الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الساروت والعرعور. جرس إنذار عالي الصوت.

محمد الحاج صالح

2012 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الساروت والعرعور. جرس إنذار عالي الصوت.
ما القصة؟
نبّهتني "سهى رحال" إلى شريط فيديو. في الفيديو اتصال بين البطل الساروت وقناة وصال، حيث يعلّق شيخٌ أصولي يبدو أنه وهابي. وكان عبد الباسط ساروت قد قال من قبلُ إنه لم يكن يصلي. هنا في هذا الاتصال يُظهرُ الساروت أنه أصولي إسلامي أو أنه لا يمانع أن يكون كذلك. عبد الباسط كان وما يزال من أيقونات الثورة السورية، لكنه في الشريط يبشر الشيخ باقتراب الناس من الدين والمقصود كما هو واضح الاقتراب من الدين الأصولي المتشدد، وليس دين السوريين السمح والوسطي.
أما الشيخ فإنه يحرض على المجلس الوطني لأنه في نظره يضمّ علمانيين وملحدين وزنادقة ونساء "والعياذ بالله". نساء المجلس أولاء يطالبن بيوم وطني لفضّ البكارة، يقول الشيخُ. لا يدري المرءُ فعلاً لمَ يحتفظ بعضُ الشيوخ بعقولهم بين فخذي امرأة؛ مرض دائم ومعدي. ويطلب الشيخ أن لا يرفع المحتجون ما يشير إلى دعم المجلس الوطني.
والأنكى أن الشيخ لا حفظه الله يريد أن يفرض على السوريين سلوكاً يراه هو الأنسب أي التكبير والصلاة دائماً وأبداً وكأن المسلمون منهم لا يفعلون، ويضرب مثلاً في أن الليبيين لم ينتصروا إلا بالتكبير حصرياً. يعني لم يكن لطائرات الناتو ولا لدماء الليبين ولا جهد الليبيين ولا العرب ولا الأوريبيين كل ذلك لم يكن له دور. المعنى أن الليبين كانو يكبرون فيموت المرتزقة والقذافيون كالذباب. طيبْ! لماذا إذن السلاح والقصف؟ كان يكفي لحىً طويلة وصيحات الله أكبر وكفى اللهُ المؤمنين شر القتال!
والأكثر نكايةً يطلب الشيخُ المعجزةُ أن يترك السوريون الطبل والزمر فهي لهو الحديث. المقصود هو: انزعوا أيها السوريون جزءاً من هويتكم في الأغاني والهوسات والرقص والدبك وتدروشوا في كلمتين، فينصركم الله. إذن لا قيمة لعمل ولاقيمة لكل أشكال الاحتجاج من المظاهرات السلمية المختلطة "العياذ بالله!" إلى الأغاني الحلوة والرائعة إلى لافتات كفر نبل إلى الأماسي غير المسبوقة في كل التاريخ البشري.
ومن الآخر يطلب الشيخُ ترك فنّ الاحتجاج العظيم، وأكرر فن الاحتجاج العظيم، الذي اخترعه السوريون لأنهم حضاريون. يطلبُ أن يتركوه إلى لحيةٍ وثوب قصير والله أكبر وثقافةٍ صحراوية لا خيالَ فيها ولا فكراً ولا فنّاً. ومن الآخر أيضاً يطلب الشيخ أن يسلخ السوريون جلودَهم ويلبسون جلداً إسلاموياً سيدمّر سورية ويحولها إلى دول ميكروية.
والخطير أيضاً أيضاً أن الشيخ فضّ اللهُ فُوُهُ يُعلن أن الشيخ العرعور بصدد تشكيل جبهة إسلامية. وهنا يخشى المرء من أن نبدأ بالشيشان والأفغان والبلوش، على أساس أن الأمة أمة واحدة وسورية يمكنها الانتظار.
النصر قادم بالضغط الدولي وبضغط بعض العرب وباحتجاجات السوريين وبجهد الجيش الحر والشباب الثوريين والتشكيلات السياسية وبفضل الدماء الطاهرة وألم الناس وجهود الملايين بما فيهم النساء "والعياذ بالله!"، أمّا الشيخُ ومعلمه العرور وأضرابهم فسيأتون "على الباردِ الـمُبـرّدِ" ليقولوا ما كانت إلا كلمة الله أكبر واللحى والتسبيح من نصرنا!
الشيخ العرور أعقل فيما أظن من هذا الذي حُكي باسمه لا لشيء إلا لأنه من بلاد الشام ويعرف قيمة الفن ويعرف هُوّية الناس ويعرف أن سلوكهم في المظاهرات وأغانيهم ورقصهم ودبكهم عزيزٌ عليهم، لا ينقصُ من قيمته الهائلة مخيالٌ صحرواي جدب وفقير لا يعرف للفن قيمةً ولا للتمدّن تثميناً
أما للساروت أيقونة الثورة فيتمنى المرءُ أن يدرك أن الزمن يعدو حتى على الأيقونات، بعضها تندثرُ قيمته وبعضها تتبدّل النظرة إليها وتنزل قدسيتها إلى مَصاف قطعة نحاس أو برونز أو تنك. الزمن دوار. والقيمة الوحيدة التي تبقى هي البقاء في الشعب، ومع المؤمنين بوطنهم. أخطر ما يحصل للوطن هو استيراد إيمان غريب عليه.
ولكلاهما الساروت والشيخ العرعور المثال التالي: في ثمانيات وتسعينيات القرن الماضي وفي ظلّ انتشار الأصولية المتشددة بين الفلسطينيين تحوّل لباس المرأة الفلسطينية من ثوبها الجميل المطرز وعمامتها وغطاء رأسها الأجمل إلى أكياسٍ سوداء إيرانية خليجية. واحزروا أين استقر ثوب المرأة الفلسطينية المطرز الرائع، لقد اختارته وسرقته شركة "ألعال" الإسرائيلية كزيّ موّحد لمضيفاتها!
محمد الحاج صالح
10/1/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عبد الباسط الله يحميك
حريه ( 2012 / 3 / 21 - 13:44 )
الساروت في قلب قلبي ولن يستطيع احد ايذاءه مهما حاول


2 - عبد الباسط الله يحميك
حريه ( 2012 / 3 / 21 - 13:47 )
الساروت في قلب قلبي ولن يستطيع احد انتزاعه

اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة