الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السمك المغربي و البوليساريو و أشياء أخرى ...

محمد نبيل

2011 / 12 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


يبدو لي أن القارة العجوز بدأت تدير ظهرها إلى المغرب، وقرار رفض برلمانها، و أعني البرلمان الأوروبي، تمديد اتفاقية الصيد البحري ، هو إشارة سياسية سيئة للرباط، أمام تخلي اسبانيا ، المستفيد الأكبر من سمك المغرب، و أولى ضحايا القرار، و فرنسا الحليف السياسي التقليدي للمغرب.

قضية التصويت ضد تمديد الاتفاقية، ب 326 نائبا مقابل 296 ، لا تفهم إلا بفهم كيفية صناعة القرارات السياسية في بروكسيل، و في البلدان الأوروبية، التي بدأت الكثير من المتغيرات تزحزح تواثبها، و تعيد تشكيل الصورة التي رسمناها عنها، و عن اتحادها الفتي .

عدت إلى ما يقوله النواب الأوروبيون، الذين صوتوا لصالح القرار، فعثرت على إجابات، تؤشر على وجود تصور جديد للنزاع في الصحراء ، بل و تعاطف أكبر مع البوليساريو، و العديد منهم يطالب المغرب بتقديم إجابات مغربية مقنعة، حول الاستدامة البيئية، والربحية الاقتصادية والشرعية الدولية.

النواب الأوروبيون لا يعملون لوحدهم في اتخاذ قراراتهم، و لا يؤمنون بالتعليمات، فكل نائب برلماني له استقلاليته في اتخاذ القرارات، ووراءه حزب سياسي، و طاقم من الخبراء، و الموظفين، الذين توجههم في الكثير من الحالات، "الجماعات الضاغطة"، و التقارير الرسمية و غير الرسمية التي تصدرها منظمات المجتمع المدني داخل المغرب و خارجه .

القرار السياسي في البلاد الديمقراطية ، فيه قدر كبير من الشفافية. التصويت ضد تمديد الاتفاق، هو دليل آخر على ضعف الدبلوماسية المغربية، وهذا يفهم في سياق فشل المغرب، في بناء دولة ، تعتمد على فصل السلط،و مؤسسات قوية، قادرة على العمل بمهنية، و باستقلالية، و تستطيع أن تتحاور مع الغير الأوروبي من موقع قوة، و بالتالي تستطيع تسويق الصورة الموضوعية للمغرب، (وليس الدعاية) ، و مشروعه المجتمعي الديمقراطي ، والتي هي مع الأسف ، غير موجودة حاليا إلا في مضامين الشعارات.

رفض السمك المغربي هو رفض لسياسة السمك، و الصيد البحري المغربي. فإذا كانت المفوضية الأوروبية التي صادقت على اتفاقية الصيد قبل عام، تساندها في ذلك، أكبر البلدان الأوروبية كألمانيا، فإن هذه المرة ، حدث العكس، وأصدرت تقريرها الذي يقول "بعدم توظيف المغرب لأموال القارة العجوز التي يتلقاها، مقابل الاتفاقية ، في تطوير مجال الصيد البحري، كما لا يستفيد الصحراويون من 144 مليون يورو، التي تدفع بالفعل للمغرب، مقابل حقوق الصيد في مياهه".

كلام بروكسيل ينسجم مع ما تتضمنه بعض الدراسات - التي توجه النواب الأوروبيين بشكل أو بآخر-، التي تتحدث عن كون "الرباط لا ينفق أكثر من 15 في المئة من أموال أوروبا، في تطوير مجال الصيد البحري المغربي"، و هو الأمر الذي يتعارض كليا مع تصريحات وزير الفلاحة المغربي الذي قال: " إن الرباط تستطيع أن تطور قطاع الصيد البحري بعيدا عن الدعم الأوروبي" . فهل كلام الوزير هو مناورة سياسية أم شعارا سياسيا، أم أن تقارير المفوضية الأوروبية مغلوطة، و مطعون في مصداقيتها ؟

التقارير الأوروبية للبرلمان، و حديث النواب الألمان، و غيرهم ، يرسم صورة حية لرفض أوروبا لسياسة المغرب في الصحراء ، و في مجال الصيد البحري، و البيئة ، بل توجه بروكسيل النقد للرباط، اعتمادا على خطاب حقوق الإنسان و القانون الدولي .

المغرب لن يكون معزولا عن جيرانه في أوروبا، و دعم أوروبا السياسي له لابد منه، لكن كيف يحدث ذلك و هو يحصد هذا النوع من الخسارات السياسية ؟ فهل حان الوقت، أن تعيد الرباط النظر جذريا، في سياستها الدبلوماسية، (العديد من السفراء لا يتقنون لغة البلد الذي يمثلون فيه المغرب) ، وتقدم مشروعا مجتمعيا جديدا يقطع مع الماضي، و لغة الشعار، و يتجه ، في ظل ما يسمى "بالربيع العربي" ، في منحى تأسيس دولة الحق و القانون، فهي اللسان، لمن أراد التحدث مع نواب أوروبا، المراقبين من طرف مؤسسات حقيقية، و سلط ، بما فيها الصحافة كسلطة رابعة .

رفض السمك المغربي، هو دليل، من جهة، على فعالية المنظمات، و الجماعات الضاغطة، التي تعمل ليل نهار، من أجل تسويق صورة معينة، و تدافع على طرح سياسي، يقول "بالانفصال و بحقوق الصحراويين"، و من جهة ثانية، هو دليل على الفشل السياسي المغربي.

ما نستشفه من التقارير و التصريحات الأوروبية، و ما صدر في الصحف الألمانية و الأوروبية، هو أن أوروبا تغير شيئا فشيئا من مواقفها تجاه البوليساريو، هذا التعاطف لابد وسيكون كورقة ضغط في مفاوضات بروكسيل مع الرباط مستقبلا. ويظل السؤال المطروح: هل فهم الفاهمون الرسالة الأوربية، أم أن القرار السياسي المغربي، سيظل متخلفا ، و محتكرا في حلقة الانتماءات الضيقة التي لا علاقة لها بالعمل المؤسساتي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا