الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برهان غليون يستعجل الغزو الاجنبي لسوريا !!!.

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2012 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يندر العثور على فلسفة بائسة ومتهالكة اكثر من تلك التي يبشر بها الاكاديمي ورئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون، لتحويلها الى غطاء رث لاستقدام قوات غزو اجنبي للاراضي السورية، كما يستحيل العثور على هذا القدر من الرعونة والرخاوة في النضج السياسي والنرجسية في الانتصار للذات على حساب شعب وامة، اكثر مما تجمع لهذا الرجل من تلك الصفات، التي تغلبه لاستعجال التدخل الاجنبي في سوريا.
فمن يتابع تصريحات الرجل وتحركاته ويقرأ اخر مقابلاته -لحد كتابة هذا المقال- التي اجرتها معه صحيفة الحياة اللندنية، يدرك الانزلاق الفكري الذي حل بهذا الرجل فجأة، حين حاول فبركة فرق بين الرئيسين صدام حسين ومعمر القذافي من ناحية وبشار الاسد من ناحية ثانية، اذ رأى في الرئيسين الاولين انهما قررا مواجهة شعبيهما مع قبول احتمال استدراج التدخل الاجنبي، فيما الاسد يراهن على التدخل الاجنبي والحرب الاهلية لاستدراج الشعب لحمل السلاح لاثبات ان ما يحدث مؤامرة خارجية لتبرير وحشيته ضد الشعب السوري.
والنظر في هذه المقارنة يحيل، الى ان لا علاقة لحالة الرئيس صدام حسين بالحالتين الثانية والثالثة - وفي هذا المجال يمكن اعادة القارئ الى اي مقال او مقابلة او ندوة دولية او اقليمية لبرهان غليون، للتأكد من تفسيره لاسباب الغزو الامريكي للعراق – وان لا فرق بين الحالتين الليبية والسورية، باستثناء ان الشعب الليبي اسقط مشروعية استمرار حكم القذافي سلميا في كل ليبيا منذ الاسبوع اليوم لانتفاضته، قبل ان يعسكرها القذافي ويشن حربا على الشعب، فيما لجأ النظام السوري للسلاح مع اول مظاهرة سلمية للشعب لوأد اي تحرك جماهيري.
اي ان لجوء الليبيين الى الخارج كان خيارا اخير او ربما انه هكذا كان، حيث اوشكت كتائب القذافي على الفتك بمدينة بنغازي بعد ان نكلت بالشعب الليبي في المدن الاخرى، لا بواسطة الجيش بل من قبل كتائب امنية مسلحة باثقل المعدات البرية والجوية وحتى البحرية، ومدعمة بجيش من المرتزقة السود الذين استجلبوا من ادغال افريقيا للولوغ بدماء الناس.
ورغم هول الحرب التي شنتها كتائب القذافي ضد الشعب، ورغم عدم التكافؤ بين هذه الكتائب والثوار الذين استدرجوا لحمل السلاح الا ان المجلس الوطني الانتقالي الليبي، وهو يخطوا نحو الخارج اشترط عدم السماح لاي قوات اجنبية بدخول الاراضي الليبية، وحددت مهام الاطلسي وفقا للقرار 1973 ببعض الاهداف التي تشكل مصادر تهديد للمدنيين، بيد ان الوضع في سوريا لم يأخذ نفس المنحى.
ففيما كانت عوامل انتشار الثورة تتراكم في سوريا رويدا رويدا، والمد الشعبي آخذ في الاتساع والانتقال من مدينة الى اخرى ومن ريف الى ريف، وفيما كان ضباط وافراد من الجيش السوري غارقين في تقليب الامور لاتخاذ قرار ما بدأت بوادره بالظهور عبر انسلاخات افراد وقيادات دنيا ومتوسطة عن هياكل الجيش، عاجلت المعارضة السورية وخاصة منها الموجودة في الخارج الثورة والشعب بتشكيل قيادة كان الاسوأ فيها البيان التأسيسي للمجلس الوطني الذي فاحت منه رائحة فتح البوابات السورية لغزو اجنبي لا فقط يرفضه الشعب السوري بل انه يتنافى قطعيا مع الوعي والثقافة القومية والوطنية للشعب السوري.
وبدل ان تقوم المعارضة بتدارك مخاطر هذا الخطأ القاتل، اوغلت فيه، واحاطت ثورة الشعب السوري بسلسلة من الاحراجات، لم يكن اخرها التهديد بان سوريا الجديدة ستفك ارتباطها بكل من ايران وروسيا والصين، وهي اشارات اضافية لاستقدام تدخل اجنبي مدفوع الثمن المسبق، او بانهاء العلاقة من كل من حزب الله وحركتي حماس والجهاد الاسلامي، بل وصلت الى حد التراجع عن اتفاق توحيد المعارضة، بشقيها «المجلس الوطني » و «هيئة التنسيق الوطنية»، بعد ان ظهرت خلافات حادة بين الجانبين من جهة وداخل «المجلس الوطني» من جهة اخرى، ألقت بظلال من الشكوك بشأن قدرة المعارضة على الوحدة، بسبب تباين وجهات النظر حول تعريف «التدخل الأجنبي».
والحقيقة ان البيان التوضيحي الذي اصدره مكتب غليون عقب هذا الخلاف لتحديد مفهوم المجلس الوطني للتدخل الاجنبي على انه فقط الذي يفرض مناطق عازلة تحت حظر جوي وبحري، لم يكن كافيا للتخفيف من حدة المخاوف من مخاطر هذا التدخل الذي يرمي كما يرى البعض الى تدمير القوة السورية وانهاء دورها الاقليمي لمصلحة دور اسرائيلي.
ويدرك الشعب السوري انه لا يمكن له القبول بثورة، تستبدل نفوذ بنفوذ اخر، كما انه ليس مظطرا للمفاضلة بين اي من النفوذ الايراني مثلا والنفوذ الاسرائيلي او الامريكي او حتى التركي، لانه بالاضافة الى عدم قبوله بأقل من تحقيق غاياته المطلبية، فانه لن يقبل ايضا بغير اعادة الاعتبار لمفهوم الامني القومي، وتقويم الاوضاع التي نجمت عن اخطاء النظام العربي الرسمي طوال فترة السبعينيات وما تلاها، بعد ان تبين مخاطر ذلك على تعميق ازمة الدولة، جراء انفتاح النظام بشكل غير مسبوق على تفاعلات المحيطين الاقايمي والدولي.
لقد باتت الشعوب اكثر ادراكا على ضوء التجارب الفاشلة لسياسات دول ما بعد الاستقلال، انه لا يمكن لاي دولة عربية تنقطع بتفاعلاتها عن محيطها الاقليمي وتستبدله بتفاعلات على المستوى الدولي ان تنحج على اصعدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقدم بمسار بناء دولة القانون والمؤسسات او حماية امنها الوطني في ظل تدهور الامن الاقليمي.
واصبح اليوم مفهوما اكثر من اي وقت سابق ان الامن الوطني لكل دولة عربية على حدة، غاية لا يمكن ادراكها، خاصة وقد اثبتت تجربة مجلس وزراء الداخلية العرب- الهيكل الوحيد الفاعل في الجامعة العربية- ان ليس بمقدوره حماية امن النظم القائمة كما اتضح ان الامن الوطني لهذه الدول لا يرتبط بامن انظمتها السياسية.
وتتولد الان قناعات راسخة ان ما فشلت به دول ما بعد الاستقلال، لا يمكن تجاوزه بنجاح ما لم يعاد الاعتبار لعلاقات اقتصادية اجتماعية بينية فاعلة لا شكلية كما كانت عليه سابقا، فشعوب المنطقة العربية هم الاحق بثرواتها، كما ان مفهوم امنها لم يعد رهين امن حكامها، اذ ان على السلطة السياسية ان تستمد امنها من مشروعية نظامها السياسي الذي يجب ان يستمد هو الاخرى مشروعية استمراره من صناديق الاقتراع لا من اقبية التعذيب والتنكيل بالناس.
وهذا، ليس بالمقدور الحديث عنه في ظل استمرار انفتاح النظام العربي على تفاعلات النظام الدولي كما كان بنفس القدر السابق، والسبيل للحد منه هو بتعزيز التفاعلات البينية بين وحدات النظام، وتحقيق اكبر قدر ممكن من الاستقلال عن تفاعلات المراكز الدولية، واي سلوك مغاير لذلك لا يمكن لاصحابه اثبات انه غير معاد لاهداف الشعوب العربية، او انه لا يشكل طعنة لاهداف هذه الشعوب ويمهد الطريق لاعادة استعبادها بانظمة خادمة لتفاعلات خارجية سوف لن تكون ديمقراطية باي شكل من الاشكال.
لا نريد القول فقط، ان الوضع الليبي يختلف جذريا عن الوضع السوري، على مستوى سيرورة الاحداث بل ان الاختلاف يمتد الى مكونات تلك السيرورة التي كانت توحي باحتمال تكرار التجربة الايرانية، هذا بالاضافة الى الاختلاف في الادوار الاقليمية لكلا الدولتين.
ولان الامر كذلك، ولان المفكر غليون على دراية تامة باكثر من هذا، فان الدعوة التي يستعجلها لاستقدام الغزو الاجنبي، قد لا تعكس سوى ازمة ذاتية بات يعنيها الرجل وضاق بها ذرعا ويريد خلاصا منها ولو بالخلاص من سوريا كلها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نقطة نظام
نبيل السوري ( 2012 / 1 / 10 - 06:03 )
للحق فإن من أوصل الوضع لما هو عليه وهو من يستدعي التدخل الأجنبي هو الوريث القاصر الفاشل والقطعان والزعران التي يرأسها من شبيحة ومهربين وقطاع طرق


2 - فعلا صدام وقذافي
اسماعيل ميرشم ( 2012 / 1 / 10 - 13:32 )
فعلا صدام حسين بتصريحاته الارتجالية النارية وبتهديداته العنترية وبقمعه الوحشي للشعب العراقي في الداخل وبافعاله العدوانية ضد شعوب المنطقة في البلدان المجاورة وبمناوراته الطفولية في ممارسة سياسة حافة الهاوية اقليميا وعلى الساحة الدولية اعطت المبررات وهيئت الساحة للتدخل والغزو الامريكي للعراق لتحصل بعدها ما حصلت ولحد يومنا هذا

اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص