعة والوجود ويلفظانه بفجاجة تنذر بإندثار الإنسان وفنائه تحت ركام جمود الطبيعة والوجود حتى قرر الإنسان أن يكفر بالطبيعة والوجود وأن يحاول جاهدا أن يسيطر هو لا أن يسيطر عليه .وفى محاولاته اليائسة والبائسة تلك لم يستطع أن ينفك لحظة عن إيمانه العميق بنفسه بقدر كفره بالطبيعة والوجود ولكن قدراته لن تؤهله ليسلم نفسه زمام نفسه بعد ولأول مرة يجد الإنسان نفسه فى صدام مع نفسه ليكتشف أن هناك إرادة أعلى منه وأقدر منه على السيطرة على الطبيعة بل الوجود كله .
لقد طرح الإنسان وللمرة الأولى فكرة الإله القادر المريد كمثال من الكمال المطلق المسيطر على الطبيعة والوجود يسقطه على نفسه ليحقق أمانيه وأهدافه الكفرية بالطبيعة والوجود فلما طال الأمل وزاد الزمن مع خطوب الطبيعة القاسية وضرباتها المتتالية وكوارثها الفاجعة التى لم يعرف لها سبب سوى أنه غضب لآلهة رغم محاولاته المضنية فى إرضاء هذه الآلهة بالقرابين حتى يأمن شر الطبيعة المتمثل فى غضب تلك الآلهة وبذالك يامن الإنسان من الطبيعة ومن مخاوفه فاكتشف شيئا آخر أن هناك يوم آخر يفصل فيه القادر بإرادته والمتحكم بسطوته بين الإنسان والطبيعة ليقدم بذالك مبررا لهذه الحياة بأنها دار اختبار وإختيار وأن الآخرة هى دار القرار والفرار .
القرار وهو مبتغى الإنسان فى السكينة والأمن والعيشة الرغيدة والنهاية السعيدة والفرار من المسئولية والأمانه أمانة إدارة شئون هذه الطبيعة وهذه الحياة . وبما أن العلاقة بين الطبيعه والإنسان طبيعة مغالبة ومعاندة ولأن الطبيعة لها قوانينها الجامدة والمتحكمة والميتة بلا قلب أو رحمة فإن طبيعة الإنسان على العكس من قوانين الطبيعة فالإرادة هى الحياة وهى تلك النفخة الإلهامية التى حركت الوعى الإنسانى نحو الخالق والمبدع والمصور . وبين الغائية من وراء السببية وطبيعة السببية ذاتها فالسببية عمياء وجهلاء تخضع للصدفة بينما الغائية تخضع للإنتقائية والصدفة ضبابية عشوائية بينما الإنتقائية فمنظمة ومرتبة ومنضبطة . وحينما كفر الإنسان بصنم الطبيعة الجامدة لم يكفر هذا الكفر المطلق وإنما حول إيمانه بها إلى إيمان بالإرادة الحرة إيمان بالحياة نفسها إيمان بالحرية والإرادة ولعل هذا الإيمان يتجسد فى أعلى صوره وكياناته إلى إله واحد يتحكم فى كل مجريات الأمور .
هذه الثنائيات المتضاده وجود – عدم جوهر – عرض خير – شر ما هى إلا مقولات من اختراع البشر على أساس من وعى المقاربة والمنابذة لونا من ألوان التنظير الذاتى والآنى فى طور معا ونظرا لهذه الإنخلاعات الذاتية والآنية يكون الصراع على أشده بين الطبيعة والإله الجسد والروح لتستقر هذه المقولات والمعانى فى بوتقة النفس البشرية لتولد الأدب والفن والمعرفة والفلسفة والدين وتتشكل بذالك طباع البشرية فى ثنائية التناقضات حتى يسهل على الإنسان طبيعة التغير والتطور التى ينشدها فى فكرته الغائية المريضة والمرضية لأناته الذاتيه وتتجسد فى إرادة حرة وواعية ضدا لعمل قوانين الطبيعة وتقليدا مثاليا لله كإلاه حاكم على هذه الطبيعة
وفى الإنجيل " ها هو ذا الإنسان مثلنا أصبح عارف الخير والشر " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام